المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات النفطنفط

خفض إنتاج أوبك+ قد يفاقم التضخم ويضر الطلب (مقال)

فاندانا هاري* – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • لا يمكن فصل السياسة عن أي قرار مهم لتحالف أوبك+ بشأن سياسة الإنتاج.
  • يوجد توتر أساسي بين ما يخدم مصلحة المنتجين وما تريده الدول المستهلكة الرئيسة.
  • الولايات المتحدة هي الأكثر صراحة بشأن دور أوبك+ والأكثر تفاعلًا لتهدئة أسعار النفط.
  • قرار أوبك+ أدى إلى ظهور المزيد من التقلبات في السوق حتى الآن.

أثار قرار تحالف أوبك+، في 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بخفض سقف الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل يوميًا في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، انتقادات واسعة النطاق في الساحة العالمية.

وتسبب القرار في موجة عارمة من التشريح العاطفي للدوافع السياسية المحتملة والآثار المترتبة على هذه الخطوة، وقد طغى هذا النمط من التدقيق على التحليل من زاوية الاستقرار الاقتصادي والسوقي، وهما أمران يستحقان مزيدًا من الاهتمام.

من منظور اقتصادي، وإلى جانب رغبة تحالف أوبك+ المعلنة في تقليل تقلب الأسعار وتعزيز استقرار السوق؛ فإن القرار الأخير يُعَد قرارًا غير موفَّق، ولا يمكن أن يكون عديم الجدوى فحسب، بل يؤدي إلى نتائج عكسية.

لكن ما مدى أهميته؟

دعونا نبتعد عن الزاوية السياسية أولًا، بغض النظر عما قد يقوله وزراء الطاقة علنًا، لا يمكن فصل السياسة عن أي قرار مهم لتحالف أوبك+ بشأن سياسة الإنتاج.

يوجد توتر جوهري في صميم جميع القرارات المهمة للتحالف بين ما يخدم مصلحة المنتجين وما تريده الدول المستهلكة الرئيسة، خصوصًا في ظروف مثل الظروف الحالية، حيث ينطوي التضخم والنمو الاقتصادي على مخاطر كبيرة.

إن التحذيرات المستمرة وغير المجدية في الغالب من جانب الولايات المتحدة لأوبك+ على مدى الأشهر العديدة الماضية للحفاظ على إمداد السوق جيدًا حتى تظل أسعار الوقود للمستهلكين منضبطة، قد أدت إلى ضغط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على المملكة العربية السعودية.

إن مجالات النفوذ الجديدة في جميع أنحاء العالم، التي أحدثتها حرب أوكرانيا، تعكس بوضوح البعد السياسي لتكوين أوبك+ وإستراتيجيات إدارة التوريد.

ولا تُعَد روسيا، التي تواجه الغرب في أشد المعارك ضراوة في أيامنا، حليفًا رئيسًا لمنظمة أوبك فحسب، ولكنها بحاجة ماسة إلى زيادة أسعار النفط الخام، وكانت أول من دعا علنًا إلى خفض الإمدادات قبل اجتماع الأسبوع الماضي.

السعودية وأوبك وإنتاج النفط
وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان - أرشيفية

موقف السعودية

يمكن للمرء أن يتفق أو لا يتفق مع موقف المملكة العربية السعودية، التي انحازت إلى روسيا في مواجهة خصمها السياسي اللدود، الولايات المتحدة، في الدفع بخفض الإنتاج.

ويمكن للمرء أن تكون لديه وجهة نظر بشأن ما إذا كان تحالف أوبك+ ينقل رفضًا قويًا لحظر مجموعة الـ7 والاتحاد الأوروبي على النفط الروسي، ويخطط للحد من أسعار تصدير النفط.

بِوُسع المرء أن يناقش إحياء مشروع قانون مقاضاة أوبك (لا لأوبك) في الولايات المتحدة، الذي يرمي إلى استهداف منتجي أوبك بقوانين مكافحة الاحتكار.

قد يكون كل هذا مفيدًا في محاولة تقييم إستراتيجية أوبك+ في سياق علاقاتها المتطورة مع القوى السياسية الكبرى في العالم.

لكن المشهد السياسي أكثر تعقيدًا بكثير مما تراه العين، والاستنتاجات السريعة متقلّبة حتمًا بناء على الانتماءات الوطنية والسياسية للمحلل.

علاوة على ذلك، إذا كان تحالف أوبك+ سيتأثر بالتيارات السياسية في وقت معين لرسم سياسات الإنتاج لديه؛ فقد ينتهي به الأمر إلى تعطيل القرار، أو السعي لتحقيق أغراض متعارضة مع هدفه المتمثل في الحفاظ على توازن السوق واستقرارها، وسيفقد مصداقيته.

الطلب على النفط

دعونا نستعرض قرار مجموعة المنتجين في سياق الاقتصاد العالمي وآليات السوق.

كان الانخفاض المستمر في أسعار النفط الخام من نحو 100 دولار للعقود الآجلة لخام برنت، في نهاية أغسطس/آب، إلى أدنى مستوياته في 8 أشهر في 26 سبتمبر/أيلول، عندما استقر عقد الشهر الأول عند 84.06 دولارًا، بمثابة ارتياح مرحب به للمستهلكين والحكومات والمصارف المركزية. ويكافح هؤلاء جميعًا لمواجهة عقود من التضخم الشديد.

وارتفع سعر خام برنت إلى 97.92 دولارًا بدءًا من جلسة تسوية، يوم الجمعة 10 أكتوبر/تشرين الأول، وهو ارتفاع تراكمي بنسبة 11% على مدى 5 جلسات متتالية تحسبًا لقرار أوبك+ واستجابة له.

وتُعَد الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، الأكثر صراحة بشأن دور أوبك+ والأكثر تفاعلًا في محاولة تهدئة أسعار النفط عن طريق سحب كميات من احتياطي النفط الإستراتيجي لديها.

في المقابل، توجد دول مستهلكة ومستوردة رئيسة، خصوصًا في آسيا، التي يعد اقتصاداتها أكثر حساسية لأسعار النفط وستعاني أكثر إذا ظل النفط الخام عند نحو 100 دولار.

قد يرى تحالف أوبك+ أن الوقت قد حان لكبح العرض بسبب تباطؤ الطلب والتوقعات بأن المخزونات العالمية سترتفع خلال الربع الرابع من هذا العام والربع الأول من عام 2023.

لكن الوضع بالكاد يمكن مقارنته بأزمة تفشي جائحة كورونا في عام 2020 أو تراجع الطلب في عاميْ 2014 و2016.

هذه المرة، نقترب باضطراب من الركود العالمي، ومن مرحلة الصدمة في أعقاب وباء كورونا.

وليس أمام المصارف المركزية خيار سوى تشديد السياسة النقدية حتى لو دفع ذلك الاقتصادات الوطنية إلى حافة الهاوية.

ولا يُعَد هذا الوقت المناسب للسعي إلى الحصول على خام بسعر 100 دولار.

أسعار النفط الخام
براميل ورافعة نفط - الصورة من رويترز

أسعار النفط

من ناحيتها، يمكن أن تساعد مستويات الأسعار، التي تتراوح بين 70 و80 دولارًا للبرميل، على الرغم من كونها مقبولة للمنتجين الرئيسين، في تقليل التضخم بشكل أسرع؛ ما يمنح المصارف المركزية بعضًا من التنفس ويمكّن من الهبوط السهل للاقتصاد العالمي.

وستساعد هذه المستويات في إبقاء تعافي الطلب على النفط في العالم بعد مرحلة تفشي وباء كورونا وفي عودة الاستقرار؛ الأمر الذي يفيد تحالف أوبك+ أكثر من تآكل الطلب المتسارع من ارتفاع الأسعار.

إن التأكيد على أن أسعار النفط يجب أن تكون عند مستوى معين للحفاظ على الاستثمار في الاستكشاف والاستخراج، الذي يحتاج إليه العالم بشدة، يُعَد الآن نظريًا في الغالب.

وتتمثل الحقيقة المؤسفة في أن شركات النفط والغاز الكبرى والمستقلين الغربيين الآخرين يرون أن أهداف المناخ هي التي تحدد المسار وليس أسعار النفط.

ومن غير المرجح أن تكون الولايات المتحدة منتجًا متقلّبًا للنفط مرة أخرى؛ حيث يتمسك منتجو النفط الصخري بشعارهم الخاص بالانضباط النقدي.

من ناحية ثانية، أدى قرار تحالف أوبك+ إلى ظهور المزيد من التقلبات في السوق حتى الآن، ولم يقللها، والفرق الوحيد هو أنه قد رافق الأسعار في طريقها للارتفاع بدلًا من الانخفاض.

وفي ظلّ مزيج غير مسبوق من الضبابية بشأن العرض والطلب على النفط العالميين، الناشئ عن تفاقم حرب الطاقة بين الغرب وروسيا وتباطؤ الاقتصاد العالمي؛ فإن ضمان استقرار السوق قد لا يكون في الواقع في متناول تحالف أوبك+ في الوقت الحالي.

* فاندانا هاري هي مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة.

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق