التقاريرتقارير الغازرئيسيةغاز

استثمارات البنية التحتية للغاز في آسيا تحمل مخاطر مناخية واقتصادية (تقرير)

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • الاستثمار يقيّد البلدان الآسيوية في أنشطة توليد الكهرباء والتدفئة والصناعة الملوثة لعقود مقبلة
  • • تُنفق 186 مليار دولار على محطات توليد الكهرباء الجديدة التي تعمل بالغاز
  • • موازنة الكربون العالمية المتبقية محدودة للغاية لتجنّب تغير المناخ الكارثي
  • • مصدرو الغاز المختلفون يطلقون انبعاثات غاز الميثان واسعة النطاق في أثناء استخراج الغاز ونقله
  • • من المقرر حاليًا إغلاق المئات من محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز بعد عام 2050

لا تقل استثمارات الدول الآسيوية عن 490 مليار دولار في البنية التحتية للغاز، وفق خطط مُثْقَلة بالمخاطر المالية والمناخية، حسبما أشار تحليل جديد لمجموعات البيانات الحصرية المقدمة من شركة "غلوبال داتا" البريطانية.

وبيّن تحقيق أن البلدان في جميع أنحاء آسيا تستثمر نحو 500 مليار دولار في بنية الغاز التحتية، حسبما نشر موقع "إنرجي مونيتور" (Energy Monitor) في 6 سبتمبر/أيلول الجاري.

ويقيّد الاستثمار في البنية التحتية للغاز، البلدان الآسيوية في أنشطة توليد الكهرباء والتدفئة والتصنيع الملوثة لعقود مقبلة، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ويرى المحللون أن هذا المستقبل لا يتوافق مع هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ولا يحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى ما دون مستوى 1.5 درجة مئوية.

ويقولون إنه قد يجبر المستهلكين على دفع أسعار باهظة للكهرباء، كما تظهر أسعار الطاقة المرتفعة الحالية في أوروبا، على عكس الكهرباء رخيصة الثمن المولَّدة من مصادر الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

الإنفاق على مشروعات الغاز

تُظهر بيانات شركة "غلوبال داتا" أن 186 مليار دولار تُنفق على البنية التحتية للغاز، ممثلة في محطات توليد الكهرباء الجديدة، و112 مليار دولار على مشروعات تطوير حقول غاز جديدة، و81 مليار دولار على خطوط الأنابيب الجديدة، و77 مليار دولار على محطات إعادة التغويز.

البنية التحتية للغاز
محطة كهرباء تعمل بالغاز في جنوب شرق آسيا - الصورة من "ديزل آند غاز تريبيون"

وتبيّن البيانات أن 13 مليار دولار تُصرف على محطات إسالة الغاز الطبيعي الجديدة، و8 مليارات دولار على مرافق التخزين الجديدة، و4 مليارات دولار على منشآت المعالجة الجديدة.

وتشمل هذه الأرقام -ضمن استثمارات البنية التحتية للغاز- المنشآت قيد الإنشاء، بالإضافة إلى المرافق في طور الترخيص أو التي أُعلنت.

وتقول المديرة الأولى في مركز الأبحاث "معهد روكي ماونتن" بالولايات المتحدة، ديبورا غوردون: إن الغاز أصبح وقودًا إقليميًا يُسلّم بالقرب من خطوط الأنابيب، لكن من الواضح أن الغاز يتجه إلى التداول عالميًا، مشيرة إلى أنه أصبح أقرب إلى النفط بفضل الأرباح والضغوط الجيوسياسية واستخدامه سلاحًا، بجانب تقلب أسعاره بصفة متواصلة.

وأضاف المحلل في معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي "آي إي إي إف إيه"، سام رينولدز، أن نتائج تحليل بيانات شركة "غلوبال داتا" تُظهر مدى ضخامة فقاعة الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال في آسيا.

وتوقع أن تكون الدول الآسيوية الناشئة في جنوب وجنوب شرق آسيا المحركَ الرئيس لنمو الطلب على الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال خلال العقدين المقبلين.

وأكد أن مشروعات خطوط الأنابيب تنمو بسرعة بسبب التوقعات بشأن عدد سكان المنطقة والنمو الاقتصادي، إلى جانب أهداف الربط الكهربائي وتراجع موارد الغاز المحلية.

لمحة عن البيانات

تغطي البيانات الواردة في تحقيق موقع "إنرجي مونيتور" بلدانًا في جنوب آسيا وشرق آسيا وجنوب شرق آسيا فقط، ولم تُضمّن دول الاتحاد السوفياتي السابق والشرق الأوسط.

وتستثني البيانات المشروعات النشطة جزئيًا أو التي تخضع للتمديد أو إعادة التأهيل، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويرى المراقبون أن عددًا كبيرًا من المشروعات الخاصة بالبنية التحتية للغاز في قواعد البيانات -لا سيما تلك التي في مرحلة مبكرة من التطوير- تخلو من تقديرات النفقات الرأسمالية.

ويوضح الرسم البياني التالي فجوات إنتاج الغاز الطبيعي واستهلاكه عالميًا:

شركات النفط والغاز

بدروها، تنظر بيانات التنقيب والاستخراج في النفقات الرأسمالية لحقول الغاز التي لم تُطوّر حتى الآن، متجاهلة أي تكاليف مستقبلية مرتبطة بحقول الغاز التي بدأت إنتاج الغاز.

وتتجاهل البيانات حقول النفط، التي قد تحتوي أيضًا على كميات قليلة من الغاز، وتتجاهل الحقول المكتشفة أو غير المرخصة التي قد تبدأ في إنتاج الغاز في السنوات المقبلة.

تُجدر الإشارة إلى أن الأرقام تشمل فقط الاستثمار المحلي في البنية التحتية للغاز محليًا، ولا تركز على الأموال التي تستثمرها هذه البلدان في الغاز بالخارج؛ من خلال مؤسسات تمويل التنمية أو وكالات ائتمانات التصدير.

وستؤدي هذه الاستثمارات في البنية التحتية للغاز إلى زيادة كبيرة في رقم الاستثمار النهائي.

مخاطر استثمارات الغاز في آسيا

كان الغاز الطبيعي يُعدّ وقودًا أحفوريًا أنظف من البدائل، إذ ينتج نحو نصف انبعاثات الفحم عند الاحتراق.

وعلاوة على ذلك، فإن موازنة الكربون العالمية المتبقية محدودة للغاية لتجنّب تداعيات تغير المناخ الكارثية، لدرجة أن العلماء يؤكدون الآن أنه لا يوجد مجال كبير لاستخدام الغاز بصفته "وقودًا انتقاليًا".

ويرى بعض المحللين أن الغاز ليس بديلًا أحفوريًا "نظيفًا" رغم كل شيء، إذ ينتج مصدرو الغاز المختلفون انبعاثات غاز الميثان واسعة النطاق في أثناء استخراج الغاز ونقله.

ويُعدّ الميثان أقوى بـ86 مرة من ثاني أكسيد الكربون بصفته غازًا ملوثًا يسبب الاحتباس الحراري على مدار 20 عامًا، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وعلى الرغم من أن العديد من الدول الآسيوية كانت من بين 120 دولة وقّعت على تعهد خفض انبعاثات الميثان العالمية في قمة المناخ كوب 26، فلا توجد طريقة يمكن أن تحقق هدف خفض الانبعاثات إذا أنشأت أنظمة الغاز الطبيعي لديها.

وتشير الظروف المعاكسة الأخيرة في أسواق الغاز العالمية إلى أن بعض مشروعات الغاز المطروحة في آسيا قد لا ترى النور.

وقد أوقفت دول مثل بنغلاديش والفلبين مشروعات الغاز الطبيعي المسال في الأشهر الأخيرة، نتيجة لارتفاع التكاليف وعدم موثوقية العرض.

وتؤكد هذه الإجراءات تفادي المخاطر المرتبطة بمشروعات الغاز والغاز الطبيعي المسال المتبقية في حالة استمرار ارتفاع الأسعار والتقلب على مدى السنوات العديدة المقبلة.

المخاطر الاقتصادية

يشير المحللون إلى المخاطر الاقتصادية المرتبطة بمشروعات الغاز الطبيعي التي لا تتوافق مع الأهداف المناخية، التي قد تجبر في نهاية المطاف المشروعات على الإغلاق في وقت أبكر مما ينوي مطوروها حاليًا.

وأفاد تقرير صدر في أبريل/نيسان 2022 عن مركز الأبحاث "كاربون تراكر" بأن وحدات الغاز الجديدة واسعة النطاق في اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام تبدو غير متوافقة تمامًا مع هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وتُظهر بيانات شركة "غلوبال داتا" أنه من المقرر حاليًا إغلاق المئات من محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز بعد عام 2050، ما يشير إلى أن استثمارات البنية التحتية للغاز مهددة.

وعلى افتراض أن الدول الآسيوية ستفي بتعهداتها للوصول إلى الحياد الكربوني، فمن المحتمل أن تُغلق العديد من هذه المحطات قبل ذلك التاريخ، ما يشكّل مخاطر اقتصادية على داعميهما.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق