مقالات الغازغازكهرباءمقالات الكهرباء

هل تخسر إيران سوق الطاقة العراقية؟ (مقال)

أومود شوكري* - ترجمة نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • ضمان أمن الطاقة للدول المجاورة يُعدّ أحد أولويات السياسة الخارجية الإيرانية
  • عرقلت العقوبات المفروضة على إيران إنتاج المزيد من الغاز الطبيعي
  • يلبي العراق ثلث احتياجاته من الطاقة من خلال شراء الكهرباء من إيران
  • %80 من صادرات الكهرباء الإيرانية تذهب إلى العراق، والباقي إلى باكستان وأفغانستان
  • العراق لن يحتاج إلى كهرباء إيرانية في السنوات المقبلة

لدى استمرار العقوبات وزيادة استهلاك الغاز الطبيعي محليًا في إيران دون أدائها دورًا مهمًا لضمان أمن الطاقة للدول المجاورة، الذي يُعدّ أحد أولويات السياسة الخارجية الإيرانية، فقد عرقلت العقوبات المفروضة على طهران إنتاج المزيد من الغاز الطبيعي.

يأتي ذلك في وقت تستخدم فيه معظم محطات الطاقة الإيرانية الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء، وتصدّر طهران بعض الكهرباء المولدة في هذه المحطات إلى الدول المجاورة، بما في ذلك العراق.

تلبية إيران لاحتياجات العراق من الكهرباء

تُعدّ إيران المورّد الرئيس للكهرباء والغاز الطبيعي إلى العراق، وتستخدم تصدير الطاقة سلاحًا جيوسياسيًا ضد بغداد؛ إذ يلبي العراق ثلث احتياجاته من الطاقة من خلال شراء الكهرباء من إيران، ويستورد الغاز لمحطات الكهرباء.

وينتج العراق حاليًا 15 ألف ميغاواط من الكهرباء، وهو أقلّ بكثير من 30 ألف ميغاواط اللازمة لتلبية احتياجاته في فصل الصيف، بحسب وزير النفط العراقي.

وقد نما توليد الكهرباء السنوي في العراق بأكثر من 12% خلال العقد الماضي، وهو من أعلى المعدلات في العالم، لكن المشكلة تكمن في أن معظم محطات توليد الكهرباء الجديدة في العراق تعمل بالغاز الإيراني، الذي يؤدي انقطاعه إلى إغلاقها.

في المقابل، تواجه إيران نقصًا في الطاقة شتاءً، وتزوّد العراق حاليًا بـ8 ملايين متر مكعب فقط من الغاز يوميًا، وهو ما يعادل 15% من التزام إيران بإيصال الغاز إلى هذا البلد، ويذهب 80% من صادرات الكهرباء الإيرانية إلى العراق، و يذهب الباقي إلى باكستان وأفغانستان.

نقص إمدادات الكهرباء في العراق

تجدر الإشارة إلى أن نقص الكهرباء أصبح يمثّل أزمة في السياسة الداخلية العراقية، وأدى في السنوات الأخيرة إلى اندلاع احتجاجات عنيفة، خصوصًا في المحافظات الجنوبية، إذ يعتمد العراق بشكل كبير على واردات الطاقة من إيران، تحديدًا في فصل الصيف.

وتراوحت كميات الغاز الإيراني التي استوردها العراق ما بين 45 و50 مليون متر مكعب يوميًا في يونيو/حزيران الماضي، وأدى انقطاع التيار الكهربائي الوارد من إيران إلى العراق، وعدم الاستقرار بعد استقالة وزير الكهرباء العراقي، إلى تصاعد المخاوف من اندلاع الاحتجاجات.

وقد أخفقت إيران في تحصيل ديونها من العراق في السنوات الأخيرة بسبب العقوبات الأميركية، وقطعت طهران الكهرباء في بعض الحالات بسبب ذلك.

وانطوت صادرات الكهرباء الإيرانية إلى العراق على صعوبات لكلا الجانبين في السنوات الأخيرة، بسبب العقوبات الأميركية، وقدِّرت ديون إيران على العراق من صادرات الغاز والكهرباء بما يتراوح بين 5 مليارات و7 مليارات دولار.

بحث العراق عن موارد بديلة

في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن مسؤولون عراقيون أنهم يُجرون محادثات مع السعودية لشراء الكهرباء، بعد مشكلات مع صادرات الكهرباء الإيرانية إلى العراق.

وأكد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، إجراء محادثات مع السعودية لتوريد واستقرار توليد الكهرباء في البلاد، مشيرًا إلى مستوى عالٍ من التنسيق مع مجلس التعاون الخليجي، وخصوصًا مع السعودية، المستعدة للتعاون مع العراق.

ويبدو أن السلطات العراقية تبحث بجدّية عن مصادر أخرى للطاقة لتزويد البلاد باحتياجاتها، بما في ذلك حقيقة أن جزءًا من احتياجات البلاد من الكهرباء حُصِّل من تركيا منذ بداية عام 2021.

وقد وقّع وزيرا الكهرباء العراقي والطاقة السعودي مذكرة تفاهم، يوم الثلاثاء 25 يناير/كانون الثاني الماضي، تسمح بتصدير الكهرباء السعودية إلى العراق.

من ناحيتها، ربطت الإمارات والكويت والبحرين والسعودية شبكات الكهرباء فيما بينها في السنوات الأخيرة، وأكمل العراق ربط مشروع شبكة الكهرباء بالكويت في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، قبل نحو شهرين من توقيع مذكرة التفاهم..

انخفاض حصة إيران في سوق الطاقة العراقية

بالنظر إلى قرار العراق باستيراد الكهرباء من تركيا والمملكة العربية السعودية وبناء محطات للطاقة الشمسية، يبدو أن حصة إيران في سوق الطاقة العراقية ستنخفض تدريجيًا، كما إن تقليص حصة إيران في سوق الطاقة العراقية سيعني تراجعًا بنفوذ السياسة الإيرانية في العراق.

وقال حسين حسين زاده، عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، إن العراق لن يحتاج إلى الكهرباء الإيرانية في السنوات المقبلة، لذلك يجب على إيران التفكير في تغيير عملية توريد الكهرباء لهذا البلد، وإنشاء قاعدة خاصة للإسهام في إمداده بالكهرباء.

وأضاف أن خسارة إيران لسوق الكهرباء والغاز في دول مثل العراق وتركيا أمر محتمل تمامًا، وقال، إنه على الرغم من بدء العراق في دفع تكاليف الكهرباء و ديون الغاز لإيران، اتخذت دول مختلفة خطوات نحو استقلال الكهرباء والغاز لديها.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت الحكومة العراقية وقفًا تامًا لصادرات إيران من الكهرباء إلى البلاد، وأعلنت أن الانخفاض الحادّ في إمدادات الغاز من إيران سيستمر.

وكان من المفترض أن ينقل 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، لكن هذا الرقم انخفض الآن إلى 8 ملايين متر مكعب.

وأُعلِن تراجع صادرات الغاز الطبيعي الإيراني إلى العراق في سبتمبر/أيلول الماضي، بالتزامن من إعلان مسؤولين عراقيين إجراء مشاورات دبلوماسية لحلّ القضية.

ويتعلق جزء كبير من مشكلة صادرات إيران من الكهرباء والغاز إلى العراق بطريقة سداد مستحقاتها من توريد الكهرباء والغاز، وقد أصبحت عملية السداد معقدة على مدى السنوات الـ3 الماضية بسبب العقوبات.

وفي 3 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد موسى العبادي توقيع عقود مع عدّة شركات أجنبية لبناء 5200 ميغاواط من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية خططًا لزيادة إنتاج الكهرباء في البلاد بمقدار 7500 ميغاواط خلال السنوات القليلة المقبلة، ويعادل هذا الرقم 10 أضعاف واردات الكهرباء العراقية من إيران.

وقال وزير الكهرباء العراقي بالوكالة، عادل كريم، في برنامج على التلفاز الرسمي، إن العراق سيحصل قريبًا على 500 ميغاواط من الكهرباء من تركيا لحلّ مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المزمن في البلاد.

في غضون ذلك، تتواصل مفاوضات شراء الغاز الطبيعي من قطر من أجل توفير الكهرباء الكافية للعراق، وسيبدأ وصول الغاز القطري في غضون سنة واحدة إلى 15 شهرًا، إذا سمحت الظروف بذلك.

ويبدو أن إيران ستتوصّل إلى اتفاق مع مجموعة 5 + 1 قريبًا، وسيُوَقَّع اتفاق نووي، ولكن حتى تُرْفَع العقوبات، وتتمكن إيران من استيعاب التقنيات المالية والتكنولوجية المتقدمة الموارد، لن تكون إيران قادرة على توليد المزيد من الكهرباء واستخراج الغاز الطبيعي لإمداد العراق.

وفي ضوء خطط العراق لاستيراد الكهرباء من تركيا والمملكة العربية السعودية، ستخسر طهران قريبًا سوق الطاقة العراقية، وسيتقلّص النفوذ السياسي الإيراني في العراق.

*الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق