نفطالتغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير النفطسلايدر الرئيسية

مسؤول عربي: أزمة السفينة صافر ستشهد انفراجة قريبة (حوار)

ونبحث عن حلول لخفض الانبعاثات دون التخلي عن الوقود الأحفوري

أجرى الحوار: حياة حسين

اقرأ في هذا المقال

  • أزمة السفينة صافر تهدد كل الدول العربية المطلة على البحر الأحمر
  • السعودية دافعت عن مصالح الدول العربية في قمة المناخ كوب 26
  • نعمل حاليا على الحصول على دعم الدول المتقدمة في التكيف مع تغير المناخ
  • تأخر علاج أزمة السفينة صافر بسبب تعقد الحلول المطروحة لسيطرة الحوثيين عليها
  • نتفاوض مع أوروبا لمنحنا مدة سماح لتطبيق شروط الصفقة الخضراء على المنتجات العربية المصدرة للقارة

تواجه المنطقة العربية عددًا من التحديات الضخمة، والتي تقع في نطاق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية، منها أزمة السفينة صافر، التي تقف قبالة السواحل اليمنية، مهددةً السعودية والدول المطلّة على البحر الأحمر بكارثة بيئية وشيكة.

كما تشهد المنطقة، خلال السنوات الأخيرة -بجانب أزمة السفينة صافر- تحديات إضافية تتعلق بالبيئة وتغير المناخ وإنتاج الوقود الأحفوري، منها التوجه العالمي إلى خفض استهلاك النفط والغاز، وما يسفر عنه من تدهور في اقتصادات بعض الدول التي تعتمد على إيرادات تلك الصناعة، وقضايا أخرى.

منصة الطاقة المتخصصة التقت مديرَ إدارة شؤون البيئة والأرصاد الجوية في جامعة الدول العربية، رئيس الأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، الوزير المفوض الدكتور محمود فتح الله، في مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة، وأجرت معه حوارًا، تطرّق فيه إلى أزمة السفينة صافر.

كما تطرّق الحوار إلى جهود جامعة الدول العربية لعلاج انبعاثات الكربون بطريقة مختلفة عن الطرح الغربي، الخاص بخفض استهلاك الوقود الأحفوري، وفيما يلي نص الحوار:

في البداية.. حدثنا عن دور جامعة الدول العربية ومجلس الوزراء العرب في مجال البيئة؟

نحن الأمانة الفنية المسؤولة عن مجلس الوزراء العرب المسؤولون عن شؤون البيئة، الذي تأسس عام 1987 للتعاون في كل الشؤون البيئية، وكان من أوائل المجالس المتخصصة التي أسستها جامعة الدول العربية، ويضم وزراء البيئة أو الجهات التي تقوم بهذا الدور في الدول العربية.

ويدرس المجلس -الذي يرأسه كل وزراء البيئة وتنبثق عنه عدّة لجان فنية- كل القضايا الخاصة بالبيئة، وذلك من خلال تشكيل فرق عمل ولجان لدراسة قضية بعينها.

ومن أهم القضايا التي يتولّاها المجلس، متابعة الموقف العربي في الاتفاقيات البيئية متعددة الأطراف، والتي تتركز في 3 اتفاقيات أساسية، ينبثق منها عدد من الاتفاقيات الرئيسة والفرعية.

ما هذه الاتفاقيات الثلاث؟

اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، واتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالتنوع البيولوجي.

وهذه الاتفاقيات البيئية تعمل في إطار اتفاقيات الأمم المتحدة، وكل اتفاقية لها أمانة فنية، ومساعد للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون هذه الاتفاقية، وتتفاوض الدول العربية من خلالها لتحقيق مصالحها الوطنية.

ونؤدي في الجامعة العربية دورًا مهمًا بتشكيل موقف عربي موحد في هذه الاتفاقيات.

أرجو توضيح طرق التفاوض وتشكيل الموقف العربي من واقع قمة المناخ السابقة كوب 26.

عادةً ما تُشكّل مجموعات تفاوضية مختلفة تعمل كل منها في تخصص محدد، وفي قضية تغير المناخ -مثلًا- كانت هناك قضية التمويل، والضغط لتنفيذ الدول المتقدمة التزاماتها تجاه الدول النامية.

السفينة صافر
جانب من اجتماعات قمة المناخ السابقة كوب 26-الصورة من وكالة بلومبرغ

وقد عملت المجموعة التفاوضية العربية التي ترأّستها المملكة العربية السعودية بمفاوضات تغير المناخ في غلاسكو، على الدفاع عن مصالح الدول العربية بشكل قوي، خاصة في موضوعات معايير الشفافية وأسواق الكربون والتكيف.

ونجحنا في قمة المناخ السابقة كوب 26 في تحقيق بعض النجاح، ووقف إقرار عدد من بنود الاتفاقية النهائية، التي تنعكس سلبًا على القطاعات الاقتصادية المختلفة في الدول العربية، وذلك من خلال التنسيق مع مجموعات الدول ذات المصالح المتشابهة.

وهناك أيضًا مبادرة عربية قدّمتها المملكة العربية السعودية خلال رئاستها اجتماعات مجموعة الـ20 العام الماضي، هي مبادرة "الاقتصاد الدائري للكربون"، التي قبلتها المجموعة بوصفها مبادرة رئيسة.

وتستهدف المبادرة استغلال الكربون المنبعث من الصناعات النفطية، وتحويله إلى استخدامات أخرى غير ملوثة.

بمعنى آخر، احتجاز الكربون وتخزينه، بدلًا من التركيز على خفض استهلاك الوقود الأحفوري، الذي يسبّب انهيار صناعات وضياع فرص عمل وتدهور اقتصادي لبعض الدول.

قبول مجموعة الـ20 مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون هل يعني أنها ستُنفّذ في وقت لاحق؟

مادامت المجموعة قد قبلتها، فقد أصبحت قابلة للتنفيذ والتمويل.

هل هناك مبادرات أخرى تعمل عليها الأمانة الفنية؟

هناك مبادرة عربية أخرى للتكيف مع تغير المناخ، ومصر تحديدًا تركّز على تلك المبادرة، وستكون من أولوياتها في قمة المناخ كوب 27، التي تترأسها في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ومسألة التكيف تسير بالتوازي مع خفض الانبعاثات، فالدول التي تضررت من تغير المناخ تحتاج مشروعات ضخمة لدعمها في مواجهة تلك الأضرار، مثل السواحل التي تحتاج إلى سدود ومصدات، ونقل التجمعات السكنية المتضررة إلى مناطق أخرى.

ونعمل في هذه القضية في إطار المجموعة العربية، ونتعاون مع باقي الدول النامية، لأنه من الضروري خلق مجموعات مصالح، فإذا كانت لنا مطالب مشتركة مع مجموعة الـ77 -على سبيل المثال-، نعمل معهم لتكوين كتلة أكبر وذات ثقل في المفاوضات، وأيضًا نشارك بعض القضايا مع الدول الأفريقية والآسيوية وغيرها من التكتلات.

ما القضايا الخاصة بالدول الأعضاء التي تسعى الجامعة العربية لعلاجها؟

من أهم قضايا الدول العربية التي نسعى لعلاجها: علاج تلوث المياه والبحار، وهذا الأمر دفعنا لعقد اجتماع استثنائي لمجلس وزراء البيئة في سبتمبر/أيلول الماضي؛ لمناقشة التلوث المحتمل نتيجة توقّف صيانة السفينة صافر، القابعة بالقرب من السواحل اليمنية في البحر الأحمر، وهي سفينة قديمة تحمل كميات ضخمة من النفط، مهددة بتسربها للمياه؛ ما يضر بكل الدول العربية المطلة على البحر الأحمر.

من الواضح أن هذا الاجتماع لم يسفر عن حل لأزمة السفينة صافر حتى الآن؟

نعم؛ لأن العلاج معقد ومتشعب وله بعد سياسي متعلق بسيطرة الحوثيين على السفينة، وهم يستخدمونها بوصفها ورقة ضغط على المجتمع الدولي لتنفيذ مطالبهم.

ناقلة النفط صافر
ناقلة النفط صافر قبالة مدينة الحديدة اليمنية - الصورة من موقع الأمم المتحدة

إذا كان علاج أزمة السفينة صافر سياسيًا.. لماذا أطلقت الأمم المتحدة مبادرة جمع تبرعات لحلّ الأزمة؟

مبادرة الأمم المتحدة تستهدف دخول خبراء تابعين لها إلى السفينة لتحديد العلاج الملائم، والذي حددته بنقل النفط من صافر إلى سفينة أخرى، لكن يبقى الأمر محفوفًا بالمخاطر، لأن صافر لم تخضع لأيّ صيانة منذ سنوات طويلة.

وقد ينفجر أيّ جزء من السفينة عند النقل، لذلك تسعى الأمم المتحدة إلى توفير التمويل لتنفيذ هذه العملية المعقدة من الناحية الفنية، وقد أعلنت السعودية منح جزء من التمويل المطلوب، والذي يقترب من 200 مليون دولار.

متى تتوقع أن تنتهي أزمة السفينة صافر؟

رفعنا في الاجتماع الاستثنائي الأزمة لمجلس وزراء الخارجية، لطرح القضية على مستوى دولي، وما زلنا نعمل عليه من خلال كل المنظمات الدولية، والدول المرتبطة.

لذلك أعتقد أنه سيكون هناك حلّ قريب، وأرجو أن يكون قبل نهاية العام الجاري (2022).

هل هناك قضايا أخرى تعملون عليها حاليًا؟

نعمل -أيضًا- على قضية تلوث الهواء، التي تؤثّر في الصحة، وبعض الخبراء أشاروا إلى أن فيروس كورونا (كوفيد-19) جاء نتيجة انتقال من فيروس من منشأ حيواني إلى بشري، ما يعكس اختلالًا للتوازن البيئي.

كما نعمل على التنسيق ما بين الأكواد والاشتراطات البيئية بين الدول العربية عند تبادل السلع.

هل لهذه القضية علاقة بالصفقة الخضراء الأوروبية، التي ستفرض شروطًا بيئية محددة على السلع المصدّرة إليها؟

هذه قضية أخرى نبحثها في إطار تغير المناخ، لأن الصفقة الخضراء تؤثّر في تنافسية صادرات الدول العربية، وقد بحثنا هذا الأمر نهاية العام الماضي (2021) مع الجانب الأوروبي من خلال لجنة الحوار العربي الأوروبي، ومستمرون في بحثه حتى الآن للوصول إلى حلّ.

خلال هذه الاجتماعات ألم يقدّم الجانب الأوروبي لكم أيّ تطمينات؟

طلبنا منهم الحصول على دعم فني لتعديل مواصفات تصنيع السلع التي تدخل السوق الأوروبية، بما يتوافق مع شروط الصفقة الخضراء، وأيضًا نقل تقنيات صناعية، إضافة إلى مدد سماح للتطبيق، وتمويل، وهناك قدر من التعاون، لكن لا تزال هناك أيضًا اختلافات جوهرية.

فأوروبا تحتاج إلى الوقود، وزادت أزمة الطاقة بعد غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، وتُجري تعديلات سريعة على تقنيات الصناعة وغيرها، وترغب في فرضها دوليًا، بينما تحتاج دولنا إلى التنمية التي تستغرق وقتًا، لذلك من الضروري الحصول على دعمها في هذه القضية.

السفينة صافر
التصحر في في الدول العربية- أرشيفية

ماذا عن أزمة التصحر التي تضرب معظم الدول العربية؟

لدى جامعة الدول العربية أذرع فنية مهمة في مجال التصحر، أهمها المنظمة العربية للتنمية الزراعية، والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة.

ويقوم المركز والمنظمة بدور المنسق بين الدول العربية، وتقديم الدراسات والدعم الفني وبناء القدرات للدول العربية في إطار الاتفاقيات الدولية المعنية بالتصحر والتنوع البيولوجي.

كما ينفّذان مشروعات عديدة، مثل التشجير، والبحث والتطوير، خاصة في مجال الأمن الغذائي، إذ يعملان على استنباط بذور تتحمل درجات الحرارة المرتفعة والملوحة الزائدة، وتستهلك كميات أقلّ من المياه.

ويعمل في المنظمتين خبراء في الزراعة والإنتاج الحيواني والهندسة الوراثية بالجامعات المختلفة، وعند التوصل إلى نتائج تُطبّق على أرض الواقع، وتكون لكل دولة عربية حصة من التطبيق. وعلى سبيل المثال، تمتد عمليات التشجير في أنحاء الدول العربية.

لماذا تعمل مصر على قطع الأشجار؟

هذه قصة أخرى، إذ إن مصر تنظر إلى قطع الأشجار بوصفه مسألة تصبّ في صالح البيئة، لأن تلك العملية تستهدف تسهيل حركة المرور بتوسيع الشوارع، ما يعني انخفاض الانبعاثات الصادرة من عوادم المركبات.

بمعنى آخر: إذا كان الأثر الإيجابي لتسهيل المرور أكبر من الأثر السلبي لنزع الأشجار، تكون النتيجة لصالح البيئة.

ألا توجد دراسات لهذه المسألة؟

من المؤكد أن مصر أجرت دراسات، لكن نحن منظمة إقليمية تتعامل مع قضايا الدول العربية مجتمعة.

هل يعني ذلك أنكم لا تبحثون عن حلول لقضايا بيئية في دولة بعينها؟

بالطبع لا، فنحن نناقش قضايا بعينها، خاصة عندما تطلب الدولة عرضها.

مثلًا، تسبَّب تنظيم داعش الإرهابي، عندما كان يسيطر على مناطق في العراق، في أزمة تلوث حادة للهواء، بسبب كميات الحرق والتدمير الكبيرة، ما أدى إلى زيادة أمراض التنفس، ما استدعى بحث المشكلة، وإيجاد حلّ لها.

كما كانت فلسطين تعاني من مشكلة مشابهة، إذ اتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل باستخدام الأراضي الخاضعة لها بصفتها مدافن للنفايات، كما تدمر مناطق طبيعية عند بناء المستوطنات، ما يضرّ بالبيئة، وقد بحثنا المشكلة، ورفعناها للأمم المتحدة.

السفينة صافر
شعار قمة المناخ كوب 27 المقبلة في مصر

كيف تستعدون لقمّتي المناخ كوب 27 وكوب 28، في مصر والإمارات خلال (2022) و(2023)؟

نتواصل باستمرار مع مصر والإمارات بشأن القمّتين، ونشارك في الاستعدادات لهما، وكانت الجامعة العربية قد أصدرت بيانًا، أشارت فيه إلى الوقوف إلى جانب للدولتين بكل سبل الدعم.

وحاليًا، نعمل على تدريب المفاوضين العرب داخل الجامعة، من خلال مدربين دوليين، على ما يستجد من قضايا البيئة، وقد أصبح لدينا كوادر قوية من المفاوضين الذين يستطيعون تحقيق نجاحات في المفاوضات الدولية.

ومصر، التي تستضيف قمة المناخ كوب 27 هذا العام (2022)، تركّز على تحقيق 3 أهداف، هي: التكيف والتمويل ونقل التكنولوجيا.

وسنعمل بصورة جماعية على مستوى الدول النامية في هذه القمة، على ربط التزاماتنا القانونية في مجال علاج تغير المناخ، بما نحصل عليه من تكنولوجيا وتمويل، خاصة مع عدم التزام الدول المتقدمة بتقديم تعهداتها، الخاصة بحشد 100 مليار دولار، ولم تلتزم إلّا بمبالغ محدودة.

بمعنى آخر، يمكن تشبيه الموقف الآن برسالة: عندما تَفُونَ بتعهدات التمويل، نفي بالتزامات خفض الانبعاثات.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق