بالأرقام.. الشبكات الصغيرة في أفريقيا تعزز وصول الكهرباء وانتقال الطاقة
هبة مصطفى
- الشبكات الصغيرة المتجددة تُسهم في احتواء معدل فقر الكهرباء في أفريقيا
- 13 مليون أفريقي عانوا عجز الكهرباء خلال عام 2020 وحده
- ضرورة توصيل 85 مليون أفريقي سنويًا بالشبكة لضمان وصول شامل بحلول 2030
- 5 مليارات دولار سنويًا متوقعة لعائدات سوق صناعة الشبكات الصغيرة
- معدل وصلات الشبكات الصغيرة قفز إلى 78 ألف وصلة عام 2020
- التوسع بمواقع الشبكات زاد بنسبة 39% عام 2021 مسجلًا 400 موقع
- تحديات تمويلية وتنظيمية في إصدار التراخيص تهدد طموحات الوصول الشامل
يُنظر إلى قطاع الشبكات الصغيرة في أفريقيا على أنه بارقة أمل يمكنه تعويض غياب إمدادات الشبكات الوطنية وخطوط نقل الكهرباء، رغم ما يواجهه من تحديات.
وسجل معدل تلك الشبكات في أفريقيا نموًا مضاعفًا خلال الأعوام الـ3 الماضية رغم جائحة كورونا، وتوسع بمعدلات الوصول بمناطق القارة الريفية حاملًا معه إمدادات الكهرباء النظيفة بأسعار ملائمة.
وأسهم القطاع في توفير معدل وصول كهرباء مستقر لما يزيد على 500 ألف شخص ومؤسسة في دول أفريقيا جنوب الصحراء وحدها ضمن دول القارة، وفق تقرير لرابطة مطوري الشبكات الصغيرة في أفريقيا (AMDA).
يأتي ذلك في محاولة للتغلب على افتقار ما يقارب 600 مليون أفريقي للوصول إلى الكهرباء، في حين تنتشر في القارة السمراء إمكانات هائلة لموارد الطاقة المتجددة يمكن دمجها مع تقنيات الشبكات الصغيرة لسد عجز الإمدادات.
دور الشبكات الصغيرة في أفريقيا
تؤدي الشبكات الصغيرة -لا سيما المتجددة- دورًا في توفير معدل وصول يغطي الزيادة المطردة لعدد المفتقرين إلى إمدادات الكهرباء بالقارة الذين زاد عددهم لأكثر من 13 مليون أفريقي خلال عام 2020 وحده.
ويُشير عدد المفتقرين إلى الكهرباء إلى ضرورة زيادة معدل الوصول بنحو 3 أضعاف حتى نهاية العقد (2030)، بما يضمن توصيل 85 مليون أفريقي سنويًا بالشبكة.
ويبرز دور الشبكات الصغيرة لإمكانها توفير إمدادات الكهرباء بالمناطق النائية والريفية والواقعة على أطراف الدول، بربطها بالشبكات الوطنية لتوفير إمدادات مستقرة.
وتكتسب تلك الشبكات ميزة إضافية، كون بنيتها التحتية تتمتع بتقنيات حديثة ومتجددة، بما يضمن إمدادات كهرباء مستقرة جنبًا إلى جنب مع دورها المناخي في خفض الانبعاثات الكربونية.
وبتزايد معدل انتشار أصول تلك الشبكات تتحول صناعة الشبكات الصغيرة في أفريقيا من قطاع يتطلب الدعم إلى قطاع جاذب للعائدات، وفي ظل طموحات بتوفير الكهرباء لما يقارب 600 مليون أفريقي تدريجيًا ترتفع توقعات سوق الصناعة إلى توفيره عائدات تصل إلى 5 مليارات دولار سنويًا، وفق التقرير.
- شبكات الطاقة الشمسية الصغيرة تتيح الكهرباء للمحرومين
- كينيا.. شبكات الطاقة الشمسية الصغيرة تعزّز كهربة الريف
معدل الانتشار وعائدات محفزة
كشف تقرير رابطة مطوري الشبكات الصغيرة في أفريقيا عن أن معدل وصلات الشبكات الصغيرة في أفريقيا سجل نموًا يقارب الضعف، إذ بلغ 78 ألفًا عام 2021، ارتفاعًا من 40 ألفًا و700 في 2019.
وبالتوازي مع ذلك، توسعت مواقع شبكات القطاع الخاص الصغيرة بمعدل 39% في غضون عامين، من 288 موقعًا عام (2019) إلى 400 موقع العام الماضي (2021).
وبتزايد معدل نموها سجلت عائدات الشبكات الصغيرة في أفريقيا زيادة متواصلة دفعت نحو انخفاض تكلفة التشغيل، ما يمنح الصناعة جدوى مالية تُتيح لها الاستمرار.
وبلغ متوسط العائدات لكل مستخدم -معيار رئيس لاستدامة الصناعة ونجاحها- في المواقع التي أسندت قبل الجائحة عام 2019 ما يقارب 8.30 دولارًا شهريًا.
وأقر تقرير الرابطة بتفوق معايير الخدمة بالشبكات الصغيرة في أفريقيا على المرافق الحكومية وغيرها، من حيث مدة التشغيل، وجودة الكهرباء، وعدد وصلات الربط الموثوقة، وتوفير الوظائف.
وعكف تقرير الرابطة على رصد تطور القطاع، بالمقارنة بين حجم الاستهلاك والعائدات للمواقع ذاتها لأكثر من عام.
حجم الاستهلاك
تُسهم الشبكات الصغيرة في أفريقيا بضمان الوصول الشامل لإمدادات الكهرباء، وتدرك الحكومات ومنظمات التنمية ذلك جيدًا، لكن في المقابل، تواجه الصناعة معضلة فوضى أسواق الكهرباء اللامركزية.
وتناسب حجم استهلاك الشبكات الصغيرة في أفريقيا طرديًا مع معدل التوسع، وزادت معدلات استهلاك الكهرباء في ظل ارتفاع معدل انتشار تلك الشبكات، سواء للمستهلك العادي أو التجاري.
وعقد التقرير مقارنة بين متوسط الاستهلاك الشهري للكهرباء للمتصلين بالشبكات الصغيرة قبل عام 2019 وخلال المدة ما بين عامي 2019 و2020، مصنفًا المستهلكين إلى 5 شرائح تبعًا لمتوسط الاستهلاك الشهري.
واللافت للنظر أن رُصدت علاقة وثيقة الصلة ما بين استمرار تيار الكهرباء وثباته وزيادة حجم الاستهلاك، وهو يقين يضمن نمو الجدوى التجارية واستمرارها للتوسع بتلك الشبكات.
وخلال عام 2020، صُنف 70% من عملاء الشبكات الصغيرة في أفريقيا بصفتهم من ذوي الاستهلاك المنخفض بما ينحدر دون 4 كيلوواط/ساعة شهريًا.
تحديات تقوّض التوسع
- التمويل والدعم
أكدت الرئيسة التنفيذية للرابطة، جيسيكا ستيفنز، أن الكهرباء هي الهدف الرئيس للتنمية المستدامة، وبما أن الشبكات الصغيرة في أفريقيا توفر إمدادات الكهرباء النظيفة فيتعين على الحكومات أن توفر لها دعمًا مماثلًا لما تلقته المرافق التقليدية.
وشددت على أن القطاع يحتاج إلى الدعم المالي لتوفير الإمكانات والبنية التحتية المستقرة للطاقة المتجددة، بما يسهم في تطور اقتصادات تلك الحكومات ومجتمعاتها.
وقالت ستيفنز إن الرابطة تتعاون مع الجهات كافة لضمان تخطي تحديات السوق وتوسعة نطاق الشبكات الصغيرة في أفريقيا التي تُعد حجر زاوية رئيس في خطط وصول الكهرباء وانتقال الطاقة.
وعقد تقرير الرابطة مقارنة كشفت عن انحياز الحكومات لدعم الشبكات المركزية بمعدل أكبر من الصغيرة، إذ شاركت بعض الحكومات الأفريقية بتمويل يصل إلى 208 ملايين دولار ضمن حجم إنفاق أكبر خُصص لتلك الشبكات قُدّر بنحو 1.6 مليار دولار.
- التراخيص والتحديات التنظيمية
رغم الإنجازات القوية للشبكات الصغيرة في أفريقيا خلال السنوات الماضية، فإن تباطؤ حصولها على مدفوعات تمويلية ومواجهتها تحديات تنظيمية قد يدفعان نحو تراجع انتشارها ودعمها لهدف وصول الكهرباء بالقارة.
ودعا التقرير الحكومات إلى تقديم المزيد من الدعم المالي والتنظيمي لقطاع الشبكات الصغيرة في أفريقيا، لا سيما أن مطوري تلك الشبكات يواجهون مخاطر عدم وضوح الإطار الزمني الملائم لإنفاق المخصصات اللازمة.
ويُعد الإطار التنظيمي المعقد ثاني أبرز التحديات عقب التمويل، إذ يستغرق إنهاء تراخيص بعض مشروعات الشبكات الصغيرة مدة تزيد على عام، واقتراح التقرير إنشاء هيكل تنظيمي معني بإدارة لامركزية تلك الشبكات.
ولا يتناسب معدل منح تراخيص الشبكات الصغيرة في أفريقيا مع النمو المسارع للطلب على الكهرباء، إذ تتطلب مكافحة فقر الكهرباء توصيل ما يقرب من 140 ألف شبكة بحلول نهاية العقد 2030 وفق بيانات البنك الدولي.
وبالنظر إلى ذلك يتعيّن بناء 17 ألف شبكة صغيرة سنويًا، لكن على النقيض، يهدد تباطؤ التمويل وإصدار التراخيص تلك المستهدفات، إذ لم تسمح سيراليون الواقعة غرب أفريقيا سوى بترخيص 50 شبكة فقط خلال عام.
وتفصيليًا، قطعت نيجيريا الواقعة غرب أفريقيا شوطًا في إنجاز تلك المهمة، محققة المرتبة الأولى في الاستجابة لإصدار تراخيص الشبكات خلال 31 أسبوعًا، تلاها بالمرتبة الثانية كينيا بالاستجابة خلال 38 أسبوعًا، وفق بيانات التقرير.
إجراءات وتوصيات
خلص التقرير إلى أن الشبكات الصغيرة في أفريقيا يمكنها تحقيق منافع مزدوجة، عبر الإسهام في زيادة معدلات الوصول لا سيما بالمناطق الريفية والنائية بتقنيات متجددة تدعم الأهداف المناخية أيضًا.
ومن جانب آخر، يعد القطاع مصدرًا مستقبليًا يمكنه جلب عائدات تصل إلى 5 مليارات دولار سنويًا في ظل حاجة ما يزيد على نصف مليار أفريقي للوصول إلى الكهرباء؛ ما يشكل سوقًا واعدة لتلك الشبكات.
وربط التقرير إمكان تحقيق تلك الطموحات بتوافر الدعم المالي والتمويل اللازم، إلى جانب تطوير الهيكل التنظيمي لتيسير وتسريع وتيرة إصدار التراخيص لمستوى يصل إلى الموافقة على المئات، أو الآلاف من مشروعات الشبكات الصغيرة في أفريقيا خلال أوقات وجيزة.
وأكد أن توفير التمويل، سواء عن طريق المنح أو القروض أو أشكال الدعم المختلفة، يُعد الخطوة الأبرز التي يجب أن يركز عليها الحكومات والمانحون الآونة المقبلة؛ بهدف زيادة معدل كهربة الريف الأفريقي والمناطق المفتقرة للكهرباء التي تعاني شبكاتها الضعف لا سيما في دول أفريقيا جنوب الصحراء.
اقرأ أيضًا..
- نفاق المناخ في عالم السيارات (مقال)
- الغاز الجزائري يعزز إمدادات فرنسا بعقد جديد بين سوناطراك وإنجي
- توليد الهيدروجين من الميثانول.. مشروع أوروبي يكافح انبعاثات الشحن البحري
- من أين يستورد المغرب الغاز المسال؟.. مصادر تجيب عن الصفقة المنتظرة