التقاريرالنشرة الاسبوعيةتقارير النفطتقارير دوريةدول النفط والغازسلايدر الرئيسيةعاجلموسوعة الطاقةنفطوحدة أبحاث الطاقة

جنوب السودان.. الاضطرابات السياسية تعرقل استغلال الثروة النفطية

مشكلة جنوب السودان أنها مغلقة وليس لها منفذ بحري

وحدة أبحاث الطاقة

رغم الاحتياطيات الكبيرة من النفط التي تمتلكها جنوب السودان؛ فإن البلاد ما زالت عالقةً في الركود الاقتصادي وفقر الطاقة، جراء حالة عدم الاستقرار بعد أكثر من عقد من الاستقلال عن السودان.

ومع محاولة خروج الدولة من حطام الحرب الأهلية، تعمل الحكومة حاليًا على جذب الاستثمارات الأجنبية، من أجل استكشاف المزيد من حقول النفط وزيادة الإنتاج.

وجاءت أزمة كورونا وعودة الصراعات السياسية لتزيد من الضغوط على إنتاج النفط في البلاد، الذي يشهد تراجعًا مع وصول الحقول إلى ذروتها، علمًا بأن جنوب السودان لا تلتزم بتخفيض الإنتاج بالشكل المطلوب حسب قرارات أوبك+، التحالف الذي يضم "جوبا" إلى عضويته.

ويُعَد النفط عمود اقتصاد جنوب السودان، ومع حاجته الماسة للغاز؛ فإن الغاز المصاحب يُحقن في آبار النفط لتعزيز إنتاجها، بحسب رصد وحدة أبحاث الطاقة.

الظروف السياسية

شهد السودان حربين أهليتين منذ حصوله على الاستقلال عام 1956، وانتهت الأولى عام 1972 عندما منحت اتفاقية "أديس أبابا للسلام" الحق لجنوب السودان في تشكيل حكومة مستقلة.

وبعد 11 عامًا، اندلع الصراع مجددًا بقيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان، لتستمر الحرب الأهلية الثانية نحو 22 عامًا حتى انتهت بمساعدة مراقبين دوليين، وأدت إلى عقد اتفاقية السلام الشامل بين الحكومة السودانية والفصائل المتمردة في المنطقة الجنوبية عام 2005.

ووضعت هذه الاتفاقية مبادئ لتقاسم عائدات النفط -التي كانت سببًا لتزايد الصراع بين البلدين- وإطارًا زمنيًا لإجراء استفتاء لاستقلال الجنوب، حتى صوّتت جنوب السودان بأغلبية ساحقة لصالح الانفصال في يناير/كانون الثاني 2011، لتصبح دولة مستقلة عاصمتها جوبا في يوليو/تموز 2011.

وبعد الاستقلال، مرّت جوبا بعدة محطات من النزاعات الداخلية عمومًا، مع اندلاع حرب أهلية في ديسمبر/كانون الثاني 2013؛ ما أدّى إلى تقويض مكاسب التنمية التي تحققت منذ الاستقلال عن السودان؛ إذ انغمس الاقتصاد في مرحلة ركود.

وأعطى توقيع الهدنة الأخيرة في سبتمبر/أيلول 2018 وما تلاه من تشكيل حكومة في فبراير/شباط 2020 الأملَ في التعافي، مع تراجع الصراعات إلى حد كبير منذ عام 2019.

اكتشاف النفط في السودان

بدأ التنقيب عن النفط في السودان المُوحد (السودان وجنوب السودان) في الخمسينيات من القرن الماضي قبل استقلال البلاد، عندما حصلت شركة "أجيب" الإيطالية على منطقة امتياز على طول ساحل البحر الأحمر السوداني عام 1959، لكنها لم تتوصل إلى اكتشاف تجاري مهم سوى في فترة السبعينيات.

ومع ارتفاع أسعار النفط بشكل حاد من 3 إلى 12 دولارًا للبرميل، في أوائل السبعينيات، أصبح ساحل البحر الأحمر السوداني هدفًا للعديد من شركات النفط مثل يونيون تكساس وتكساس إيسترن وشيفرون.

وفي عام 1974، وقّعت حكومة جمهورية السودان وشيفرون اتفاقية شراكة في الاستكشاف والإنتاج، خلال جهود الاستكشاف الأولى (1975-1980)، التي ركزت على حوض مجلد، وتوصلت الشركة الأميركية إلى العديد من الاكتشافات النفطية، مثل آبار الوحدة1 والوحدة 2 وأبوجبرة 1.

واستحوذ العديد من الشركات الأميركية والفرنسية والكندية على حصص في تطوير النفط في السودان قبل الانقسام، إلى جانب قيام شركتي بي بي وشل بتكرير نفط البلاد في بورتسودان على ساحل البحر الأحمر.

وتسارعت أعمال الاستكشاف عام 1982، مع حفر 18 بئرًا في حوضي مجلد والنيل الأزرق، ثم 24 بئرًا خلال عام 1983، تضمنت الاكتشافين الأول والثاني للنفط في بئري هجليج 1 وتوما ساوث 1.

ومع انسحاب الشركات الأميركية والدولية من السودان -بضغط من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة- بدأت شركات النفط الوطنية الآسيوية السيطرة على قطاع النفط في السودان، وعلى رأسها مؤسسة النفط الوطنية الصينية (إس إن بي سي) وشركة النفط والغاز الهندية (أو إن جي سي).

وفي عام 1999، بدأ السودان إنتاج النفط وتصديره رسميًا، بعد 4 سنوات فقط من دخول الشركات الآسيوية، إلا أن القطاع ما زال ضحية الصراعات الداخلية في السودان وجنوبه، وآخرها القتال الدائر في الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع.

احتياطيات النفط في جنوب السودان

تبلغ احتياطيات النفط في جنوب السودان 3.5 مليار برميل، ولم تشهد أي تغيير منذ 2012 -العام الأول بعد الانفصال عن السودان- وفقًا للمراجعة الإحصائية السنوية شركة النفط البريطانية بي بي، التي أصبح يُصدرها معهد الطاقة البريطاني بدءًا من 2023.

كما تشير تقديرات أويل آند غاز جورنال أن إجمالي احتياطيات النفط في السودان وجنوبه لم تشهد أيّ تغيير بنهاية 2022، عند 5 مليارات برميل.

وتمتلك جنوب السودان ثالث أكبر احتياطي نفطي في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بعد أنغولا ونيجيريا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتتميز دولة الجنوب عن الدول الأخرى المنتجة للنفط في أفريقيا، بأن 90% من احتياطيات البلاد ما زالت غير مستغلة؛ ما يعطي فرصة كبيرة لتعزيز الإنتاج.

ويكشف الرسم البياني التالي -الذي رصدته وحدة أبحاث الطاقة نقلًا عن بيانات معهد الطاقة وأويل آند غاز جورنال- عن احتياطيات النفط المؤكدة في جنوب السودان منذ عام 2012:

احتياطيات النفط في جنوب السودان

إنتاج النفط في جنوب السودان

تشتهر دولة الجنوب بإنتاج خامي "مزيج دار" و"مزيج النيل"، كما تأتي غالبية الإنتاج من حوض مجلد -الذي يقع جزء منه في السودان- وحوض ميلوت.

وقبل الانفصال، بدأ السودان المُوحد إنتاج النفط عام 1999، بنحو 63 ألف برميل يوميًا، واستمر في النمو حتى بلغ ذروته عند 483 ألف برميل يوميًا عام 2007، قبل أن يهبط إلى 291 ألفًا في عام الانفصال 2011.

وبعد الانفصال، تراجع إنتاج النفط في السودان وجنوب السودان؛ بسبب عدم الاستقرار السياسي المحلي والصراع بين البلدين.

وبحلول يناير/كانون الثاني 2012، أعلنت حكومة جنوب السودان إيقاف إنتاج النفط؛ بسبب نزاع مع جارتها الشمالية حول رسوم عبور الخام، إلى أن توصلت الحكومتان لاتفاق بشأن رسوم عبور النفط والتعويض عن الإنتاج المفقود.

وفي العام الأول بعد الانفصال (2012)، بلغ إنتاج النفط في جنوب السودان نحو 31 ألف برميل يوميًا، قبل أن يقفز عام 2013 إلى 100 ألف برميل يوميًا.

وفي 2014، وصل الإنتاج إلى 155 ألف برميل يوميًا قبل أن يتراجع قليلًا في الأعوام التالية بالقرب من هذه المستويات، وفق أرقام معهد الطاقة.

وفي سبتمبر/أيلول 2018، توصّل رئيس جنوب السودان سلفا كير، وزعيم فصيل المعارضة رياك مشار، إلى اتفاق سلام؛ ما أدى إلى تقليل العنف من الحرب الأهلية في البلاد.

ويأتي ذلك مع سعي الدولة إلى تحسين البيئة الأمنية والسياسية، من أجل جذب الاستثمار الأجنبي والتمكن من زيادة إنتاج النفط في جنوب السودان.

ومع تراجع الصراعات الأهلية، أعادت دولة الجنوب الإنتاج في بعض الحقول التي كانت مغلقة سابقًا مثل حقلي توما ساوث والوحدة في سبتمبر/أيلول 2018 ويناير/كانون الثاني 2019.

وكانت الدولة تأمل بذلك في رفع إجمالي إنتاجها النفطي لأكثر من 200 ألف برميل يوميًا بحلول نهاية عام 2019، لكن الزيادة جاءت هامشية، بل تحول الإنتاج للهبوط في العامين التاليين (2020 و2021).

وارتفع إنتاج النفط في جنوب السودان من 144 ألف برميل يوميًا عام 2018 إلى 172 ألفًا في العام التالي (2019)، بحسب بيانات معهد الطاقة.

وفي عام 2020، تراجع إنتاج النفط في جنوب السودان إلى 165 ألف برميل يوميًا، مع تداعيات الوباء، التي أضرت بقطاع النفط في العالم أجمع، قبل أن يواصل الهبوط في 2021، مسجلًا 153 ألف برميل يوميًا.

ووفق أحدث البيانات، انخفض إنتاج جنوب السودان من النفط بنسبة 7.6% خلال العام الماضي، ليصل إلى 141 ألف برميل يوميًا، كما يرصد الرسم أدناه:

إنتاج النفط في جنوب السودان

تجدر الإشارة إلى أن جنوب السودان وافقت على تقييد إنتاجها النفطي في إطار اتفاق تحالف أوبك+ لخفض الإنتاج خلال جائحة كورونا، لكنها مع ذلك من أكثر الدول خرقًا للاتفاق، وما تبعه من اتفاقيات أخرى لتحقيق التوازن في سوق النفط، وتريد -حاليًا- تعديل خط الأساس الخاص بها.

ليس هذا فحسب؛ ففي سبتمبر/أيلول 2022، قال نائب رئيس جنوب السودان رياك مشار، إن بلاده السودان قد تترك تحالف أوبك+ إذا وقفت المجموعة في طريق خطتها الطموحة لزيادة إنتاج الخام إلى 230 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2024، قبل أن تقرر الحكومة تأجيله الهدف قصير الأجل لمدّة عامين، مع استهداف إنتاج 450 ألف برميل يوميًا على المدى الطويل؛ إذ تكافح البلاد مع التحديات المتعلقة بالفيضانات والمسائل اللوجستية بسبب الحرب المستمرة في السودان، فضلاً عن نقص الاستثمار في قطاع النفط، وفق تقرير لمنصة آرغوس ميديا.

ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بدأ تحالف أوبك+ تنفيذ اتفاقية خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا، قبل تمديدها إلى نهاية العام المقبل (2024)، بعدما كان من المقرر انتهاؤها عام 2023.

وبموجب اتفاقية أوبك+؛ فإن الحصة المقررة لإنتاج النفط من جانب جنوب السودان تبلغ 124 ألف برميل يوميًا، لكن إنتاج الدولة ما زال أعلى من ذلك بما يصل إلى 46 ألف برمي يوميًا، رغم تراجعه في الأعوام الـ3 الأخيرة.

وفي تصريحات، خلال يونيو/حزيران 2023، قال وزير النفط في جنوب السودان بوث كانق، إن بلاده طلبت من تحالف أوبك+ استثناءها من اتفاقية خفض الإنتاج الحالية.

ويوضح الجدول التالي حصة جنوب السودان من الإنتاج ضمن تحالف أوبك+ منذ مايو/أيار 2023 حتى ديسمبر/كانون الأول 2023:

حصص إنتاج دول أوبك بعد قرار الخفض الطوعي

وتعمل جنوب السودان على تعزيز الإنتاج، ففي 2021، وقّعت جوبا اتفاقية مع السودان، تتضمن زيادة إنتاج النفط، إلى 300 ألف برميل يوميًا خلال 3 أعوام، مع وضع إستراتيجية موحدة لصناعة النفط والغاز تراعي مصالح البلدين للاستفادة القصوى من الموارد المتاحة لكليهما.

وحددت وزارة النفط في دولة الجنوب هدفًا يتراوح بين 350 و400 ألف برميل يوميًا لإنتاج النفط بحلول نهاية عام 2025، من خلال الاستفادة من الحقول الحالية في الإنتاج ودفع عمليات استكشاف جديدة.

وتوقعت الوزارة في تقرير صادر عام 2020، تراجع إنتاج النفط في البلاد خلال الأعوام الـ5 المقبلة، حال عدم وجود استثمارات جديدة لاستغلال الاحتياطيات ودفع الإنتاج لأعلى.

وشهدت السنوات الأخيرة زيادة في الاستثمار الأجنبي من شركات الاستكشاف والإنتاج، قبل أزمة كورونا، وفي أغسطس/آب 2019، حققت جنوب السودان أول اكتشاف منذ عام 2011، في منطقة عدار ويحوي 5.3 مليون برميل من النفط.

ورغم ذلك؛ فإن وكالة "فيتش سوليوشنز" للتصنيف الائتماني ترى تعثرًا للاستثمار الأجنبي والخاص بقطاع النفط في جنوب السودان؛ نظرًا إلى انعدام الأمن، خاصة بعد ازدياد الأمر سوءًا، مع الصراع العسكري الجاري في السودان، بين الجيش وقوات الدعم السريع.

هذا بالإضافة إلى القيود التجارية الأميركية على الصادرات التقنية لشركات النفط والغاز في جنوب السودان، والتحفظ من قِبل الدول الغربية على التعامل مع قادة البلاد، إلى جانب الفيضانات التي تُعطل الصناعة.

واستمرارًا لخطط تعزيز إنتاج النفط في جنوب السودان، تأمل وزارة النفط بالبلاد في إعادة فتح الأبواب أمام الشركات الدولية العملاقة؛ إذ أطلقت أول جولة تراخيص في عام 2021، على أمل في جذب مجموعة متنوعة من المستثمرين الأجانب لتحفيز الاستثمار في الاستكشاف والإنتاج.

ورغم ذلك، وبعيدًا عن صعوبات الاستثمار الأجنبي؛ فإن الحرب المستمرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 قد تعرقل قطاع النفط، ومن المتوقع أن يتباطأ الإنتاج بدولة جنوب السودان ما لم تنجح جهود السلام في الخرطوم، خاصة أن جوبا تعتمد كليًا على مصافي النفط وخطوط الأنابيب في السودان لتصدير الخام إلى السوق الدولية، وفق وزارة النفط في جنوب السودان.

ورغم ذلك؛ أكدت الوزارة، في بيان لها، أن إنتاج النفط الحالي في جنوب السودان ما زال مستقرًا بالقرب من مستويات 170 ألف برميل يوميًا.

صادرات النفط في جنوب السودان

يشير أحدث التقارير السنوية لمنظمة أوبك إلى ارتفاع صادرات النفط المجمعة للسودان وجنوب السودان إلى 138 ألف برميل يوميًا في 2021، مقارنة بـ135 ألف برميل يوميًا في 2020، مع الوضع في الحسبان أن غالبيتها من جنوب السودان الأكثر إنتاجًا للخام؛ حيث بلغ إنتاج السودان 64 ألف برميل يوميًا في 2021.

وتُعَد آسيا والشرق الأوسط وجهات التصدير الرئيسة للنفط الخام في السودان وجنوب السودان؛ ففي عام 2021، كانت الإمارات أكبر وجهة تصدير؛ حيث تلقّت 45% من إجمالي صادرات البلدين.

في السوق الآسيوية، صدّر السودان وجنوبه 19% من إجمالي صادراتهما إلى سنغافورة و10% إلى الصين، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة من بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

كما أن السودان مستهلك رئيس لخام جنوب السودان؛ إذ يذهب 30 ألف برميل يوميًا إلى الخرطوم للاستهلاك المباشر، وفقًا لتقديرات ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس.

ومع اندلاع الصراع المسلح في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، منتصف أبريل/نيسان 2023، تزايدت التساؤلات حول مدى تضرر صادرات جنوب السودان النفطية، في ظل هذه البيئة الأمنية غير المستقرة.

وحتى منتصف أبريل/نيسان 2023، بلغ متوسط صادرات الخام المجمعة من السودان وجنوب السودان 83 ألف برميل يوميًا، انخفاضًا من 116 ألف برميل يوميًا العام الماضي، وفقًا لبيانات فورتكسا، التي نقلتها منصة آرغوس ميديا المتخصصة.

ويوضح الرسم التالي صادرات النفط من السودان وجنوبه حسب الجهة منذ يناير/كانون الثاني 2020 حتى مارس/آذار 2023:

صادرات النفط من السودان والجنوب

ويأتي ذلك مع واقع أن جنوب السودان تعتمد على جارتها الشمالية لنقل النفط عبر خطوط الأنابيب للتصدير، على أن تدفع رسوم عبور إلى السودان.

ويمتدّ الأنبوب، الذي ينقل النفط في جنوب السودان، من العاصمة جوبا حتى ميناء بورتسودان السوداني.

ووفقًا لتقرير شركة الأبحاث بيزنيس مونيتور إنتلجنس؛ فإن جنوب السودان تدفع حاليًا للسودان 24.50 دولارًا للبرميل، مقسمة إلى 9.50 دولارًا رسم عبور، و15 دولارًا لتغطية تكلفة سداد الديون المشتركة بين البلدين.

وهناك خطط لبناء خط أنابيب منفصل من شأنه أن يسمح لجنوب السودان بتصدير النفط الخام عبر كينيا المجاورة أو جيبوتي عبر إثيوبيا لتفادي تحكم حكومة السودان بحكومة جنوب السودان، ومع ذلك؛ من غير المحتمل إنشاء هذا الخط في المستقبل القريب؛ بسبب البيئة الأمنية الضعيفة، وما ينتج عن ذلك من اضطرابات في الإمدادات لإنتاج النفط الخام في جنوب السودان، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

ومع ذلك؛ فإن المشكلة الكبرى هي مشكلة تقنية وبيئية؛ حيث إن الأنبوب سيمر بمناطق مائية تتمتع بتنوع بيئي نادر من الحيوانات والنباتات.

في المقابل، تستورد البلاد المنتجات المكررة؛ لذلك بدأت حكومة جنوب السودان في 2021، تشغيل مصفاة نفط بنيتو في ولاية الوحدة، بطاقة تكرير 10 آلاف برميل يوميًا، في محاولة لتقليل الواردات.

كما تخطط الحكومة لبناء 4 مصافٍ أخرى بحلول نهاية هذا العقد (2030) لزيادة إمكاناتها التكريرية.

وكان اقتصاد البلاد ضحية تراجع إنتاج النفط في السنوات الأخيرة، إلى جانب تداعيات جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا والتقلبات المناخية.

ويمثل قطاع النفط 70% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 90% من الإيرادات العامة وجميع الصادرات تقريبًا في جنوب السودان.

ورغم ثرواتها النفطية، تعاني جنوب السودان الفقر المدقع والركود الاقتصادي وعدم الاستقرار بعد عقد من الاستقلال، وسط عدة عوامل في مقدمتها الصراعات الداخلية المستمرة.

وأدى استئناف إنتاج النفط في الحقول -التي كانت مغلقة سابقًا؛ بسبب الصراع- إلى زيادة احتمالات تعافٍ اقتصادي يقوده قطاع النفط.

ومع ذلك؛ فإن هذه الآمال قد تذهب أدراج الرياح، مع تزايد حوادث العنف على المستوى المحلي في عام 2021 وأوائل عام 2022، فضلًا عن تداعيات كورونا والفيضانات؛ ما أدى إلى تفاقم الوضع السيئ بالفعل.

وبسبب انخفاض صادرات النفط ومن ثم الإيرادات الحكومية، انكمش اقتصاد البلاد بنحو 6.5% خلال عام 2020، قبل أن يعاود النمو بنحو 5.3% و6.6% في عامي 2021 و2022 على التوالي، وفق صندوق النقد الدولي.

وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن ثلثي سكان جنوب السودان (أو نحو 9.4 مليون شخص) يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية في عام 2022، بزيادة قدرها نصف مليون شخص مقارنة بعام 2022.

ومن أجل دعم الاقتصاد، تهدف جنوب السودان إلى تأميم صناعة النفط وتوسيع دور شركة نايلبت المملوكة للدولة، من خلال الاستحواذ على الأصول المملوكة للشركات الأجنبية، بمجرد انتهاء العقود، حسبما نقلت وحدة أبحاث الطاقة عن وكالة بلومبرغ.

ورغم أن إنتاج النفط في جنوب السودان يتراوح بين 150 و170 ألف برميل يوميًا في السنوات الأخيرة؛ فإنها تحصل فقط على عائدات من 45 ألف برميل يوميًا على الأكثر؛ بسبب الحصة المستحقة لشركات النفط والرسوم المدفوعة للسودان، وفقًا لأفضل التقديرات المتاحة، التي نقلتها وحدة أبحاث الطاقة عن مؤسسة إنترناشونال كرايزيس جروب (International Crisis Group).

الكهرباء والطاقة المتجددة

تواجه جنوب السودان عجزًا يبلغ نحو 170 ميغاواط، ويُعَد واحدًا من أدنى معدلات الوصول إلى الكهرباء على مستوى العالم، وبحسب البنك الدولي، بلغ معدل الوصول إلى الكهرباء في جنوب السودان 7.2% بنهاية عام 2021.

وتبلغ قدرة الكهرباء المركبة في جنوب السودان نحو 130 ميغاواط، ويأتي معظمها من النفط، بحسب هيئة كهرباء جنوب السودان (SSEC).

وبحسب الهيئة؛ فإن أكثر من 90% من السكان -البالغ عددهم 12.5 مليون نسمة- يفتقرون إلى شبكة الكهرباء الوطنية، ويعتمد كثير من المواطنين على مصفوفات الطاقة الشمسية على الأسطح أو مولدات الديزل.

ووقعت حكومة جنوب السودان اتفاقية مع حكومة أوغندا في أكتوبر/تشرين الأول لعام 2017، لبناء خط لربط شبكة الكهرباء في العاصمة الأوغندية كمبالا، ليزود مدينتي كايا ونيمولي في جنوب السودان.

وتستهدف جنوب السودان إعادة تأهيل شبكة الكهرباء من خلال استبدال البنية التحتية وصيانة الشبكة وتوسيعها.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بدأت شركة كهرباء جنوب السودان تشغيل المرحلة الأولى من شبكة التوزيع بالعاصمة جوبا من خلال إنشاء خطوط جديدة بجهد 33 كيلوفولت.

وخلال الشهر نفسه (نوفمبر/تشرين الثاني 2019)، أطلقت جنوب السودان محطة كهربائية مبنية حديثًا بقدرة 100 ميغاواط تُشغل على 4 مراحل.

وتتجه البلاد إلى مصادر الطاقة المتجددة لتوسيع قدرة توليد الكهرباء؛ إذ تعمل هيئة الكهرباء على إنشاء محطة طاقة شمسية بقدرة 20 ميغاواط ونظام تخزين عن طريق البطاريات بسعة 35 ميغاواط/ساعة.

وفضلًا عن ذلك، تتجه جنوب السودان إلى تطوير الطاقة الكهرومائية لتوسيع سوق الكهرباء، من خلال مشروع الطاقة الكهرومائية المقترح بقدرة 120 ميغاواط بالقرب من جوبا.

تنويه.. هذا التقرير جرى تحديثه حتى 7 يوليو/تموز 2023، وفق أحدث البيانات المتاحة.

فيما يلي تستعرض منصة "الطاقة" لمحات خاصة حول أوبك والدول الأعضاء:

اقرأ أيضًا لمحات خاصة حول دول تحالف أوبك+ من غير الأعضاء في أوبك:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق