الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في فرنسا تجهّز خطة لمواجهة الشتاء
من خلال خفض الطلب على الكهرباء والغاز
نوار صبح
قد يضطر قطاع الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في فرنسا إلى ابتكار إستراتيجيات تهدف إلى خفض الطلب على الطاقة وتكييف أنماط إنتاجها، وذلك جرّاء احتمالات حدوث اضطراب في إمدادات الكهرباء هذا الشتاء.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال وزير الصناعة الفرنسي، رولان ليسكور، إن نحو 300 شركة فرنسية في قطاع الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة قد تواجه صعوبات مالية بسبب ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء هذا الشتاء، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقد تتعرّض هذه الشركات -في ظروف الشتاء شديدة البرودة- لخطر انقطاع التيار الكهربائي، وهي إحدى الأدوات التي أعلنها مشغل نظام نقل الكهرباء الفرنسي "تي إس أو" لموازنة الشبكة في حالة حدوث أزمة في العرض وارتفاع الطلب.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، طلبت رئيسة وزراء فرنسا، إليزابيث بورن، من الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في البلاد وضع خطة "لترشيد استخدام الطاقة" تهدف إلى خفض الطلب على الكهرباء والغاز خلال مدة الشتاء، بما يتماشى مع أهداف البلاد لخفض الطلب على الطاقة بنسبة 10% في العامين المقبلين.
ارتفاع العقود الشتوية الآجلة
ارتفعت العقود الشتوية في سوق الكهرباء الآجلة إلى مستويات غير مسبوقة، مدفوعة بالشكوك حول توافر الكهرباء المولَّدة بالطاقة النووية في فرنسا، وفقًا لما نشرت وكالة أرغوس ميديا (Argus Media) في 23 سبتمبر/أيلول الجاري (2022).
وقيّمت وكالة أرغوس عقود الربع الرابع من عام 2022 بمتوسط 954 يورو لكل ميغاواط/ساعة حتى الآن في سبتمبر/أيلول (2022)، في حين قُيّم الربع الرابع من عام (2021) الماضي بمتوسط 147.13 يورو (142.56 دولارًا)/ ميغاواط/ساعة في المدة المماثلة من العام الماضي.
وفي المقابل، دفعت تمديدات فترات انقطاع الكهرباء المولدة بالطاقة النووية التي أعلنتها شركة كهرباء فرنسا إي دي إف في نهاية أغسطس/آب المنتج إلى مستويات عالية جديدة، إذ عُدّلت جداول انقطاع التيار بقيم تصاعدية.
وبلغ متوسط الربع الأول من عام 2023، نحو 973 يورو لكل ميغاواط/ساعة حتى الآن هذا الشهر، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
خفض سعة الإنتاج
قال ممثل اتحاد الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في فرنسا "يونيدين"، جيلداس باري، إن مواجهة الأسعار المرتفعة للغاية تطلّبت من العديد من الأعضاء تشغيل مصانعهم بسعة 80-90%، وإن بعضهم يجب أن يوقف الإنتاج.
وبدورها، اختارت شركة الكيمياء البلجيكية سولفاري -وهي واحدة من شركات الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة- الاستثمار في كفاءة الطاقة لمواجهة الأسعار المرتفعة.
وقال ممثلو الشركة في موقع "دومباسلي" إنهم يستخدمون نفايات لا يمكن إعادة تدويرها لإنتاج البخار لإنتاج رماد الصودا.
وأوضحت الشركة أنها لا تخطط، حتى الآن، لوقف الإنتاج أو خفضه، وأنها تظل واثقة بقدرتها على الاستمرار في خدمة العملاء حتى في حالة تقليص إمدادات الغاز بنسبة 30% في أوروبا.
وعلى ضوء ذلك، يُعيد أعضاء اتحاد الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة "يونيدين"، من العديد من القطاعات، جدولة أعمال الصيانة لفصل الشتاء، وبالتالي تجنّب تشغيل مصانعهم عندما تكون الأسعار مرتفعة أو في حالة نقص المعروض.
ولجأ بعض الأعضاء إلى خيارات أكثر صعوبة، مثل شركة إنتاج الزجاج دورالكس، التي قال مديرها، خوسيه لويس لاكونا، يوم الخميس 23 سبتمبر/أيلول، إن الشركة ستوقف الأنشطة في مصنعها بمقاطعة "شابيل سان ميسمين" خلال 5 أشهر تبدأ في نوفمبر/تشرين الثاني.
وأوضح أن تكاليف الطاقة تمثّل 46% من عائدات الشركة، وهذا يجعل من المستحيل استمرار إنتاجها في هذه الظروف.
وفي أغسطس/آب الماضي، أعلنت شركة إنتاج الزنك الفرنسية نيرستار أن مصنعها في مقاطعة أوبي، شمال البلاد، مستمر في مستويات الإنتاج المقلصة التي أُعلنت العام الماضي.
الحاجة إلى دعم الدولة
يتمتع معظم أعضاء اتحاد الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في فرنسا "يونيدين" بأن جزءًا من احتياجاتهم من الكهرباء مغطاة بعقود الإنتاج التي تبيعها شركة كهرباء فرنسا إي دي إف بسعر ثابت 42 يورو لكل ميغاواط/ساعة، رُفعت مؤخرًا إلى 46.20 يورو لكل ميغاواط/ساعة.
وأوضح الاتحاد أن احتياجات أعضائه تُغطى بنسبة 60-80% من خلال خطة عقود الإنتاج تلك، ويجري التحوط بنسبة تتراوح من 5-10% من خلال عقود السوق الآجلة أو العقود طويلة الأجل، والباقي معرض للسوق الفوري.
ومن جهتها، طلبت جمعية مستهلكي الطاقة الصناعية (سي إل إي إي إي) من الحكومة الفرنسية تنفيذ تعرفة منظمة يمكن لجميع الشركات الوصول إليها طوال مدة الأزمة، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
إزاء ذلك، حثّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، هذا الأسبوع، الشركات في قطاع الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، التي تعيد التفاوض حاليًا على عقودها على رفض توقيعها بالأسعار الحالية، مضيفًا أن المفاوضات على مستوى الاتحاد الأوروبي ستوفر حلًا لتحديد أسعار "أكثر منطقية".
(اليورو = دولار أميركي واحد)
اقرأ أيضًا..
- قطر للطاقة وتوتال إنرجي توقعان اتفاق تنفيذ أعمال توسعة حقل الشمال الجنوبي (صور)
- إعصار جديد يقطع الكهرباء في اليابان عن 120 ألف منزل
- ارتفاع واردات الفحم الروسي في الهند 4 أضعاف منذ غزو أوكرانيا