مقالات الطاقة المتجددةالمقالاتالنشرة الاسبوعيةرئيسيةسلايدر الرئيسيةطاقة متجددةعاجلمقالات الهيدروجينهيدروجين

بن عتو زيان وزير الطاقات المتجددة: الجزائر ستزود أوروبا بالهيدروجين.. ولا يمكن محو النفط والغاز (مقابلة)

أجرى المقابلة - عبدالرحمن صلاح

اقرأ في هذا المقال

  • كل ما شُيِّد في الجزائر من استثمارات وتنمية كان بفضل عائدات النفط والغاز
  • الهدف الأول لاستعمال الطاقات المتجددة تخفيض كمية الغاز المستهلك محليًا
  • الجزائر ستؤدي دورًا مهمًا في إنتاج وتصدير الهيدروجين استنادًا لمقوماتها الكبيرة
  • يمكن للدولة بإمكاناتها الكبيرة في الطاقات المتجددة أن تصبح رائدة عالميًا
  • السيارات الكهربائية تمثّل تحديًا للجزائر، لأن أغلب الدول الكبرى المصنّعة تتجه نحو تعميم هذا النوع

يحمل وزير الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة الجزائري بن عتو زيان على عاتقه مهمة تحوّل بلاده إلى الطاقة النظيفة، ليس هذا فحسب، بل يعدّه الجزائريون مسؤولًا عن "حُلم" الريادة العربية في هذا المقال، وأيضًا قيادة شمال أفريقيا إلى مصافّ الدول المصدّرة للطاقة المتجددة.

في حين يرى الوزير أن الجزائر تملك فعليًا مقومات كبيرة تؤهلها إلى الريادة، وتحقيق إنجازات ضخمة في مجال الطاقة المتجددة، بفضل عدّة عوامل، من بينها الاهتمام الحكومي.

"الطاقة" حاورت بن عتو زيان، وطرحت عليه العديد من تساؤلات الرأي العامّ في الجزائر وغيرها، خاصة ما يتعلق بتصدير الهيدروجين، وخطط بلاده في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ونشر السيارات الكهربائية، إلى جانب إمكان التخلص من الاعتماد على النفط والغاز، وتحرير قطاع الطاقة من الدعم الحكومي.. وإلى نصّ المقابلة:

بداية.. في السابع من يوليو/تموز 2021، تولّيتم المنصب في التشكيل الجديد للحكومة برئاسة أيمن بن عبدالرحمن.. كيف تلقّيتم هذا التكليف حينها؟ وما أبرز المحاور التي أوصى رئيس الوزراء بالعمل عليها؟

نعم، تولّيت هذا المنصب منذ السابع من يوليو/تموز، وزيرًا لقطاع حسّاس يتمثل في المستقبل الطاقوي للجزائر في خضمّ صراعات ورهانات وطنية وإقليمية تفرض منطقها، كالتغيرات المناخية، وتناقص الموارد الأحفورية، وزيادة الطلب الوطني على الطاقة.

في بداية الأمر، عند تلقّي الخبر، فرحتُ من جهة لثقة السيد الرئيس عبدالمجيد تبون في شخصي، لكن شعرت بحجم المسؤولية، يقينًا مني أن التسيير هو نفسه مع الخبرة التي اكتسبتُها في ميدان الطب مع اختلاف في الميدان والاستشراف، وبمساعدة طاقمي التقني الذي يعمل معي، والذي أشكره بالمناسبة، وبالتحلي بروح المسؤولية رفعنا التحدي، ووضعنا خططًا ميدانية لتحقيق أهداف التحول الطاقوي مع مؤشرات نجاعة وتصحيح دائم.

إنني أتذكر أول يوم لي مع السيد رئيس الجمهورية والسيد الوزير الأول في مجلس الوزراء، تعرف كيف كان الشعار حينها؟

أولًا، الإنعاش الاقتصادي ودعم الاستثمار والخروج من التبعية لقطاع المحروقات.

ثانيًا، استعادة ثقة المواطن وإيجاد الحلول كلّ في ميدانه، والسهر على تحقيق كرامة المواطن وصون حقّه في العيش الكريم.

وأخيرًا، تنفيذ التزامات السيد رئيس الجمهورية الـ54 على أرض الواقع، خاصة البند 21 المتعلق بالتحول الطاقوي والحفاظ على الغاز الطبيعي.

بن عتو زيان وزير الطاقات المتجددة في الجزائر

لكن الثقافة السائدة في الجزائر حاليًا لا تزال تنظر إلى النفط و الغاز بوصفه الوقود الرئيس، وأن الطاقة المتجددة صعبة المنال.. ما رأيكم؟ ومتى تتحرر الجزائر من الاعتماد على الوقود الأحفوري؟

لايخفى على أحد أن كل ما شُيِّد في الجزائر من استثمارات وتنمية كان بفضل عائدات النفط والغاز الطبيعي، ولا يمكن في أيّ حال من الأحوال محو هذين الموردين من المزيج الطاقوي للجزائر آفاق 2030 و2040، على غرار كل دول العالم، إذ يمثّلان إيراداتنا من العملة الصعبة.

إن الإشكال يتعلق بالنسبة للاستهلاك الوطني من الغاز الطبيعي الذي يعادل 43% من الإنتاج الوطني، لو يوجّه جزء منه للتصدير ويستبدل بالطاقات المتجددة التي تعرف تكلفتها انخفاضًا كبيرًا.

دعني أطرح مثالًا عليك: تكلفة الطاقة الشمسية انخفضت بـ 80% في الـ10 سنوات الأخيرة، وهذا سيسمح برفع كمية التصدير بالعملة الصعبة، ومن ثم تشييد الاستثمارات المستقبلية، كمحطات الطاقات المتجددة، وإنتاج الهيدروجين الأخضر، والتحول نحو التنقل الكهربائي.. هذا ما سيؤمّن الطاقة في الجزائر.

وبالرجوع إلى سؤالك، فإن الطاقات المتجددة هي حقيقة ذات مردودية كبيرة وجب على الجزائر الإسراع في التحول إليها، ويمكن للدولة بإمكاناتها الكبيرة في الطاقات المتجددة أن تصبح رائدة في العالم.

في 30 ديسمبر/كانون الأول 2020، قال وزير الطاقة حينها، عبدالمجيد عطار، إن الدولة تدعم قطاع الطاقة بـ15 مليار دولار سنويًا (دعم أسعار الكهرباء والغاز والوقود وتحلية مياه البحر).. هل من المستهدف إلغاء هذا الدعم؟

إن الجزائر من الدول التي تتبنّى سياسة الدعم بشكل كبير، وذلك استجابة لمتطلبات التنمية والعيش الكريم لشعبها، وهذا الملف من اختصاص الحكومة والسيد رئيس الجمهورية، لكن فيما يخصّ قطاع الطاقة،نسعى إلى إرساء التحول الطاقوي لأجل الحفاظ على الغاز الطبيعي، والذي هو مدعم بشكل كبير وطنيًا، إذ إن سعره في السوق الدولية يمثّل أكثر من 20 مرة من سعره المحلي، سواء الموجّه لإنتاج الكهرباء أو للاستهلاك المباشر.

كذلك التوجّه إلى السيارات الكهربائية يُمكِّن من الحفاظ على الوقود والبنزين، ومن ثم الحفاظ على النفط، وأيضًا إنتاج الهيدروجين الذي يمثّل الغاز الطبيعي المستقبلي للجزائر.

كلما تطرّقنا للطاقة المتجددة يزعمون أن الاتجاه إليها سيؤثّر بشدة في إيرادات الدولة من النفط والغاز.. ما رأيكم؟

الهدف الأول والإستراتيجي لاستعمال الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية هو تخفيض كمية الغاز المستهلك محليًا، ومن ثم زيادة الإيرادات وليس تخفيضها، وبمرحلة ثانية دعم هذه الإيرادات بالكهرباء من مصادر متجددة، إضافة إلى الهيدروجين الأخضر الذي يعدّ الوقود المستقبلي، خاصة في السوق الأوروبية.

بن عتو زيان وزير الطاقات المتجددة في الجزائر

هل يمكن الوصول إلى 30 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية قبل عام 2030، وفقًا لمخطط وضعه وزير الانتقال الطاقوي السابق؟

حاليًا، برنامج الحكومة المصادق عليه فيما يخصّ الطاقات المتجددة هو 15 ألف ميغاواط بحلول عام 2035، أي 1000 ميغاواط سنويًا، ما سيمثّل 27 إلى 30% من المزيج الطاقوي للجزائر 2035.

فربما الرقم الذي تتكلم عنه هو عبارة عن سيناريو أكثر تفاؤلًا، ما يستوجب إمكانات ومهارات معينة لتحقيقه.

لماذا كانت خطوة تأسيس الشركة الجزائرية للطاقات المتجددة "شمس"؟.. وماذا تتوقعون لها؟

على غرار الدول الرائدة في مجال الطاقة الشمسية، قمنا باستحداث شركة شمس، وهي مطوّر مشروعات الطاقة المتجددة، ونتابع هذه المشروعات ابتداءً من إطلاق المناقصة إلى عقد شراء الكهرباء مرورًا بصياغة دفتر الشروط، وتحديد التكنولوجيا والتعامل مع المناقصين.

كل هذا لا يمكن للوزارة متابعته عن قرب، ومن ثم هذه الشركة مفوّضة ومكلّفة من قبل الوزارة للإشراف على هذه المشروعات.

ما هي نسبة اعتمادكم حاليًا على الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني؟

السعة الحالية للطاقة المتجددة ضئيلة، فهي في حدود 450 ميغاواط، باحتساب كل مشروعات الطاقات المتجددة، بما في ذلك طاقة المياه أو الطاقة الهيدروليكية، أي ما يمثّل 2% من المزيج الإجمالي.

مثلما بدأتم الاستفادة من الطاقة الشمسية.. هل هناك خطة مرتقبة لمشروعات طاقة الرياح؟

بطبيعة الحال، لعلمكم طاقة الرياح -مثلما أشارت إليه الدراسات- تمثّل مصدرًا طاقويًا كبيرًا في الجزائر، ولقد أطلقنا دراستين لتحيين الأطلس الوطني لطاقة الرياح مع التدقيق في المناطق التي أشارت إليها الدراسات السابقة، على غرار منطقة الجلفة أو منطقة خنشلة اللتين يتوفر بهما إمكانات كبيرة من هذه الطاقة، وأيضًا مناطق أخرى، وستُتبع هذه الدراسات بمشروعات لتثبيت هذا النوع من الطاقة.

بن عتو زيان وزير الطاقات المتجددة في الجزائر

في 3 أكتوبر /تشرين الأول الماضي، صرّحتم بأن "تصدير الهيدروجين عبر قنوات الغاز الطبيعي وارد"، ما خطة الجزائر للاستفادة من خطوط الأنابيب في تصدير الهيدروجين، خاصة أنكم أول دولة عالميًا تعلن ذلك؟

بالرجوع إلى دراسة قامت بها دائرتنا الوزارية مع الشريك الألماني بالنسبة لتقييم إنتاج الهيدروجين -خاصة الأخضر- في الجزائر، أشارت هذه الدراسة إلى أن الجزائر ستؤدي دورًا مهمًا في الإنتاج وتصدير هذه النوعية، استنادًا لمقوماتها الكبيرة من الطاقة النظيفة على غرار الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، زيادة على قنوات الغاز الرابطة بأوروبا، والخبرة التي تتمتع بها بلادنا في إنتاج الغاز الطبيعي وتسويقه.

كل هذه العوامل ستسمح بسعر كيلوغرام من الهيدروجين جدّ تنافسي، خاصة باستعمال القنوات الناقلة للغاز الطبيعي، إذ يمكن إدماج نسبة 25% من الهيدروجين، هذا حسب الدراسات، لكن ما هو آمن في حدود 10% مع مراعاة الخصائص الكيميائية والفيزيائية للهيدروجين كاللزوجة، الميوعة، الكثافة،.. إلخ.

الجزائريون يتفاءلون بأن الدولة لديها القدرة على غزو أوروبا بصادرات الهيدروجين.. هل يمكن ذلك على أرض الواقع؟

كما أخبرتكم في الجواب الأخير، نحن نملك كل المقومات لإنتاج وتسويق الهيدروجين بتكلفة جدّ تنافسية، وكل الدراسات، ومن بينها وكالة الطاقة الدولية أو الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، تشير إلى أن الجزائر ستزوّد أوروبا بالهيدروجين، وخاصة الأخضر، وهذا ما نلمسه من التقارب الألماني للشراكة مع الجزائر، علمًا بأن ألمانيا ستعتمد بشكل كبير على الهيدروجين الأخضر من أجل تحقيق أهداف محايدة الكربون في 2050.

مشروعات الهيدروجين شديدة التكلفة، هل يمكن أن تتحمل الخزانة العامة هذا العبء، أم هناك مستثمرون يمكنهم التمويل؟

في النظرة الجديدة لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة أو الهيدروجين، فهي تعتمد على الاستثمارات الخاصة، سواء كانت وطنية أو أجنبية، وما يُعرف بالمنتجين المستقلّين للطاقة.

كما تؤدي البنوك دورًا مهمًا في هذا التمويل، خاصة البنوك الخضراء التي تشجع هذه الاستثمارات، وهذا ما يستبعد اللجوء إلى الخزينة العمومية.

في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أعلن وزير الطاقة تنصيب "اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين".. ما مهمة هذه اللجنة؟ وماذا يعني تشكيلها بالنسبة للجزائر؟

إن تطوير الهيدروجين في الجزائر يعدّ من بين المشروعات المستقبلية التي تعوّل عليها الدولة، لهذا فهي تحت رعاية السيد الوزير الأول الذي أسدى تعليمات بإنشاء اللجنة الوطنية لإعداد الإستراتيجية الوطنية لتطوير الهيدروجين، والتي تضم كلًا من وزارتي الطاقة والانتقال الطاقوي، والتي من مهامها وضع أسس تطوير الهيدروجين في الجزائر، مع نظرة استشرافية تحدد معالم سبل ومناهج تطوير الهيدروجين، ابتداءً من مصدر الطاقة النظيف، وتوفير المياه، وكذلك اللوجيستيات من وسائل الإنتاج والنقل والتخزين وحتى الاستعمالات الموجهة.

وهذه اللجنة لها دور كبير في تنوير الرأي العامّ العالمي حول نية الجزائر الجادة في تطوير الهيدروجين، ومن ثم تصدُّر الدول في هذا المجال.

كيف ترون فرص نشر السيارات الكهربائية في الجزائر، وتقليل الاعتماد على سيارات الاحتراق الداخلي؟

التوجه نحو التكنولوجيا الجديدة يمليه السياق الدولي الذي ينتهج سبل تحقيق الحياد الكربوني، وذلك بالتخلي عن منابع الوقود الأحفوري الضارّ بالبيئة، والتوجه نحو نماذج طاقوية نظيفة ومستدامة.

فالسيارات الكهربائية تمثّل تحديًا للجزائر، لأن أغلب الدول الكبرى المصنّعة للسيارات تتجه نحو تعميم هذا النوع من السيارات، مما يجب علينا إعداد الإستراتيجية الملائمة لهذا التحول، وهذا يمثّل أيضًا إحدى ركائز مخطط عمل الوزارة.

هل هناك خطة لتحقيق البلاد الحياد الكربوني؟

لقد صادقت الجزائر بموجب معاهدة باريس للمناخ على تخفيض 7% من انبعاثات غازات الدفيئة بمصادرها الخاصة، و22% إذا حصلت على المساعدة الدولية، لكن آجال تحقيق الحياد الكربوني هو مسؤولية متباينة بين الدول المصنّعة الأكثر تلويثًا، والدول السائرة في طريق النمو الأقلّ تلويثًا.

وتمثّل 24 دولة ما يقارب 80% من غازات الدفينة، لهذا فمسألة الحياد الكربوني حتمية للدول المتطورة بدرجة أساسية، ثم يأتي الدور على دول أخرى كالجزائر الأقلّ تلويثًا.

ما طموحاتكم وخطتكم المستقبلية للنهوض بقطاع الطاقة المتجددة في الجزائر ووضعها على الخريطة العالمية؟

نطمح بصورة واضحة في وضع نموذج طاقوي للجزائر يرتكز بشكل رئيس على الطاقات المتجددة من مختلف منابعها، سواء شمسية، أو رياحًا، أوتدوير النفايات، أو حتى الطاقة الأرضية الجوفية، وكذلك إرساء تدابير الفاعلية الطاقوية، والتحكم في الطاقة.

ولهذا، قمنا بوضع خرائط عمل مشتركة مع أكثر من 22 وزارة من أجل الانتقال التدريجي نحو نماذج إنتاج واستهلاك أكثر استدامة، وكذلك التوجه نحو إعداد البيئة الملائمة المشجعة على الاستثمار في ميدان الطاقات المتجددة بالجزائر، وحتى إنتاج الهيدروجين، وذلك لتحقيق الأمن الطاقوي في البلاد، وتعظيم الإيرادات عن طريق التصدير، وهذا بالاعتماد على المورد البشري الجزائري والجامعات ومراكز البحث والتكوين، لبلوغ أهدافنا والتموقع ضمن الخريطة المستقبلية للطاقة في العالم.

بن عتو زيان وزير الطاقات المتجددة في الجزائر
وزير الطاقات المتجددة في الجزائر بن عتو زيان
بن عتو زيان وزير الطاقات المتجددة في الجزائر
وزير الطاقات المتجددة في الجزائر بن عتو زيان

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق