التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

الآثار الأمنية لتغير المناخ تهدد قدرة الدول على الصمود (تقرير)

هل تغير المناخ يهدد الأمن والسلم الدولي؟.. سؤال بدأ يتردد في المدة الأخيرة، مع تزايد الاهتمام بالأزمات البيئية ومشكلات الاحتباس الحراري.

وصنفت العديد من الدول أزمة التغيرات المناخية بوصفها قضية أمنية، إذ نُوقشت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وظهرت في وثائق إستراتيجية الأمن القومي لأكثر من نصف دول العالم.

ويأتي ذلك بالتزامن مع مجموعة واسعة من المنشورات الفكرية والأكاديمية تروّج إلى التقاطع بين تغير المناخ والأمن.

هذا لا يعني، أن هناك إجماعًا حول العلاقة المناخية- الأمنية أو بالضرورة الربط بينهما، إلا أن بعض المنظرين العاملين في الدراسات الأمنية كانت لهم أصوات مهمة في الإشارة إلى التداعيات الأمنية لتغير المناخ، في حين حثّ آخرون على توخي الحذر في ربط المناخ بالأمن.

وبهذا المعنى، من العدل أن نقول إنه لا يوجد منظور واحد لدراسات أمنية حاسمة بشأن العلاقة بين المناخ والأمن، كما لا يوجد منظور دراسات أمنية بمفهوم متفق عليه.

أزمات المناخ الأمنية

يرى المؤيدون لربط الظواهر المناخية المتطرفة بالأمن وتداعياتها على حياة الملايين من الناس، إذ أصبحت آثاره الضارة بصحة الإنسان والنظم الإيكولوجية والموارد الطبيعية، أكثر وضوحًا.

وتتعطل الاقتصادات الوطنية مع تأثيرات باهظة التكلفة لتغير المناخ، وتُعد الطاقة والزراعة والغابات والسياحة والتأمين من بين القطاعات الاقتصادية الرئيسة التي من المحتمل أن تتأثر بأزمة التغيرات المناخية.

تغير المناخ
تغير المناخ يزيد الأزمات الأمنية

وسيُسهم التغير المناخي في حدوث تغير عالمي عميق، إذ من المتوقع أن تشكل هذه التغيرات مخاطر حقيقية على السلم والأمن الدوليين، لذلك من المتوقع أن تتطلب هذه التغيرات إجراءات داخل منظومة الأمم المتحدة.

ويمكن أن يُسهم تغير المناخ في التسبب في تحديات أمنية تصل إلى العنف، وليس أصدق دليل على ذلك الكوارث الإنسانية الناجمة عن حالات الجفاف والفيضانات وتلف المحاصيل والهجرات القسرية وأحوال الطقس العنيفة التي تتسبب بها التغيرات المناخية المتطرفة.

الدول الأكثر عرضة للخطر

لا تتوزع المخاطر الأمنية المتعلقة بتغير المناخ بالتساوي بين الدول، وإنما تختلف في ضراوة آثارها من دولة إلى أخرى.

وتشمل الدول المعرضة لمخاطر أمنية جراء تغير المناخ، الدول الأقل نموًا والضعيفة.

فالدول الأقل نموًا -كما هو الحال في البلدان النامية الفقيرة- هي الأكثر عرضة للمعاناة من آثار التغيرات المناخية، إذ تفتقر هذه الدول إلى القدرات الاقتصادية أو الحكومية أو التقنية للتكيف.

وعلى سبيل المثال، تفتقر هذه الدول إلى القدرة على منع أو الاستجابة إلى الكوارث الإنسانية مثل الفيضانات واسعة النطاق.

كما تواجه الدول النامية الاستوائية أشد عواقب تغير المناخ، بما في ذلك الظواهر الجوية المتطرفة والجفاف والأمراض.

بينما تواجه الدول الضعيفة -الدول ذات الاقتصادات الهشة- خطرًا أكبر لزعزعة استقرارها بسبب تغير المناخ، وأنه ليس لديها تقريبًا القدرة على الاستجابة إليه أو منعه من التسبب في كارثة إنسانية واسعة النطاق.

الجماعات المتطرفة

في منطقة بحيرة تشاد في أفريقيا، أسهم التصحر وتغير المناخ في فقدان سبل العيش التقليدية، ما سمح للجماعات المتطرفة مثل بوكو حرام بدخول الصورة وتزويد سكان المنطقة بمصادر أخرى للعيش، ما دفع مجلس الأمن الدولي في عام 2017 إلى الاعتراف بأن الآثار السلبية لتغير المناخ والتغيرات البيئية أسهمت في عدم استقرار المنطقة.

وفي الصومال، اشتبك أولئك الذين نزحوا بسبب الأحداث المناخية داخل البلاد مع السكان المحليين وكانوا عرضة للتجنيد من قبل الجماعات المسلحة.

وفي السودان، قُوّضت الحكومة بسبب الاستجابة غير الكافية إلى الأحداث المناخية.

تغير المناخ
صورة تعبيرية لتغير المناخ

وتؤكد العديد من التقارير أن 8 من البلدان الـ15 الأكثر عرضة لتغير المناخ تستضيف بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام أو بعثات سياسية خاصة.

لذلك من الواضح تمامًا أن آثار التغيرات المناخية قد أسهمت بصورة مباشرة في انعدام الأمن وعدم الاستقرار.

وتثبت هذه الحالات أن التغيرات المناخية يمكن أن تكون محركًا مهمًا للصراع في أي بلد أو منطقة يعتمد فيها السكان على الموارد الطبيعية لكسب العيش.

كما يمكن أن تقلل من قدرة الناس على كسب لقمة العيش، وزيادة المنافسة على الموارد المتضائلة، والتسبب في النزوح الجماعي، وتسهيل تجنيد الجماعات المتطرفة.

تهديد للسلم والأمن الدوليين

بموجب المادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة، يكون مجلس الأمن مسؤولًا عن "الحفاظ على السلم والأمن الدوليين"، إلا أن الميثاق لا يحدد بالضبط ما يشكّل "تهديدًا" للسلم والأمن الدوليين.

ويدور التفسير التقليدي حول النزاع المسلح، إلا أن التعريف تطوّر بمرور الوقت، وفي عام 2014 قرر مجلس الأمن (بصورة مثيرة للجدل إلى حد ما) أن أزمة الإيبولا تشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2177.

وناقش مجلس الأمن -لأول مرة- أزمة التغيرات المناخية بوصفها تهديدًا للسلام والأمن خلال مناقشة مفتوحة عام 2007، إذ جادلت الدول الأعضاء بأنه يمكن أن "يؤدي إلى تفاقم بعض الدوافع الأساسية للنزاع".

وفي عام 2011، أعرب المجلس عن قلقه من أن الآثار الضارة المحتملة للتغيرات المناخية، التي قد تؤدي، على المدى الطويل، إلى تفاقم بعض التهديدات الحالية للسلم والأمن الدوليين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق