تقارير الطاقة النوويةالنشرة الاسبوعيةتقارير الطاقة المتجددةسلايدر الرئيسيةطاقة متجددةطاقة نووية

يسري أبو شادي: الطاقة النووية مستقبلها واعد.. ومشروع الضبعة تأخر لنقص الخبرات (مقابلة - فيديو)

أجرت المقابلة - داليا الهمشري

أكد خبير الطاقة المصري، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرّية الأسبق، الرئيس الأسبق لقسم الهندسة النووية بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، الدكتور يسري أبو شادي، أن الطاقة النووية لها مستقبل واعد، ليس فقط في الغرب، بل في الشرق والجنوب كذلك، ولا سيما في الصين والهند وأفريقيا.

ونوّه أبو شادي بأهمية الطاقة النووية للبيئة؛ كونها من الطاقات النظيفة، مشيرًا إلى أن مصر ستشهد قريبًا بناء أول محطة نووية على أراضيها.

وتوقّع أن تؤدي محطة الضبعة دورًا كبيرًا في توليد الكهرباء في مصر، موضحًا أنها ستكون مؤثرة -كذلك- على المستويين العربي والأفريقي.

"الطاقة" التقت الدكتور يسري أبو شادي، وأجرت معه الحوار التالي، الذي سلّط الضوء على مستقبل الطاقة النووية في مصر والمنطقة العربية والعالم، وإسهاماتها المستقبلية في مزيج الطاقة المتجددة، وإلى نصّ الحوار:

هل انتهى عصر الطاقة النووية بعد حادث فوكوشيما، وتوجُّه بعض الدول الأوروبية -مثل ألمانيا- إلى تفكيك مفاعلاتها النووية؟

لا أعتقد ذلك، إنما تتمثل المشكلة في أن أنظار وسائل الإعلام والعالم تتجه نحو الغرب الذي تشبّع بالطاقة النووية، فدولة مثل فرنسا لديها ما يقرب من 60 مفاعلًا نوويًا، ونجحت -منذ سنوات قليلة- في توليد نحو 80% من إجمالي الكهرباء في البلاد من الطاقة النووية.

كما تحظى دول غربية أخرى -مثل أميركا والمملكة المتحدة- بوفرة في الطاقة النووية.

أمّا ألمانيا التي يُنظر إليها بمثابة نموذج على انتهاء عهد الطاقة النووية، فيرجع السبب الرئيس في توجّهها نحو إغلاق المفاعلات النووية إلى أسباب سياسية.

فمنذ 15 عامًا كان حزب الخضر ينشط بشكل قوي ومكثف، وكان يعتقد -على غير حق- أن المحطات النووية تمثّل خطورة على البيئة، وأنه من الأفضل التخلص منها حتى لو تطلّب الأمر الحصول على مزيد النفط والفحم والغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء.

وعلى الرغم من أن وجهة نظر الخضر لم تكن صائبة، فإنها استُغلت سياسيًا، وكان الحزب الاشتراكي في ذلك الوقت يتطلع للفوز بالانتخابات في ألمانيا، ومن ثم تحالف مع حزب الخضر، وأعلنا وقف المحطات النووية.

وبالفعل، حققت ألمانيا نجاحًا كبيرًا في الطاقة المتجددة، ولاسيما طاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة النفايات، لكن اضطرارها لتوليد الكهرباء باستخدام الوقود الأحفوري تسبّب في تلوث البيئة.

وكان هذا القرار على وشك التغيير في عام 2011، إذ لم تكن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مقتنعة تمامًا بإغلاق المحطات، لكن حادث فوكوشيما قلب الموازين، وأجبرها على اتخاذ هذا القرار للحفاظ على شعبيتها.

ولكن ما يزال هناك توقعات بعودة ألمانيا عن قرار إغلاق المفاعلات النووية.

الدكتور يسري أبو شادي
الدكتور يسري أبو شادي

إذن كيف ترى مستقبل الطاقة النووية في العالم؟

هناك اتجاه كبير نحو التوسع في الطاقة النووية لدى دول الشرق، وفي مقدّمتها الصين، التي تخطت -حاليًا- عتبة 50 مفاعلًا، بجانب 20 مفاعلًا تحت الإنشاء.

ومن المتوقع خلال سنوات قليلة في هذا العقد -وقبل عام 2030- أن تنجح الصين في تخطّي فرنسا -التي تُعدّ ثاني دولة في العالم في الطاقة النووية-، بل وليس من المستبعد أن تنجح خلال الأعوام الـ20 المقبلة في تخطّي الولايات المتحدة -والتي لديها ما يقرب من 100 مفاعل-.

ومن المرجح أن تحتلّ الصين المرتبة الأولى في العالم بالطاقة النووية بلا منازع خلال المدة المقبلة.

إلى جانب الهند التي لديها -الآن- ما يقرب من 27 مفاعلًا، وهي تبني مفاعلاتها بنفسها، وتعمل على زيادة المفاعلات بصورة مستمرة.

كما تملك روسيا الكثير من المفاعلات النووية، وتعمل -حاليًا- على تصدير وبناء مفاعلات فيما يقرب من 10 دول أخرى، وأهمها: مصر، وتركيا، وبنغلاديش، وبيلاروسيا، وغيرها.

وإلى جانب دول الشرق، تتعاقد عدد من دول جنوب أفريقيا مع روسيا والصين لبناء مفاعلات، وهناك دول أخرى -مثل باكستان وإيران- تتطلع بشدة إلى امتلاك الطاقة النووية.

وحاليًا هناك 440 مفاعلًا قيد التشغيل في العالم، وهذا العدد مرشح بقوة للارتفاع خلال الأعوام الماضية، إذ إن معدل المفاعلات المخطط لها وقيد الإنشاء -حاليًا- كثير للغاية.

هل تشهد المنطقة العربية ثورة في الطاقة النووية خلال المدة المقبلة؟

بالفعل، فالإمارات -على سبيل المثال- تملك -حاليًا- 4 مفاعلات، منها واحد أو اثنان على وشك التشغيل، وتُعدّ أول دولة عربية تولّد الكهرباء من الطاقة النووية.

ونأمل أن تكون مصر هي التالية بمحطة الضبعة التي تضم 4 مفاعلات، كما إن الأردن كان لديها مشروع لمفاعلين كبيرين، ولكنها تراجعت عن الفكرة وتتجه إلى المفاعلات الأصغر، لأن هذه المفاعلات ليست بحاجة إلى كمية كهرباء ضخمة متولدة عن المفاعلات الكبيرة، ولكن ما يزال المشروع النووي كبيرًا في الأردن.

كما أنشأت السعودية مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، ولديها أبحاث في هذا المجال، ثم بدأت التعاقد على مفاعلات صغيرة، ولكنها لم تدخل حيز الإنشاء حتى الآن.

وفيما يتعلق بالدول العربية الواقعة في قارّة أفريقيا، هناك ليبيا التي كان لديها مشروع قوي، وما يزال لديها مفاعلات أبحاث في تاجوراء وغيرها.

الجزائر -كذلك- تُجري أبحاثًا، وتتطلع إلى إنشاء مفاعلات كبرى لتوليد الكهرباء، والمغرب لديها مفاعل أبحاث، وتتطلع -كذلك- إلى إنشاء محطة نووية، كما أعربت السودان عن رغبتها في التوجه نحو الطاقة النووية.

وبجانب الدول العربية، تنشئ تركيا -حاليًا- 4 مفاعلات، أحدها سيعمل خلال عامين على الأكثر، في حين تسعى إيران إلى بناء 10 مفاعلات، ولديها مفاعل، وتبني -حاليًا- مفاعلين، وستنطلق في هذا المجال.

مفاعل بتصميم مصري
مفاعل صغير بتصميم مصري

لماذا تتجه معظم الدول -الآن- إلى المفاعلات الصغيرة؟

هناك اتجاه إلى التوسع في المفاعلات الصغيرة، ولا سيما في دول الخليج، والمملكة العربية السعودية -على سبيل المثال- بدأت تولي مزيدًا من الاهتمام لهذه النوع من المفاعلات.

واقترحتُ على المسؤولين في مصر التوجه إلى المفاعلات الصغيرة؛ لأن مصر لديها كثير من الصحاري التي تعاني من مشكلتي نقص الكهرباء والمياه.

ومن ثم يمكننا إعمار هذه الصحاري من خلال بناء مفاعلات صغيرة تتراوح قدرتها بين 50 و100 ميغاواط، ولاسيما أن الصحراء تمثّل 95% من الأراضي في مصر وبعض دول المنطقة العربية مثل السعودية ودول شمال أفريقيا.

وكنتُ قد صممتُ مفاعلًا صغيرًا بقدرة 1 ميغاواط ليكون نموذجًا لمفاعل أكبر بقدرة 50 ميغاواط، وكنت أتمنى استكمال هذا المشروع في القاهرة، وأن يتحول هذا النموذج إلى محاكي، وأن يُنفَّذ بصورة أكبر وبشكل كامل.

ما تطورات محطة الضبعة النووية؟

مشروع الضبعة تأخّر إلى حدّ ما، فقد وقّعنا الاتفاق في عام 2015، إلّا أن الرخصة الرسمية لمدى صلاحية الموقع لإنشاء المحطات النووية لم تصدر إلّا في عام 2019.

ويجري -حاليًا- دراسة وفحص تصميمات المفاعلات النووية وعوامل الأمان، والبناء والتشغيل؛ لإصدار الرخصة الثانية للبدء في بناء المحطة النووية.

وصرّحت وزارة الكهرباء -مؤخرًا- أن الرخصة الثانية ستصدر بنهاية العام الحالي 2022، ومن ثم بدء البناء.

وخلال المدة الماضية تمّ تمهيد الموقع وتأهيله للبناء، وبناء المنشآت الثانوية مثل منازل العاملين والمشغّلين على أساس بدء البناء فور صدور الرخصة.

إلّا أن المشكلة الحالية تتمثل في أن هيئة الرقابة والأمان المسؤولة عن إصدار هذه الرخصة تفتقر إلى الخبراء اللازمين؛ لأن مصر ليس لديها خبرة في بناء المفاعلات، ومن ثم فمن الصعب عليها تقييم التصميم والجزم بكونه ملائمًا ومطابقًا للمواصفات العالمية، وما إلى ذلك.

ونحتاج إلى مساعدة من استشاريين أجانب والوكالة الدولية للطاقة الذرّية والاتحاد الأوروبي بجانب الخبراء الروس، كما لا بدّ من الاستعانة بالخبرات المصرية في الخارج أو الداخل.

وستتطلب عملية البناء نحو 4 أعوام، وأعتقد أنه بحلول 2027 قد نشهد تشغيل أول مفاعل لتوليد الكهرباء.

والمفاعل لا يعمل مباشرة في توليد الكهرباء، وإنما تجري فيه في البداية تجارب "الحروجة" -التأكد من دقة التصميم وأن المفاعل قادر على تشغيل نفسه- وتستغرق هذه المرحلة ما يقرب من 6 أشهر.

ثم تبدأ عملية توليد الكهرباء على نحو متدرّج، ويستغرق المفاعل نحو 6 أشهر أخرى للعمل بقدرته الكلّية، أي بحلول منتصف 2027.

محطة الضبعة النووية

تقدّمتَ بتوصيات إلى صانع القرار حول موقع الضبعة وإجراءات الأمان.. ما هي؟

زرتُ مواقع كثيرة للمحطات النووية في العالم، إلّا أن أيًا منها لم يُخصِّص كل هذه المساحة لـ4 أو 8 محطات فقط، إذ كانت المساحة المخصصة للمحطة تبلغ نحو 60 كيلو مترًا مربعًا.

فتقدّمتُ بتوصية إلى رئيس الوزراء المصري السابق، المهندس إبراهيم محلب، أوضحتُ خلالها أن الموقع كبير للغاية على المحطات المقرّر إنشاؤها، وحتى في حالة التوسع مستقبلًا، وإنشاء 8 محطات بدلًا من الـ4 الحالية، وبناء مصانع في الموقع ستظل المساحة مبالغًا فيها.

فاقترحتُ إبعاد الصناعة من حديد وصلب وخلافه عن الموقع ونقلها إلى الصحاري الواسعة، ولكني أوصيت بضرورة أن تظل محطة تحلية المياه داخل الموقع.

وقبل أن أتقدّم بهذا الاقتراح، أجريتُ دراسة مع 2 من الطلاب حول التأثير الإشعاعي، ووجدنا أن مدينة الضبعة ستدخل في نطاق المنطقة الأولى المعرّضة للإشعاع، ومن ثم، فبدلًا من وضع المفاعلات في المنتصف، لا بد من أن تكون في الجهة الشرقية لتكون بعيدة عن القرية الموجودة في الغرب، ووضعنا مقترحًا يضمن سلامة أهالي المنطقة.

وبالفعل، أصدر الرئيس السيسي قرارًا بتقليص جزء من المساحة، وهي المنطقة الغربية كما اقترحتُ، وبذلك ستتركّز المفاعلات في الجهة الشرقية، بالقرب من قرية أبو غزالة.

وخصّص الرئيس السيسي الجزء المستبعد من الأرض لبناء مشروعات خدمية، مثل المباني السكنية والمستشفيات، على مساحة نحو 15 كيلو مترًا مربعًا.

وحول صلاحية الموقع، فهو ملائم للغاية من جميع الجهات، سواء تاريخه الزلزالي أو التسونامي، كما طلب الرئيس السيسي بأن تُبنى هذه المحطة بمعامل ضخم للغاية للزلازل.

كما تمّت دراسة الجوف الأرضي والمياه الجوفية وكل ما يتعلق بالموقع، ومن ثم أُعطِيَت رخصة البناء في عام 2019 لـ4 مفاعلات بدايةً، ويمكن زيادتها إلى 8 مفاعلات.

ولكنّي غير متحمس لبناء 8 مفاعلات في الموقع نفسه في الضبعة؛ لأنه ليس من الملائم تركيز المفاعلات كافة في موقع واحد، إذ سيتولد عن المفاعلات الـ8 ما يقرب من 10 آلاف ميغاواط في مكان واحد، ومن ثم عند حدوث أيّ عطل في الكهرباء ستكون الخسائر جسيمة.

دكتور يسري أبو شادي.. هل ستكون الطاقة النووية مصدرًا أرخص من الغاز في توليد الكهرباء؟

التكلفة الشهرية الجارية أرخص بصورة كبيرة، إذ تبلغ نسبة 1 إلى 40 من ثمن الوقود الأحفوري المستخدم، وستحتاج محطة الضبعة لوقود ثمنه 25 مليون دولار سنويًا، بينما تحتاج محطة كهرباء في السعة نفسها إلى غاز بقيمة مليار دولار سنويًا، ومن ثم فالطاقة النووية أوفر.

كما إن المحطات العاملة بالغاز الطبيعي تصدر كمية ضخمة للغاية من الانبعاثات الكربونية، وتتسبّب في تلوّث حادّ للبيئة.

وهناك صناعات كبرى قائمة على البتروكيماويات، فبدلًا من استخدامها في توليد الكهرباء يُفضَّل استخدامها في الصناعة لتحقيق عائد أكبر.

هل يسهم مشروع الضبعة في حلّ أزمة المياه؟

تُعدّ تحلية المياه من أهم تطبيقات الطاقة النووية، وعلى الرغم من عدم توقيع أيّ اتفاق رسمي بمشروع تحلية مياه في الضبعة، فإن هناك طموحًا لتنفيذ ذلك، إذ يمكن أن توفر المحطات الـ4 في الضبعة 10% من مياه الشرب المصرية إلى جانب توليد الكهرباء، وما يقرب من 40 أو 50% من مياه الشرب حال تخصيصها لتحلية المياه فقط.

ما توقعاتكم لنسبة إسهامات الطاقة النووية بمزيج الطاقة المتجددة في مصر بعد تشغيل محطة الضبعة؟

العالم يتحرك بسرعة كبيرة في عملية تحوّل الطاقة، ولا سيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة النفايات، في محاولة للحدّ من الانبعاثات الكربونية.

وتحتلّ طاقة الرياح المرتبة الأولى في قارّة أوروبا، تليها طاقة النفايات، ثم الطاقة الشمسية.

ألمانيا حققت نجاحات باهرة في مجال الطاقة المتجددة، حتى إنها نجحت في توليد نصف الكهرباء لديها من مصادر الطاقة المتجددة.

وبالنسبة لمصر، لديها طاقة رياح ممتازة، ولا سيما في البحر الأحمر -على سبيل المثال- وجبل الزيت الذي يعدّ أكبر موقع لمحطات طاقة الرياح في العالم، إلى جانب محطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان.

ولكن محطة بنبان تواجه تحدّيين مهمين يتمثلان في التلف السريع للألواح الشمسية والأتربة، فعملية تنظيف الألواح ستتطلب مبالغ باهظة، كما إن الشمس لا تسطع على مدار 24 ساعة.

وارتفاع درجة الحرارة في هذه المنطقة يُعدّ عيبًا وليس ميزة؛ لأن ارتفاع درجة الحرارة عن الحدّ المطلوب قد يضرّ بالألواح والخلايا الشمسية.

هل تتفوق الطاقة النووية في الموثوقية على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؟

كفاءة الطاقة النووية تقترب من 100%، فهي طاقة ليس بها فاقد ومستمرة على مدار 24 ساعة طول العام، فعندما يُقال، إن سعة المحطة 1200، فهي كذلك على الدوام.

الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي - أرشيفية

دكتور يسري أبو شادي.. ما تطورات الملف النووي الإيراني؟

الجانب الإيراني انتظر حتى يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 2021، وفي يوم إعلانه الاستعداد للعودة إلى اتفاق فيينا النووي أعلن أن إيران اليوم تملك 25 كيلو غرامًا من اليورانيوم عالي التخصيب.

وهذا يعني حسب التعريف الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرّية قدرتها على صناعة قنبلة ذرّية.

ومن ثم، فقد أعلن الإيرانيون استعدادهم لخوض المفاوضات، بعد امتلاكهم أقوى ورقة تفاوض؛ لأن ذلك يعني إمكان تصنيعهم لقنبلة ذرّية خلال شهر أو شهرين على أقصى تقدير.

في أولى جلسات الجولة السابعة من المفاوضات في فيينا، التي عُقدت مع الحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قدّم الجانب الإيراني ملفّين، الملف الأول يتعلق ببعض الإجراءات مثل إعادة كاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرّية وإعادة زيارة مفتشي الوكالة للأماكن الحساسة، في مقابل التخلص من الـ25 كيلو غرامًا من اليورانيوم، أي بمعنى آخر: العودة إلى الالتزام بشروط الاتفاق النووي القديم.

والملف الثاني يتمثل في العقوبات، إذ طالب الجانب الإيراني بضرورة الرفع الفوري للعقوبات، إلى جانب صدور قرار من الولايات المتحدة تتعهد فيه بأنه لا يحقّ لأيّ رئيس قادم إلغاء هذا الاتفاق.

ويُعدّ هذان الشرطان بمثابة تعجيز لإدارة الرئيس جو بايدن.

وأنا أعتقد أن إيران وصلت بالفعل إلى الخبرة اللازمة لعمل قنبلة ذرّية، فحتى إذا تخلّصت من كمية اليورانيوم التي تمتلكها، فلن تتخلص من الخبرة التي حصلت عليها.

كما يعاب على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سماحه لإيران بالوصول إلى هذه المرحلة، إذ منحها مدة عامين ونصف، التي استفادت منها للوصول إلى هذا القدر من التطوير في هذا الملف.

ومن ثم فالإدارة الأميركية أصبحت في حيرة من أمرها الآن: هل يستحق التخلص من اليورانيوم الحالي التضحية برفع العقوبات؛ لأن إيران تمكّنت من هذه التقنية ولديها الخبرة الكافية لتصنيع قنبلة ذريّة عند حدوث أيّ خلاف جديد بين الجانبين.

إلى جانب أن الاتفاق النووي القديم كانت مدته 10 سنوات، انقضى منها 6 سنوات، ومن ثم فلا بد من مراجعة الاتفاق القديم وتغيير مدّته إلى أكثر من السنوات الـ10 السابقة، وتحديد مدد زمنية أطول.

كما إن إصرار إيران على الرفع الفوري الكامل للعقوبات قد عقّد التوصل إلى اتفاق حتى الآن.

ورغم التصريحات الوردية التي صدرت عن الجانبين، فإنني أرى أن القضية قد أصبحت أكثر تعقيدًا بكثير؛ لأن الشروط الإيرانية صعبة للغاية، ولا سيما فيما يتعلق برفع العقوبات دفعة واحدة، وإعطاء ضمانات بعدم تغيير أيّ رئيس قادم لهذا الاتفاق، والذي يُعدّ تعجيزيًا بالنسبة لبايدن الذي لا يملك القرار وحده.

ومن ثم لا بدّ من طرح الاتفاق على الكونغرس -الذي لم يعرض عليه الاتفاق القديم- وهذا يزيد الموقف تعقيدًا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق