المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات النفطنفط

كارثة الطاقة في كاليفورنيا.. هل هو الجهل أو العمى الأيديولوجي؟ (مقال)

مارك ماثيس * – ترجمة: مي مجدي

اقرأ في هذا المقال

  • هل يحاول الساسة في كاليفورنيا تدمير شركات النفط؟
  • اعتماد الولاية على النفط من الدولة الأجنبية يتجاوز الـ58%
  • إغلاق آخر المحطات النووية في الولاية سيعرّضها لأزمة
  • التبعات الوخيمة للسياسات في الولاية الأميركية

هل يسعى الساسة في كاليفورنيا لتدمير ولايتهم؟.. ليس من قبيل المبالغة طرح هذا السؤال، فالمدّعي العامّ المجنون بمدينة لوس أنجلوس، جورج جاسكون، يرفض مقاضاة أفظع الجرائم تقريبًا، وقد تصاعدت حدّة الجريمة.

وفي سان فرانسيسكو، يدفع دافعو الضرائب لإيواء المشردين في الفنادق، وستكون النتيجة الحتمية هي المزيد من الوفيات الناجمة عن المخدرات بين المشردين وتخريب غرف الفنادق، وباتت مدن كاليفورنيا قذرة وخطيرة بعدما كانت جميلة سابقًا، لكن هناك أكثر من ذلك بكثير.

فالهجوم الأخير في كاليفورنيا يأتي من المدّعى العامّ للولاية بوب بونتا، إذ شرع بإجراء تحقيق حول شركة إكسون موبيل وغيرها من شركات الوقود الأحفوري والبتروكيماويات، لكن ما هي التهمة؟ يعتقد بونتا أن هذه الشركات خدعت الرأي العامّ عمدًا؛ "لتخليد الأسطورة القائلة بإن إعادة التدوير يمكنها حلّ أزمة البلاستيك".

ومن المفترض أن يكون الجهل الجوهري للمدّعي العامّ في كاليفورنيا صادمًا، لكن هذا النوع من الأمور شائع في الولاية، ولم يعد يلحظه المواطنون.

النفايات البلاستيكية

لا شكّ أن العالم يعاني من مشكلة النفايات البلاستيكية، لكن لماذا ذلك ذنب الشركات التي تنتج المواد الأولية للبلاستيك التي يحتاجها العالم؟ فهذا الأمر مشابه لسَنّ المسؤولين العموميين تشريعات ستتيح للمواطنين مقاضاة مصنّعي الأسلحة.

صحيح، هل تعلمون أن بونتا وحاكم الولاية غافين نيوسوم يعملان على ذلك -أيضًا-؟

النفايات البلاستيكية
النفايات البلاستيكية في الولايات المتحدة – الصورة من الغارديان

فبونتا يشير بإصبعه الملتوية نحو الهدف الخاطئ، فوفقًا لمؤشر "أور وورلد إن داتا"، تأتي أكثر من 70% من النفايات البلاستيكية التي تُساء إدارتها من آسيا، والصين هي المذنب الأكبر حتى الآن، إذ يتدفق قدر كبير من التلوث البلاستيكي عبر نهر اليانغتسي.

في حين لدى الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وأستراليا واليابان قدر ضئيل من النفايات البلاستيكية التي تُدار بشكل سيّئ، فالمشكلة التي يقول بونتا إنه يرغب في حلّها لا تتعلق بصناعة الهيدروكربونات الأميركية، كما إنه ليس من سلطته التصدي لها بأيّ حال من الأحوال.

فهل بونتا غير كفء لدرجة أنه لم يكلّف نفسه عناء إجراء البحوث الأساسية؟ أتوقع أنه يجهل الحقائق؛ لأنه لا علاقة لها بالهدف، فمقت المواد الهيدروكربونية بجميع أشكالها هو مطلب غير معلن لجميع القادة الديمقراطيين في كاليفورنيا، ويتعين عليهم بذل كل ما في وسعهم لتدمير الشركات المنتجة لها.

بيد أنه ماذا لو انتهى تدمير هذه الشركات إلى تدمير الولاية بسبب التبعات الوخيمة؟ ولا يبدو أن بونتا ونيوسوم وجاسكون وضعوا في الحسبان هذا الخطر المحدق.

إنتاج النفط

مع الأخذ في الحسبان الوضع الهشّ الذي تعاني منه كاليفورنيا فيما يتعلق بالنفط، ففي أوائل التسعينات، كانت الولاية تستورد من الدول الأجنبية قرابة 5% فقط من الخام، والباقي موزَّع بالتساوي بين الإنتاج داخل الولاية والخام المنقول بالأنابيب من ألاسكا.

واليوم الصورة مختلفة، فمصافي كاليفورنيا تعتمد على النفط الخام من الدول الأجنبية بنسبة تتجاوز الـ58%، ويأتي أغلبها من الإكوادور والمملكة العربية السعودية والعراق، بينما تنتج كاليفورنيا النفط بنسبة أقلّ من 30%، وتسهم آلاسكا (وهي ولاية يتراجع إنتاجها -أيضًا-) بنحو 15%.

كاليفورنيا
حاكم ولاية كاليفورنيا - غافين نيوسوم

وهذا الأمر يعدّ مشكلة كبيرة؛ لأن كاليفورنيا هي "جزيرة للطاقة"، فالولاية تقع بين المحيط الهادئ من الغرب، وجبال سييرا نيفادا من الشرق، ولا توجد خطوط أنابيب تعبر هذه الجبال؛ لذا أيّ اضطراب هائل في حركة ناقلات النفط من شأنه أن يضع الولاية في أزمة، مع عدم وجود وقود كافٍ لتشغيل الولاية، وسرعان ما ستنتقل الأزمة إلى الولايات الأميركية الأخرى -أيضًا-، فإهمال كاليفورنيا للنفط جعلها تشكّل تهديدًا للأمن الوطني.

كما يحبّ المسؤولون في كاليفورنيا التظاهر بأنهم يقللون من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لكنهم ليسوا كذلك، فالولاية ببساطة تُسنِد الصناعات وإنتاج الكهرباء إلى ولايات أخرى، فعلى سبيل المثال، تقوم شركات أبل وجوجل وفيسبوك بتحديد مراكز البيانات ذات الاستهلاك العالي للطاقة والعمليات الصناعية خارج حدود كاليفورنيا.

فالولاية تستورد قرابة ثلث احتياجاتها من الكهرباء، أي أكثر من أيّ ولاية أخرى، وتقترب أسعار الكهرباء من أعلى المعدلات في البلاد.

إغلاق آخر المحطات النووية

أسوأ شيء يمكن أن تفعله كاليفورنيا في الوقت الراهن هو الإغلاق المبكر لآخر محطة للطاقة النووية، ديابلو كانيون، لكن هذا من المقرر حدوثه في مطلع عام 2024، ما لم تغيّر القوى السياسية مسارها.

ففي 29 أبريل/نيسان، أعلن الحاكم نيوسوم نيّته في استجداء الحكومة الفيدرالية لدعم المحطة وتأخير موعد الإغلاق.

فالولايات التي يديرها الديمقراطيون مغرمة بإجبار سائر الأمة على الدفع مقابل أوهام الطاقة باهظة الثمن، ويتصرف نيوسوم على الأقلّ كما لو أنه يريد تحقيق أفضل النتائج، إذ يعي -حاليًا- أن الناخبين يدركون مدى سوء إدارة الولاية.

كما إنه شهد الكارثة في نيويورك بعد الإغلاق الأبله لمحطة إنديان بوينت النووية، ما أدى إلى ارتفاع في فواتير الكهرباء والانبعاثات، وفي حال إغلاق كاليفورنيا محطة ديابلو كانيون، فسترتفع فواتير الكهرباء، وستعاني من نقص الإمدادات.

ولا توجد وسيلة لمعرفة ما الذي يدفع السياسيين في كاليفورنيا لتدمير ولايتهم خلال اتّباع سياسات عامة غير مجدية، أظن أنه مزيج من الجهل والفساد والعمى الأيديولوجي والبلادة السائدة.

ومهما كانت الأسباب، فإن الحقيقة ستظهر بسرعة، وسيحصل سكان كاليفورنيا على الكثير ممّا صوّتوا لأجله بشكل مناسب وبقوة.

* مارك ماثيس، مؤلف وصانع أفلام وثائقية متخصص في شؤون الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق