التقاريرتقارير الغازرئيسيةغاز

الغاز الطبيعي لم يصل ألمانيا.. لماذا تعطل فرنسا إرسال الإمدادات لجارتها؟ (تقرير)

عمرو عز الدين

تسبَّب إعلان فرنسا دراسة تحديد مواعيد جديدة لبدء ضخ التدفقات العكسية من الغاز الطبيعي إلى ألمانيا في إرباك حسابات برلين، التي تواجه أزمة حادة تتعلق بإمدادات الطاقة، تتوقع أن تتزايد في فصل الشتاء.

وقالت شركة "جي آر تي غاز" الفرنسية، إن موعد بدء تدفُّق الغاز من فرنسا إلى ألمانيا، من خلال نقطة الربط "أوبرغايباه"، ما زال قيد التقييم النهائي، وفقًا لمنصة إس آند بي غلوبال (S&P Global platts)، اليوم الأربعاء 12 أكتوبر/تشرين الأول (2022).

وبحسب المتحدث باسم الشركة الفرنسية، فإن العمل جارٍ على تحديد مواعيد نهائية جديدة لبدء التنفيذ العملي لعملية التدفق بين الدولتين، إلّا أنه لم يحدد طبيعة هذا التقييم، أو المدى الزمني الذي يستغرقه، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

يشار إلى أن الاتفاق الأول بين فرنسا وألمانيا كان يقضي بضخ 100 غيغاواط/ساعة يوميًا، أي نحو 9 ملايين متر مكعبة من الغاز الطبيعي يوميًا، خلال الأسبوع الجاري الذي يبدأ في 10 أكتوبر/تشرين الأول (2022)، ولكن لم يحدث ذلك.

اتفاق تضامن بين البلدين

وقّع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 5 سبتمبر/أيلول الماضي 2022، اتفاق تضامن مع ألمانيا، تعهَّد من خلاله بضخ كميات من الغاز الطبيعي إلى برلين خلال فصل الشتاء المقبل.

الغاز الطبيعي من فرنسا إلى ألمانيا
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

وتسمح اتفاقيات التضامن الأوروبية للدول المتجاورة داخل الاتحاد الأوروبي بتزويد بعضها بعضًا بالغاز الطبيعي في حالة نقص الإمدادات لأيّ سبب.

وكانت نقطة الربط "أوبرغايباه" مصممة في البداية لضخ الغاز من ألمانيا إلى فرنسا، ولكن مع تضرُّر برلين بشكل حادّ من نقص إمدادات الغاز الروسي، فقد تقرر عكس التدفقات، لتحصل ألمانيا على كميات من الغاز في فرنسا.

وعلّقت روسيا إمدادات الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب نورد ستريم الرئيس بشكل كامل في 31 أغسطس/آب (2022)، بعد تقليصه منذ منتصف يونيو/حزيران (2022)، الأمر الذى دفع أسعار الغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية.

اشتعال أسعار الغاز

تضاعف متوسط أسعار الغاز، وفق مركز "تي تي إف" الهولندي (المؤشر الرئيس لأسعار الغاز في أوروبا)، مسجلًا مستويات قياسية تجاوزت 365% خلال النصف الأول من العام الجاري، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وبلغ سعر كل وحدة ميغاواط/ساعة قرابة 313 دولارًا في 26 أغسطس/آب (2022)، بينما انخفض السعر عند آخر تقييم إلى 157.4 يورو (152.85 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة في 10 أكتوبر/تشرين الأول (2022).

وبلغ سعر عقد التسليم الفرنسي لشهر نوفمبر/تشرين الثاني (2022) قرابة 118 يورو (114.6 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وسط تكهنات بتنفيذ التدفق العكسي قبل التسليم بنحو شهر.

كما بلغ تقييم سعر تسليم تدفقات الغاز الطبيعي العكسية في سوق ألمانيا قرابة 158.8 يورو (154.21 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، وفقًا لرصد منصة إس آند بي غلوبال.

وقالت "جي آر تي غاز" الفرنسية، إن أسعار الغاز الفورية في فرنسا وألمانيا كانت تعكس التوترات في الأسواق العالمية والأوروبية بسبب الانخفاض التدريجي لإمدادات الغاز الروسي.

وأجرت الشركة الفرنسية مع شركة "أوبن غريد يوروب" الألمانية اختبارًا على التنفيذ العكسي للتدفقات في 7 سبتمبر/أيلول (2022)، وتعمل الشركتان -حاليًا- على اختبار السعة اليومية للخطوط.

فرنسا لديها فائض

الغاز الطبيعي من فرنسا إلى ألمانيا
أحد مخازن الغاز في فرنسا - الصورة من إنرجي نيوز

تتمتع فرنسا بوضع جيد يمكِّنها من مساعدة ألمانيا وإمدادها بالغاز الطبيعي خلال الشتاء المقبل، نظرًا لقدرتها الكبيرة على استيراد الغاز المسال من مصادر مختلفة، بقدرة 26 مليون طن متري سنويًا (36 مليار متر مكعب سنويًا)، إضافة إلى قدرات تخزينية عالية.

واستطاعت فرنسا ملء مواقع التخزين الخاصة بها بسرعة أكبر من أيّ دولة أوروبية، إذ قالت وزيرة الطاقة الفرنسية أغنيس بانيير روناتشر، إن مخزون الغاز حتى 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري قد امتلأ عن آخره، ليصل إلى أقصى طاقته.

ويساعد التدفق العكسي للغاز مع ألمانيا، فرنسا -أيضًا-، إذ سيمكّنها من التخلص من فائض الغاز لديها بعد الآن، بعد أن امتلأت مواقع التخزين في جميع أنحاء البلاد.

تشغيل خط أنابيب مهجور

تعتمد أكبر دولتين في الاتحاد الأوروبي في تنفيذ اتفاقية التدفقات العكسية التضامنية، على تنشيط خط أنابيب مهجور في شمال شرق إقليم موزيل، لإرسال الغاز الطبيعي إلى ألمانيا.

ومن المخطط أن توفر باريس 130 غيغاواط/ساعة يوميًا لألمانيا، في مقابل التزام برلين بتزويد باريس بالكهرباء إذا احتاجت إليها في منتصف الشتاء.

ويمكن لإمدادات الغاز الفرنسي أن تساعد ألمانيا في زيادة قدرات توليد الكهرباء، بما يمكّنها من إعادة تصدير الفائض إلى فرنسا خلال ساعات الذروة، ما يعني أن الاتفاقية بينهما تتضمن مصالح مشتركة.

لكن رغم ذلك، لا تخطط فرنسا لضخّ كميات كبيرة من الغاز الطبيعي إلى ألمانيا، إذ سيسمح خط الأنابيب بعد تنشيطه بتسليم قرابة 20 تيراواط/ساعة من الغاز، تعادل 2% فقط من احتياجات برلين من الغاز الطبيعي.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق