التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الكهرباءتقارير الهيدروجينرئيسيةطاقة متجددةكهرباءهيدروجين

الطاقة المتجددة في أستراليا تترقب نتائج الانتخابات للانطلاق بعيدًا عن الفحم

خلال سيناريوهات التحول الأخضر في العقد الجديد

هبة مصطفى

"عقد مُذهل يحبس الأنفاس".. هكذا يأمل المهتمون بقطاع الطاقة المتجددة في أستراليا أن تكون السنوات الـ10 المقبلة، بعدما شهد العقد الماضي تغيير المفاهيم والرؤى نحو أفضلية الطاقة النظيفة في البلاد، خاصة أن مستهدفات مناخية عالمية يجب أن تُصبح محل التزام.

ويترقّب المهتمون بقطاع الطاقة المتجددة في أستراليا الانتخابات الفيدرالية خلال الأشهر المقبلة، إذ يحتاج الانتقال نحو الطاقة المتجددة إلى "القيادة" التي تجنح به بعيدًا عن الاعتماد على الفحم.

ويعوّل المهتمون بالطاقة النظيفة في أستراليا على الخطوات الرسمية تجاه تحقيق الأهداف المناخية المتسقة مع نتائج قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 26، للحفاظ على درجات الاحترار العالمي بمستويات أقل من 1.5 درجة مئوية.

ماذا حققت أستراليا العقد الماضي؟

تدرّج استخدام الطاقة المتجددة في أستراليا على مدار العقد الماضي، بدءًا من استبعاد وصول مصادر الطاقة المتجددة إلى نسبة 20% إلى تحقيق ذلك على أرض الواقع.

فخلال بدايات العقد الماضي، لم تكن أستراليا قد خطت نحو أول مزرعة واسعة النطاق للطاقة الشمسية، كذلك لم يُحدد سعر الكربون، أو حسم أهداف تشغيل مؤسسة تمويل الطاقة النظيفة (مصرف داعم للاستثمارات الخضراء مملوك للحكومة) لبرامج الطاقة المتجددة، أو التوسع في الطاقة الحرارية الأرضية أو الشمسية.

مزرعة لألواح الطاقة الشمسية في أستراليا
مزرعة لألواح الطاقة الشمسية في أستراليا

وبات الاعتماد على شبكة كهربائية بمصادر متجددة كالطاقة الشمسية والرياح ضربًا من الخيال، وتباين أداء الشركات حينها، فمن جهة أنفقت شركة مثل "أوريغين" الملايين على تقنيات الطاقتين الشمسية والحرارية الأرضية، في حين تحوّلت شركة "إيه جي إل" من الاهتمام بالطاقة الشمسية إلى إنفاق المليارات لتصبح أكبر مُولد للفحم بالبلاد.

وعلى مدار العقد المنتهي، بدأت الطاقة الشمسية تُسهم في دعم الشبكة بإنتاج صغير من أسطح المنازل، لكنه يشير إلى مستقبل يميل إلى الطاقة النظيفة، غير أن تلك الخطوات تعرضت لضغوط من أصحاب المصالح ممن استخدموا سلطاتهم لتحجيم انتشار الطاقة الشمسية.

وسعت كبرى الشركات لكبح جماح تشغيل مؤسسة تمويل الطاقة النظيفة "سي إي إف سي" التي تهتم بدعم مشروعات الطاقة المتجددة، واستبعد المهتمون بصناعة الفحم إمكان جني استثمارات من احتجاز الكربون وتخزينه دون التركيز على فائدة تلك الخطوة، وهي المعضلة التي تواجهها صناعة النفط والغاز الآن بعد حسم أمر الفحم.

وعلى سبيل المثال، سجلت حصة مصادر الطاقة المتجددة في الشبكة، خلال شهر يناير/كانون الثاني عام 2012، ما متوسطه 4.6% غالبيتها من الطاقة الكهرومائية، وانخفض سقف التوقعات الحكومية الرسمية حينها إلى إسهام الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء بنسبة 1% عام 2030، ترتفع إلى 3% عام 2050.

تطلعات العقد الجديد

رغم أن إنجازات العقد الماضي لم تكن هائلة، فإنها كانت جسر انتقال أثبت أن الطاقة النظيفة يمكن أن تجد لها مكانًا في الاستثمارات الأسترالية، كونها آمنة ونظيفة ومستدامة ومنخفضة التكلفة، ما مهّد لرؤى العقد الجديد وأهدافه.

وأتى الكفاح نحو تعزيز دور الطاقة المتجددة في أستراليا بثماره، ليقفز إسهامها في الشبكة الرئيسة من 4.6% عام 2012 إلى 34.4% يناير/كانون الثاني الجاري، أي بعد عقد كامل، وشكلت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح 28% من تلك الحصة، في حين انفردت الطاقة الشمسية وحدها بإسهام قدره 12.6% على مدار العام الماضي.

وتتجه التوقعات إلى أن تشكل الطاقة المتجددة نصف حصص توليد الكهرباء بحلول عام 2050، بخلاف التوقعات الرسمية -قبل 10 سنوات- التي حددت إسهامها بـ3% فقط خلال العام ذاته، وفق مقال للكاتب غايلز باركنسون في صحيفة رينيو إكونومي.

ولاية تقود التحول

تخزين-الكهرباء-أستراليا-البطاريات
بطاريات عملاقة لتخزين الكهرباء في جنوب أستراليا

تتولى ولاية جنوب أستراليا الريادة في استثمارات الطاقة المتجددة في أستراليا، إذ تتمتع بموارد مميزة بالإضافة إلى ترحيب حكومي بالاستثمارات النظيفة، لتتجه نحو الصدارة العالمية باستحواذها على نسبة 62.5% من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من الطلب المحلي، خلال العام الماضي.

وتستعد تلك الولاية لتسبق الدولة في تحقيق الأهداف المناخية لعام 2030، إذ قدمت لمدة إسهامًا من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يفوق الطلب المحلي، ما يؤهلها لتُسهم الطاقة المتجددة بما نسبته 100% من صافي الإنتاج على مدار عام كامل.

وبالاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح فقط في تشكيل المصادر المتجددة نسبة 100% من صافي الإنتاج، تُحقق ولاية جنوب أستراليا إنجازًا غير مسبوق، بما يؤهلها لوضع أسس تشغيل لنظام يمكن محاكاته عالميًا.

وعقب تحقيقها هذا الإنجاز، تتجه ولاية جنوب أستراليا إلى تخزين فائض التوليد، وإدارة الطلب، والربط بين الولايات الأخرى لتنسيق الصادرات والواردات من الكهرباء النظيفة، مع إتاحة اللجوء إلى الوقود الأحفوري حال جفاف موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

إنجازات مرتقبة

التحول التدريجي على مدار العقد الماضي دفع نحو سيناريوهات مستقبلية متفائلة، فمحطات الكهرباء العاملة بالفحم أُغلقت بعضها، والبعض الآخر يواجه مقاومة شعبية كالكتابة المناهضة على الجدران وغيرها، رغم محاولات تشبث أصحاب المصالح بدور الفحم.

وخلال العقد المقبل، تخطط ولاية نيو ساوث ويلز للتخلص نهائيًا من الفحم بحلول عام 2032، وتنحسر نسبة مبيعات سيارات الوقود الأحفوري من المبيعات الجديدة، وتستعد الطاقة المتجددة لتسُهم بما يتراوح من 80 إلى 100% في حصص الشبكة.

وتتماشى تلك الطموحات المستقبلية مع الأسس الكلية للصناعة نحو سيناريو يدعم توقعات مُشغّل سوق الطاقة في أستراليا بتشكيل الطاقة المتجددة حصة قدرها 80% بحلول عام 2030.

وتتسبّب الانبعاثات الناجمة عن قطاع العمالة الأسترالي، وكذلك انخفاض سقف طموحات تحالف الأحزاب الفيدرالية حول إسهام الطاقة المتجددة بنسبة 69% فقط، في عرقلة تلك الخطط المناخية.

ورغم خطوات الطاقة المتجددة في أستراليا خلال العقد الماضي، فإن العقد الجديد يرفع شعار "وداعًا لمحطات التحميل الأساسي في ظل نمو الطاقة الشمسية وطاقة الرياح"، كما أن الأسواق تتطلع إلى خطوات أكثر قوة بتعزيز الصادرات الخضراء (كهرباء، وهيدروجين، وأمونيا).

جنوب أستراليا - الكهرباء - الطاقة المتجددة

طموحات خضراء

دعّم رجال أعمال أستراليون عملية انتقال الطاقة خلال العقد الماضي، وتبنوا خططًا "خضراء" تدفع أستراليا نحو تصدير الهيدروجين والأمونيا والكهرباء والصلب ومنتجات صناعية أخرى، في صورة خضراء.

وتنتظر الطاقة المتجددة في أستراليا خلال السنوات المقبلة طموحات كبرى، بنشر مساحات شاسعة وتخصيصها لمزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المناطق النائية والساحلية والصحراوية، لإنتاج عشرات الغيغاواط من الكهرباء النظيفة.

وتُسهم هذه التوسعات في تعزيز سيناريو "قوة الهيدروجين العظمى" الذي يتوافق مع الخطط العالمية للحفاظ على درجات الاحترار عند 1.5 درجة، ويقضي بموت الوقود الأحفوري والإقلاع عن توليد الكهرباء بالاعتماد على الفحم ما بعد 2032.

وللاتساق مع سيناريو الهيدروجين ونشر توسعات الطاقة المتجددة في أستراليا، والقضاء على الوقود الأحفوري خلال العقد الجديد، يجب أن يتحول أسطول النقل الأسترالي إلى أسطول كهربائي وتقتصر مبيعات السيارات على الكهربائية منها فقط.

ويُنتظر أن تُسيطر الطاقة المتجددة في أستراليا (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) المُعززة بتقنيات التخزين وإدارة الطلب على الشبكة، وتُدعم المنازل والشركات والصناعات الضخمة مثل صناعة الصلب.

ورغم تذرع الحكومة الحالية بالافتقار إلى التقنيات اللازمة للتحول الأخضر، فإن الموارد موجودة، وتسمح الانتخابات الفيدرالية المقبلة بتصحيح القيادة الجديدة لمفاهيم تأخر النمو الأخضر.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق