التقاريرتقارير الغازتقارير النفطرئيسيةروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةغازنفط

مسؤول أوروبي: الطاقة الروسية مصدر ازدهارنا.. وخبراء: تصريحات تعكس فشل توفير بدائل

الاعتماد على أميركا يكرر معاناة أوروبا مع إمدادات موسكو

هبة مصطفى

اعترف مسؤول بارز بالاتحاد الأوروبي أن إمدادات الطاقة الروسية شكّلت مصدرًا لازدهار البلدان الأعضاء بالاتحاد، لا سيما أنها اتّسمت بتكلفتها الملائمة، واستقرارها، خلال مرحلة ما قبل غزو أوكرانيا منذ ما يقارب الأشهر الـ8.

وأوضح الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية كبير دبلوماسيي الاتحاد، نائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل، أن روسيا أدّت دورًا مهمًا في قطاع الطاقة والأسواق، وفق التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وأشار إلى أن تداعيات الحرب الأوكرانية على الصعيد السياسي والاقتصادي تتطلب إعادة هيكلة الاقتصاد الأوروبي وفتح منافذ جديدة للطاقة، بحسب ما ورد ضمن تصريحاته خلال الكلمة الافتتاحية بالمؤتمر السنوي لسفراء الاتحاد، والتي نُشرت بالموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد.

الطاقة الروسية والازدهار الأوروبي

قال جوزيب بوريل، إن إمدادات الطاقة الروسية -لا سيما الغاز- زهيدة التكلفة والآمنة والمستقرة شكّلت مصدرًا لازدهار الاتحاد الأوروبي خلال الآونة الماضية، مضيفًا أن الصين شاركت في ذلك أيضًا بصادراتها وتقنياتها واستثماراتها.

الطاقة الروسية
جوزيب بوريل - الصورة من (EURACTIVE)

واستدرك في الوقت ذاته، مشيرًا إلى أن الوجود الروسي والصيني لم يعد كسابق عهده في دول الاتحاد الأوروبي في ظل المتغيرات التي أدت إليها الحرب الأوكرانية؛ ما يتطلب البحث عن منافذ جديدة تضمن إعادة هيكلة اقتصاد القارة العجوز.

وأشار بوريل إلى أن المنافذ البديلة للطاقة يجب أن تكون من داخل الاتحاد الأوروبي في محاولة لتحقيق الاستقلال والخروج من عباءة "التبعية"، مشددًا على أهمية إعادة هيكلة اقتصد دول القارة العجوز بما يسمح بتحقيق التنمية المنشودة.

وتطرَّق أيضًا إلى أنه رغم الدعم الأميركي غير المسبوق لدول الاتحاد الأوروبي، فإنه لا يعكس إمكان الاعتماد عليه دون بذل جهود ذاتية خلال المدة المقبلة لتعويض غياب إمدادات الطاقة الروسية.

ماذا بعد؟

أوضح الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن هناك تطورات لم تكن متوقعة لمرحلة ما بعد بدء حرب أوكرانيا، من ضمنها مقاومة كييف التي أطالت أمد الصراع، وأبرزها أزمة الغذاء والطاقة التي ضربت الأسواق العالمية.

ولفت إلى أن التخوف الحقيقي في الآونة الحالية يتمثل في احتمال أن تكون أزمة الأسواق الحالية في الغذاء والطاقة هي مجرد بداية قد تتفاقم، ويمتد تأثيرها إلى دول القارة الأفريقية التي يعاني بعضها بالفعل.

ويوضح الرسم البياني التالي حجم صادرات الغاز الروسي خلال العام الماضي (2021) إلى أوروبا وآسيا وغيرها، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة:

صادرات روسيا من الغاز الطبيعي

وكشف أن تداعيات تغير المناخ وحرب أوكرانيا على بعض دول القارة السمراء -مثل الصومال- كانت بمثابة أزمة جديدة تغيب عن أنظار أوروبا ودول العالم.

وحذّر بوريل من تفاقم حالة الركود العالمي في ظل ارتفاع الأسعار وارتفاع سعر الفائدة، بجانب تنامي وتيرة المشكلات الأمنية في أفريقيا وآسيا -في إشارة إلى أفغانستان- والتي يمكن أن تضاف إلى التأثيرات الاقتصادية بالأسواق لتشكّل مجتمعة مصدر قلق مستقبلًا.

وقال، إن هناك حالة من الترقب لما ستسفر عنه قمة المناخ كوب 27 المعتزم انعقادها في مدينة شرم الشيخ المصرية الشهر المقبل، خاصة أنها تتزامن مع اتجاه بعض الدول لتحويل المنافسة إلى عملية "تسليح" في مجالات عدّة، من ضمنها الطاقة والاستثمارات.

أمن الطاقة.. والاكتفاء الذاتي

أكد جوزيب بوريل أن الاتحاد الأوروبي خلال رحلته للاستقلال بعيدًا عن إمدادات الطاقة الروسية عليه الخروج من دائرة الأزمات المتوالية (جائحة كورونا، المناخ، أزمات الطاقة)، وتطويع التقنيات العالمية للربط بين متطلبات الطاقة والمناخ والمواد الأولية.

واستشهد بتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق حول أهمية الإصرار الأوروبي على عدم البحث عن تبعية جديدة، ردًا على غياب إمدادات الطاقة الروسية، مشيرًا إلى أن استيراد أوروبا للغاز المسال الأميركي -مرتفع التكلفة- وكذلك شحنات الغاز من النرويج وأذربيجان لا يؤمن الطلب الأوروبي.

وأوضح بوريل أن العلاقات السياسية غير مأمون، مشيرًا إلى أنه إذ أتت الانتخابات الأميركية برئيس لا يطمح في تعزيز العلاقات مع أوروبا فستكون إمدادات الغاز المسال الأميركي إلى أوروبا في خطر أيضًا.

وأضاف أن الاحتياج الأوروبي لا يتمثل في الغاز فقط، بل يمتد إلى المعادن النادرة الضرورية للقارة -والتي لا تقلّ أهميتها عن النفط والغاز- الواردة من مناطق غير مستقرة أمنيًا مثل الكونغو وأميركا الجنوبية وأفغانستان؛ ما يجعل خطر انقطاع تلك الإمدادات واردًا أيضًا.

اضطراب أوروبي

لاقت تصريحات الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية بالاتحاد الأوروبي حول أهمية إمدادات الطاقة الروسية للازدهار الأوروبي ردود أفعال متباينة من الخبراء والمعنيين بشؤون الطاقة.

وفي هذا الإطار، أكد خبير الصناعات الغازية لدى منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوابك" وائل حامد عبدالمعطي أن أوروبا قررت الاستغناء عن الغاز الروسي زهيد التكلفة، وفضلت الغاز الأميركي الأعلى سعرًا، غير أنها تتجه الآن لانتقاد الواردات الأميركية، بينما تفرض عقوبات على مثيلاتها الروسية.

وأرجع عبدالمعطي ارتفاع تكلفة صادرات الغاز الأميركية لأوروبا إلى اعتمادها على السوق الفورية ذات الأسعار المرتفعة للغاية، في حين على الجانب الآخر كانت صادرات الطاقة الروسية -خاصة الغاز- إلى أوروبا تجري بالاعتماد على تعاقدات طويلة الأجل بتكلفة ملائمة، وفق ما ورد في تغريدة له بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

ودلّل خبير أوابك على ذلك بالإشارة إلى أن تخلّي المفوضية الأوروبية عن الغاز الروسي بدأ سريانه منذ فبراير/شباط الماضي بصورة اختيارية، قبيل أزمة خط "نورد ستريم1"، مضيفًا أن مشروع خط نورد ستريم 2 المشترك بين روسيا وألمانيا توقَّف أيضًا بضغوط أميركية.

فشل توفير البدائل

وصف كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة في واشنطن الدكتور أومود شوكري تصريحات المسؤول بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأنها انعكاس لعدم قدرة دول أوروبا على توفير بدائل لإمدادات الطاقة الروسية، ومحدودية خياراتها المتوافرة على الطاولة.

وقال، يبدو أن أوروبا قلقة من الاعتماد بوتيرة متنامية على الغاز الأميركي في حالة تغير السياسات الخارجية وسياسات الطاقة مع قدوم رئيس أميركي خلفًا لجو بايدن.الطاقة الروسية

وأوضح شوكري -في تصريحات خاصة لمنصة الطاقة المتخصصة- أن بوريل ربط الازدهار الأوروبي بواردات القارة من إمدادات الطاقة الروسية زهيدة الثمن، في إشارة إلى أن مواصلة الازدهار لن تتحقق سوى باستمرار الاعتماد على الواردات الروسية، في المدى القصير.

وأضاف أن تصريحات بوريل أعادت التأكيد على ما تشكّله إمدادات الطاقة الروسية من أهمية لأمن الطاقة الأوروبي، لافتًا إلى أن تطرُّق بوريل لإمكان استعانة أوروبا بالواردات الأذربيجانية وتجاهل الحديث عن الإمدادات الإيرانية يتزامن مع مواجهة طهران أزمة طاقة في الآونة الحالية.

تنوع الطاقة

أكد أومود شوكري في تصريحاته لمنصة الطاقة المتخصصة أن التركيز على تنوع مصادر الطاقة أمر مهم يحمي سياسات الطاقة في الدول، مشيرًا إلى أن روسيا نجحت في جذب انتباه الدول الأوروبية على مدار العقدين الماضيين، بخفض أسعار الغاز الطبيعي وزيادة الشحنات، مع اتّباع شركة غازبروم سياسة الرفع التدريجي لأسعار الغاز.

وكشف أن عددًا من دول الاتحاد الأوروبي (أبرزها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا) وقعت عقودًا طويلة الأجل، تصل مدتها إلى 25 عامًا، مع شركات روسية، مشيرًا إلى أن تلك العقود شكّلت عنصر أمان لشركة غازبروم في السوق الأوروبية، مكّنتها من مواصلة أعمال الحفر.

وأوضح أن روسيا لجأت إلى تعزيز التعاون مع شركات الطاقة الأوروبية وجذب الشراكات إلى شركة غازبروم؛ بهدف فتح أسواق جديدة لها في أوروبا تضمن لها وجودًا مستقبليًا مدعومًا بسيطرتها على خطوط النقل وشبكات التوزيع.

اعتماد مفرط

رأت مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة فاندانا هاري أن تصريحات جوزيب بوريل تعكس مدى معاناة أوروبا من اعتمادها الزائد عن الحدّ على إمدادات الطاقة الروسية، وكذلك واردات الصين خلال السنوات الماضية.

وأوضحت أن بوريل سعى لإطلاق صافرة إنذار من شأنها التحذير من تكرار النهج ذاته، والاعتماد بصورة مفرطة على أميركا، سواء فيما يتعلق بالأمن أو الطاقة، حسبما ذكرت في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة.

الطاقة الروسية
مؤسّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة، فاندانا هاري

ووصفت هاري تلك التصريحات بأنها "حكيمة"، في ظل الاحتياج الأوروبي لإمدادات النفط والغاز الخارجية، ومن ضمنها إمدادات الطاقة الروسية، غير أن التوازن وعدم الاعتماد على دولة واحدة أمر ضروري في ظل عدم قدرة قارة أوروبا على تحقيق استقلال الطاقة، وعدم قدرة مصادر الطاقة المتجددة على تلبية الطلب خلال مدة زمنية وجيزة.

وأضافت أن خطط الهيدروجين في أوروبا ما زالت تحتاج إلى سنوات، إضافةً لعدم امتلاك أوروبا احتياطات من الوقود الأحفوري؛ ما يعزز اضطرارها للاعتماد على مصادر خارجية.

وحددت هاري 3 مسارات يمكن للأسواق العالمية بصورة عامة وأوروبا بصورة خاصة من خلالها تجاوز غياب إمدادات الطاقة الروسية وتجنّب أزمة الطاقة، وهي: تنويع سلة الطاقة ومصادر الإمدادات، والنظر إلى الغاز الطبيعي بصفته وقودًا انتقاليًا مهمًا يجب تأمين إمداداته عبر عقود آجلة للغاز المسال، بالتوازي مع العمل على إحياء الطاقة النووية من جديد.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق