التقاريرالنشرة الاسبوعيةتقارير الطاقة المتجددةتقارير الغازتقارير الكهرباءتقارير النفطتقارير دوريةرئيسيةطاقة متجددةعاجلغازكهرباءنفطوحدة أبحاث الطاقة

الطاقة في باكستان.. أزمات مزمنة رغم وفرة الموارد المتجددة (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي

اقرأ في هذا المقال

  • إنتاج النفط والغاز في باكستان يقلّ كثيرًا عن الاستهلاك
  • الاعتماد على الوقود المستورد يؤرّق الحكومة منذ سنوات
  • مشكلات الطاقة في باكستان دفعت البلاد إلى أزمة اقتصادية
  • أسعار الوقود ترتفع لمستويات قياسية مع نقص الإمدادات
  • استغلال الطاقة المتجددة قد يجنّب البلاد أعباء تكاليف الوقود

منذ سنوات، تُشكّل الطاقة في باكستان أزمة كبيرة لا تستطيع التغلب عليها حتى الآن، إذ يجعل الاعتماد المتزايد على الواردات البلاد فريسة سهلة لأيّ اضطراب في الإمدادات العالمية أو تقلبات في الأسعار.

ومع أزمة الطاقة الحالية التي يشهدها العالم -جراء الحرب في أوكرانيا-، فإن الوضع في إسلام آباد يزداد سوءًا، إذ تعاني البلاد من ارتفاع حادٍّ بأسعار الوقود ونقص في الإمدادات، يخاطر بانقطاعات جديدة في التيار الكهربائي.

وبالنظر إلى قطاع الطاقة في باكستان، نجد أن البلاد مستورد صافٍ للنفط الخام والمنتجات المكررة، ويمثّل قطاع الطاقة وأزماته المستمرة استنزافًا كبيرًا لموارد الحكومة، ومن ثم يُعدّ إحدى العقبات الرئيسة أمام النمو الاقتصادي.

ورغم موارد الطاقة المتجددة الوفيرة، فإن الدولة، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 220 مليون نسمة -تحلّ بالترتيب الخامس من حيث عدد السكان-، لم تستغل موارد الطاقة النظيفة تلك بشكل أمثل، لتقليل الاعتماد على الوقود المستورد.

الإنتاج والاستهلاك

تمتلك باكستان احتياطيات نفطية مؤكدة تبلغ 540 مليون برميل، بنهاية العام الماضي، وهي أرقام الاحتياطيات للعام السابق له، بحسب بيانات مجلة أويل آند غاز عن احتياطيات الطاقة في باكستان.

وفي 2021، أنتجت البلاد 100 ألف برميل يوميًا فقط من النفط، بزيادة 8.7% عن العام السابق له.

في المقابل، فإن الطلب على النفط يتجاوز الإنتاج بأكثر من 4 مرات، إذ بلغ 450 ألف برميل يوميًا نهاية 2020، بحسب تقرير أوبك السنوي.

كما تمتلك باكستان 20.91 تريليون قدم مكعبة (0.6 تريليون متر مكعب) من احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة، بحسب أويل آند غاز، دون تغيير عن أرقام عام 2020.

بينما يتخذ إنتاج الغاز الطبيعي في باكستان مسارًا هبوطيًا منذ أن بلغ ذروته عام 2012 عند 36.6 مليار متر مكعب، ليصل إلى 30.6 مليار متر مكعب عام 2020، وفقًا للمراجعة الإحصائية السنوية لشركة بي بي.

في المقابل، سجّل الطلب على الغاز الطبيعي في الدولة الآسيوية 41.2 مليار متر مكعب عام 2020.

واستوردت باكستان 10.6 مليار متر مكعب من الغاز المسال عام 2020، ارتفاعًا من 1.5 مليار متر مكعب فقط عام 2015، أغلبها من نيجيريا ومصر، حسب بي بي.

خط أنابيب تابي عبر أفغانستان

الاقتصاد يعاني مع أزمة الطاقة

قبل الحديث عن أزمة الطاقة، فإن البلاد تعيش أزمة اقتصادية، قد تكون مشكلات الطاقة سببًا فيها، إذ تستحوذ على 35% من الموازنة السنوية للدولة، الأمر الذي جعل البرلمان يصوّت، مؤخرًا، لصالح سحب الثقة من رئيس الوزراء عمر خان، بعد فشله في دعم الاقتصاد، حسب قول المعارضة.

وواجهت الدولة الواقعة في جنوب آسيا أزمة اقتصادية عام 2018، عندما انخفضت احتياطياتها من العملات الأجنبية لأقلّ مستوى في عدّة سنوات، ما شكّل ضغوطًا على الروبية الباكستانية منذ ذلك الحين.

وبلغ النمو الاقتصادي للبلاد في السنة المالية 2018 نحو 5.8%، ثم انخفضت وتيرة التوسع الاقتصادي إلى 0.99% في العام التالي، قبل أن يأتي الوباء ويعمّق جراح الاقتصاد، لينكمش الناتج المحلي الإجمالي 0.5% في 2020، بحسب بيانات البنك الدولي.

وفي العام المالي 2021، تشير تقديرات البنك الدولي إلى تعافي الاقتصاد الباكستاني بنحو 3.5%.

وكان صندوق النقد الدولي قد وافق عام 2019 على حزمة تمويل بقيمة 6 مليارات دولار، لدعم البلاد في مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية.

وحتى فبراير/شباط الماضي، بلغ إقراض صندوق النقد لباكستان 3 مليارات دولار من إجمالي حزمة التمويل، بعد تعثُّر في صرف أحدث القروض بقيمة مليار دولار، نظرًا لعدم التزام إسلام آباد بالشروط، أو الإصلاحات الضرورية، التي يريدها الصندوق.

وحسب بيان صادر عن صندوق النقد في فبراير/شباط الماضي، فإن المخاطر على الاقتصاد الباكستاني لا تزال مرتفعة، مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتشديد الأوضاع المالية العالمية.

وفضلًا عن ذلك -وفي إشارة إلى الأزمة الحالية- أكد صندوق النقد على الحاجة إلى بذل جهود قوية لدفع إصلاح قطاع الكهرباء، وتقييم الجدوى المالية للقطاع، ومعالجة التداعيات السلبية على الموازنة.

ارتفاع أسعار الطاقة

مع الاعتماد الضخم على الواردات، فإن قطاع الطاقة في باكستان دائمًا يكون عرضة لأزمة في نقص الإمدادات، لكن زادت حدّتها منذ العام الماضي، وسط أزمة طاقة عالمية -مع تعافي الاقتصاد من وباء كورونا- دفعت أسعار الوقود والغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية.

ونتيجة لذلك، وحتى قبل أن تصل أزمة الطاقة العالمية إلى ذروتها، رفعت الحكومة الباكستانية أسعار الوقود أكثر من 5 روبيات للّتر الواحد (0.029 دولارًا أميركيًا)، في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، مع ارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوياتها في 7 سنوات، وتدهور سعر العملة المحلية.

وسبق ذلك زيادة أسعار البنزين مرتين متتاليتين في منتصف يوليو/تموز وأول أغسطس/آب من العام الماضي.

ليس هذا فحسب، بل رفعت الحكومة معدل ضريبة البنزين بمقدار 4 روبيات شهريًا للّتر (0.023 دولارًا أميركيًا)، في محاولة لتلبية شروط اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مالي بقيمة مليار دولار، ما تسبَّب برفع أسعار المشتقات النفطية في باكستان لأعلى مستوياتها على الإطلاق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وفضلًا عن ارتفاع أسعار النفط، فإن أسعار الغاز الطبيعي سجلت -أيضًا- ارتفاعات قياسية مؤخرًا، مع نقص الإمدادات، ووسط تزايد الطلب بعد الوباء، وهو ما انعكس سلبًا على باكستان بالطبع.

وفي سبيل توفير الإمدادات قبل فصل الشتاء، اضطرت باكستان أواخر العام الماضي لشراء الغاز الطبيعي المسال اللازم لأغراض التدفئة، من شركة قطر للطاقة، بسعر 30.6 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو أعلى سعر على الإطلاق.

الأزمة مستمرة في 2022

لم تهدأ أزمة الطاقة في باكستان، العام الماضي، حتى اصطدمت البلاد بأزمة عالمية جديدة انعكست على الوضع محليًا، مع الغزو الروسي لأوكرانيا، مما دفع أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل.

وحذّر المجلس الاستشاري لشركات النفط في باكستان (OCAC) الحكومةَ من أزمة في إمدادات الديزل، نظرًا لتراجع المخزونات العالمية من الديزل ونواتج التقطير الأخرى إلى أقلّ مستوى منذ عام 2008.

وفي مواجهة الأزمة، قرر رئيس الوزراء عمران خان، أواخر فبراير/شباط الماضي، خفض سعر الوقود بمقدار 10 روبيات (0.13 دولارًا) للّتر، مؤكدًا أن المعدلات الجديدة ستظل سارية حتى موازنة السنة المالية 2023، حسبما نقلت صحيفة "إكسبريس تريبيون" المحلية.

حماية المناخ - رئيس وزراء باكستان عمران خان
رئيس وزراء باكستان عمران خان

وبهذا أبقت الحكومة أسعار البنزين عند 150 روبية للّتر الواحد (0.81 دولارًا أميركيًا)، وهو ما يتعارض مع شروط صندوق النقد، لإجراء تعديلات على الأسعار والضرائب المتعلقة، من شأنها رفع سعر لتر البنزين إلى 220 روبية (1.2 دولارًا أميركيًا).

ويضع هذا الدعم ضغوطًا كبيرة على موازنة الحكومة التي تعاني من ضغوط تكاليف الطاقة في باكستان، التي تضاعفت لتصل إلى 12 مليار دولار في المدّة من يوليو/تموز إلى يناير/كانون الثاني 2022، مقارنة مع الأشهر الـ7 السابقة، حسبما أفادت بيانات حكومية.

لذلك، طلبت وزارة الطاقة في باكستان بإلغاء خطة دعم الوقود في باكستان، لأنها تُكلّف الحكومة أكثر من مليار دولار حتى نهاية العام المالي الحالي في يونيو/حزيران المقبل.

وهذا فضلًا عن تصاعد أزمة الكهرباء في البلاد، التي باتت معرّضة لتخفيف الحمل الكهربائي ونقص في المنتجات النفطية مع تزايد الطلب خلال شهر رمضان وظروف الطقس الحار، بعدما بلغت مستحقات شركة باكستان ستيت أويل من شركات الكهرباء في البلاد نحو 167.3 مليون روبية (884.4 ألف دولار أميركي)، وفقًا لبيانات إدارة النفط التابعة لوزارة الطاقة في باكستان.

أزمة الكهرباء في باكستان

باختصار، تتمثل أزمة الكهرباء في باكستان بأن البلاد اهتمت بتعزيز قدرة توليد الكهرباء، لدرجة أصبح لديها فائض، لكنها في الوقت نفسه لم تعمل على تحديث البنية التحتية وتوفير إمدادات الوقود اللازمة بالقدر نفسه.

ومن المتوقع أن تمتلك باكستان بحلول عام 2023 قدرة كهربائية أكبر بنسبة 50% من احتياجاتها، وفقًا لما نقلته رويترز عن المساعد الخاص لرئيس الوزراء لقطاع الطاقة في باكستان، تابيش جوهر.

ويقول جوهر، إن فائض الكهرباء يمثّل مشكلة كبيرة للبلاد، لأن الحكومة يجب أن تسدّد القروض التي حصلت عليها لبناء المحطات وتفي بعقود شراء إمدادات الكهرباء، بغضّ النظر عن الحاجة الفعلية، متوقعًا ارتفاع هذه التكاليف من 850 مليار روبية (5.3 مليار دولار) سنويًا، إلى 1450 مليار روبية (9 مليارات دولار)، بحلول عام 2023.

وبفضل تمويل الصين لمحطات الكهرباء الجديدة من الفحم والغاز الطبيعي، تمكّنت إسلام آباد من زيادة توليد الكهرباء منذ عام 2013، ومع ذلك لا يزال انقطاع التيار الكهربائي شائعًا، رغم تراجع حدّته.

ويرجع ذلك إلى مصادر الوقود باهظة الثمن، والاعتماد على منتجات الطاقة المستوردة، والنقص المزمن في الغاز الطبيعي، والديون الضخمة، وضعف أنظمة النقل والتوزيع، وكلّها عوامل تزيد من أزمة الطاقة في باكستان في الوقت الراهن.

ومع نقص الإمدادات وضعف البنية التحتية، تعاني باكستان كثيرًا من انقطاعات للتيار الكهربائي، إذ شهدت البلاد 8 حالات انقطاع كبير أو جزئي، منذ عام 2013.

وفضلًا عن ذلك، كان يناير/كانون الثاني عام 2021 شاهدًا على أسوأ انقطاع شهدته البلاد، حينما أغرق الظلام الدامس الدولة الآسيوية، بعد خلل فني بمحطة طاقة حرارية في إقليم السند جنوب البلاد.

وبلغ معدل الوصول إلى الكهرباء في باكستان 74% من إجمالي السكان، نهاية 2019، حسب بيانات البنك الدولي.

وتبلغ ذروة الطلب الحالي في الصيف 25 ألف ميغاواط، مع انخفاض استخدام الكهرباء إلى 12 ألف ميغاواط في الشتاء، حسبما نقلت رويترز.

ووفقًا للتقرير السنوي الصادر عن الهيئة الوطنية لتنظيم الطاقة الكهربائية (NEPRA) لعام 2021، بلغ إجمالي قدرة توليد الكهرباء المركبة 39.77 ألف ميغاواط، منها 24.9 ألف ميغاواط من الوقود الأحفوري -المستورد في الغالب-.

وتأتي الطاقة الكهرومائية في المرتبة الثانية بنحو 9.9 ألف ميغاواط، ثم الطاقة النووية بنحو 2.6 ألف ميغاواط، في حين بلغت حصة الطاقة المتجددة: طاقة الرياح والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية نحو 1.2 و0.530 و0.369 ألف ميغاواط على التوالي، ما يعني أنها تمثّل نسبة قليلة من مزيج توليد الكهرباء في البلاد.

لذلك يسعى قطاع الطاقة في باكستان إلى الحصول على 20% إلى 30% من إمدادات الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، مقارنة مع 5% حاليًا، لتقلّل اعتمادها على الوقود المستورد.

هل تكون الطاقة المتجددة هى المنقذ؟

تعهّد رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، عام 2020، بزيادة حصة الطاقة المتجددة من إجمالي توليد الكهرباء إلى 60%، نهاية العقد الجاري.

وفي الوقت الحالي، توفر الطاقة المتجددة 4% فقط من إمدادات الكهرباء، مع 27% أخرى من الطاقة الكهرومائية، في حين يُشكّل الوقود الأحفوري 64%، وتمثّل الطاقة النووية 5%، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز.

ودخلت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ضمن مزيج الطاقة في باكستان عام 2013، بعد أن أقرّت الحكومة مجموعة من سياسات الدعم لتعزيز الطاقة المتجددة.

وفي السنوات الـ5 الأخيرة، بدأ تشغيل 20 مشروعًا لطاقة الرياح بإجمالي 1180 ميغاواط و6 مشروعات للطاقة الشمسية بإجمالي 418 ميغاواط، وفقًا للمسح الاقتصادي الباكستاني، التابع للحكومة.

وتمتلك باكستان إمكانات هائلة لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويعدّ استخدام 0.071% فقط من مساحة البلاد لتوليد الطاقة الشمسية كافيًا لتلبية الطلب الحالي على الكهرباء في الدولة الآسيوية، وفقًا للبنك الدولي.

كما إن متوسط ​​سرعة الرياح في باكستان يبلغ 7.87 مترًا في الثانية، في 10% من مناطقها الأكثر رياحًا، بحسب البنك الدولي.

ليس هذا فحسب، بل تُقدَّر إمكانات الكتلة الحيوية بتوليد كهرباء 50 ألف غيغاواط/ساعة كل عام في البلاد.

وبالنسبة للطاقة الكهرومائية، قدّرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) إمكانات الطاقة الكهرومائية في باكستان عند 60 غيغاواط.

وبحسب الكاتب والباحث أمجد جافيد، في مقال نشره موقع غلوبال فاليج سبيس، أن سدّ كالاباغ -المشروع المؤجل منذ عدّة عقود- بإمكانه وحده توليد كميات كبيرة من الطاقة الكهرومائية.

ورغم أن المشروع حصل على موافقة البنك الدولي عام 1967، بتكلفة تقديرية حينها 6.12 مليار دولار، فإن الاعتراضات من قبل 3 مقاطعات هي: السند وبلوشستان وخيبر بختونخوا، وقفت أمام بنائه.

ووافقت اللجنة الفنية للموارد المائية في باكستان على المشروع بعد مباحثات بين عامي 2003-2005، إلّا أنه لم يُنفَّذ حتى الآن.

وفي النهاية، فإن تعزيز دور الطاقة المتجددة في باكستان لن يوفر 5 مليارات دولار فقط في الـ20 عامًا، لكنه سيؤدي دورًا كبيرًا في خفض الانبعاثات الكربونية، بحسب تقرير لمؤسسة سويزرلاند غلوبال إنتر برايس.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق