منوعاتتقارير منوعةرئيسية

سياسات الفحم في الصين تنبئ بقلب موازين الأسواق العالمية

مي مجدي

تحمل سياسات الفحم في الصين أخبارًا غير مطمئنة لأكبر المصدّرين في العالم، مع احتمال انخفاض واردات الفحم بنسبة 49% في غضون 3 سنوات، وفقًا لدراسة جديدة أجرتها الجامعة الوطنية الأسترالية (إيه إن يو).

وكشفت الدراسة الجديدة أن خطة إزالة الكربون في الصين وسياساتها لتعزيز أمن الطاقة المحلي ستكون سببًا في تقلّص الواردات.

ويرى الباحثون أن هذين العاملين سيسهمان في انخفاض الواردات من الفحم الحراري -معظمه من إندونيسيا وأستراليا- لتتراوح بين 95 و130 مليون طن بحلول عام 2025، مقارنة بـ185 مليون طن في عام 2019.

كما أشارت الدراسة إلى احتمال انخفاض واردات فحم الكوك بقرابة 32% إلى 23 مليون طن خلال المدة نفسها، حسب ساوث تشاينا مورننغ بوست.

تعزيز الإنتاج

تعدّ الصين أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم، وأكبر مستورد للفحم لتوليد الكهرباء وصناعة الصلب.

وفي عام 2019، أعلنت خطة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، وبلوغ ذروة الكربون بحلول 2030، إلى جانب التخلص التدريجي من الفحم، بدءًا من 2026.

الفحم في الصين
محطة لتوليد الكهرباء من الفحم في الصين- الصورة من موقع تشاينا ديالوغ

بالإضافة إلى ذلك، يعدّ تعزيز إمدادات الطاقة المحلية في صدارة أولويات صانعي السياسات في الصين، بعدما عانت العديد من المقاطعات من نقص الكهرباء العام الماضي، وشهدت أسواق الطاقة العالمية العديد من الاضطرابات.

وخلال الشهر الماضي، كشفت بكين عن خطة لزيادة إنتاج الفحم في الصين إلى 12 مليون طن يوميًا، فضلًا عن تطوير البنية التحتية لتوفير المزيد من الفحم إلى مصانع الصلب ومحطات الكهرباء.

ووفقًا لوثيقة مارس/آذار الصادرة عن اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، ستضيف الصين هذه القدرات، من خلال إطلاق مشروعات جديدة وتوسيع المشروعات القائمة وإعادة فتح المحطات المتوقفة.

وتوقّع تقرير صادر عن شركة "تشاينا إنرجي إنفستمنت" أن استهلاك الفحم في الصين خلال عام 2022، سيرتفع بنسبة 2.2% إلى 4.37 مليار طن، وسيكون أغلب الاستهلاك لتوليد الكهرباء والصناعات الكيماوية.

وفي اجتماع أمس الأربعاء 20 أبريل/نيسان، أكد مجلس الوزراء الصيني أهمية الفحم لأمن الطاقة، ومواصلة دعم المشروعات والإنتاج، إذ يسعى لإضافة 300 مليون طن من القدرات الإنتاجية للفحم هذا العام، ويمثّل ذلك 7% من الاستهلاك المتوقع للفحم في الصين خلال العام الجاري.

فرغم أن الصين وضعت أهدافًا طموحة للمناخ وخططًا لتطوير الطاقة المتجددة، ما يزال الفحم يمثّل أولوية لأمن الطاقة في البلاد، ويولّد قرابة 60% من الكهرباء.

خطر وشيك

كل هذه الخطط والسياسات تمثّل ضربة قوية لكبار مصدّري الفحم في العالم، خاصة أستراليا وإندونيسيا.

وقال المؤلف الرئيس للدراسة، جوريت غوسين: "إن النتائج التي توصلت إليها الدراسة واضحة، فخطط بكين تشير إلى نهاية الطفرة الحالية في صادرات الفحم بأستراليا، هذه ليست تنبؤات للمستقبل، بل على وشك الحدوث".

وأشار الباحثون إلى أن نموذج الدراسة في ظل سيناريو "العمل المعتاد"، والذي يمثّل الحدّ الأدنى من المستويات الطموحة لتلبية أهداف السياسات المعلنة -حاليًا-، أظهر أن الصين يمكنها خفض واردات الفحم الحراري بنسبة 29% بين عامي 2019 و2025.

الفحم في الصين
أكوام الفحم في محطة بمدينة هوايبي الصينية- الصورة من وكالة فرانس برس

وفي ظل سيناريو "تسريع إزالة الكربون"، الذي يمثّل طموحًا متزايدًا لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للحدّ من الاحتباس الحراري عند أقلّ من 2.0 درجة مئوية، يمكن أن تتقلص الواردات بنسبة 49%، لتصل إلى 94 مليون طن.

وفي ظل كلا السيناريوهين، من المتوقع أن تنخفض واردات فحم الكوك، وأغلبها من أستراليا، بنسبة 29%، عند قرابة 24 مليون طن بحلول 2025.

وعلى مدى العقود الأخيرة، كانت الصين تعتمد على الفحم المستورد لافتقار البنية التحتية اللازمة لنقل الفحم المحلي إلى جميع أنحاء البلاد بسرعة وبتكلفة منخفضة، لتلبية الطلب.

لكن الطفرة الأخيرة في البنية التحتية المدفوعة بدعم سياسي لتحقيق استقلال الطاقة، بدأت تلبي الطلب المحلي، على حدّ قول غوسين.

وأشار إلى أن هذه الطفرة ستؤثّر في المصدّرين بأستراليا وإندونيسيا، وسيكونان أكبر الخاسرين.

فخطّ سكة حديد "هايجو"، الذي يربط محطات الفحم في منغوليا الداخلية بوسط الصين، يمكنه نقل 200 مليون طن من الفحم سنويًا.

ورغم أن الصين لم تستورد الفحم الأسترالي منذ مدة بسبب نزاع تجاري، يرى غوسين أنه حال استئناف التجارة، ستنكمش الصادرات الأسترالية بسرعة، لكن في حال استمرار الوضع كما هو، ستواصل الصادرات الأسترالية خسائرها، إذ يقوم المورّدون الآخرون بسدّ الفجوة.

عزم بكين

قال غوسين، إنه من الواضح أن الحكومة الصينية مصممة على الوفاء بالالتزامات العالمية التي تعهدت بها سابقًا، وهي الوصول إلى ذروة انبعاثات الكربون بحلول عام 2030، متوقعًا أن استخدام الفحم الحراري سيبلغ ذروته قبل ذلك؛ لأن التقنيات التي ستحلّ محله موجودة.

وفي غضون الخفض التدريجي لاستخدام الفحم في الصين، تعتزم بكين استبدال الإمدادات المحلية بالواردات.

النفط والفحم في الصين

ففي عام 2021، استوردت الصين قرابة 324 مليون طن متري من الفحم الحراري، ويمثّل ذلك أكثر من نصف واردات الفحم العالمية، وفقًا لبيانات بلومبرغ.

وخلال العام نفسه، استوردت الصين 62% من احتياجات الفحم من إندونيسيا، و17% من روسيا.

وأوضح المحلل في معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي، سيمون نيكولاس، أن الصين هي أكبر سوق لإندونيسيا، وانخفاض الواردات سيجعل جاكرتا تسعى إلى التنافس بقوة مع المصدّرين الآخرين، مثل أستراليا وجنوب أفريقيا، في الأسواق الأخرى.

كما أدى التحول السريع الذي تشهده الصين إلى اضطراب أسواق الطاقة العالمية خلال السنوات الأخيرة.

ففي فبراير/شباط، أصدرت شركة الأبحاث وود ماكنزي تقريرًا يوضح أن قدرة الصين الإنتاجية للوحدات الشمسية تزداد بسرعة أكبر من الطلب العالمي المتوقع، في حين ستنمو مكونات توربينات الرياح بنسبة 42%، وقدرة تصنيع البطاريات بنسبة 150%، على مدار العامين المقبلين.

وقال رئيس أبحاث وود ماكنزي، أليكس ويتوورث، إن هذا الإنتاج الهائل كافٍ لتلبية احتياجات الصين وتسريع إزالة الكربون.

بينما أشار مؤلف الدراسة، جوريت غوسين، إلى أن سياسات إزالة الكربون من الصين، إلى جانب الاعتماد على الفحم المحلي، تثير الشكوك حول دعم كلا الحزبين السياسيين الرئيسين في أستراليا للصناعة على المدى الطويل.

وقال: " إن إخبار الناس بأن هذه الصناعات ستستمر لعقود مقبلة دليل على سوء صنع السياسات، وتضليل للمجتمعات".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق