أهداف ملء مخزونات الغاز الألمانية على المحك.. ومنظم الطاقة يصفها بـ"الطموحة"
تحذيرات بفشل ألمانيا في تحقيق هدف نوفمبر المقبل البالغ 95%
مي مجدي
رغم أن ألمانيا تمكّنت في منتصف أغسطس/آب (2022) من تجاوز الهدف المتمثل في ملء مخزونات الغاز بنسبة 75%، قبل أسبوعين من الموعد المحدد، فإنها قد تفشل في تحقيق أهدافها خلال الأشهر المقبلة.
وقالت الوكالة الاتحادية للشبكات في ألمانيا، اليوم الخميس 18 أغسطس/آب (2022)، إنه من المحتمل أن تخفق برلين في تحقيق هدف نوفمبر/تشرين الثاني (2022) الذي حددته الحكومة لتجنب أزمة الطاقة، محذرًا من مواجهة أكبر اقتصاد في أوروبا لفصلي شتاء قاسييْن، حسب وكالة رويترز.
ودخلت ألمانيا المرحلة الأولى من خطة الطوارئ المكونة من 3 مراحل منذ نهاية مارس/آذار (2022)، وبدأت المرحلة الثانية في يونيو/حزيران (2022)، ضمن مساعيها لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي بسبب الحرب في أوكرانيا.
وجاء ذلك بعدما خفّضت روسيا تدفقات الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 منذ منتصف شهر يونيو/حزيران (2022)، التي تصل -حاليًا- إلى 20% فقط، ملقيةً باللوم على المشكلات الفنية، إلا أن الدول الأوروبية ترى أن الدوافع السياسية وراء هذه الخطوة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
أهداف طموحة
خطّطت الحكومة الألمانية في البداية لملء مخزونات الغاز قبل فصل الشتاء بنسبة 75% بحلول الأول من سبتمبر/أيلول (2022)، لكنها استطاعت تحقيق هذا الهدف في منتصف شهر أغسطس/آب (2022).
وأما الأهداف التالية التي أقرتها فهي 85% بحلول الأول من أكتوبر/تشرين الأول (2022)، و95% بحلول الأول من نوفمبر/تشرين الثاني (2022).
وقال رئيس الوكالة الاتحادية للشبكات، كلاوس مولر، إنه يستبعد تحقيق أهداف مستويات التخزين اللاحقة بالسرعة نفسها.
وأوضح أن هدف 85% ليس مستحيلًا، لكنه طموح جدًا، خاصة مع بدء تدفئة المنازل بحلول الأول من أكتوبر/تشرين الأول (2022).
وأضاف أن بلاده ستكون عاجزة عن تحقيق متوسط الهدف البالغ 95% والمقرر في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني (2022) في جميع التقديرات.
وقال: "لن يتسنى لنا القيام بذلك، لأن بعض مواقع التخزين بدأت من مستوى منخفض للغاية".
وحذّر مولر من أن الأزمة لن تقتصر على فصل الشتاء المقبل، وإنما ستستمر على مدار فصلين على الأقل، متوقعًا أن يكون الشتاء المقبل أشد قسوة، وحدوث نقص في إمدادات الغاز المحلية خلال فصل الشتاء.
كيف نجحت ألمانيا في تحقيق أول أهدافها؟
رغم التحديات التي تواجه برلين، تمكنت البلاد من ملء مخزونات الغاز خلال الأسابيع الأخيرة بفضل العديد من العوامل.
ويرى خبير اقتصادات الطاقة، مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، الدكتور أنس الحجي، أن من بين الأسباب الرئيسة هو الدعم الأميركي لألمانيا، ونقل الغاز المسال من واشنطن إلى برلين.
وأشار الحجي -في تصريحات تلفزيونية لقناة سكاي نيوز- إلى أن حالة التقشف التي أقرتها الحكومة الألمانية والتحول إلى الفحم لتوليد الكهرباء أسهما في الحد من استخدام الغاز.
وأوضح أن عملية ملء مخزونات الغاز في ألمانيا لم تحدث بصورة طبيعية كما كان في الماضي، إلا أن هذا المستوى مناسب تاريخيًا بشرط تدفق الإمدادات الروسية بالكميات الكاملة طيلة فصل الشتاء، وهذا الآن معرض للخطر.
وحذّر الحجي من الخطر الذي ستتعرّض له أوروبا -خاصة ألمانيا- خلال فصل الشتاء، وقد يودي البرد القارس بحياة كبار السن.
مخزونات #الغاز في #ألمانيا ارتفعت إلى 75% من طاقتها الكاملة
مستشار التحرير في منصة الطاقة "أنس الحجي" يرى أن هذه المستويات قد لا تكون كافية لهذا السبب..#عالم_الطاقة @anasalhajji pic.twitter.com/ookGyDIlMf— اقتصاد سكاي نيوز عربية (@SNABusiness) August 17, 2022
هل رهان أوروبا في محله؟
قال الدكتور أنس الحجي إن القارة العجوز تراهن على الغاز المسال الأميركي، وسيتركها ذلك أمام تحدٍّ خطير، لا سيما أن الولايات المتحدة تواجه العديد من المشكلات، وعلى رأسها الأعاصير التي تضرب خليج المكسيك لمدة 4 أشهر.
وتابع: "هذه الأعاصير تتسبب في وقف إمدادات الغاز المسال عدة مرات، بفرض عدم وجود أي دمار لهذه المحطات، فمن أين يأتي البديل؟".
واستطرد الحجي موضحًا أن أوروبا تواجه أزمات مختلفة، من بينها أسعار الغاز المرتفعة، التي ستكون الأغلى في العالم، لا سيما أنها تأتي من عقود فورية وليست طويلة الأجل، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وأضاف: "أسعار الغاز تجاوزت 40 دولارًا، ويمكن أن تصل إلى 50 و60 دولارًا في المستقبل، وسيقود ذلك إلى زيادة ارتفاع أسعار الكهرباء والطاقة في أوروبا، مقارنة بأسعار الغاز الروسي الذي يمكن أن يكون في حدود 7 أو 8 دولارات".
ماذا عن الدول الأخرى؟
كان الاتحاد الأوروبي قد وافق في شهر يوليو/تموز (2022) على خفض استخدام الغاز الطبيعي لتعويض احتمالات نقص الإمدادات الروسية.
وتهدف هذه الخطوة إلى خفض الطلب على الغاز بنسبة 15% من أغسطس/آب (2022) إلى مارس/آذار (2023).
ويصعب مقارنة ملء مخزونات الغاز في ألمانيا -أكبر مستهلك للغاز الطبيعي في أوروبا- مع مستويات التخزين بالدول الأوروبية الأخرى.
وفي هذا الصدد، يرى محلل الغاز في شركة استشارات الطاقة "ريستاد إنرجي"، زونتشانع لو، أن استهلاك فرنسا وإسبانيا وإيطاليا للغاز متشابه، لكن اعتماد فرنسا على الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، واستخدام إسبانيا محطات الغاز المسال، واعتماد إسبانيا وإيطاليا على صادرات الغاز الجزائرية؛ يعني أن وضعها يختلف عن ألمانيا.
وقال إن منشآت تخزين الغاز في فرنسا ممتلئة بقرابة 87%، في حين بلغت مخزونات الغاز في إسبانيا وإيطاليا نحو 81% و77% على التوالي.
وبالمقارنة بخطة التخزين الألمانية مع هذه الدول الـ3، إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، قطعت ألمانيا شوطًا جيدًا.
وقال: "لكن دعونا نرَ كيف ستحقق أهدافها الشهرين المقبلين، وسيكون ذلك حاسمًا خلال الشتاء المقبل".
اقرأ أيضًا..
- الطاقة النظيفة في أوزباكستان تجذب استثمارات سعودية بـ2.5 مليار دولار
- تراجع إنتاج مصافي النفط وانخفاض الواردات في الصين.. هل هو مؤقت أم هبوطي؟
- بريطانيا تعزز إمداداتها من الغاز المسال بشحنة نادرة باهظة الثمن