التقاريرتقارير الغازروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةغاز

أزمة تسرب نورد ستريم تشتعل.. الناتو يهدد وروسيا تلمح إلى تورط أميركا

الطاقة

دخلت أزمة تسرب أنبوب الغاز الروسي "نورد ستريم" يومها الثالث، وسط تبادل الاتهامات بين موسكو والغرب، وتحقيقات أوروبية، ودخول حلف الناتو على خط الأزمة.

يأتي ذلك في الوقت الذي يتغير فيه حجم الغاز المتسرب من خط أنابيب نورد ستريم 1 اليوم الأربعاء 28 سبتمبر/أيلول (2022) عن اليوم السابق، وفقًا لخفر السواحل السويدي.

وانفجرت خطوط أنابيب الغاز الروسي في عدّة مواقع بالمناطق الاقتصادية الخالصة للدنمارك والسويد، في وقت لم يكن به أيّ من الخطّين يعمل، وسط أزمة طاقة بين روسيا وأوروبا، وفق التقارير والبيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة.

تفجيرات وراء الحادث

أكدت تحقيقات أوروبية أن التسربات الثلاثة في خطوط الغاز الروسية ناجمة عن تفجيرات، وسط إشارات إلى أن موسكو قد تكون وراء الأعمال التخريبية، في وقت ألمحت به روسيا إلى ضلوع أميركا في الحادث.

وقالت الدنمارك والسويد مساء أمس الثلاثاء 27 سبتمبر/أيلول، إن التسربات الكبيرة على خطَّي الأنابيب في بحر البلطيق نتجت عن أعمال تخريب متعمدة نُفِّذت في المناطق الاقتصادية الخالصة لكل من البلدين.

لقطات جوية من موقع تسرب أنبوب الغاز الروسي نورد ستريم – الصورة من رويترز
لقطات جوية من موقع تسرب أنبوب الغاز الروسي نورد ستريم – الصورة من رويترز

وكانت خطوط الأنابيب، المصممة لجلب الغاز من شبه جزيرة يامال بغرب سيبيريا مباشرة إلى ألمانيا (أكبر اقتصاد في أوروبا)، محور حرب طاقة بين روسيا وعملائها الأوروبيين التقليديين بسبب الصراع في أوكرانيا.

وقال أكبر دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي، مسؤول العلاقات الخارجية جوزيف بوريل، إن أيّ تعطيل متعمَّد للبنية التحتية للطاقة في الاتحاد الأوروبي سيواجه "استجابة قوية وموحدة"، بعد أن قالت عدّة دول، إن خطَّي أنابيب روسيين إلى أوروبا يضخان الغاز في بحر البلطيق تعرّضا لهجوم.

ولم يتضح بعد من الذي قد يكون وراء التسربات، إذا ثبت ذلك، على خطوط أنابيب نورد ستريم التي أنفقت روسيا والشركاء الأوروبيون مليارات الدولارات على بنائها.

إمدادات نورد ستريم

خفضت روسيا إمدادات الغاز إلى أوروبا عبر نورد ستريم 1 قبل تعليق التدفقات بالكامل في أغسطس/آب، وألقت باللوم على العقوبات الغربية في التسبب بصعوبات فنية، حسب وكالة وكالة رويترز.

ولم يدخل خط أنابيب نورد ستريم 2 الجديد العمليات التجارية بعد، إذ ألغت ألمانيا خطة استخدامه لتزويد الغاز قبل أيام من إرسال روسيا قواتها إلى أوكرانيا، فيما تسميه موسكو "عملية عسكرية خاص، في فبراير/شباط من العام الجاري (2022).

ويعتقد الاتحاد الأوروبي أن التخريب تسبَّب على الأرجح في التسربات التي اكتُشِفَت يوم الإثنين 26 سبتمبر/أيلول في خطوط أنابيب نورد ستريم، حسبما أفادت محطة التلفاز الألمانية إن تي في.

أوضح مسؤول العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل أن الاتحاد سيدعم أيّ تحقيق يهدف إلى الحصول على توضيح كامل لما حدث، ولماذا، وسيتخذ المزيد من الخطوات لزيادة قدرته على الصمود في مجال أمن الطاقة.

لقطات جوية من موقع تسرب أنبوب الغاز الروسي نورد ستريم – الصورة من رويترز
لقطات جوية من موقع تسرب أنبوب الغاز الروسي نورد ستريم – الصورة من رويترز

حماية البنية التحتية

شدد حلف شمال الأطلسي "الناتو" على ضرورة حماية البنية التحتية الحيوية بعد ما وصفه بأعمال "تخريبية" على خطوط أنابيب نورد ستريم، حسب التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وقال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، إنه ناقش "التخريب" بخطوط الأنابيب خلال اجتماع مع وزير الدفاع الدنماركي مورتن بودسكوف في بروكسل.

وأضاف رئيس التحالف العسكري الغربي الذي يضم أيضًا معظم دول الاتحاد الأوروبي، في تويتر: "تناولنا حماية البنية التحتية الحيوية في دول الناتو".

الوضع في بحر البلطيق

من جانبه، قال وزير الدفاع الدنماركي مورتن بودسكوف، إن هناك ما يدعو للقلق بشأن الوضع الأمني في منطقة بحر البلطيق بعد اجتماع مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ في بروكسل.

وقال: "لروسيا وجود عسكري كبير في منطقة بحر البلطيق، ونتوقع منها مواصلة قعقعة السيوف".

وأوضح أن المدة التي قد يستغرقها التأكد من الحجم الكامل للأضرار وسبب التسربات قد تصل إلى أسبوع أو ربما أسبوعين، قبل أن تكون المناطق المحيطة بخطوط الأنابيب المتضررة هادئة بما يكفي للتحقيق فيها.

كانت القوات المسلحة الدنماركية قد أكدت أن أكبر تسرب للغاز تسبَّب في اضطراب سطحي يزيد قطره عن كيلومتر واحد (0.6 ميل)، وأصدرت الوكالات تحذيرات للشحن، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

تورط أميركا

قالت روسيا -التي أوقفت تسليم الغاز إلى أوروبا بعد أن فرض الغرب عقوبات بسبب غزو موسكو لأوكرانيا-، إن التخريب محتمل، وإن التسربات قوّضت أمن الطاقة في القارة.

وأوضح الكرملين أن المزاعم القائلة بإن روسيا تقف إلى حدّ ما وراء هجوم محتمل على خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم هي "ادّعاءات غبية".

وأضاف في تصريحات صحفية اليوم الأربعاء 28 سبتمبر/أيلول، أن الولايات المتحدة عارضت خطوط الأنابيب، وحققت شركاتها أرباحًا كبيرة من إمداد أوروبا بالغاز.

وأشار المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إلى أن الحادث بحاجة للتحقيق، ولم تتضح مواعيد إصلاح خطوط الأنابيب المتضررة.

وردًا على سؤال حول مزاعم بأن روسيا قد تكون وراء الهجوم المحتمل، قال بيسكوف: "هذا متوقع تمامًا، وهو أيضًا غبي".

وأضاف: "هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لنا، لأنه -أولًا- كلا خطَّي نورد ستريم مملوءان بالغاز.. النظام بأكمله جاهز لضخّ الغاز، والغاز باهظ الثمن الآن يتطاير في الهواء".

استطرد المتحدث باسم الكرملين: "نرى أرباحًا ضخمة لمورّدي الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال، الذين زادوا إمداداتهم أضعافًا مضاعفة إلى القارة الأوروبية، إنهم مهتمون جدًا بالحصول على المزيد من أرباحهم الفائقة".

وتخطط الولايات المتحدة لتوريد ما لا يقلّ عن 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى أسواق الاتحاد الأوروبي هذا العام، في الوقت الذي تسعى فيه أوروبا للتخلص من إمدادات الغاز الروسي.

وقال بيان صادر عن السفارة الروسية في الدنمارك، إن أيّ تخريب على خطوط أنابيب نورد ستريم يعدّ هجومًا على أمن الطاقة في روسيا وأوروبا.

وجاء في بيان روسيا -الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- أن "الاتهامات والافتراضات التي لا أساس لها، والتي تُطرَح الآن في كل مكان تهدف إلى إحداث ضجيج في المعلومات ومنع إجراء تحقيق موضوعي ونزيه".

وطلبت موسكو من كوبنهاغن تقديم معلومات عن الأضرار التي لحقت بخط أنابيب الغاز نورد ستريم حال معرفتها.

شعار شركة نورد ستريم
شعار شركة نورد ستريم

أضرار غير مسبوقة

قالت مشغّل الشبكة نورد ستريم، إن 3 من 4 خطوط بحرية من نظام خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم تعرضت لأضرار "غير مسبوقة" في يوم واحد.

وأبلغ نورد ستريم 1 عن انخفاض كبير في الضغط ناتج عن تسرب الغاز من كلا الخطين من خط أنابيب الغاز، بينما قال نورد ستريم 2، إنه سُجِّل انخفاض حادّ في الضغط في الخط أ يوم الإثنين.

لم يكن أيّ من خطَّي الأنابيب يضخ الغاز في الوقت الذي اكتُشِفَت فيه التسربات، لكن الحوادث عاقت أيّ توقعات متبقية بأن أوروبا قد تتلقى الغاز عبر نورد ستريم 1 قبل الشتاء، وسط مخاوف أيضًا بشأن أنابيب الغاز عبر أوكرانيا.

من جانبها، قالت النيابة العامة السويدية، إنها ستراجع مادة من تحقيق للشرطة، وتتخذ قرارًا بشأن المزيد من الإجراءات، بعد أن قالت رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون، أمس الثلاثاء، إنه كُشِف عن انفجارين.

وأضافت أندرسون أنه على الرغم من أن هذا لا يمثّل هجومًا على السويد، فإن ستوكهولم كانت على اتصال وثيق بشركاء مثل الناتو وجيران مثل الدنمارك وألمانيا.

ألمانيا تشارك في التحقيق

في السياق نفسه، قالت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت، إن البحرية الألمانية تسهم في التحقيق بتسرب خطَّي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و2.

وأضافت لامبرخت: "التخريب المفترض لأنابيب بحر البلطيق هو تذكير آخر بأننا نعتمد على البنية التحتية الحيوية، تحت الماء أيضًا".

كانت خطوط أنابيب نورد ستريم بؤرًا ساخنة في حرب الطاقة المتصاعدة بين العواصم في أوروبا وموسكو التي أضرّت بالاقتصادات الغربية الرئيسة، وأدت إلى ارتفاع أسعار الغاز، وأثارت البحث عن إمدادات بديلة، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة.

وقال علماء الزلازل في الدنمارك والسويد، إنهم سجلوا انفجارين قويين يوم الإثنين 26 سبتمبر/أيلول، في محيط التسربات، وإن الانفجارات كانت في المياه وليس تحت قاع البحر، بحسب التقارير التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وعززت الشرطة النرويجية، اليوم الأربعاء، الإجراءات الأمنية حول منشآت النفط والغاز في البلاد، وطلبت السلطات الدنماركية رفع مستوى الاستعداد في قطاع الكهرباء والغاز في البلاد.

حادث غير عرضي

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة إديسون الإيطالية العملاقة للطاقة، نيكولا مونتي، اليوم الأربعاء، إنه من غير المرجح أن تتعطل خطوط أنابيب الغاز مثل نورد ستريم بشكل عرضي، مضيفًا أنه من السهل تصديق أن سبب المشكلة هو التخريب.

وأضاف مونتي على هامش مؤتمر أعمال في ميلانو: "يُراقَب هذا النوع من خطوط الأنابيب باستمرار لمنع التآكل، لذا فمن غير المرجح أن تتعطل بشكل عرضي".

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة إينيل، فرانشيسكو ستاراس، إن اكتشاف تسربات في خطي أنابيب الغاز نورد ستريم "مقلق للغاية"؛ لأنه يظهر أن هناك محاولة لاستغلال آليات سوق الطاقة.

وأوضح رئيس اتحاد الصناعة الألماني لإنتاج النفط والغاز لودفيغ مورينغ، أن المخاوف بشأن الهجمات على البنية التحتية للطاقة يجب ألّا تهيمن على أنشطة المشغّلين بعد انفجارات هذا الأسبوع في خطَّي أنابيب غاز روسيين يصلان إلى أوروبا.

وأضاف في مؤتمر هاندلسبلات للغاز الذي استمر يومين، أن الاستسلام للمخاوف من الهجمات على البنية التحتية يمكن أن يشلّ العديد من القطاعات الصناعية.

أحد خطوط الغاز الروسي
أحد خطوط الغاز الروسي- الصورة من رويترز

تدفقات الغاز

من جهة أخرى، قال محللون: إن "التطور الذي قد يكون له تأثير مباشر أكثر في إمدادات الغاز لأوروبا كان تحذيرًا من غازبروم من أن روسيا قد تفرض عقوبات على شركة نافتوغاز الأوكرانية بسبب التحكيم المستمر".

وقال الرئيس التنفيذي لشركة نفتوغاز اليوم الأربعاء، إن شركة الطاقة الأوكرانية ستواصل إجراءات التحكيم ضد شركة غازبروم بشأن الغاز الطبيعي الروسي الذي يعبر البلاد.

وأكدت غازبروم، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أنها قد تفرض عقوبات على الشركة حين تمضي قدمًا في القضية، بينما ترفض جميع مزاعم نافتوغاز في التحكيم.

وأضاف محللو آي إن جي: "يكمن الخطر في أن هذه التدفقات قد توقفت تمامًا، الأمر الذي سيؤدي فقط إلى زيادة إحكام السوق الأوروبية، بينما نتجه نحو موسم التدفئة".

أسعار الغاز الأوروبية

ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية بعد أنباء التسربات، إذ سجل السعر القياسي لشهر أكتوبر/تشرين الأول زيادة بنسبة 11% إلى 204.50 يورو (195.94 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، اليوم الأربعاء.

وعلى الرغم من الارتفاع، لا تزال أسعار الغاز أقلّ من أعلى مستوياتها المسجلة هذا العام، إلّا أنها أعلى بنسبة 200% مما كانت عليه في أوائل سبتمبر/أيلول 2021.

وعادةً ما تستخدم روسيا، خاصة شركة الغاز الحكومية "غازبروم"، وعدد من الدول الأوروبية وحدات القياس غيغاواط وتيراواط في تعاملاتها الأوروبية (غيغاواط/ساعة = 3.2 مليون قدم مكعبة غاز)، و(تيراواط/ساعة = 3.2 مليار قدم مكعبة غاز).

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق