كيف تحل الشمس والرياح أزمتي الطاقة والسياسة في باكستان؟ (تقرير)
كهرباء الشمس والرياح الأرخص بين مصادر الطاقة المتجددة
حياة حسين
- باكستان تعاني أزمة طاقة منذ عقود
- خطة عمران خان لتوليد الطاقة الكهرومائية غير مجدية أو مستقرة
- خطة نواز شريف كانت تعتمد على الفحم والطاقة النووية
- ساسة باكستان تجاهلوا الشمس والرياح، رغم أنها الأفضل للمناخ والأرخص
يمكن أن توفر الشمس والرياح حلولًا لأزمتي الطاقة والسياسة في باكستان، إذ تستطيع الكهرباء المولدة منهما ضمان استقرار سوق الطاقة والوضع السياسي، حسبما ذكر مقال رأي نشرته صحيفة "ذا إيكونوميك تايمز-إنرجي وورلد"، اليوم الإثنين الموافق 18 أبريل/نيسان.
تعاني باكستان من أزمتين، تمثّلان وجهين لعملة واحدة، نقص الطاقة واضطراب الوضع السياسي، وعلاج الأولى يعني القضاء على الثانية، وفق المقال.
وكان عدم استقرار الوضع السياسي، وأزمات الطاقة المتلاحقة، سببًا في إطاحة البرلمان برئيس الوزراء السابق، عمران خان، وسحب الثقة منه، ليحلّ مكانه شهباز شريف.
الطاقة المتجددة
يقترح مقال الرأي لصحيفة "ذا إيكونوميك تايمز-إنرجي وورلد" أن تعتمد باكستان على طاقتي الشمس والرياح، دون مصادر الطاقة المتجددة الأخرى، بصفتهما وسائل مضمونة لعلاج أزمة الطاقة في البلاد.
وحثّ باكستان على الاقتداء برئيس مجلس إدارة شركة ريلاينس إندستريز ليمتد الهندية، الملياردير موكيش أمباني، في تركيزه على مشروعات الطاقة المتجددة في بلاده.
وكان موكيش أمباني، وهو أغنى رجل في آسيا، قد أعلن ضخّ 10 مليارات دولار استثمارات جديدة في عدد من مشروعات تحوّل الطاقة، خلال الـ3 سنوات المقبلة، وذلك في بناء وحدات تصنيع الطاقة الشمسية، ومصنع بطاريات لتخزين الكهرباء، ومصنع لخلايا الوقود، ووحدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وأعلن أمباني، منتصف العام الماضي، أنه سيبني محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرات 100 غيغاواط على مدى السنوات الـ9 المقبلة.
الإطاحة بخان
قالت موقع إنرجي ورلد، التابع لصحيفة إيكونوميك تايمز، إن الإطاحة بعمران خان من رئاسة الوزراء، لم تكن بسبب فشل خطّته ضد الفساد في البلاد، أو سوء إدارة الأزمة الاقتصادية التي رفعت معدلات التضخم إلى 13% وسببت احتجاجات شعبية لعدّة أشهر، ولكن ما أطاح به كانت قصة الطاقة، وسعر الفائدة المرتفع.
وتعتمد باكستان على استيراد الطاقة بكثافة منذ عقود، ولكي تهرب من الركود المزمن، تحتاج الدولة الآسيوية إلى كهرباء للقطاعات الصناعية والمنازل والنقل.
وقد يكون الأمر مشكلة في الماضي، لكن لم يصل إلى أزمة كما يحدث حاليًا، جراء ارتفاع فاتورة واردات الطاقة الحادّ والعجز الضخم في ميزان المدفوعات، وهو ما دفع رئيس الوزراء الجديد إلى طلب قرض من صندوق النقد الدولي.
ثمن القرض
يزيد قرض صندوق النقد الدولي، الذي تعتزم باكستان الحصول عليه، من معاناة الشعب جراء غلاء الأسعار، فعادة ما تشترط المؤسسة الدولية سياسة تقشفية، خاصة فيما يتعلق بسياسات دعم الوقود.
وكان رئيس الوزراء السابق، عمران خان، قد أقرّ دعمًا على البنزين والديزل، لتخفيف الأعباء عن المستهلكين، بسبب الزيادات الكبيرة في الأسعار، وتفاقمها بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
وقرر خان في 28 فبراير/شباط، خفض سعر الوقود بمقدار 10 روبيات (0.13 دولارًا) للّتر، مؤكدًا أن المعدلات الجديدة ستظل سارية حتى موازنة السنة المالية 2023.
وقالت الصحيفة، إن عدم علاج المشكلة منذ عقود لا يعني أن الساسة لم يدركوا أبعادها، أو حتى حاولوا حلّها، لكنهم طرحوا حلولًا مختلفة، ليس من بينها الشمس والرياح.
خطة نواز شريف
أقرّ رئيس الوزراء الأسبق لباكستان نواز شريف خطة تعتمد على توليد الكهرباء النووية، ومن حرق الفحم، مع تخفيف الاعتماد على استيراد الغاز والنفط.
ولكن بعد رحيله من السلطة، ألغى خان بعض بنود خطة شريف المتعلقة بتوليد الكهرباء من حرق الفحم، ليحلّ مكانها الاعتماد على الطاقة الكهرومائية، بهدف زيادة نسبة الطاقة المتجددة، خاصة هذا النوع في مزيج الطاقة إلى 60%.
غير أن تجاهل خطّتي شريف وخان لطاقة الشمس والرياح، وهما الأرخص بين كل أنواع الطاقة المتجددة، كان وراء الفشل المحقق.
وتضم باكستان خامس أكبر كثافة سكانية على مستوى العالم، ويعني فشلها في التزود بالكهرباء أن خطط ساستها تفتقر إلى الطموح، وفق الصحيفة.
الغاز المسال
تحصل باكستان حاليًا على خُمس احتياجات شبكتها الكهربائية من الغاز الطبيعي المسال المستورد، ومن المتوقع أن تصل إلى معدل صفري بحلول 2030، مع توجيه هذا الغاز للمنازل والقطاع الصناعي، وفق بيانات أحدث خطة حكومية للطاقة.
وكان رئيس الوزراء الباكستاني الجديد، شهباز شريف، قد أعلن الأسبوع الماضي توقّف 27 محطة كهرباء، تبلغ سعتها نحو 7000 ميغاواط، بسبب مشكلات تقنية أو نقص الوقود.
وأوضح أن 9 محطات رئيسة لا تعمل بسبب نقص الوقود؛ وتشمل 4 محطات ما تزال مغلقة بسبب نقص الغاز الطبيعي المسال، اثنتان منها بسبب نقص زيت الفرن، وواحدة لانخفاض مخزونات الفحم، والرابعة بسبب انتهاء اتفاقية توريد الغاز.
هطول الأمطار
تنتقد صحيفة ذا إيكونوميك تايمز - إنرجي وورلد خطة رئيس وزراء باكستان السابق المتعلقة بتوسيع مساحة توليد الطاقة الكهرومائية، ووصفتها بعدم الاستقرار، كونها ترتبط بمعدل هطول الأمطار، والعام الأخير شهدت باكستان وبعض دول العالم نقصًا كبيرًا في منسوب المياه بسدودها.
وفي باكستان، تسبّبت تلك المشكلة في انقطاع التيار الكهربائي 7 ساعات أو أكثر يوميًا.
ومع زيادة تأزّم الموقف، سيصعب على حكومة باكستان استيراد الوقود الأحفوري، لأنها ستضطر إلى الاختيار بين علاج أزمة الطاقة وأزمة توفر العملات الأجنبية.
وتُعدّ كل من الشمس والرياح، أكبر مصدرين خسرتهما حكومات باكستان المتعاقبة في منظومة الطاقة المختلة، رغم أنهما أرخص من كل الوسائل الأخرى، بما فيها الطاقة الكهرومائية، حسب الصحيفة.
نسبة 10% فقط
حددت حكومة باكستان نسبة 10% لكل من الشمس والرياح في مزيج الطاقة بحلول عام 2030، رغم أن مضاعفتها بمقدار 2 أو حتى 3 أضعاف ستنوّع مصادر توليد الكهرباء المحلية، وستساند الطاقة الكهرومائية، عند انخفاض هطول الأمطار ومنسوب المياه في السدود، وفق مقال الرأي بصحيفة "ذا إيكونوميك تايمز-وورلد إنرجي".
كما تساعد طاقة الشمس والرياح باكستان في علاج أزمة تغير المناخ على المدى البعيد، إذ إن إسلام آباد تضم مدنًا تُعدّ الأكثر تلوثًا في العالم، ويزيد المشكلة ضغطًا الكثافة السكانية المرتفعة.
وترى الصحيفة أن الحكومة الجديدة في باكستان تستطيع في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، أن تلغي ضريبة سابقة فرضتها البلاد على مشروعات طاقة الشمس والرياح.
تحول الطاقة
تستطيع الحكومة الباكستانية الجديدة الاستفادة من تمويل آلية تحول الطاقة، التي وضعها البنك الآسيوي للتنمية العام الماضي، والتي تستهدف التخلص من محطات الفحم في دول القارّة، وإحلال مشروعات طاقة متجددة مكانها.
يُذكر أن بنك التنمية الآسيوي أعلن، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إطلاق صندوق باستثمارات تتراوح بين 2.5 و3.5 مليار دولار لشراء محطات الطاقة التي تعمل بالفحم لإغلاقها وتحقيق تحوّل الطاقة، بدءًا من الفلبين وفيتنام وإندونيسيا.
وتختتم الصحيفة بنصيحة تقدّمها إلى ساسة باكستان، مفادها أنه دون علاج أزمة الطاقة، واتّباع خطط طموحة مثل تلك التي تعتمد على توليد الطاقة من الشمس والرياح، سيكون من السهل أن تطيح بهم أيّ أزمة اقتصادية، وبسرعة.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة في باكستان.. أزمات مزمنة رغم وفرة الموارد المتجددة (تقرير)
- الغاز الحيوي في باكستان.. ثروة يهددها سوء الاستغلال
- أسعار الوقود تضع باكستان أمام خيارات محدودة لتخطي الأزمة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- الاتحاد الأوروبي يحتاج للتفكير مجددًا في حظر النفط الروسي (مقال)
- نيجيريا تصدم المغرب والجزائر وتؤجل مشروع خط أنابيب نقل الغاز
- أميركا تغض الطرف عن زيادة واردات الصين من النفط الإيراني (مقال)
- رينو الفرنسية تعلق إنتاج السيارة الكهربائية ميغان إي-تك مؤقتًا