التقاريرأسعار النفطأنسيات الطاقةالنشرة الاسبوعيةسلايدر الرئيسيةنفط

أنس الحجي: أسعار النفط بين 2008 و2022.. هكذا نستفيد من دروس التاريخ (تقرير)

أحمد بدر

قال خبير اقتصادات الطاقة، مستشار تحرير منصة الطاقة، الدكتور أنس الحجي، إن الحديث عن ارتفاع أسعار النفط في عام 2008 يمكن من خلال استنتاج سيناريوهات تحدث، وستحدث، في الوقت الحالي.

وأوضح، في حلقة جديدة من برنامجه "أنسيات الطاقة" في موقع تويتر، التي جاءت بعنوان "أسواق النفط.. لا.. إنها ليست 2008"، أنه لا يمكن الحديث عن ارتفاع الأسعار في عامي 2007 و2008، التي وصلت إلى 147 دولارًا للبرميل، إلّا بعد العودة 10 سنوات إلى الوراء.

وأضاف مستشار تحرير منصة الطاقة، أن "العودة إلى هذا التاريخ مهم لنفهم أسباب ارتفاع أسعار النفط في 2022، لأننا أيضًا لا يمكننا تفسير ارتفاع الأسعار خلال العام الجاري (2022) إلّا إذا عدنا 10 سنوات إلى الوراء".

لماذا ارتفعت أسعار النفط في 2008؟

قال الدكتور أنس الحجي: "في عامي 1998 و1999، انهارت أسعار الخام حتى وصلت إلى 9 دولارات للبرميل، لعدّة أسباب، أهمها -وهو مرتبط بما حدث في العامين الأخيرين- هو زيادة إنتاج أوبك بشكل كبير في عام 1997، وكان الأمر مفاجئًا لبعض المحللين، وأنا معهم".

وأوضح أنه بمجرد زيادة إنتاج النفط لدى دول أوبك، بدأت بوادر الأزمة المالية في آسيا في الظهور، ثم حدث الانهيار الكامل بالاقتصادات الآسيوية، وانخفض معها الطلب على النفط بشكل كبير، ولكن ما زاد الطين بلة في ذلك الوقت، أن الشتاء جاء دافئًا، وفي العام التالي أيضًا كان الشتاء دافئًا.

أسعار النفط

وتابع الدكتور أنس الحجي: "ثم حدثت أمور أخرى أسهمت في خفض أسعار النفط، من بينها أن الرئيس الأميركي -في ذلك الوقت- بيل كلينتون أصدر قرارًا بتصدير نفط ألاسكا إلى اليابان والدول الآسيوية، فنافسَ دول الخليج في آسيا في ذلك الوقت".

بالإضافة إلى ذلك، وفق مستشار تحرير منصة الطاقة، كانت هناك اتفاقية "النفط مقابل الغذاء" مع العراق، وارتبطت تغيرات الأسعار بشكل كبير بهذا البرنامج، ولم يكن أمام العراق سوى زيادة إنتاج النفط، لتحصيل ما يمكن تحصيله، ما أسهم بدوره في تخفيض أسعار النفط، حتى مع توجّه أوبك إلى خفض الإنتاج مرتين، كان الوضع في العراق يتطلب زيادة الإنتاج.

وأشار الدكتور أنس الحجي إلى أن الأسعار بدأت تنتعش مع بداية الربع الثاني من عام 1999، والسبب بسيط، أن انخفاض الأسعار يشجع الطلب على النفط، فزادت الكميات المطلوبة من جهة، ولكن انخفضت الاستثمارات بشكل كبير في مجال النفط، لأن آبار النفط تنضب، وتحتاج إلى تعويض، فإذا لم يتمّ التعويض ينخفض الإنتاج، لذلك فإن انخفاض الإنتاج مع زيادة الطلب دعما الأسعار التي بدأت ترتفع من جديد.

عودة الأسعار إلى الارتفاع

في عام 2000، جاءت الانتخابات الأميركية التي نافس فيها الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش منافسه آل جور، وكانت النتيجة غير معروفة إلّا بقوة المحكمة العليا التي حكمت لبوش الابن بالرئاسة، حسب مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي.

وأضاف: "لكن نائب الرئيس كلينتون وقتها كان آل جور، ووقتها ارتفعت أسعار النفط من 9 دولارات للبرميل إلى 35 دولارًا، ما جعل كلينتون يصدر قرارًا بالسحب من المخزون الإستراتيجي للضغط على الأسعار، وطلب من السعودية -كما جرت العادة- زيادة الإنتاج، لذلك أؤكد أنه لا يوجد رئيس أميركي خلال 50 عامًا الماضية لم يطلب من السعودية زيادة الإنتاج عندما ترتفع الأسعار".

أسعار النفط
شعار شركة أرامكو السعودية - الصورة من رويترز

وقال الحجي، إن هناك إشكالية حدثت في عام 2000، أنه كان هناك إدراك كامل من جانب الخبراء وشركات النفط الوطنية، بضرورة زيادة الاستثمار في صناعة النفط، لأن الكميات لن تتواءم مع الطلب الذي يواصل تصاعده في المستقبل.

وتابع: "كانت شركة أرامكو تخطط بالفعل لتطوير الإنتاج، حتى إن بعض الحقول التي يجري تطويرها حاليًا، كان من المخطط تطويرها في عام 2000، ولكن وقتها استعانت السعودية بخبراء، بعضهم من أميركا، والذين حذّروها من زيادة الإنتاج، لأن الاكتشافات الجديدة في وسط آسيا، وخاصة في منطقة بحر قزوين، كبيرة جدًا وخيالية".

وأوضح أن من يذكر في ذلك الوقت، كانوا يتحدثون عن اكتشافات ضخمة جدًا، أطلقوا عليها اسم "اللعبة الجديدة"، وقالوا، إنها ستغير وجه العالم، ويمكن لمن يريدون معلومات أكثر البحث عبر غوغل عن تلك المدة؛ ليجدوا مقالات تتحدث عن لعبة جديدة ستغير العالم، مركزها بحر قزوين.

من ثَمَّ، بحسب الدكتور أنس الحجي، فقد أخافوا أرامكو من تطوير الإنتاج، وبالفعل أوقفت استثماراتها، وكانت هناك بداية لمشروعات جديدة، صدر حينها قرار بوقفها بالكامل، لأن التوقعات كانت أن النفط سيتدفق من بحر قزوين.

وأشار إلى أن ما حدث هو أن النفط لم يتدفق من بحر قزوين إلّا بعد نحو 17 عامًا، وتقريبًا بنسبة 10% من الكمية المتوقعة، لذلك عندما جاء عاما 2007 و2008 لم يكن هناك نفط من الأساس، فما كان يجب أن تنتجه أرامكو لم يأتِ، لأن الشركة السعودية العملاقة لم تستثمر، بناءً على أقوال هؤلاء الخبراء الأميركيين.

أحداث 11 سبتمبر وأسعار النفط

قال الدكتور أنس الحجي، إنه بعد نجاح جورج بوش الابن في الانتخابات الأميركية، وقعت أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، التي كانت أولى نتائجها إيقاف حركة الطيران، ما أسفر عن انخفاض الطلب على النفط.

وأوضح أنه في المدة نفسها كانت منظمة أوبك تجتمع لإقرار خفض الإنتاج في محاولة لدعم الأسعار، لكنْ سياسيًا لم يكن خفض الإنتاج مقبولًا، فلم تمرر أوبك هذه الخطوة، وانتظرت لمدة بعد الحادث، قبل أن تعود للتخفيض.

أسعار النفط
الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش - الصورة من وكالة رويترز

وبالطبع -وفق الحجي- لأن الحديث وقتها كان عن الإنتاج الضخم المنتظر والمتوقع من منطقة بحر قزوين، بجانب مساعي منظمة أوبك للسيطرة على أسعار النفط من خلال خفض الإنتاج، لم تكن هناك حاجة إلى زيادة أو ضخ الاستثمارات في صناعة النفط.

وفي نهاية العام، حدث غزو أفغانستان، ثم في مارس/آذار 2003، حدث غزو العراق، وخسر العالم وقتها النفط العراقي بالكامل، وبدأت أسعار النفط رحلة الارتفاع.

ولفت الحجي إلى أن العالم شهد في تلك المدة تطورات جديدة، إذ كانت حركة العولمة التي بدأها جورج بوش ومارغريت تاتشر في التسعينيات قد بدأت تؤتي ثمارها بعد اقترابها من انتهاء العمل في بنيتها التحتية، وبدأت معدلات النمو العالمية في كل مكان ترتفع بشكل كبير، وهذه الزيادة أدت إلى ارتفاع الطلب على النفط، ما أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار النفط.

مساعي الصين لجذب الشركات الكبرى

قال الدكتور أنس الحجي، إن ما عزّز أسعار النفط في عام 2004 كان محاولة الصين إغراء الشركات الكبرى للقدوم إليها، لكن المشكلة أن بكين في ذلك الوقت لم تكن لديها كميات كافية من الكهرباء، وتواجه انقطاعًا دائمًا للتيار الكهربائي، لدرجة أن الحكومة أجبرت الشركات الصينية على العمل يومين فقط أسبوعيًا.

وأكد أن السبب في ذلك أن الحكومة الصينية ضمنت للشركات الأجنبية كهرباء طوال اليوم على مدار الأسبوع، على حساب الشركات الصينية، وهنا حدثت أزمة، لأنه كان هناك طلب قوي على منتجات الشركات الوطنية في الصين، حتى إن بعض الطلبات تمتد إلى 3 أو 4 سنوات.

لذلك، حسبما أوضح الدكتور أنس الحجي، لجأت هذه الشركات إلى استخدام المولدات العملاقة، التي غالبًا ما تستخدم الديزل، ما أدى إلى زيادة الطلب على الديزل بشكل كبير وغير متوقع، كما زاد الطلب على النفط، ما أدى إلى زيادة جديدة في أسعار النفط في 2004.

وفي 2005 أدخلت الصين بعض التغييرات على اقتصادها، إذ أنشأت بعض المحطات النووية؛ لتخفض عجز الكهرباء، ولكن بسبب قوانين منظمة التجارة العالمية وبعض القوانين الأخرى، منعت المصانع التي كانت تلجأ إلى توليد الكهرباء خصوصًا، ولكن بشكل غير مباشر.

وتابع: "القانون يقول: في فصل الصيف، إذا لم يكن المصنع مكيفًا، فإن العمال لن يستطيعوا العمل، ومولدات الكهرباء الخاصة لا يمكنها دعم التكييف، ولكنها بإمكانها دعم تشغيل الآلات والإنارة فقط، وهو ما اضطر هذه المصانع إلى التوقف، ما خفض الطلب الصيني على النفط بدرجة قليلة".

وفي العام نفسه، ضربت الولايات المتحدة كوارث طبيعية، في موسم الأعاصير في فصل الصيف، تمثلت في الإعصارين ريتا وكاثرينا، اللذين ضربا صناعة النفط الأميركية في مقتل، ما أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير.

وشدد الدكتور أنس الحجي، على أن نظرية ارتباط ارتفاع أسعار النفط بالتضخم والكساد غير صحيحة وأثبتت فشلها، مؤكدًا أن من يروجون لهذه النظرية لا يعرفون شيئًا، حيث إن السبب الرئيس في الأزمة المالية العالمية كان قطاع العقارات في أميركا.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق