الغاز في أفريقيا.. هل يستطيع تعويض أوروبا عن الإمدادات الروسية؟
وسط شتى التحديات التي تواجه القارة السمراء
مي مجدي
مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، واتخاذ العديد من الدول خطوة لتقليل اعتمادها على النفط والغاز الروسي، ظهرت فرصة ذهبية أمام الغاز في أفريقيا لترسيخ مكانة القارة السمراء بصفتها سوقًا للتصدير.
وترى مؤسسة التمويل الأفريقية (إيه إف سي) أن أزمة أمن الطاقة في أوروبا تمثل فرصة سانحة أمام إمدادات الغاز في أفريقيا، رغم ما تواجهه من تحديات البنية التحتية.
وتعتقد المؤسسة أن أفريقيا يمكن أن تحل محل النفط والغاز الروسي وسط اتجاه أوروبا لخفض اعتمادها على الإمدادات الروسية، ولا سيما أنها تمتلك بعضًا من أضخم الاحتياطيات في العالم.
وبالإضافة إلى تغيير بوصلة سوق التصدير، يتعين على أفريقيا استغلال مواردها من الغاز لدعم التصنيع المحلي، حسب موقع إنرجي فويس.
وتُعَد مؤسسة التمويل الأفريقية مؤسسة مالية متعددة الأطراف، تأسست في عام 2007 لتحفيز استثمارات القطاع الخاص في البنية التحتية بقارة أفريقيا.
الوقود الانتقالي
أشارت مؤسسة التمويل الأفريقية إلى قرار المفوضية الأوروبية للاعتراف بأن الغاز وقود انتقالي أثناء تحول الطاقة نحو تحقيق الحياد الكربوني.
وقالت إنها تعطي الأولوية لتطوير الغاز في أفريقيا، بالنظر إلى المصادر الهائلة في القارة وفرص الحصول على كهرباء رخيصة.
وأضاف الممول الأفريقي أنه يمكن للشراكات أن تمهد الطريق لتحقيق ذلك، بما يتماشى مع اتجاه أوروبا لتصنيف الغاز بصفته وقودًا أخضر.
ومن أجل اغتنام القارة هذه الفرصة، ستحتاج إلى استثمارات في البنية التحتية تتجاوز عمليات التنقيب والإنتاج.
ويرى أن البنية التحتية شرط ضروري حاسم للقارة للاستفادة من الفرص الحالية والمستقبلية، وستحتاج إلى الكهرباء والطرق والسكك الحديدية والموانئ لتوفير الموارد.
المتطلبات المحلية
في عام 2021، ارتفعت أعداد الأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول على الكهرباء في القارة السمراء؛ لذا يمثل الغاز في أفريقيا فرصة لتلبية الطلب المحلي.
وقالت مؤسسة التمويل الأفريقية إنه بالنظر إلى أن أجزاء كبيرة من القارة وصلت لهدف الحياد الكربوني، يمكن تحقيق التنمية الصناعية باستغلال الغاز الطبيعي دون مساهمة كبيرة في انبعاثات الكربون العالمية.
وتابعت: "سيترتب على ذلك خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي، وسيُمكن ذلك الدول الأفريقية من زيادة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة لتحقيق الانتقال النهائي".
وأوضحت أن الغاز في أفريقيا سيُسهم في توفير حاجة بلدان القارة فيما يتعلق بكهرباء الحمل الأساسي.
واستطردت قائلة إن الخطط المستقبلية لن تعتمد على إيقاف تشغيل مصادر الطاقة الحالية، وإنما إضافة مصادر بديلة لرفع حصة إمدادات الكهرباء، موضحة أنها ستواصل تمويل مشروعات الكهرباء باستخدام الغاز.
وترى المؤسسة أن استخدام الغاز سيساعد في الحفاظ على الغطاء الحرجي في أفريقيا بدلًا من حرق الأخشاب، وبقاء هذه الأشجار سيضمن امتصاص ثاني أكسيد الكربون.
الهروب من أفريقيا
رغم التزايد المستمر في الطلب الأوروبي؛ فإن مشروعات التنقيب والإنتاج في أفريقيا لم تعد مغرية كما كانت من قبل.
وأشار الممول الأفريقي في هذه النقطة إلى أن شركات النفط العالمية وشركات النفط الوطنية تُصَفي استثماراتها.
فعلى سبيل المثال، بدأت شركة إكسون موبيل الأميركية وشركة شل الأنجلو-هولندية بيع الأصول في نيجيريا، بينما شركة النفط الأنغولية سونانغول تبيع الأصول في أنغولا.
ومن ثَم يحمل هذا العام فرصة لزيادة مشاركة المستثمرين الأفارقة المستقلين في قطاع النفط والغاز.
ومع ذلك، سيتعيّن على الشركات في هذا القطاع إيلاء اهتمام متزايد لمتطلبات الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات؛ نظرًا لضرورة تأمين الدعم المالي العالمي.
وبالنظر إلى الضغوطات المتعلقة بانتقال الطاقة، ستحتاج شركات النفط والغاز إلى التركيز على القدرة التنافسية، مشيرًا إلى أن المصادر القوية ستكون في المقدمة، بجانب مصادر ذات انبعاثات كربونية أقل، وعائدات أفضل، ومردود أسرع.
ماذا عن كهربة أوروبا؟
بالتطلع إلى أفق أبعد في المستقبل، يمكن أن تؤدي الإمدادات الأفريقية -أيضًا- دورًا في كهربة أوروبا.
فالاعتماد المتزايد على السيارات الكهربائية سيتطلب سعة بطارية أكبر، ويمكن لأفريقيا أن تؤدي دورًا محوريًا في تحول أوروبا.
ووفقًا لرؤية مؤسسة التمويل الأفريقية، ستُصدر عملية تصنيع السلائف اللازمة للبطاريات في الكونغو انبعاثات أقل من نظيرتها في بولندا أو الصين.
وفي ظل الاضطرابات المتزايدة في سلاسل التوريد العالمية، قد يرى المصنعون الأوروبيون في القدرات الصناعية الأفريقية وسيلة لتحقيق التوازن الحالي المعتمد على الإمدادات الآسيوية.
يذكر أن مؤسسة التمويل الأفريقية أعلنت سابقًا أرباحًا بقيمة 209.7 مليون دولار في عام 2021، بزيادة قرابة 27% عن العام السابق، في حين ارتفع إجمالي الأصول إلى 8.56 مليار دولار.
كما أطلقت، العام الماضي، صندوقًا جديدًا يهدف لجمع 500 مليون دولار في البداية، وصولًا إلى ملياري دولار في السنوات الـ3 المقبلة، وستؤدي استثمارات الطاقة دورًا رئيسًا في خطط إدارة الأصول.
اقرأ أيضًا..
- تركيا منفذ جديد لصادرات النفط الروسي مع تزايد العقوبات الغربية
- الطاقة المتجددة في الهند تتوسع على حساب أراضي التجمعات الفقيرة (تقرير)
- وكالة الطاقة الدولية تعلن أكبر سحب للنفط من احتياطي الطوارئ في تاريخها