المقالاترئيسيةروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةمقالات النفطنفط

تراجع النفط الروسي يرفع الأسعار وسط مخاوف من تعثر الطلب (مقال)

فاندانا هاري - ترجمة: أحمد بدر

تأرجحت أسعار النفط في الأسبوع الماضي مع تجدد المخاوف من انخفاض الطلب بعد عودة كورونا والقيود في الصين، وانخفاض المعروض لأسباب تتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، والجولات المتتالية من العقوبات الغربية التي تهدد بخروج كميات متزايدة من النفط الروسي من الأسواق.

وعادت المخاوف من انخفاض المعروض في نهاية الأسبوع؛ حيث استقرت العقود الآجلة لخام برنت عند 109.34 دولارًا، بزيادة 7% عن يوم الإثنين الماضي 25 أبريل/نيسان، عندما تأثرت الأسعار باحتمال إغلاق بكين إغلاقًا مشابهًا لذلك الذي فرضته في شنغهاي خلال الشهر الماضي.

وأجرت الصين فحوصات كورونا جماعية في العاصمة بكين، وبعض المدن الأخرى، ونفذت قيودًا جزئية ومحلية في محاولة للسيطرة على انتشار الفيروس، لكنها تجنبت المزيد من عمليات الإغلاق الشاملة.

ونتيجة لذلك، انحسر الذعر بشأن الطلب الصيني على النفط في بداية الأسبوع، وتجدد التركيز في السوق على المخاوف من انخفاض إمدادات النفط الروسي وصادرات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، بسبب الخلاف حول مطالبة موسكو بالدفع بالروبل.

النفط الروسي والتهديدات المتزايدة

النفط الروسي - إيرادات النفط الروسي
أنابيب لنقل النفط الروسي - أرشيفية

بدأت صادرات النفط الروسية تتضرر الآن من اتجاهات متعددة، وهي:

• تراجع كبار التجار مثل فيتول وترافيغورا وجلينكور وجونفور عن شراء النفط الروسي في ضوء لائحة عقوبات الاتحاد الأوروبي التي تدخل حيز التنفيذ يوم 15 مايو/أيار.

• فشلت شركة روسنفط الروسية الحكومية في العثور على أي مشترين لكميات كبيرة من شحنات خام الأورال لشهري مايو/أيار ويونيو/حزيران، والتي عرضتها بشروط أن يدفع المشترون المبلغ كاملًا مسبقًا، وبالروبل.

• توقفت عمليات تحميل خام سوكول من ميناء دي كاستري الواقع في أقصى شرق روسيا، بعد امتناع شركات الشحن والتأمين.

• ضيّقت شركتا بي بي البريطانية وشل -الأسبوع الماضي- الثغرات في مشترياتهما من المنتجات المكررة في أوروبا؛ لضمان عدم تسلل النفط الروسي إلى هذه الشحنات.

مخاطر تواجه الغاز الروسي

أوقفت روسيا صادرات الغاز إلى بولندا وبلغاريا، بدءًا من 27 أبريل/نيسان، بسبب رفضهما الدفع بالروبل، بينما قد تتعرض الإمدادات إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى للخطر في الأسابيع المقبلة؛ ما قد يؤدي أيضًا إلى زيادة المخاوف بشأن إمدادات النفط.

وحدد وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي اجتماعًا لمناقشة الأمر اليوم، الاثنين، لكن المناقشات للتوصل إلى رد موحد وتوضيح حول ما إذا كانت شركاتهم ستخالف قوانين العقوبات من خلال فتح حسابات بالروبل مع غازبروم، ستكون صعبة ومملة.

وبموجب آلية الدفع الجديدة، التي حددها مرسوم وقّعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 31 مارس/آذار، تحتاج دول الاتحاد الأوروبي إلى التحول إلى الروبل من مدفوعات اليورو والدولار مقابل الغاز الروسي، الذي يجري تسليمه بدءًا من 1 أبريل/نيسان.

النفط الروسي - واردات أوروبا

وسيكون ذلك من خلال وجود حسابين في الوقت نفسه، حساب باليورو وحساب بالروبل مع بنك "غازبروم" الروسي، حيث سيجري تحويل اليورو إلى روبل، ثم تحويل الروبل إلى حساب الشركات، ومن هذا الحساب تدفع العائدت لشركة غازبروم.

ورفضت معظم حكومات الاتحاد الأوروبي علنًا هذه الفكرة. واقترب موعد استحقاق مدفوعات إمدادات الغاز لشهر أبريل/نيسان؛ الأمر الذي رفع الخلاف إلى ذروته.

وهناك نوعان من التحديات الرئيسة للاتحاد الأوروبي الآن:

أولًا: قام بعض المشترين في الاتحاد الأوروبي بالموافقة على الدفع وتسديد المدفوعات بالروبل.

ثانيًا: أن هناك بعض الالتباس حول ما إذا كانت الشركات الأوروبية التي تمتلك حسابًا بالروبل تشكل انتهاكًا لعقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا أم لا.

وبموجب آلية الدفع الجديدة، لن تعتبر روسيا أن الشركات الأوروبية سددت ماعليها إلا بتحويل اليورو إلى روبل للدفع لشركة غازبروم.

وقالت المفوضية الأوروبية، الأسبوع الماضي، إن حسابات اليورو ستكون متوافقة مع قوانين الاتحاد الأوروبي طالما أعلن المشتري ينهي الصفقة بعد الدفع باليورو.

وقد يتصاعد الخلاف بين بروكسل (مقر الاتحاد الأوروبي) وموسكو في الأيام المقبلة، لكن يجب التوصل إلى حل وسط، ولا يمكن لدول الاتحاد الأوروبي أن تخاطر بأن توقف روسيا جميع إمدادات الغاز، ولا تستطيع موسكو تحمل الخيار النووي للقيام بذلك. (تعبير "الخيار النووي" يستخدم في هذه الحالة لبيان خطورة هذه السياسة، ولاعلاقة له بالأسلحة النووية)

تخفيف محتمل لحظر الاستيراد

قد يوافق الاتحاد الأوروبي على التخلص التدريجي من واردات النفط الروسية، بعد أن قالت ألمانيا، الأسبوع الماضي، إنها لم تعد تعارض مثل هذه الخطوة، طالما أن لديها الوقت الكافي لتأمين إمدادات بديلة؛ فإذا اعتُمِدَ القرار؛ فسيكون هذا تدبيرًا مخففًا إلى حد كبير مقارنةً بحظر الاستيراد الفوري.

النفط الروسي

وظهرت مقترحات أخرى في الأسابيع الأخيرة، مثل فرض الاتحاد الأوروبي رسوم استيراد كبيرة على النفط الروسي كي يخفف التجار والشركات من الكمياة المشتراة، أو تبني آلية تسعير يتم فيها شراء النفط الروسي بسعر منخفض، أو احتجاز جزء من مدفوعات النفط المستحقة لموسكو في حساب منفصل لاتستطيع موسكو الحصول عليه إلا لاحقاً بعد انتهاء العقوبات، وقد نُبِذَت هذه المقترحات؛ لأنها قد تؤدي غلى نتائج عكسية تضر بدول الاتحاد الأوروبي، كما أنها غير عملية أصلاً.

مخاوف انخفاض الطلب

في هذه الأثناء، تتلبد الغيوم في أفق الطلب العالمي على النفط، لكن السوق ترى أخطار ذلك في النصف الثاني من العام، حيث أنها لا تزال تركز حالياً على مخاوف العرض.

وقد تحول الهجوم الروسي في أوكرانيا، الذي دخل شهره الثالث الآن، إلى الشرق والجنوب، ومن المرجح أن تؤدي أحدث إستراتيجية لموسكو للسيطرة على دونباس وميناء ماريوبول وخلق جسر بري بين روستوف الروسية وشبه جزيرة القرم، إلى حرب طويلة الأمد.

وبما أن ذلك يعني استمرار العقوبات الغربية ضد روسيا؛ فمن الصعب أن نرى تراجعًا جوهريًا في المخاوف بشأن انخفاض إمدادات النفط الخام، لكن الزخم الصعودي قد يهدأ بمجرد وصول الانخفاض في إمدادات النفط الروسي إلى أدنى مستوى لها، وعندما تسحب الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية 180 مليون برميل من مخزوناتها الاستراتيجية على مدى الأشهر الـ6 المقبلة.

ويمكن لذلك أن يمهد الطريق أمام تباطؤ الاقتصاد العالمي وتراجع الطلب على النفط، ليصبحا القوة المهيمنة على الأسعار في النصف الثاني من هذا العام.

* فاندانا هاري هي مؤسّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق