أسعار النفطرئيسيةسلايدر الرئيسيةعاجلنفط

رحلة أسعار النفط في 22 شهرًا.. من الانهيار خلال الوباء إلى 100 دولار (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي

رحلة من الانهيار إلى الازدهار، عاشتها أسعار النفط في أقل من عامين؛ بدأها وباء كورونا بخسائر غير مسبوقة، والآن تعانق الأسعار مستويات فوق حاجز 100 دولار للبرميل، بدعم من التوترات الجيوسياسية.

وبدأت أسعار الخام مسارًا صعوديًا سريعًا منذ أواخر عام الوباء، عززه تعافي الطلب على النفط العام الماضي، لكن جاءت الدفعة الكبيرة في هذا المسار جراء غزو روسيا لأوكرانيا، لتقفز الأسعار سريعًا أعلى مستوى 100 دولار.

ويوضح تقرير حديث، نشرته وكالة رويترز للمحلل ديفيد غافن، رحلة أسعار النفط من الانهيار خلال الوباء حتى الصعود أعلى من 100 دولار للبرميل، مع تجاوز الطلب العالمي مستويات ما قبل كورونا، في وقت يكافح فيه المنتجون لزيادة الإمدادات ووسط المخاوف الجيوسياسية.

انهيار أسعار النفط

في أبريل/نيسان 2020، بعد أن بث الوباء سمومه في الاقتصاد العالمي، واضطرت الحكومات إلى فرض قيود على الحركة للسيطرة على زيادة إصابات كورونا، انهار الطلب على النفط، ولم يستطِع المنتجون خفض الإنتاج بالسرعة الكافية.

ونتيجة لذلك تراكمت ملايين البراميل من النفط، وامتلأت مواقع التخزين، وتزامن ذلك مع خلافات كبيرة بين روسيا والسعودية، أقوى عضوين في تحالف أوبك+؛ ما تسبب في إغراق السوق بالمزيد من الإمدادات.

ومع هذه التطورات، انهار سعر خام غرب تكساس الأميركي إلى النطاق السالب، لأول مرة على الإطلاق؛ إذ كان على البائعين دفع الأموال مقابل التخلص من براميل الخام، مع عدم وجود مساحة للتخزين، وفي الوقت نفسه وصل سعر خام برنت العالمي إلى أقل من 20 دولارًا للبرميل.

وأوجدت الضربات الموجهة لأسعار النفط بيئة خصبة للتوقعات القاتمة بشأن الطلب العالمي على النفط، وأنه قد تجاوز ذروته، خاصة في وقت تعززت فيه سياسات الابتعاد عن الوقود الأحفوري.

والآن وبعد 22 شهرًا تقريبًا، انقلب الوضع رأسًا على عقب؛ فالطلب على الخام بصدد ذروة جديدة من المرجح أن يصل لها خلال 2022، وأسعار النفط تحلّق مرتفعة فوق مستويات 100 دولار للبرميل، لأول مرة مند 2014.

أسعار النفط

رحلة التعافي

على مدار تاريخ النفط تكررت تلك التحركات مرارًا؛ إذ يقول المحلل لدى شركة فيوتشرز غروب في شيكاغو، فيل فلين، إن قصة النفط عبارة عن دورات من الازدهار والكساد؛ فهي دورة من القمة إلى القاع، وعندما تبلغ القاع في العادة يجب أن تستعد؛ لأن القمة ليست بعيدة"، بحسب رويترز.

ولم تمكث أسعار النفط كثيرًا في مرحلة الهبوط؛ إذ سريعًا ما عالجت مجموعة أوبك+ خلافاتها وقررت منتصف عام 2020 إجراء تخفيضات قياسية بلغت 9.7 مليون برميل يوميًا لإنتاج النفط، من أجل وقف نزيف الأسعار.

ومع انحسار الوباء جزئيًا، بدأت الأسعار تلتقط أنفاسها وتعوض خسائرها، وهو ما جاء بالتزامن مع اتجاه تحالف أوبك+ إلى تقليص تخفيضات الإنتاج تدريجيًا.

والعام الماضي، ارتفعت أسعار النفط أكثر من 50% وأنهت العام عند أعلى مستوياتها في 7 سنوات، بالقرب من 80 دولارًا لخام برنت، مع تجاوز استهلاك النفط عالميًا الإمدادات بنحو 2.1 مليون برميل يوميًا، وفقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.

ومثلما لم تستطِع صناعة النفط خفض الإنتاج بوتيرة كافية لمجاراة انهيار الطلب أثناء الوباء؛ فإنها أيضًا لم تضخ المزيد من الإمدادات مع التعافي السريع للطلب، بعد انحسار الجائحة.

وجاء ذلك مع تصاعد ضغوط المستثمرين والحكومات على منتجي النفط لخفض الانبعاثات، وسط تحول كبير بموقف وكالة الطاقة الدولية التي كانت المشجع الرئيس للوقود الأحفوري؛ إذ دعت، في تقريرها الصادر في مايو/أيار 2021، إلى ضرورة وقف تمويل مشروعات النفط والغاز على الفور، إذا كانت حكومات العالم تأمل في تحقيق الحياد الكربوني.

الوصول إلى 100 دولار

ارتفعت أسعار النفط أكثر من 25% منذ بداية العام الجاري، وتجاوزت حاجز 100 دولار للبرميل يوم الخميس الماضي (24 فبراير/شباط 2022) للمرة الأولى منذ 2014.

وجاء ذلك، بعدما أمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشن عمليات عسكرية في أوكرانيا؛ ما زاد من مخاوف نقص الإمدادات، التي يكافح منتجو النفط بالفعل لتعزيزها في مسعى لتلبية الطلب.

أسعار النفط

وتتوقع منظمة أوبك أن يسجل الطلب العالمي على النفط ذروة جديدة بحلول الربع الثالث من العام الجاري، حينما يبلغ 101.32 مليون برميل يوميًا، ليتجاوز بذلك الرقم القياسي المسجل في الربع الأخير من 2019، عند 100.79 مليون برميل يوميًا.

ورغم ارتفاع الأسعار والحاجة إلى المزيد من الإمدادات؛ فإن سياسات تحول الطاقة لدى شركات النفط الأوروبية الكبرى جعلت رد فعلها لدعم الاستثمار من أجل زيادة الإنتاج أبطأ كثيرًا من المعتاد، وفق رويترز.

ومن جهة أخرى؛ فإن العديد من دول أوبك+، التي لم تكن لديها السيولة الكافية لصيانة حقول النفط خلال وقت الجائحة مع انهيار الاقتصاد، أصبحت الآن عاجزة عن زيادة الإنتاج لحين إتمام أعمال الصيانة باهظة التكلفة، بحسب التقرير.

أما الدول التي تملك قدرة إضافية لزيادة الإنتاج، مثل السعودية والإمارات؛ فإنها تلتزم باتفاق تحالف أوبك+ ولا يمكنها زيادة الإنتاج بما يتجاوز حصصها المقررة.

وحذرت وكالة الطاقة الدولية من تقلبات في أسواق النفط على جانب المعروض، حال فشل تحالف أوبك+ في زيادة الإنتاج.

ويتزامن ذلك، مع تباطؤ صناعة النفط الصخري الأميركية في استعادة مستوى الإنتاج وسط ضغوط من المستثمرين لزيادة العوائد المالية بدلًا من الإنفاق.

وكل ذلك زرع بذور موجة الازدهار الحالية لأسعار النفط، لتزيد الضغوط التضخمية على الاقتصاد العالمي؛ الأمر الذي جعل أميركا، التي تريد مكافحة التغير المناخي وفي الوقت نفسه حماية المستهلكين من ارتفاع أسعار الوقود، تشجع شركات النفط على زيادة نشاطها وتطالب أوبك+ بإنتاج المزيد من النفط، بحسب رويترز.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق