تقارير النفطالتقاريررئيسيةنفط

النفط النيجيري.. هل ينتهي اعتماد الدولة على إيرادات الخام الأسود؟

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • تحظى قضايا "ما بعد النفط" والتنويع الاقتصادي باهتمام كبير في نيجيريا
  • مبادرات عديدة تهدف إلى تأمين تغيير سياسة الحكومة تجاه النفط
  • بعد عقود من اكتشاف النفط لم يتغير شيء يُذكر في نيجيريا
  • الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط
  • يهدد الاعتماد المستمر على عائدات النفط حياة وسبل عيش النيجيريين والتماسك الاجتماعي

تُعدّ إيرادات النفط النيجيري المحرك الرئيس لموازنة البلاد، في ظل معاناة الاقتصاد المحلي من أزمات متتالية، وعدم التخطيط لتنويع مصادر الإيرادات.

في هذا السياق، أَعدّ معهد إدارة الموارد الطبيعية في نيجيريا (إن آر جي آي) مؤخرًا، برنامجًا لبحث "اعتماد نيجيريا على النفط، والاستعداد للتخلي عنه في المستقبل".

ويهتم البرنامج بدراسة اعتماد نيجيريا على النفط في سياق الضرورات العالمية والوطنية الناشئة لتقديم بعض التوصيات الأولية.

وقد حظيت قضايا "ما بعد النفط" والتنويع الاقتصادي باهتمام كبير في نيجيريا، بعد انهيار أسعار السلع الأساسية عام 2014، وتكرار الانهيار خلال الأزمة الاقتصادية لعام 2016، ومؤخرًا نتيجة تفشّي جائحة فيروس كورونا الذي فاقم الأزمة العالمية.

خلال تلك المدة، أدى الاعتراف بمخاطر اعتماد نيجيريا على النفط إلى العديد من المبادرات التي تهدف إلى تأمين تغييرات في سياسة الحكومة لمعالجة المشكلة، حسبما نشر موقع صحيفة بريميوم تايمز النيجيرية.

إيرادات النفط النيجيري

يُعدّ اعتماد نيجيريا على النفط عميق الجذور، ولا تزال البلاد تعاني من آثار اكتشاف النفط في الستينات، بعد أن ركّزت جهودها على مواردها النفطية، وإمكان تحقيق عوائد كبيرة من النفط، ما يجعل القطاعات الأخرى أقلّ جاذبية اقتصاديًا.

وبعد عقود من اكتشاف النفط لم يتغير شيء يُذكر في نيجيريا.

وعلى الرغم من استمرار قطاع النفط النيجيري في تحقيق عائدات للدولة، فقد انخفضت قيمتها على مرّ السنين، ما عاقَ نجاح التطلعات الإنمائية لنيجيريا، وغالبًا ما تكون العائدات بعيدة المنال؛ نظرًا لاعتمادها على أداء سوق النفط العالمية.

لا تزال الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات في نيجيريا تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، وتعتمد عليها في توفير السلع العامة واستخدام دولارات النفط لخدمة الديون وتعزيز العملة الوطنية.

علاوة على ذلك، لم يحسّن قطاع النفط النيجيري رفاهية المواطنين بشكل ملحوظ.

وتؤدي القطاعات غير النفطية إلى توفير فرص عمل أكثر بكثير من قطاع النفط، وأسهمت أنشطتها الاقتصادية بنحو 93% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020.

على المستوى الاتحادي، أدى اعتماد نيجيريا على النفط إلى شلّ اقتصادها تقريبًا، مما أدى إلى نمو سلبي للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.8% في عام 2020.

كورونا وأسعار النفط

خسائر النفط النيجيري بسبب كورونا

كشف تفشّي وباء كوفيد-19 عن الخسائر المحتملة لاتحاد الحكومة الفيدرالية التي تعتمد على الإيرادات بنسبة تزيد عن 50% على النفط.

وتسبّبت إجراءات الإغلاق لمنع انتشار الوباء في تعطيل الأنشطة الاقتصادية العالمية، وأدى والانخفاض الحاد في الطلب على النفط في عام 2020 إلى عدم قدرة الحكومة على تلبية توقعات الإيرادات لعام 2020.

واضطرت الحكومة الاتحادية إلى خفض موازنتها بنسبة 20%، وخفض توقعات الإنتاج من 57 دولارًا للبرميل إلى 30 دولارًا، وحجم الإنتاج المتوقع من 2.2 مليون برميل يوميًا إلى 1.7 مليون برميل يوميًا على التوالي، لاستيعاب الحقائق والتطورات الجديدة.

بدوره، يهدد استمرار عمليات سحب الاستثمارات من جانب شركات النفط الكبرى، وإعادة تركيزها على الطاقة النظيفة، قدرة نيجيريا المستقبلية على تحقيق توقعات إيراداتها، إذا ظلت مرتبطة بإنتاج النفط.

وبلغ رصيد ديون نيجيريا في عام 2020 نحو 31% من الناتج المحلي الإجمالي، ويستمر حجم الديون في النمو، إذ تحاول نيجيريا سدّ النقص في عائدات النفط.

على الرغم من ذلك، لا تزال موازنة الحكومة الاتحادية لعام 2022 تعكس 31% من الإيرادات الحكومية الفيدرالية المتوقعة من النفط النيجيري، حتى مع استمرار صادرات الخام في توفير 90% من النقد الأجنبي لنيجيريا وأكثر من نصف عائدات الحكومة الفيدرالية.
ويهدد الاعتماد المستمر على عائدات النفط حياة وسبل عيش النيجيريين والتماسك الاجتماعي في البلاد.

إضافة لذلك، تعتمد جميع ولايات نيجيريا تقريبًا على عائدات النفط، التي يوجّهها حساب الاتحاد ولجنة المخصصات (إف إيه إيه سي)، لأكثر من 50% من احتياجاتها المالية.

والولايات النيجيرية الأكثر اعتمادًا على تلك العائدات هي الولايات المنتجة للنفط، إذ يبلغ متوسط اعتماد ولاية بايلسا وولاية أكوا إيبوم 85% من اعتمادهما المالي على عائدات النفط.

وتستمد ولاية أوغون وولاية لاغوس أقلّ من نصف إيراداتهما من حساب الاتحاد ولجنة المخصصات باستمرار.

من ناحيتها، تخاطر الولايات النيجيرية المنتجة للنفط بأن تصبح غير قابلة للحياة ماليًا من دون النفط، ويرى محللون أنه يجب على هذه الولايات أن تجد على وجه السرعة مصادر بديلة للإيرادات بخلاف حساب الاتحاد ولجنة المخصصات لبناء مرونتها المالية قبل تراجع الطلب على النفط.

عمال في حقل نفط بونجا البحري في نيجيريا
عمّال في حقل نفط بونجا البحري في نيجيريا - الصورة من رويترز (30 أكتوبر 2007)

مستقبل ما بعد النفط النيجيري

تشهد نيجيريا حاليًا مرحلة محورية في تاريخها؛ إذ ستؤثّر القرارات المتَّخذة الآن بوضعها الاقتصادي.

ونتيجة الأزمات المالية السابقة، المتمثلة في انخفاض مؤشر جميع الأسهم في بورصة نيجيريا إلى النصف في عام 2008، وانهيار أسعار السلع الأساسية بنسبة 70% في عام 2014، انتعش الاقتصاد النيجيري في النهاية، مع تعافي الطلب على النفط وأسعاره.

ولن تستمر الأوضاع على حالها إذا كانت منظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك) ووكالة الطاقة الدولية وغيرهما على صواب، عندما تعلن أنها ستصل قريبًا إلى ذروة الطلب على النفط.

لذلك، قبل هذا الاحتمال، يجب على الحكومة النيجيرية أن تضع خططًا لاستبدال الحصص الضخمة من الإيرادات الحكومية وعائدات النقد الأجنبي التي تعتمد حاليًا على النفط، وفقًا لما نشر موقع صحيفة بريميوم تايمز النيجيرية.

ويوصي الخبراء الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات في نيجيريا باتخاذ قرارات حاسمة وإستراتيجية لتهيئة اقتصادها لمستقبل خالٍ من النفط.

وقد تشكّل الاستثمارات بالاستكشافات الحدودية على النحو المنصوص عليه في قانون صناعة النفط (بي آي إيه) بعض المخاطر في تأمين الإيرادات التي قد لا تحقق العوائد المرجوة.

من ناحية ثانية، يتطلب الغاز بوصفه "وقودًا انتقاليًا" استثمارات رأسمالية كبيرة، ومن المحتمل أن يخسر الغاز بصفته وقودًا أحفوريًا –الذي يستغرق وقتًا طويلاً لتحقيق الأرباح- استثمارات لبدائل أكثر مراعاة للبيئة.

وإذا أرادت نيجيريا استخدام الغاز للتصنيع والتنشيط قبل الوصول إلى خطط الحياد الكربوني بحلول عام 2060، فهناك خطة واضحة ومسار لطريقة التحول إلى خيارات طاقة أخرى ذات معالم واضحة.

وإذا كان من المتوقع أن تدعم صادرات الغاز الطبيعي عائدات النقد الأجنبي من النفط على المدى القصير، فقد يعني انخفاض الاستثمارات طويلة الأجل أن هذه المكاسب لن تدوم.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق