حلم أستراليا بتصدير الهيدروجين الأخضر يصطدم بوفرة الشمس والرياح في اليابان
تكلفة كهرباء الطاقة المتجددة في طوكيو تعادل نصفها في كانبرا
حياة حسين
- اتفاقية لتصدير الهيدروجين الأخضر من أستراليا لليابان.
- أستراليا تخصص ما يقرب من مليار دولار في ميزانيتها الأخيرة للتقنيات منخفضة انبعاثات الكربون.
- أستراليا تحلم بأن يحل الهيدروجين مكان الفحم والغاز في صادراتها.
- اليابان تمتلك ثروة من الشمس والرياح تستطيع تلبية 14 ضعف احتياجاتها من الكهرباء.
- لدى أستراليا فرصة استغلال الهيدروجين في تصنيع الحديد وتصديره بدلًا من فحم الكوك.
ربما تقضي وفرة الشمس والرياح في اليابان على حلم أستراليا في أن تكون المصدّر الأكبر للهيدروجين الأخضر لدول آسيا، وعلى رأسها طوكيو؛ كونها كافية لتوليد احتياجاتها من الكهرباء، على الأقل في الوقت الراهن.
وتحتل أستراليا المرتبة الثانية عالميًا في تصدير الفحم، والأولى في إنتاجه، لكن هذا الأمر يهدده اتجاه العالم نحو تحقيق الحياد الكربوني في منتصف الألفية، بهدف علاج تغير المناخ، وما بات يسببه من كوارث طبيعية تقتل وتدمر في أنحاء العالم.
ويبدو أن الفحم سيكون أولى ضحايا علاج تغير المناخ؛ لأنه أكبر مصدر للطاقة بين منتجات الوقود الأحفوري؛ لانبعاثات الكربون وتلويث البيئة؛ ما يضع اقتصاد أستراليا على المحك.
الهيدروجين الأخضر
وعدت الحكومة الفيدرالية في أستراليا، في آخر ميزانية لها، بتخصيص ملايين من الدولارات للتوسع في قدرات البلاد على إنتاج الهيدروجين الأخضر.
ويُصنَع الهيدروجين الأخضر عبر التحليل الكهربائي للمياه، اعتمادًا على الكهرباء المولدة من الشمس والرياح؛ لذلك وضعت حكومة أستراليا الفيدرالية جملة "التقنيات وليست الضرائب"، هي التي ستحقق مستهدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ووفق خطة ميزانية أستراليا الأخيرة، ستصنع الحكومة كميات كبيرة من الهيدروجين الأخضر بغرض التصدير، خاصة إلى اليابان، التي وقّعت معها عقدًا لهذا الغرض في يناير/كانون الثاني الماضي.
يُذكر أن اليابان تُعَد أكبر مستورد للفحم الحراري والغاز من أستراليا؛ إذ تحصل طوكيو على 67% من الفحم الحراري، و39% من الغاز الطبيعي المسال، من كانبرا.
غير أن دراسة أجرتها صحيفة "ذا كونفريسشن" وجدت أنه لدى اليابان شمس ورياح كافية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة النظيفة، وليست بحاجة إلى الهيدروجين الأخضر الأسترالي لتوليدها.
انبعاثات الكربون
خصصت حكومة أستراليا الفيدرالية -في ميزانيتها الأخيرة- نحو مليار دولار أسترالي (769.2 مليار دولار أميركي)، لتقنيات منخفضة من انبعاثات الكربون؛ منها 300 مليون دولار لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بالتوازي مع إنتاج الغاز الطبيعي المُسال، في منطقة داروين.
وتخطط أستراليا لتكون أحد أكبر 3 من مصدري الهيدروجين الأخضر إلى الأسواق الآسيوية بحلول عام 2030، بهدف سد الفراغ الذي سيتركه انخفاض توريد الفحم والغاز، مع تحول الدول عنهما؛ لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، وتحقيق الحياد الكربوني.
إلا أنه يبدو أن مزاعم حكومة أستراليا أن اليابان وأوروبا لا تمتلكان مصادر شمس ورياح كافية لتوليد الكهرباء لديهما، غير صحيحة، وفق تقرير تحليلي لصحيفة "ذا كونفريسشن"، أمس الأحد، الموافق 3 أبريل/نيسان.
وقال تقرير "ذا كونفريسشن": "أجرينا دراسة لنحدد دور الطاقة المتجددة في اليابان، بناء على افتراض أنها ستعتمد عليها بنسبة 100% لتلبية احتياجاتها من الكهرباء".
ووجدت الدراسة أن اليابان لديها وفرة في الشمس والرياح البحرية، تزيد على احتياجاتها الحالية لتوليد كهرباء بمقدار 14 ضعفًا.
كل القطاعات
تستطيع اليابان -بوفرة الشمس والرياح البحرية لديها- أن تزود كل القطاعات باحتياجاتها من الكهرباء، بدءًا بالنقل، ومرورًا بالتدفئة، ووصولًا إلى الصناعة والطيران، بما يزيد على احتياجاتها جميعًا بمقدار 2-3 أضعاف.
وبعد بناء مشروعات طاقة شمسية ومزارع رياح كافية، ستتمكن طوكيو من الاستغناء تمامًا عن واردات الوقود الأحفوري من الخارج؛ ما يعزز أمن الطاقة لديها، ويلغي انبعاثات غازات الدفيئة.
كما وجدت الدراسة أن تكلفة توليد الكهرباء في اليابان من الشمس والرياح ستكون نصف الأسترالية؛ إذ يحتاج كل ميغاواط/ساعة إلى 115-147 دولارًا أستراليًا (86-110 دولارات أميركية)، وذلك بسبب هدر 70% من الطاقة عند نقل الهيدروجين اللازم للتوليد.
وبناءً على هذا الاستنتاج؛ فإن الهيدروجين الأخضر، والهيدروجين عمومًا "على ما يبدو" لن يكون صالحًا لتصدير كميات كبيرة منه بصورة عامة بين الدول المختلفة.
ولا تستبعد دراسة "ذا كونفريسشن" فوائد الهيدروجين الأخضر الذي يمكن تداوله بين الدول من أجلها، وهو دخوله في صناعة خلايا الطيران الصناعية، والأمونيا، والبلاستيك، وبعض المواد الكيميائية الأخرى، خاصة إذا كانت التكلفة أقل في أحد الأماكن.
وقالت الدراسة: "إن كل هذه المواد يمكن إنتاجها بأي كمية في أي دولة، لكن ارتفاع تكلفتها في دولة مثل اليابان، قد يخلق فرصة لاستيرادها من أستراليا".
تراجع تجارة الطاقة
لم يُعثَر على الوقود الأحفوري إلا في عدد محدود من الدول، ورغم ذلك؛ فإن معظم الدول لديها وفرة في الشمس والرياح؛ لذلك سيشهد المستقبل تراجعًا لتجارة الطاقة؛ لأن معظم الدول ستتمكن من توليدها لديها.
وبينما تتعدد أنواع مصادر الطاقة المتجددة؛ فإن الطاقة الشمسية ومزارع الرياح، تمثل ثلاثة أرباع المشروعات المُنفذة سنويا في أنحاء العالم، وبما يعادل 250 غيغاواط، بسبب رخصها مقارنة بالوقود الأحفوري، ومن المتوقع مضاعفتها خلال 3-4 سنوات.
ولدى دول عديدة كثيفة السكان مثل: اليابان، كوريا، تايوان، الفلبين، وشمال أوروبا، مشروعات مزارع رياح بحرية ضخمة، تُضاف إلى البرية، ومحطات الطاقة الشمسية.
ويطرح تقرير "ذا كونفريسشن" تساؤلًا عن احتمالات لجوء دول العالم إلى أستراليا لتلبية احتياجاتها من الطاقة، حال غياب الشمس والرياح.
ويجيب قائلًا: "لا يوجد، هي الإجابة؛ إذ تمتلك كل الدول -بما فيها اليابان- قدرات لضخ المياه خارج النهر، لتخزين الطاقة، واستغلالها وقت غياب الشمس والرياح، وتساعدها في ذلك بطاريات التخزين.
مما سبق، تبدو فرص أستراليا في تصدير الطاقة المتجددة ضئيلة، لكنها يمكن أن تعتمد على الهيدروجين الأخضر في صناعة الحديد، ليحل محل فحم الكوك، وتُصَدِّره بدلًا من خام الحديد.
ورغم أن الهيدروجين سيكون ضمن منظومة الطاقة العالمية في المستقبل، بوصفه جزءًا رئيسًا في الاقتصاد الأخضر؛ فإنه سيُستَخدم في تصنيع المواد الكيميائية؛ حيث ستظل كهرباء الطاقة الشمسية ومزارع الرياح أرخص.
موضوعات متعلقة..
- أستراليا تصدّر 2.6 مليون طن غاز مسال إلى الصين واليابان
-
الطلب على الغاز قد يتراجع 60% في شرق أستراليا مع تحول الطاقة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- تحديات وفرص توصيل الغاز الإسرائيلي إلى الاتحاد الأوروبي عبر تركيا (مقال)
-
المغرب والجزائر يتنافسان على الغاز النيجيري.. هل يصبح بديلًا عن إمدادات روسيا؟
-
الغاز الجزائري والنفط يجذبان إيني.. وحفر بئر جديدة خلال أيام