التقاريرتقارير التكنو طاقةتقارير منوعةتكنو طاقةرئيسيةمنوعات

تدوير النفايات في الجزائر.. ملايين الدولارات مهدرة دون استغلال (تقرير)

الجزائر - عماد الدين شريف

يبلغ حجم تدوير النفايات في الجزائر بشكل سنوي، ما بين 7 و10% من إجمالي النفايات المنتجة سنويًا، والتي تصل إلى 34 مليون طن، وفقًا للأرقام الرسمية الأخيرة التي تكشف عن حجم التأخر المسجل، رغم أن الأرقام نفسها تشير إلى أن النفايات المنزلية، التي تمثل 13 مليون طن سنويًا، تشكل موردًا اقتصاديًا مهمًا.

ووفق هذه الأرقام الرسمية؛ فإن 54% من النفايات هي مواد عضوية، يمكن استغلالها لصناعة الأسمدة وإنتاج الطاقة.

وعلى غرار العديد من القطاعات تعيد التكنولوجيا الحديثة والثورة المعلوماتية والرقمنة الحياة لثروة ضائعة تقدر بالمليارات، من خلال مبادرات تستهدف آليات تدوير النفايات في الجزائر، والتي تفتح البوابات الإلكترونية لرقمنة جمع النفايات القابلة لإعادة التدوير؛ لإيصالها للشركات المتخصصة.

رقمنة جمع النفايات

تؤدي البوابات الرقمية لجمع النفايات القابلة لإعادة التدوير، دور همزة الوصل بين جامعي النفايات والشركات الناشطة في مجال تدوير النفايات في الجزائر، ولا سيما في غياب ثقافة تصنيف النفايات لدى المواطنين.

وتتيح البوابات الإلكترونية لجامعي هذا النوع من النفايات التواصلَ مع الشركات لبيعها بغرض إعادة تدويرها واستعمالها مجددًا؛ الأمر الذي يقلّص فاتورة الواردات الوطنية من هذا النوع من المواد الأولية المهمة والضرورية.

تدوير النفايات في الجزائر
مدير البوابة الإلكترونية الرقمية وليد حجاج

وبالتوازي مع العائد الاقتصادي، تحمل البوابات الإلكترونية أهمية بيئية، هي التخلص من هذا النوع من النفايات المضرة للبيئة والمحيط، خاصة ما تعلّق منها بالمخلفات البلاستيكية على غرار القارورات والأكياس البلاستيكية المستعملة بكثرة في الجزائر، رغم حملات التوعية الدائمة.

ويرى مدير البوابة الإلكترونية الرقمية "ريفاداكس" وليد حجاج، أن هناك إمكانية لتحقيق ما يصل إلى 40 مليار دينار (274 مليون دولار أميركي) من النفايات سنويًا، واصفًا عمليات تدوير النفايات في الجزائر، التي يطلق عليها اسم "الرسكلة"، بأنها خادمة للاقتصاد الوطني، وحامية للبيئة والمحيط.

وأوضح حجاج أن هذه العمليات تخلق نسيجًا جديدًا من النشاط، ينتج الثروة ومناصب العمل ويحرك عجلة الاقتصاد، التي كانت خاملة لولا النافذة التي منحتها الرقمنة، موضحًا أن الفكرة نبعت من الواقع الذي جعل فعلًا "الحاجة أم الاختراع"، والفراغ الموجود بين جامعي النفايات التي تُعَد ثروة مهمة، وبين الشركات ذات الاختصاص في مجال تدوير النفايات في الجزائر.

وقال: "على هذا الأساس، تأتي البوابة الإلكترونية الرقمية ريفاداكس، لاختصار المسافة وتقليص الوقت بين هذين الطرفين؛ حيث إن الشركات ومصانع إعادة التدوير تعاني صعوبات في الحصول على المادة الأولية التي تتميز بالخصائص الضرورية لإعادة تثمينها، من خلال هذا النوع من العمليات لاستعمالها مجددًا".

ولفت إلى أن الشركات لا تجد أمامها إلا الطرق الكلاسيكية وإجراء الاتصالات، وهي الحلول التي تُعَد "يدوية"، بحكم أنّها تستهلك الكثير من الوقت الذي يقدر بالمال في النشاط الاقتصادي كما هو معروف، وفي المقابل لا يجد جامعو النفايات الوجهة التي يمكن أن تصل إليها النفايات ولا الاحتياجات الحصرية للشركات، لذلك جاءت فكرة البوابة لتكون حلقة وصل بين الطرفين.

العائد الاقتصادي للبوابة

قال حجاج إن البوابة تعمل على تقديم عدة خدمات؛ أولها ربط جامعي النفايات والمختصين في مجال التدوير، ولكنها تقدم ضمن هذا الهدف مجموعة من الخدمات لطرفي العلاقة؛ حيث تضمن المسار الذي تمر عليه النفايات، بجانب توفير كل المواد الأولية الضرورية لمواصلة هذا النشاط في ظروف حسنة، وعدم حدوث أي اختلال أو ندرة.

وأضاف: "تقدم بوابتنا الإلكترونية أيضًا خدمة "ريفا بوكس"، وهي الحل الموجه لمخلفات المكاتب، من خلال مجموعة من عمليات الجمع والتصنيف قبل توجيهها لإعادة التدوير مجددًا، ويتعلّق الأمر في هذا الشأن بالورق والورق الكرتوني والبلاستيك وعلب المشروبات والعصائر ومخلفات حبر آلات الطباعة التي تُعَد نفايات خاصة".

تدوير النفايات في الجزائر
ساحة لجمع النفايات - أرشيفية

وأوضح أن الحل المقترح -بناء على قاعدة البيانات المتوافرة في البوابة الإلكترونية- هو عملية جمع دورية، مرة كل أسبوع أو أسبوعين، حسب حجم الملفات التي تنتجها الإدارة أو الشركة المعنية، وتمنح البوابة الشركة تقريرًا كل شهر أو كل 3 أشهر، لتمكنها في نهاية المطاف من معرفة حجم النفايات والمخلفات المكتبية التي تنتجها وتقيمها ماديًا وبيئيًا.

وعن مساهمة تدوير النفايات في الجزائر في دعم الاقتصاد، قال إن هذه العملية قد تدعم الاقتصاد الوطني بنحو 40 مليار دينار (274 مليون دولار أميركي) سنويًا؛ حيث تقدر النفايات الصناعية الوطنية بنحو 3.5 مليون طن سنويًا.

كما تصل المخلفات البلاستيكية إلى أرقام كبيرة؛ حيث تقدر النفايات من الزجاجات البلاستيكية وحدها بأكثر من 400 ألف طن سنويًا، وهي تُعَد ثروة كبيرة تضيع في مكبات القمامة، بدلًا من إعادة التدوير.

وتابع: "البوابة تستهدف في مرحلتها الأولى الحالية الصناعيين؛ لتأكيد القدرة على التحكم في مسار العملية، قبل توسيعها على الأسر والمواطنين؛ الأمر الذي يرفع حجم المكاسب اقتصاديًا وماديًا، ويخفض الأثر البيئي".

دور بيئي مهم

تناول حجاج الجانب البيئي وحماية المحيط من النفايات، قائلًا إنه جانب مهم؛ حيث إنه رغم الجهود التي تبذلها السلطات لمطالبة الجزائريين بتفادي استعمال الأكياس البلاستيكية مثلًا، يبدو أن هذه الجهود تبقى غير كافية.

وأوضح أنه من هنا يأتي الدور المهم للبوابة، التي تضمن وضع الأمور تحت أيدي المتخصصين في تدوير النفايات في الجزائر؛ لمعرفة المخلفات القابلة للخضوع للتدوير في مناطق معينة، للاستفادة منها بدلًا من توجيهها للمكبات، ومن ثَم يمكن طلبها أو شراؤها أو نقلها، لتصبح المخلفات ذات قيمة تسويقية.

ومن خلال البوابة الرقمية، يمكن دمج جامعي النفايات النشطين بشكل غير رسمي تدريجيًا، وهو أمر مهم؛ حيث إن غالبية هؤلاء الشباب يعملون بطريقة غير مقننة أو رسمية، ومن ثَم فإن قاعدة البيانات بالبوابة سمحت بوضع شبكات لهم في مناطق معينة، مثل مدينة زرالدة بولاية تيبازة، التي شهدت بداية الأمر؛ ما جعل أنشطتهم منتظمة، وتوافرت فرص عمل لهم.

التقنيات التكنولوجية الاقتصادية

تدوير النفايات في الجزائر
الخبير في الشأن التكنولوجي عبدالكريم خلواتي

من جانبه، قال الخبير في الشأن التكنولوجي والرقمنة، عبدالكريم خلواتي، في تصريحات إلى "الطاقة"، إن الجزائر تعاني تأخرًا في مجال استعمال التقنيات التكنولوجية في المجال الاقتصادي بشكل عام؛ الأمر الذي يتكرر في مجال إعادة تدوير النفايات في الجزائر، وإعادة تثمينها اقتصاديًا وبيئيًا.

وأوضح خلواتي أن إدراك تأخر البلاد في هذا المجال يستدعي وضع خطة وطنية للرقمنة، واستخدام الأساليب التكنولوجية في كل مراحل العملية، بداية من التعرف على كميات النفايات المراد جمعها، ومكان وجودها، مرورًا بتحديد الأطراف المعنية بجمعها، وصولًا إلى الوجهة الأخيرة المتمثلة في شركات التدوير.

وأشار إلى أن تعميم الرقمنة في هذا المجال، كغيره من القطاعات الاقتصادية، لا يرتبط بفتح البوابات الإلكترونية فحسب، بل بتفعيل "دمقرطة" كل أنواع التكنولوجيا الحديثة، وكل إمكاناتها، من خلال المبادرة بإطلاق التطبيقات، وتجسيد الحلول التقنية مثل غالبية دول العالم.

وأضاف: "هناك ضرورة للاهتمام بالجانب التنظيمي والقانوني، وتكييفه مع متطلبات الوضع القائم؛ حيث إن العمل بالتقنيات لا يكفي دون إطار تنظيمي يضمن الحماية القانونية ويحدد الصلاحيات والمسؤولية المنوطة بكل طرف، ومن ثَم تجاوز الخلافات والنزاعات الوارد وقوعها أثناء العمل بالتقنيات الحديثة".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق