أزمة متوقعة لشبكة الكهرباء في فرنسا.. والحكومة تحدد سقفًا لارتفاع الأسعار عند 15%
دينا قدري
حذّرت الشركة المشغلة لشبكة نقل الكهرباء في فرنسا "آر تي إي" من زيادة الضغط على الشبكة خلال فصل الشتاء، إلا أنها استبعدت حدوث انقطاع في التيار الكهربائي، مع تنويع إمداداتها واعتمادها على الواردات من الدول المجاورة.
وقدّمت الشركة دراستها المتوقعة لفصل الشتاء 2022-2023، في سياق حالات عدم اليقين غير المسبوقة المرتبطة بأزمة الطاقة الحالية.
وأوضحت -في تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- أن ضعف محطات الطاقة النووية يعني أن "مدّة اليقظة" -من حيث الإمداد بالكهرباء- تبدأ هذا الخريف وستستمر "عدة أشهر"، على عكس السنوات السابقة، عندما كانت مركزة "نحو شهر يناير/كانون الثاني".
وبالتالي، سيكون شهرا نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول معقديْن مثل شهر يناير/كانون الثاني، وهذا أمر غير مسبوق.
تداعيات أزمة الطاقة في فرنسا
ذكرت الشركة المشغلة لشبكة نقل الكهرباء في فرنسا، أن أوجه عدم اليقين الرئيسة تتعلق بإمدادات الغاز، ووضع الطاقة في الدول الأوروبية المجاورة، وتطور الطلب، ومعدل إعادة تشغيل المفاعلات النووية الفرنسية.
ويضعف الوضع في فرنسا بسبب انخفاض إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية إلى أدنى مستوياته، بسبب مشكلات التآكل في نصف مفاعلاتها النووية البالغ عددها 56 مفاعلًا، فضلًا عن أزمة الطاقة التي تؤثر في أوروبا على خلفية نقص إمدادات الغاز الروسي.
وفي هذا السياق، اختبرت شركة "آر تي إي" وقارنت العديد من سيناريوهات توافر الإنتاج (سيناريوهات مركزية وعالية ومتدهورة) وظروف الطقس (شتاء معتدل أو متوسط أو بارد أو شديد البرودة).
وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجهها شبكة الكهرباء في فرنسا، "تظل مخاطر الاختلال بين العرض والطلب منخفضة"، ما لم يكن هناك شتاء قاسٍ بصورة خاصة، كما تلاحظ "آر تي إي"، التي أكدت أن "النظام الكهربائي سيعمل بصفة طبيعية" طوال المدّة بأكملها.
وشددت الشركة على أن مخاوف اللاعبين في السوق بشأن توازن العرض والطلب لفصل الشتاء تؤدي إلى أسعار مستقبلية أعلى بكثير مما تكشف عنه الأساسيات الفنية، إلا أن مستوى المخاطرة الذي كشف عنه تحليل توقعات "آر تي إي" لا يبرر مثل هذه المستويات المرتفعة بصورة غير طبيعية.
توقعات الضغط على الكهرباء في فرنسا
استعرضت الشركة المشغلة لشبكة نقل الكهرباء في فرنسا النتائج الرئيسة للتحليل لفصل الشتاء 2022-2023.
وأكدت أنه في الغالبية العظمى من المواقف، تأخذ "آر تي إي" في الحسبان عددًا قليلًا من إشارات نظام "إيكو واط" الحمراء على مدار 6 أشهر من الشتاء.
هذا النظام يسمح للمستخدمين بمعرفة حالة النظام الكهربائي في الوقت الفعلي، والتطوع لتقليل استهلاكهم في حالة حدوث توتر، عندما يتلقون رسالة نصية قصيرة من التنبيه.
وأشارت الشركة المشغلة لشبكة نقل الكهرباء في فرنسا إلى أن المواقف المتطرفة -التي من شأنها أن تجمع بين جميع المخاطر غير المواتية- ليست الأكثر احتمالًا، بحسب التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وخلال فترات التوتر، يمكن تجنُّب مخاطر الانقطاع عن طريق تقليل الاستهلاك بنسبة 1 إلى 5% في السيناريو المركزي، وبحد أقصى 15% في السيناريو الأكثر تطرفًا.
وتحدث الغالبية العظمى من المواقف شديدة الخطورة في الصباح بين الساعة 8 صباحًا و1 ظهرًا، وفي المساء بين الساعة 6 مساءً و8 مساءً.
ولا تتعرض فرنسا تحت أي ظرف من الظروف لخطر "انقطاع التيار الكهربائي"، أي فقدان السيطرة التام على نظام الكهرباء؛ إذ تمتلك "آر تي إي" موارد احتياطية مناسبة ومتناسبة للنظام الكهربائي بناءً على حجم أي اختلال في التوازن.
أزمات إنتاج الكهرباء في فرنسا
أكدت الشركة المشغلة لشبكة نقل الكهرباء في فرنسا -في تقريرها- أنه مقارنةً بالدول الأوروبية الأخرى، يجب أن تكون فرنسا في وضع أقل صعوبة من الناحية الهيكلية.
وتُعَد حصة الكهرباء في البلاد أعلى قليلًا من أي مكان آخر في أوروبا، فهي تقليديًا مُصدِّر للكهرباء، وتنتج 93% من الكهرباء الخالية من الكربون (الطاقة النووية والمتجددة) التي تكون تكاليفها ثابتة في الغالب، وبالتالي فهي مستقلة عن الوضع الدولي للوقود الأحفوري.
كما تُعَد فرنسا أقل اعتمادًا من الناحية الهيكلية على الغاز الروسي، ولديها تنوع أكبر في الموردين، وحلول الاستبدال مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى.
ومع ذلك، شدد التقرير على أن الوضع الخاص لعام 2022 يؤدي إلى الخروج عن هذا المسار فيما يتعلق بالكهرباء.
ومنذ تحديد عيب التآكل الإجهادي في بعض المفاعلات، جرت إضافة أزمة ثانية تتعلق بالإنتاج النووي إلى أزمة الغاز الأولى، إذ انخفض توافر الأسطول النووي -هذا الصيف- بمقدار 15 غيغاواط.
ويُضاف إلى ذلك جفاف طويل وشديد في فرنسا وفي جزء كبير من أوروبا، ما أدى -أيضًا- إلى انخفاض كبير في إنتاج الطاقة الكهرومائية.
وبالتالي فإن الوضع في فرنسا يتدهور -أيضًا- من حيث إنتاج الكهرباء، ما دفع البلاد إلى استيراد المزيد، وبالتالي الاعتماد بصفة مباشرة على أسعار الوقود الأحفوري.
تحديد سقف لأسعار الغاز والكهرباء
في سياقٍ متصل، أعلنت رئيسة وزراء فرنسا، إليزابيث بورن، خطتها لفصل الشتاء في مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة، من خلال تحديد سقف أسعار الغاز والكهرباء بنسبة 15% في عام 2023.
وكشفت عن تمديد "درع التعرفة"، الذي فرضته الحكومة قبل عام لاحتواء ارتفاع الرسوم الجمركية؛ ما سيجعل من الممكن الحد من زيادة تعرفة الغاز في يناير/كانون الثاني والكهرباء في فبراير/شباط إلى 15%، بدلًا من أكثر من 200%.
كما أعلنت بورن "شيكات طاقة" استثنائية تتراوح بين 100 و200 يورو (100 إلى 200 دولار أميركي) سيجري دفعها بحلول نهاية العام الجاري (2022) إلى 12 مليون أسرة فقيرة، وفق ما نقلته منصة "فرانس تي في إنفو" الناطقة باللغة الفرنسية (France TV Info).
وذكرت إليزابيث بورن أن فرنسا تعتمد على جيرانها في إمدادات الغاز، مؤكدة أن مخزونات الغاز ستكون في حالة جيدة مع اقتراب فصل الشتاء، مؤكدة أن الحكومة ما زالت تهدف إلى "وقف الانفجار في أسعار الطاقة على المستوى الأوروبي".
موضوعات متعلقة..
- فرنسا تطالب الشركات بترشيد استهلاك الكهرباء وتحذر من انقطاع الغاز
- أسوأ موجة جفاف في فرنسا توقف توليد الكهرباء من محطتين نوويتين
- إنتاج الكهرباء في فرنسا ينخفض 4.2%.. والحكومة تتجه للاستيراد
اقرأ أيضًا..
- النفط السعودي يتفوق على روسيا في قائمة مشتريات الهند
- اتفاق جديد لمشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري (فيديو وصور)
- الطاقة الشمسية توفر على أوروبا واردات غاز بـ29 مليار دولار في صيف 2022
- هل ما زال شحن السيارات الكهربائية أرخص رغم أزمة الطاقة؟.. تقرير يجيب