التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الغازتقارير النفطرئيسيةروسيا وأوكرانياطاقة متجددةعاجلغازنفط

فاتح بيرول: العالم ليس بحاجة للاختيار بين حل أزمتَي الطاقة أو المناخ

وهناك طرق عديدة للاستجابة إلى أزمة الطاقة الراهنة

سالي إسماعيل

اقرأ في هذا المقال

  • فاتح بيرول يناقش المفارقة بين أزمة الطاقة وأزمة المناخ مع استبعاد تجاهل كليهما
  • بيرول يؤكد أن تداعيات ارتفاع أسعار الطاقة تكون أكثر خطورة في العالم النامي
  • صافي الدخل العالمي من إنتاج النفط والغاز هذا العام أعلى تريليوني دولار من 2021
  • الأزمة الروسية الأوكرانية تهدد بعرقلة الجهود المبذولة لمواجهة أزمة تغير المناخ
  • بيرول يطالب الجميع ببذل المزيد من الجهود لتوفير طاقة نظيفة وبأسعار معقولة

"لا يمكننا السماح لقضية مواجهة تغير المناخ بأن تصبح ضحية أخرى للغزو الروسي في الأراضي الأوكرانية".. بهذه الكلمات طرح فاتح بيرول رؤيته حول المفارقة بين أزمة الطاقة وأزمة المناخ.

ونشر المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، بصفحته الرسمية في "لينكد إن" مقالًا بعنوان: "ماذا تعني أزمة الطاقة العالمية الحالية بالنسبة لاستثمارات الطاقة؟".

ويأتي المقال -الذي يستعرض هذه المفارقة التي لن يحتمل العالم تبعات تجاهل أيٍّ منهما، على حدّ وصف بيرول- قبل إصدار الوكالة الدولية للطاقة تقريرها بشأن استثمارات الطاقة العالمية لعام 2022، والمزمع طرحه الشهر المقبل.

ومن المقرر أن يضع تقرير الاستثمارات العالمية للطاقة في الحسبان التغيرات السريعة التي شهدتها أنظمة الطاقة عالميًا طوال عام مضى، وتحديدًا الاضطرابات الواقعة في غضون الأشهر القليلة الماضية.

ويشرح فاتح بيرول خلال المقال، كيف يمكن أن تسهم الاستثمارات الصحيحة في تحسين أمن الطاقة، بالتزامن مع خفض الانبعاثات الضارة بالبيئة.

تداعيات الغزو الروسي

تطرّق مقال بيرول إلى التداعيات بعيدة المدى للغزو الروسي على نظام الطاقة العالمي، بالإضافة للأزمة الإنسانية الخطيرة، مع تسليط الضوء على تعطيل أنماط الطلب والعرض، فضلًا عن تغيير العلاقات التجارية طويلة الأمد.

وتسببت الأزمة الروسية الأوكرانية بارتفاع أسعار الطاقة بالنسبة للعديد من المستهلكين والشركات في أنحاء العالم كافة، الأمر الذي أضرّ بالأُسر، بل والصناعات والاقتصادات بأكملها، حسبما يشير فاتح بيرول في مقاله.

ويشدد فاتح بيرول على أن تبعات ارتفاع أسعار الطاقة تكون أكثر خطورة في العالم النامي، إذ لا تستطيع تلك الشعوب تحمّل هذه التكاليف.

عرقلة جهود المناخ

تهدد الأزمة الروسية الأوكرانية كذلك بعرقلة الجهود المبذولة لمواجهة التحدي العالمي المتمثل في خفض انبعاثات غازات الدفيئة عالميًا، بسرعة كافية لتجنّب تغير المناخ الكارثي، وفقًا للمقال.

ويقول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول: "لا يمكننا أن نسمح لقضية معالجة تغير المناخ بأن تصبح ضحية أخرى للعدوان الروسي".

وبالنظر إلى أزمة الطاقة العالمية واضطرابات الأسواق -التي خلّفتها روسيا-، فإن الصورة أصبحت أكثر تعقيدًا أمام الحكومات والشركات والمستثمرين خلال محاولة تحديد مشروعات الطاقة التي بحاجة للتشجيع أو التطوير، أو حتى التمويل، بحسب المقال.

وفي هذا الشأن، يؤكد فاتح بيرول أن وكالة الطاقة الدولية، بصفتها هيئة عالمية مسؤولة عن أمن الطاقة والتحول للطاقة النظيفة، توفر البيانات والتحليلات والمشورة السياسية لصانعي القرار في جميع أنحاء العالم، وخاصة الحكومات، من أجل اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الاستثمارات التي تدعم أمن الطاقة وإمداداتها بأسعار معقولة، بينما تخفض الانبعاثات الكربونية.

إخفاق العالم في أهداف المناخ

يرى كاتب المقال، فاتح بيرول، أنه حتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، كان العالم بعيدًا عن المسار الصحيح لتحقيق أهدافه المشتركة فيما يتعلق بالطاقة والمناخ.

وكانت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالميًا قد وصلت لمستوى قياسي خلال عام 2021، رغم ضعف الطلب على الوقود أساسًا.

انبعاثات الكربون

وفي الوقت نفسه، ظل الاستثمار في تقنيات الطاقة النظيفة أقلّ بكثير من المستويات المطلوبة لخفض الانبعاثات والوصول إلى الحياد الكربوني، بحلول منتصف القرن الحالي.

واستشهد فاتح بيرول بالخطوات الإيجابية التي اتُّخِذَت بقمّة المناخ (كوب 26) في غلاسكو خلال نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، مع الإشارة إلى المبالغ المنفقة على الطاقة النظيفة في خطط التعافي الاقتصادي للحكومات، وأنها آخذة في الزيادة.

ومع ذلك، فإن الجهود المبذولة في جميع أنحاء العالم -سواء على صعيد السياسة أو الاستثمارات- لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب للوصول إلى الحياد الكربوني، كما يوضح بيرول.

ويضيف: "يتعين على الحكومات والشركات والمستثمرين جميعهم بذل المزيد من الجهود -وبسرعة-، من أجل توفير طاقة نظيفة وبأسعار معقولة".

إمدادات الطاقة الروسية

في الوقت نفسه، يبدو من المرجح أن يؤدي الغزو الروسي لأوكرانيا إلى انخفاض حادّ وطويل الأمد في إمدادات الطاقة الروسية، وخاصةً تلك المتجهة صوب أوروبا، وفقًا للمقال.

وكانت روسيا أكبر مصدّر للنفط والغاز الطبيعي عالميًا خلال عام 2021، كما يوضح فاتح بيرول في مقاله.

وأسهم تعطيل الإمدادات جراء غزو موسكو في إيجاد حالة من الاضطرابات داخل أسواق الطاقة في الوقت الراهن، فضلًا عن إيجاد مخاطر كبرى تتعلق بأمن الطاقة وفقر الطاقة في أنحاء العالم كافة، وفقًا لما ذكره فاتح بيرول.

صادرات روسيا من الوقود الأحفوري

تعزيز أمن الطاقة

يكمن السؤال الرئيس في ما تعنيه أزمة الطاقة اليوم بالنسبة لاستثمارات الوقود الأحفوري، إذا لم يزل يتعيّن علينا تحقيق الأهداف المناخية المشتركة، وما إذا كانت أسعار الوقود الأحفوري المرتفعة للغاية في الوقت الراهن إشارة للاستثمار في إمدادات إضافية، أو سبب آخر للاستثمار في البدائل؟

وكان تقرير وكالة الطاقة الدولية، الصادر في مايو/أيار لعام 2021، بعنوان: خريطة الطريق للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050، قد أشار إلى أنه يمكن للقفزة الهائلة في استثمارات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وتقنيات الطاقة النظيفة الأخرى، أن تسهم في خفض الطلب العالمي على الوقود الأحفوري بما لا يتطلب الاستثمار في حقول النفط والغاز الجديدة.

وأصبحت الحاجة إلى هذه الزيادة في استثمارات الطاقة النظيفة اليوم أكبر من أيّ وقت مضى، على حدّ قول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة، فاتح بيرول.

وكما أعلنت وكالة الطاقة الدولية مرارًا، فإن الحلّ الرئيس لأزمة الطاقة الراهنة -وللمضي قدمًا في الوصول للحياد الكربوني- يكمن في تعزيز كفاءة الطاقة والطاقة النظيفة بقوة.

اضطرابات الإمدادات

خلّف الغزو الروسي لأوكرانيا -الذي بدأ في 24 فبراير/شباط الماضي- اضطرابات كبيرة في نظام الطاقة العالمي، كما يشير مقال فاتح بيرول.

ومع أخذ هذه الاضطرابات في الحسبان، يكون من الواضح أن أيّ نقص فوري في إنتاج روسيا للوقود الأحفوري يجب تعويضه من مكان آخر، حتى في عالم يعمل على تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ومن المرجح أن يكون كذلك هناك حاجة إلى بعض البنية التحتية الجديدة لتسهيل تنويع الإمدادات بعيدًا عن روسيا.

وعلى سبيل المثال، تتطلع العديد من البلدان الأوروبية إلى إدخال محطات جديدة للخدمة تكون خاصة باستيراد الغاز الطبيعي المسال، وقد تسهم هذه المحطات في تسهيل الواردات المستقبلية من الهيدروجين أو الأمونيا.

ومع ذلك، يؤكد بيرول على حقيقة أن الحلول الدائمة لأزمة اليوم تكمن في تقليل الطلب عبر النشر السريع للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والتقنيات الأخرى منخفضة الانبعاثات، كما هو موضح في خطة النقاط الـ10 لوكالة الطاقة الدولية والرامية لتقليل اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الطبيعي الروسي.

وتشمل الحلول -أيضًا- تحقيق أقصى استفادة من الطاقة النووية في البلدان حول العالم التي تؤدي بها الطاقة النووية دورًا في مزيج الطاقة لديها، وفقًا للمقال.

ويشدد فاتح بيرول على أن الغزو الروسي لا يمكن أن يبرر موجة من البنية التحتية الجديدة للوقود الأحفوري على نطاق واسع، في عالم يرغب بالحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية.

وفي حين إن تطلُّع بعض الدول والشركات لمشروعات التوريد طويلة الأجل يمكن تفهّمه، فإن مثل هذه المشروعات عادةً تستغرق سنوات عديدة حتى تبدأ في الإنتاج؛ لذا فإنها لا تتوافق مع احتياجات أمن الطاقة الراهنة، على حدّ قول بيرول.

وتحمل الأصول طويلة الأمد خطرًا مزدوجًا: الانخراط في استخدام الوقود الأحفوري الذي من شأنه حرمان العالم من تحقيق أهدافه المناخية، أو الفشل في استرداد تكاليف التطوير إذا نجح العالم في خفض الطلب الأحفوري بسرعة كافية للوصول للحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.

تداعيات اضطرابات اليوم

تُعدّ الانبعاثات المرتفعة على المدى القريب، والتي نشهدها اليوم، ذات عواقب وخيمة على جهود تحقيق أهداف المناخ، ويجب تعويض ذلك من خلال تخفيضات أكبر للانبعاثات في العقود المقبلة للوفاء بمتطلبات الوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ويوضح بيرول أن مخاطر أزمة اليوم تعني صعوبات بيئية أكبر بالنسبة للأجيال الأصغر سنًا في المستقبل، لذا فإن هناك مساعي لتقليص الأعباء بدلًا من زيادتها.

وتمهد الأسعار المرتفعة للغاية حاليًا في قطاعي النفط والغاز الطريق بشدة لتعزيز الاستثمار في الطاقة النظيفة، وفقًا لما ذكره بيرول.

ومن المتوقع أن يبلغ صافي الدخل العالمي من إنتاج النفط والغاز خلال عام 2022 نحو تريليوني دولار أعلى من مستويات عام 2021، ونحو مرتين ونصف متوسط الأعوام الـ5 الماضية، بحسب تحليل وكالة الطاقة الدولية عن استثمار الطاقة العالمي لعام 2022، والمقرر نشره في يونيو/حزيران المقبل.

وإذا كانت صناعة النفط والغاز العالمية تستثمر هذا الدخل الإضافي في أنواع الوقود منخفضة الانبعاثات، مثل الهيدروجين والوقود الحيوي، فإنها ستمول كل الاستثمارات المطلوبة في هذه الأنواع من الوقود طوال بقية هذا العقد، في سيناريو الوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وبالنسبة للبلدان المنتجة للنفط والغاز، يمكن أن تكون هذه فرصة فريدة من نوعها لتنويع هياكلها الاقتصادية؛ للتكيف مع اقتصاد الطاقة العالمي الجديد الناشئ.

وخلص المدير التنفيذي لوكالة الطاقة إلى أن هناك العديد من الطرق، للاستجابة إلى أزمة الطاقة الراهنة، والتي يمكنها تمهيد الطريق إلى مستقبل أنظف ويتمتع بأمن الطاقة.

واختتم فاتح بيرول مقاله بقوله: "أعتقد أن العالم ليس بحاجة للاختيار بين حلّ أزمة الطاقة وبين أزمة المناخ، كما ليس بمقدوره تجاهل أيٍّ منهما".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق