أهم المقالاتالتغير المناخيرئيسيةمقالات التغير المناخي

‫الأوروبيون يحرقون القمامة للتدفئة.. ونشطاء المناخ يحاربون الغاز (مقال)

مايكل شلنبرغر – ترجمة: نوار صبح

يلجأ الأوروبيون لحرق النفايات والقمامة للتدفئة، وفي قرية جابلونا، بالقرب من مدينة وارسو عاصمة بولندا.. قالت أم لـ3 أطفال تبلغ من العمر 35 عامًا، إنه لأمر مزعج أن تفوح روائح حرق النفايات يوميًا في موسم الشتاء هذا، مشيرةً إلى أنه أمر جديد تمامًا.

وأضافت تلك الأم البولندية أنها نادرًا ما تشمّ رائحة وقود عادي، إذ ترى أن التفكير فيما يحدث عندما يصبح الجو باردًا أمر مخيف.

من جهتها، علّقت الحكومة البولندية العمل بلوائح الجودة الخاصة بحرق الفحم للأشخاص الذين ما يزالون قادرين على تحمّل تكاليفها؛ ويُعدّ 60% من الأسر عاجزين عن ذلك.

بسبب حرق النفايات، قد توزع الحكومة البولندية قريبًا أقنعة حتى لا يستنشق سكانها أبخرة سامّة، في الشهر الماضي، وقال أحد أقوى السياسيين البولنديين، إنه يمكن للناس حرق كل شيء تقريبًا، باستثناء الإطارات والأشياء الضارة المماثلة.

وتقدّر الحكومة أن 40 ألف شخص ماتوا سنويًا بسبب الوفيات المبكرة الناجمة عن تلوث الهواء قبل الأزمة الحالية.

قطع أشجار الغابات

في إستونيا وفنلندا، أصبحت أشجار الغابات التي خُصِّصت لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون للحدّ من تغير المناخ، تتعرض للقطع الآن بشكل كبير، لدرجة أنها أصبحت مصدرًا للانبعاثات القوية، علاوة على ذلك، ألغت المجر لوائح حماية الغابات بحيث يمكن قطع الأشجار القديمة، ثم حظرت تصدير الكريات الخشبية.

وقال أحد المدافعين عن البيئة، إن الناس يشترون الكريات الخشبية معتقدين أنها الخيار المستدام، لكنهم في الواقع يتسببون بتدمير آخر الغابات البّرية في أوروبا.

في المقابل، تضاعفت أسعار الكريات الخشبية حتى في فرنسا، ذات الثقل النووي، التي كانت تغلق محطاتها النووية بسرعة كبيرة، لدرجة أنها توقفت عن صيانتها بشكل صحيح، وذلك تحت ضغط من ألمانيا، والتعلّق الشديد بالطاقة المتجددة.

بدورها، اضطرت رومانيا إلى تحديد سعر الحطب، الذي ارتفع بشدة.

تجدر الإشارة إلى أن حرق الأخشاب يطلق انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أكثر من حرق الفحم، وهو أمر أقرّه معظم الخبراء مؤخّرا.

العودة السريعة لاستخدام الفحم في أوروبا

تعود أوروبا إلى الفحم بأسرع ما يمكن، فقد زادت واردات الفحم الحراري، هذا العام، أكثر من أيّ منطقة أخرى.

زادت واردات الفحم بنسبة 36% خلال الأشهر الـ8 الأولى من عام 2022 عن عام 2021، وتشكّل واردات الفحم في أوروبا اليوم 10% من الإجمالي العالمي.

من جهتها، تستورد ألمانيا الفحم من جنوب أفريقيا، وهو أمر مثير للسخرية؛ لأنه قبل عام واحد فقط أعطت ألمانيا جنوب أفريقيا 810 ملايين دولار مقابل اتفاقية تمنع جنوب أفريقيا من استخدام الفحم، وخلال قمة المناخ كوب 26، في إسكتلندا، قبل أقلّ من عام من هذا الشهر، أنتجت الأمم المتحدة مجسّمًا لديناصور أنشئ بوساطة الحاسوب لتحذير جميع الدول، وخصوصًا الأفريقية، من استعمال الوقود الأحفوري.

ودعت القمة الدول الأفريقية للاقتداء بأوروبا، والانتقال من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة.

ردود أفعال نشطاء البيئة

ردًا على استعراض الرعب البيئي هذا، حشدت الناشطة البيئية غريتا تونبرغ ملايين الأشخاص للنزول إلى الشوارع في جميع أنحاء الولايات المتحدة؛ لمطالبة العالم الغربي ببناء واستمرار تشغيل وإعادة تشغيل المحطات النووية المغلقة.

نشطاء المناخ
أعضاء حركة "تمرُّد ضد الانقراض" البيئية يطالبون بمنع إنتاج الغاز الطبيعي في مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا

وشارك في الحملة منطمة غرينبيس، الصندوق العالمي للطبيعة، وحركة "تمرد ضد الانقراض"، والنائبة الأميركية ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، ونادي سييرا، ومجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية.

وطالب هؤلاء جميعا بالمسارعة لبناء محطات استيراد وتصدير الغاز الطبيعي المسال في أوروبا وأميركا الشمالية، وتوسعة إنتاج الغاز الطبيعي بأميركا الشمالية؛ وبداية التكسير المائي الهيدروليكي في أوروبا.

وصرخت تونبرج أمام الجمهور المبتهج في ألمانيا، حيث التصق العديد منهم بمحطة نووية معرّضة لخطر الإغلاق المبكر، وقالت، إن أزمة الطاقة وأزمة المناخ لها الحل نفسه!

وأضافت: "إننا بحاجة إلى التوسع الفوري في استخدام الطاقة النووية والغاز الطبيعي لمنع حرق القمامة والأخشاب والفحم!"

ردًا على ذلك، أعلنت ألمانيا وبلجيكا استمرار تشغيل المحطات النووية وإعادة تشغيل المحطات المغلقة، وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الكندي جاستنترودو التعجيل بإنتاج الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال.

أنا أمزح بالطبع. فإن ما فعله نشطاء المناخ في الواقع هو عكس ذلك تمامًا.

* مايكل شلنبرغر - كاتب صحفي ومؤلف أميركي مهتم بقضايا البيئة وتغير المناخ.

ملحوظة: نُشر هذا المقال لأول مرة في المدونة الشخصية للكاتب، وأعادت "الطاقة" نشره بالاتفاق معه.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق