التغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير الطاقة المتجددةتقارير الكهرباءرئيسيةطاقة متجددةكهرباء

الجفاف يضاعف أزمة الطاقة في بريطانيا.. وتوقعات بتراجع كبير بإنتاج الكهرباء

الحكومة تعلن رسميًا انتشار الأزمة في أجزاء كبيرة من البلاد

مي مجدي

اقرأ في هذا المقال

  • بريطانيا تعلن رسميًا حالة الجفاف في مناطق متفرقة من البلاد.
  • أدى الجفاف في أوروبا إلى خفض منسوب المياه وتراجع توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية.
  • بريطانيا عاجزة عن الاستفادة من طاقة الرياح بعد استثمارات مليارية على مدى 10 سنوات.
  • النرويج تلجأ إلى الحد من صادرات الكهرباء وسط تزايد المخاوف من نقص الإمدادات في الشتاء المقبل.
  • ارتفاع درجات الحرارة في آسيا وأوروبا يعني زيادة المنافسة على الغاز الطبيعي والغاز المسال.

المصائب لا تأتي فُرادى، هذا هو حال بريطانيا اليوم؛ فالبلاد تعاني أزمات متتالية؛ بداية من أزمة الطاقة وغلاء المعيشة إلى اندلاع الحرائق وأزمة الجفاف التي بدأت تجتاح بعض المناطق.

فقد أعلنت الحكومة البريطانية، اليوم الجمعة 12 أغسطس/آب 2022، رسميًا، اجتياح الجفاف في أجزاء من جنوب إنجلترا ووسطها وشرقها (نصف بريطانيا تقريبًا) بعد تعرضها لأشد فصول الصيف جفافًا، تاركًا الملايين يواجهون قيودًا على استخدام المياه، وفق ما نشرته منصة "دفديسكورس" (Devdiscourse).

وقال وزير المياه، ستيف دوبل، في بيان -اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- إن الإمدادات الأساسية في جميع شركات المياه ما زالت آمنة.

وتابع: "نحن أفضل استعدادًا للطقس الجاف من أي وقت مضى، لكننا سنواصل مراقبة الوضع عن كثب، وتأثيره في المزارعين والبيئة، واتخاذ المزيد من الإجراءات حسب الحاجة".

ماذا يعني الجفاف لبريطانيا؟

خلال الأشهر الـ3 الأولى من عام 2022، انخفض معدل هطول الأمطار في إنجلترا بنسبة 26%، وفي ويلز بنسبة 22%.

وهذا يعني أنه حتى قبل بدء فصل الصيف، كان متوسط تدفقات الأنهار أقل من المعتاد.

أزمة الطاقة
مظاهر الجفاف في بريطانيا - الصورة من ناشيونال ورلد

ومع إعلان الجفاف في بريطانيا، قد تضطر شركات المياه لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحفاظ على الإمدادات.

ومن المتوقع أن يسفر عن حظر استخدام خراطيم مياه متصلة بمصدر إمدادات رئيس، وأصبحت شركة "تايمز ووتر" أحدث شركة تفرض حظرًا على خراطيم المياه في مواجهة الصيف الحار، إلى جانب "ساوث إيست ووتر"، و"ساوثرن ووتر"، و"يوركشاير ووتر".

ويمكن أن يؤدي إعلان الجفاف إلى إغلاق القنوات أمام القوارب، واتخاذ تدابير إضافية لحماية الحياة البرية، وقد تستمر هذه الإجراءات حتى العام المقبل (2023).

وكانت مستويات الخزانات في جميع أنحاء إنجلترا وويلز أقل من المعتاد بنسبة 20% في نهاية يوليو/تموز 2022، وهو أكبر عجز منذ بدء التسجيلات في عام 1990.

وكان آخر جفاف قد اجتاح البلاد في عام 2018، واستمر حتى 2019، لكن هطول الأمطار في وقت مبكر حَدَّ من فرض قيود على استخدام المياه.

وبين عامي 2010 و2012، واجهت البلاد جفافًا استمر لمدة طويلة، واضطرت إلى فرض حظر على استخدام خراطيم المياه، مدفوعًا بفصول شتاء جافة متتالية.

ورغم أن حالات الجفاف المستمرة لعدة مواسم نادرة الحدوث؛ فإن العلماء يرون أنها يمكن أن تصبح شائعة مع ارتفاع درجات الحرارة.

كما حذّر المزارعون من مخاطر نقص الإمدادات الغذائية مع نضوب محاصيل البطاطس والتفاح والجنجل.

بالإضافة إلى ذلك، انخفض إنتاج الحليب على المستوى الوطني بسبب نقص غذاء الأبقار، وعرضت حرائق الغابات مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية للخطر.

وهناك مخاوف من اتخاذ المزارعين قرارات تتعلق بعدم زراعة المحاصيل للعام المقبل، وتداعيات ذلك على موسم الحصاد لعام 2023.

التداعيات على أزمة الطاقة

النقص في المياه أو الجفاف عمومًا يُترجم إلى انخفاض أو وقف عمليات إنتاج الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح، باختصار ندرة المياه تزيد من معاناة بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وتسهم في تفاقم أزمة الطاقة.

أزمة الطاقة
مظاهر الجفاف في بريطانيا - الصورة من تلغراف البريطانية

وسبق أن حذر خبير اقتصادات الطاقة، مستشار تحرير منصة الطاقة، الدكتور أنس الحجي، خلال مساحة "أنسيات الطاقة" في تويتر، خلال شهر يوليو/تموز 2022، من تداعيات ارتفاع درجات الحرارة والجفاف على الدول الأوروبية.

وقال إن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف في أوروبا يعني توقف الرياح، ويُعَد ذلك بمثابة ناقوس خطر -وتحديدًا- لبريطانيا، ولا سيما أن البلاد استثمرت مليارات الدولارات على مدى 10 سنوات في طاقة الرياح، لكنها عاجزة عن الاستفادة منها في أشد أوقات احتياجها.

وكانت بريطانيا قد تعرّضت عام 2021 إلى توقف مفاجئ في الرياح، وأدى ذلك إلى خفض الإنتاج من 11 ألف توربين رياح، ويمثل ذلك 20% من توليد الكهرباء بالبلاد.

كما واجهت البلاد ارتفاعًا في أسعار الكهرباء والغاز، وما زالت البلاد تعاني آثار ذلك وسط شح الإمدادات وأزمة الطاقة المتفاقمة.

الجفاف في النرويج

في الوقت الذي تحاول فيه بريطانيا السيطرة على أزماتها المتلاحقة، تواجه النرويج -أكبر منتج للنفط والغاز في غرب أوروبا- طقسًا جافًا قاسيًا منذ فصل الربيع، وظهر أثر ذلك واضحًا على الطاقة الكهرومائية؛ فبسبب انخفاض إمدادات الغاز من روسيا، يتزايد الطلب العالمي على الكهرباء من محطات الطاقة الكهرومائية النرويجية.

وتعد الدول الإسكندنافية واحدة من أكبر مصدري الكهرباء في أوروبا، لكن مع ارتفاع الأسعار وانخفاض مستويات المياه في الخزانات، ظهرت دعوات للحد من صادرات الكهرباء خلال الأشهر الأخيرة.

وأظهرت أحدث البيانات تراجع مستويات المياه في النرويج؛ لذا قررت الحكومة اتخاذ التدابير كافة ضمن مساعيها لتجنب السيناريوهات المتوقعة بنقص إمدادات الكهرباء خلال الشتاء المقبل.

وخلال الأسابيع الماضية، سجل إنتاج الطاقة الكهرومائية في البلاد أدنى مستوياته خلال عام، وبدأ يظهر تأثيره في معدل صادرات الكهرباء؛ حيث انخفضت صادرات الكهرباء في جنوب البلاد إلى أقل من 2 تيراواط/ساعة عام 2022، مقارنة بـ8 تيراواط/ساعة خلال المدة نفسها في عام 2021.

وقد يدفع ذلك إلى زيادة أسعار الكهرباء مرة أخرى سواء على الصعيد المحلي أو الصعيد الأوروبي.

عجز في أوروبا

أزمة الطاقة
خبير اقتصادات الطاقة، مستشار تحرير منصة الطاقة، الدكتور أنس الحجي

أوضح خبير اقتصادات الطاقة، مستشار تحرير منصة الطاقة، الدكتور أنس الحجي، خلال مساحة "أنسيات الطاقة" في تويتر، خلال شهر يوليو/تموز 2022، أن الإشكالية التي وقعت فيها النرويج الآن هي الجفاف؛ ففي حال استمرار انخفاض منسوب المياه في السدود؛ فلن تكون البلاد قادرة على توفير الكهرباء، ومن ثم ستلجأ إلى استخدام الغاز والنفط محليًا، وسيكون ذلك على حساب الصادرات الأوروبية.

ويرى أن الطاقة المتجددة لن تنفع النرويج للتعويض عن الطاقة الكهرومائية، وسيزداد استهلاك الغاز والنفط.

وقال الحجي إن أوروبا ستعاني عجزًا شديدًا في النفط والغاز، متسائلًا عن كيفية توفير مصادر بديلة في ظل شح الإمدادات وانخفاض الواردات الروسية.

كما أشار الحجي إلى تعرض أجزاء مختلفة من العالم للجفاف، وفي مقدمتها الغرب الأميركي، وكيف أثرت ندرة المياه في جميع مناحي الحياة بالبرازيل العام الماضي (2021).

وأوضح أن البرازيل تحوّلت إلى الوقود الحيوي منذ السبعينيات، واعتمدت السيارات على الوقود الحيوي أو المزدوج، وكان الجفاف بمثابة صفعة قوية لمحصول قصب السكر الازم لاستخراج الإيثانول، واضطرت البلاد إلى استيراد البنزين والإيثانول.

وقال الحجي: "مشكلة الجفاف مشكلة كبيرة، الآن تصوروا لو الجفاف ضرب الصين والهند ماذا سيحدث؟".

وتابع: "كلما نظرنا إلى المستقبل في موضوع أزمة الطاقة؛ يزداد المستقبل قتامة، وواضح تمامًا أن إمدادات الطاقة التي ركزت عليها هذه الدول غير مجدية مع ارتفاع درجات الحرارة، لكن ما البديل؟".

وأضاف: "أكبر خطر أن تضرب موجات الحر القاسية آسيا وأوروبا في الوقت نفسه، ويعني ذلك أن التنافس على الغاز الطبيعي والغاز المسال سيزداد بشكل كبير".

وأوضح الحجي أن أغلب العقود الآن هي عقود فورية، وسيلجأ البائع للبيع لمن يدفع أكثر.

وقال: "هذا مثال بسيط، لكن المشكلة أكبر من ذلك؛ فإذا ضربت موجة الحر الدول المنتجة، ستحاول تخفيف العبء من خلال زيادة الأحمال الكهربائية عن طريق حرق النفط والغاز على حساب الصادرات، ولن تكون هناك إمدادات كافية لأوروبا".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق