تقارير النفطأنسيات الطاقةالتقاريرالنشرة الاسبوعيةسلايدر الرئيسيةنفط

النرويج والسعودية.. خبراء يقارنون تجارب الاقتصاد والتنمية قبل النفط وبعده (تقرير)

أحمد بدر

قال الخبير في الشؤون الدولية، عز مصري، إن المقارنة بين تجربتي اقتصاد النرويج والسعودية تقود إلى رصد الفارق بين الاقتصاد الريعي والاقتصاد الإنتاجي.

وأوضح أن المملكة العربية السعودية لا تفرض نظامًا ضريبيًا مشابهًا للمفروض في النرويج، فكل ما ينتج عن تجارة النفط النرويجي يذهب للصندوق السيادي في البلاد، الذي يعدّ صندوق مدخرات للأجيال القادمة، بينما ما يُنفَق على المواطنين يأتي من خلال عمل الدولة وأدائها الضريبي والتجارة الداخلية والخارجية.

وبالمقارنة بين تجربتي النرويج والسعودية، وفق خبير الشؤون الدولية، فإن كل ما ينتج عن تجارة النفط في المملكة، يُنفَق على المواطنين هناك، وهاتان السياستان تشيران إلى الفارق بين الاقتصاد الريعي والاقتصاد الإنتاجي.

جاء ذلك خلال مشاركة، عز مصري، في حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها مستشار تحرير منصة "الطاقة" المتخصصة، الدكتور أنس الحجي، تحت عنوان: "هل النرويج نموذج تنموي يُحتذى لدول الخليج والسعودية؟"، شاركه الحديث فيها المستشار الاقتصادي رئيس المركز العربي الأفريقي للاستثمار والتسهيلات، عيد بن عيد.

مقارنة تجربتي النرويج والسعودية

أوضح خبير الشؤون الدولية، المقيم في النرويج، عز مصري، أنه من خلال رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "السعودية 2030"، تتجه المملكة إلى أن تصبح صاحبة اقتصاد إنتاجي، وليس اقتصادًا ريعيًا.

النرويج والسعودية
منصة نفظ تابعة لشركة إكوينور في النرويج - الصورة من رويترز

وأضاف: "أمّا مجرد المقارنة بين تجربتي النرويج والسعودية، فلا يمكن في الوقت الحالي إسقاط التجربة النرويجية على المملكة".

من جانب آخر، بحسب مصري، فإن النرويج اكتشفت النفط بعد نحو 30 عامًا، وربما أكثر، من اكتشاف النفط في السعودية، وهذا أدى بها -بصفتها دولة- إلى محاولة بناء نفسها دون قطاع النفط، فلما جاء النفط في النرويج أصبح قيمة مضافة، إذ لم تعتمد الدولة في بنائها وتقوية مؤسساتها وبنيتها التحتية على عوائد النفط.

وتابع: "بُنِيَت النرويج من التجارة، بصفتها دولة بحرية تصنع السفن، كما أنها دولة تكنولوجية من الطراز الأول، حتى إنها تصنع الأجهزة التي توجّه صواريخ "هيل فاير" الأميركية الشهيرة، وتُستَوْرَد منها، حتى إنه في أكثر من مرة تحارب إسرائيل العرب، كانت تحدث مظاهرات أمام هذا المصنع".

5 عوامل في المقارنة

من جانبه، قال المستشار الاقتصادي رئيس المركز العربي الأفريقي للاستثمار والتسهيلات، عيد بن عيد، إنه عند المقارنة بين تجربة التنمية في كل من النرويج والسعودية، يجب أن نأخذ في الحسبان 5 عوامل، كلها مهمة.

وأضاف: "العامل الأول هو عمر التنمية، فالنرويج قد سبقت السعودية في التنمية بسنوات طويلة، ربما 250 عامًا، في حين إن التنمية السعودية بدأت مع ظهور النفط في المملكة، وفي بدايات ظهوره كانت الموارد محدودة جدًا، ولم تتحسن هذه الموارد إلا في السبعينيات تقريبًا، أي نتحدث عن 50 عامًا أو أقل".

وتابع: "العامل الثاني هو المساحة، إذ إن مساحة المملكة العربية السعودية تعادل 6 مرات مساحة النرويج، ومن ثم فإن تحقيق التنمية في دولة كبيرة بهذا الحجم يكون مكلفًا بشكل أكبر من تحقيقها في دولة صغيرة أو بهذا الحجم".

وأوضح أن عدد السكان يعدّ العامل الثالث، في المقارنة بين النرويج والسعودية، ففي حين يتجاوز عدد سكان المملكة 35 مليون نسمة، لا يتجاوز عدد سكان الدولة الإسكندنافية 5.5 مليون نسمة، أي إن عدد سكان المملكة يتجاوز 6 أضعاف عدد سكان النرويج.

النرويج والسعودية
إحدى مناطق النفط التابعة لشركة أرامكو السعودية - الصورة من إندبندنت عربية

وبالنسبة للعامل الرابع، رأى المستشار الاقتصادي عيد بن عيد، أنه يتمثل في الوضع الجيوسياسي، فالمملكة العربية السعودية تعدّ في قلب العالم، والجميع يعلمون حجم المشكلات التي تحيط بها من الشمال والجنوب، وهو أمر يؤثّر بشكل كبير في التنمية، ومن ثم فإن فاتورة الحفاظ على الاستقرار لتحقيق التنمية في ظل هذه المشكلات تكون مرتفعة جدًا، بينما النرويج لا تعاني من أزمات جيوسياسية مماثلة.

وعن العامل الخامس، أشار إلى أن الالتزامات الدولية على المملكة العربية السعودية كبيرة جدًا، فهي قلب العالم الإسلامي، وعليها التزامات، سواء تجاه الدول الإسلامية أو الدول العربية، وحتى المجتمعات الإسلامية في الدول غير الإسلامية، وهذا أمر فاتورته عالية، لا تكلّف النرويج ما يصل إلى 10% من قيمتها.

مؤشرات التنمية في النرويج والسعودية

قال رئيس المركز العربي الأفريقي للاستثمار والتسهيلات، عيد بن عيد، إنه أجرى إحصائية لمقارنة مؤشرات التنمية في النرويج والسعودية، تضمنت أكثر من 23 عاملًا، كانت أغلبها يميل إلى صالح التنمية في المملكة.

وأوضح أنه عند الحديث عن حجم الاقتصاد، "نجد أن الاقتصاد السعودي أكبر الاقتصاد النرويجي بشكل كبير"، مضيفًا: "نحن نتحدث الآن عن نحو تريليون دولار حجم الناتج المحلي في المملكة، في حين إن الناتج المحلي الإجمالي في النرويج لا يتجاوز 488 مليار دولار".

وأشار إلى أن هناك عاملًا آخر، هو دخل الفرد -وهو أمر يجب وضعه في الحسبان- فرغم أن عدد السكان في المملكة يبلغ 6 أضعاف عدد سكان النرويج، فإن دخل الفرد في السعودية يبلغ نحو 23 ألف دولار، بينما في النرويج يبلغ 67 ألفًا، وبمنظور اقتصادي، فإن قياس الدخل إلى عدد السكان يميل إلى صالح المملكة.

وأضاف: "إذا أخذنا الأرقام نفسها بالنظر إلى توازن القوة الشرائية، نجد أن دخل الفرد في السعودية البالغ 23 ألف دولار قد يعادل نحو 46 ألف دولار، في حين إن توازن القوة الشرائية في النرويج -بحكم غلاء السلع هناك- يخفض دخل الفرد البالغ 67 ألف دولار إلى 65 ألفًا و800 دولار، ومن ثم يصبح الفارق بين النرويج والسعودية بالنسبة للقوة الشرائية في حدود 30% فقط".

معدلات النمو والتضخم

أكد المستشار الاقتصادي عيد بن عيد أن معدلات النمو في كل من النرويج والسعودية خلال المدة الماضية كانت متقاربة بشكل كبير جدًا، ولكن ما حدث خلال الربعين الأول والثاني من العام الجاري 2022، يوضح أن الفارق كبير جدًا لصالح المملكة، التي تشهد معدلات نمو أعلى بكثير مما يحدث في النرويج.

ولفت إلى أن معدلات التضخم أيضًا يمكن وضعها في الحسبان، إذ إن المملكة تتفوق بشكل كبير على معدلات التضخم في النرويج، فمعدلاته في النرويج تبلغ 3.5%، بينما في السعودية تبلغ 2.1%.

الطاقة المتجددة والحياد الكربوني

قال المستشار الاقتصادي، رئيس المركز العربي الأفريقي للاستثمار والتسهيلات، عيد بن عيد، إن الطاقة المتجددة في كل من النرويج والسعودية جعلت هناك اختلافًا كبيرًا فيما يتعلق بالحياد الكربوني.

وأضاف: "انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المملكة تبلغ 588 مليون طن، لكنها في النرويج 42 مليونًا فقط.. وهناك مؤشرات أخرى، مثل الحصول على الكهرباء بنسبة 100% في كلا البلدين، في حين أن الكهرباء المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة، بالرغم من امتلاك النرويج إمكانات كبيرة تؤهلها لتكون رائدة في هذا المجال، إلا أنها لا تتخطى 1.9%".

وتابع: "رغم أن البيانات الموجودة حاليًا تشير إلى أن الحصول على الكهرباء من الطاقة المتجددة في المملكة العربية السعودية صفر، وهي يصعب تحديثها حاليًا، إلا أنها تصل إلى ما بين 2 إلى 3%، مع زيادة توجهها نحو المصادر المتجددة مؤخرًا".

ويتوقع المستشار الاقتصاد، عيد بن عيد، وصول حجم الإنتاج من الطاقة المتجددة في المملكة العربية السعودية إلى نحو 30% من مزيج الطاقة في 2030، أو ربما تتجاوز هذا الرقم وفق مخططها الذي تسير به حاليًا.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق