المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةطاقة نوويةمقالات الطاقة النوويةمقالات الهيدروجينهيدروجين

الهيدروجين الأصفر.. أول إعلان عربي لإنتاجه باستخدام الطاقة النووية - مقال

عادة ما تُستخدم الألوان في تصنيف أنواع الهيدروجين وفق المادة الخام والطاقة المستخدمة، واستنادًا إلى هذا التصنيف، يوجد نحو 6 أنواع؛ من بينها ما يعرف باسم الهيدروجين الأصفر، وهو الهيدروجين الذي يُنتَج عبر التحليل الكهربائي للماء باستخدام الكهرباء المولدة من محطات الطاقة النووية، لفصل مكوناتها إلى الهيدروجين والأكسجين في أجهزة التحليل الكهربائي.

أما "الهيدروجين الأخضر"، فيُنتَج باستخدام العملية نفسها ولكن باستخدام الكهرباء المولدة من محطات الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والخلايا الكهروضوئية.

فالهيدروجين لا يوجد في الطبيعة عنصرًا حرًا إلا في حالات نادرة جدًا؛ لذا يُنتَج من مصادر أخرى قبل استخدامه وقودًا أو مادة خام في القطاعات الاقتصادية المختلفة، ويتميز الهيدروجين بوجوده في العديد من المركبات الموجودة بوفرة في الطبيعة، لكن تتطلب عملية إنتاجه توفير مصدر للطاقة؛ ومن ثم عند التخطيط لتنفيذ أي مشروع لإنتاج الهيدروجين لا بد من ضمان توافر كل من المادة الخام ومصدر للطاقة التي ستُستخدم في عملية الإنتاج.

وعلى الرغم من أن كلا النوعين (الهيدروجين الأخضر والهيدروجين الأصفر) -ضمن ما يعرف باسم الهيدروجين منخفض الكربون الصديق للبيئة- لا تتسبب عملية إنتاجهما في أي انبعاثات كربونية؛ فإن الهيدروجين الأخضر حاز اهتمام المجتمع الدولي، وبات يستحوذ على الغالبية العظمى من المشروعات المعلنة من قِبل الحكومات والمؤسسات الدولية؛ لسهولة تكامل إنتاجه مع مصادر الطاقة المتجددة.

بينما لم يحظَ الهيدروجين الأصفر بهذا الاهتمام، وأبدى عدد محدود للغاية من الدول اهتمامًا بالاستثمار فيه واعتباره عضوًا مهمًا في منظومة الطاقة لتحقيق الحياد الكربوني.

الهيدروجين الأصفر

أيهما أفضل: الهيدروجين الأخضر أم الهيدروجين الأصفر؟

يُعَد معامل السعة (Capacity Factor) لمحطة الكهرباء -حاصل قسمة الطاقة الكهربائية المنتجة فعليًا والقدرة الاسمية- من العوامل المؤثرة في تكاليف إنتاج الهيدروجين؛ فكلما ارتفعت قيمة معامل السعة؛ زادت مدة تشغيل جهاز التحليل الكهربائي؛ ومن ثم كان العائد منه أعلى، ومدة استرداد التكاليف الرأسمالية أسرع.

ولتحقيق ذلك، يجب ألا يقل معامل السعة للمحطة التي ستولد الكهرباء اللازمة لإنتاج الهيدروجين عن 60-70%، إلا أن ذلك بدوره يشكّل تحديًا كبيرًا حال استخدام محطات الطاقة المتجددة؛ كونها تتسم بانخفاض معامل السعة لها الذي تتراوح قيمته بين 10 و21% للخلايا الكهروضوئية، و23-44% لتوربينات الرياح المقامة على البر.

بينما تتميز محطات الطاقة النووية بارتفاع معامل السعة لها التي تعد الأعلى على الإطلاق مقارنة بأي محطات طاقة أخرى، وقد تصل في المتوسط إلى 90-95%.

لذلك؛ فإن استخدام الطاقة النووية يُعَد أعلى نجاعة في إنتاج الهيدروجين من استخدام الطاقة المتجددة التي تتسم بطبيعتها المتقطعة، وسيُسهم في استرداد التكاليف لأجهزة التحليل الكهربائي بشكل أسرع، وهو أمر مهم لجذب الاستثمارات في هذا المجال الواعد.

وتُعَد بريطانيا أول دولة في العالم أعلنت اهتمامها بالهيدروجين الأصفر ضمن إستراتيجيتها الوطنية للهيدروجين المعلنة في أغسطس/آب 2021، والتي وضعت هدفًا كليًا لإنتاج الهيدروجين "منخفض الكربون" بقدرة إجمالية لأجهزة التحليل الكهربائي قدرها 5 غيغاواط بحلول عام 2030، على أن يدخل منها نحو 1 غيغاواط بحلول عام 2025.

وأوضحت الإستراتيجية أن هذا الهدف سيُسهم في تقليل نحو 41 مليون طن مكافئ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال المدة 2023-2032، وخلق نحو 7 آلاف وظيفة داخل بريطانيا.

وبحسب الإستراتيجية البريطانية؛ فإن رفع نسبة إنتاج الكهرباء من مصادر منخفضة الكربون مثل الطاقة النووية يشكل المسار الأول نحو تحقيق نزع الكربون من باقي مكونات منظومة الطاقة، والمساهمة في إنتاج الهيدروجين باستخدام عملية التحليل الكهربائي للماء.

وعلى الرغم من هذا الإعلان الصريح نحو استغلال الطاقة النووية في إنتاج الهيدروجين الأصفر في المملكة المتحدة؛ فإن الإستراتيجية الوطنية لم تحدد حصة الهيدروجين المنتج باستخدام الطاقة النووية، وباستخدام مصادر الطاقة المتجددة، واكتفت بذكر الهدف الإجمالي عند 5 غيغاواط.

أول إعلان عربي لاستغلال الهيدروجين الأصفر

بخلاف بريطانيا، أبدت دولة الإمارات العربية المتحدة، اهتمامًا أيضًا بإنتاج الهيدروجين باستخدام الطاقة النووية؛ حيث أعلنت هيئة الإمارات للطاقة النووية في 12 يناير/كانون الثاني الجاري، إمكان إنتاج الهيدروجين بطاقة مليون طن/السنة باستخدام محطة "براكة النووية" الواقعة في مدينة أبوظبي، التي تضم 4 وحدات من الطراز المتقدم APR1400، بقدرة إجمالية 5600 ميغاواط، وهي المحطة التي ستلبي مستقبلًا نحو 25% من احتياجات الإمارات من الكهرباء.

والإمارات هي الدولة العربية الأولى والوحيدة في العالم العربي التي أدخلت فعليًا الطاقة النووية ضمن منظومة الطاقة الوطنية؛ حيث نجحت في شهر أبريل/نيسان 2021 في إتمام التشغيل التجاري للوحدة الأولى بمحطة براكة التي تبلغ قدرتها 1400 ميغاواط بعد اكتمال الربط بشبكة الكهرباء الرئيسية.

بينما شُغِّلَت الوحدة الثانية في أغسطس/آب 2021، وجرى الربط بشبكة الكهرباء الرئيسة في سبتمبر/أيلول 2021، وهي تخضع في الوقت الراهن لعملية الرفع التدريجي لمستويات طاقة المفاعل التي تعرف بـ"اختبار الطاقة التصاعدي"، ثم يعقبها التشغيل التجاري، لتضيف نحو 1400 ميغاواط أخرى من الطاقة الخالية من الكربون.

كما اكتملت الأعمال الإنشائية في الوحدة الثالثة وفق آخر تحديث عن المشروع، صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ومن المتوقع إنهاء الاختبارات التشغيلية لها ودخولها حيز التشغيل التجاري بحلول عام 2023.

أما الوحدة الرابعة؛ فوصلت نسبة الأعمال الإنشائية بها إلى أكثر من 91%، وستنتج المحطات الأربع فور تشغيلها بالكامل ما يصل إلى 5600 ميغاواط من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية لأكثر من 60 عامًا (متوسط عمر المفاعلات النووية).

كم يحتاج إنتاج مليون طن سنويًا من الهيدروجين الأصفر من الكهرباء؟

يحتاج إنتاج الهيدروجين الأصفر إلى الكهرباء المولدة من المحطة النووية؛ لاستخدامها في عملية التحليل الكهربائي للماء، وفي المتوسط يستهلك الجهاز المستخدم في العملية وفق الأنواع التجارية المتاحة نحو ±55 كيلو واط/ساعة (عند الطاقة القصوى) لإنتاج 1 كيلوغرام من الهيدروجين (القيمة الحرارية الدنيا لواحد كيلوغرام من الهيدروجين تعادل 33.3 كيلو واط/ساعة).

كما ستستهلك تلك العملية نحو 10 لترات من الماء منزوع المعادن؛ ومن ثم فإن إنتاج مليون طن من الهيدروجين سيستهلك من الكهرباء ما يعادل نحو 55 تيراواط/ساعة سنويًا.

وبالنظر إلى قدرة محطة براكة الإجمالية التي تصل إلى 5600 ميغاواط -بعد اكتمال تشغيل وحداتها الـ4-؛ فإن تشغيلها بكامل طاقاتها مع فرضية معامل سعة يصل إلى 95%، سيسمح بإنتاج ما يعادل نحو 46.6 تيراواط/ساعة سنويًا، والتي ستكفي لإنتاج 850 ألف طن (أي 0.85 مليون طن سنويًا) من الهيدروجين الأصفر، والذي ينسجم تقريبًا مع الرقم المعلن من مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، مع فرضية أن الطاقة المولدة من المحطة ستخصص بالكامل لعملية إنتاج الهيدروجين.

الهيدروجين الأصفر ومتطلبات الماء والكهرباء لإنتاج الهيدروجين باستخدام جهاز التحليل الكهربائي

التعاون بين الإمارات وبريطانيا في مجال الهيدروجين منخفض الكربون

جدير بالذكر أن كلًا من الإمارات وبريطانيا قد أعلنتا في 17 سبتمبر/أيلول 2021 توقيع اتفاقية للتعاون الثنائي بينهما في استكشاف فرص تطوير مركزين للهيدروجين النظيف في كل من البلدين بطاقة إنتاجية أولية تبلغ 2 غيغاواط (بواقع 1 غيغاواط في كل منهما).

ويتماشى ذلك مع هدف خفض الانبعاثات بنسبة 23.5% المتضمن في المساهمات المحددة وطنيًا لدولة الإمارات، وهدف بريطانيا بإنتاج 5 غيغاواط من الهيدروجين منخفض الكربون بحلول عام 2030.

وربما يكون الهيدروجين الأصفر أحد أوجه التعاون ضمن هذا الإطار بحسب ما ستسفر عنه الأيام المقبلة.

تكلفة الهيدروجين الأصفر وفرص إنتاجه في دول أخرى

تُعَد تكلفة إنتاج الهيدروجين الأصفر أبرز المعوقات الأساسية أمام التوسع في إنتاجه؛ فهي تعتمد بشكل مباشر على تكلفة الكهرباء المولدة من المفاعلات النووية، لكنها تظل منافسة إذا ما قورنت بتكلفة الهيدروجين الأخضر؛ لارتفاع معامل السعة للمحطات النووية كما أُشِير آنفًا؛ الأمر الذي سيسمح بتشغيل أجهزة التحليل الكهربائي على مدار العام، لكن بالتأكيد كلاهما أعلى من تكلفة الهيدروجين الرمادي الذي يُنْتَج من الغاز أو حتى الهيدروجين الأزرق بعد تطبيق احتجاز وتخزين الكربون الناتج خلال عملية الإنتاج.

كما أن إنتاج الهيدروجين الأصفر سيتطلب أن تكون هناك محطات للطاقة النووية مغذية لمحطة إنتاج الهيدروجين، وهي غير منتشرة على نطاق واسع حول العالم؛ لارتفاع التكاليف الرأسمالية من ناحية، والقيود الدولية المفروضة على هذا النوع من الطاقات من ناحية أخرى.

الهيدروجين الأصفر

وعالميًا، بلغ عدد مفاعلات الطاقة النووية قيد التشغيل حتى مطلع عام 2021 نحو 442 مفاعلًا، وهي تتوزع في نحو 32 دولة حول العالم.

ويقع نصف العدد تقريبًا في 3 دول؛ هي الولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، ومن بين قائمة الدول التي لديها مفاعلات نووية، يوجد منها نحو 11 دولة مهتمة بالاستثمار في الهيدروجين، وأعلنت بالفعل الإستراتيجية الوطنية بأهداف واضحة في سبيل تحقيق الحياد الكربوني، وهي تملك مجتمعة قدرات مركبة لمفاعلات الطاقة النووية بإجمالي 163092 ميغاواط.

وربما تشهد المدة المقبلة إعلان البعض منها دراسة الاستثمار في إنتاج الهيدروجين الأصفر.

الهيدروجين الأصفر والقدرات المركبة للمحطات النووية

* هذا المقال كُتِبَ خصيصًا في تعقيب رسمي طلبته "الطاقة" من أوابك عن كيفية إنتاج الهيدروجين من الطاقة النووية، وتعليقًا على خطوة الإمارات في هذا الشأن.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق