نفط الأمازون يقضي على التنوع البيئي ويملأ جيوب الشركات الصينية
نوار صبح
- تتصدّر كاليفورنيا الأميركية قائمة مستهلكي النفط المستخرج من أعماق متنزّه ياسوني الوطني
- يضمّ المتنزّه أكثر من مليار برميل من النفط الخام
- ينبغي بذل جميع الجهود لحماية الغابات المطيرة في الإكوادور
- بحلول عقد التسعينيات تلاشت الطفرة النفطية ودخلت البلاد في ركود حادّ
- الحكومة الإكوادورية تدين بأكثر من 18 مليار دولار للصين
بينما يعجّ متنزّه ياسوني الوطني وغابات الأمازون المطيرة في الإكوادور بكل مقومات الحياة، فإنه يخفي في أعماقه -أيضًا- ثروات هائلة من النفط الذي يُصدّر إلى مختلف أنحاء العالم، ويذهب 66% منه إلى الولايات المتحدة في المتوسط.
وتتصدّر ولاية كاليفورنيا الأميركية قائمة مستهلكي النفط المستخرج من أعماق هذا المنتزّه الكبير.
ويتميز متنزّه ياسوني الوطني في الإكوادور وسط غابات الأمازون، الذي تنتزع الجرّافات أشجاره، بأنه موطن ما يزيد عن 600 نوع من الطيور و60 نوعًا من الثعابين و140 نوعًا من الضفادع، إلى جانب مختلف الأشجار والنباتات وثعالب الماء وقرود العنكبوت البيضاء المهددة بالانقراض.
ويضمّ المتنزّه -الذي تبلغ مساحته 9842 كيلومترًا مربعًا- أكثر من مليار برميل من النفط الخام، إضافة إلى ثرواته النباتية والحيوانية، وفقًا لتقرير نشره موقع قناة "سي إن بي سي" الأميركية، مؤخرًا.
واستخرجت شركات النفط، على مدار السنوات الـ50 الماضية، كميات هائلة من الخام من الأمازون؛ ما تسبّب في تدمير الغابات المطيرة، التي تؤدي دورًا مهمًا في إبطاء تغيّر المناخ، وتعريض القبائل الأصلية -التي تعتمد عليها- للخطر.
وتقوم شركة النفط الحكومية التي تتعاقد من الباطن مع شركات صينية، حاليًا، بعملياتها الميدانية لبناء طريق للوصول إلى القسم الجديد من الآبار في أعماق متنزّه ياسوني.
وقالت زعيمة قبيلة "واوراني"، نيمو غيغويتا: "من المؤلم رؤية القليل المتبقي من الغابات المطيرة داخل هذه المنطقة المحمية، وينبغي بذل جميع الجهود لحماية الغابات المطيرة في الإكوادور، رغم أن السلطات تمنح المزيد من امتيازات النفط".
ووجد التقرير الصادر عن المجموعتين البيئيتين: أمازون، ووتش وستاند إيرث، أن خزّانًا واحدًا في المتوسط من كل 7 خزّانات من الغاز أو الديزل أو وقود الطائرات التي ضُخَّت في جنوب ولاية كاليفورنيا، العام الماضي، جاءت من غابات الأمازون المطيرة.
وأفاد التقرير أن شركات كوستكو وأمازون وبيبسي تندرج ضمن أكبر 25 مستهلكًا للنفط المستخرَج من غابات الأمازون.
وقالت الباحثة البارزة لدى مجوعة ستاند إيرث البيئية، والمؤلفة الرئيسة للتقرير، إن استهلاك ولاية كاليفورنيا للنفط مرتبط بتدمير الأمازون.
نفط الإكوادور بين الطفرة والكساد
عُرِضَ أول برميل رمزي من النفط الخام في شوارع مدينة كيتو عاصمة الإكوادور، كما لو كان بطلًا قوميًا سيجلب الرخاء للإكوادور، التي بدأت التنقيب عن النفط في منطقة الأمازون الإكوادورية في عقد الستينيات من القرن الماضي، وانتعش اقتصاد الإكوادور خلال العقد التالي.
وبحلول عقد التسعينيات، تلاشت الطفرة النفطية، ودخلت البلاد في ركود حادّ؛ ما أدى إلى سلسلة من الصفقات مع شركات النفط الأجنبية وتزايد الديون في نهاية المطاف.
وتعهّد الرئيس الإكوادوري، غييرمو لاسو، الذي أدى اليمين في مايو/أيار الماضي، بمضاعفة إنتاج البلاد من النفط، دون أن يتوقع أن يتأثّر متنزّه ياسوني الوطني بأنشطة التنقيب.
ويقع متنزّه ياسوني الوطني في شرق الإكوادور عند ملتقى سفوح جبال الأنديز، وحوض الأمازون الغربي وخط الاستواء، وتساوي مساحته مساحة ولايتي رود آيلاند وديلاوير الأميركيتين معًا.
ويحتوي المتنزّه على عدد كبير من أنواع الأشجار في هكتار واحد (2.5 فدانًا) مقارنة بالولايات المتحدة وكندا مجتمعتين، ويُعدّ موطنًا لشعب الووراني بالإضافة إلى قبيلتين غير متصلتين تعيشان في أعماق الغابة، هما: تاغيري وتارومينان.
وبدأ التنقيب عن النفط في المتنزه، في السبعينيات، وفي عام 2007 اقترح الرئيس الإكوادوري، رافائيل كوريا، خطة جديدة لحماية الغابات المطيرة من عمليات الحفر.
ودعا رافائيل كوريا المجتمع الدولي إلى التبرع بنحو 3.5 مليار دولار، ما يقرب من نصف الإيرادات التي قدّرت الإكوادور أنها ستجنيها من التنقيب عن النفط في متنزه ياسوني، لكن الخطة فشلت بعد 6 سنوات، بعد أن جمعت الإكوادور أقلّ من 10% من الرقم المستهدف.
موقف مجموعات البيئة
يقول دعاة حماية البيئة، إن حفر مئات الآبار الجديدة في المتنزّه الوطني يتطلب بناء طرق وبنية تحتية أخرى، ومن المرجح أن تسرّع إزالة الغابات.
ووفقًا للتقرير الصادر عن المجموعتين البيئيتين أمازون ووتش وستاند إيرث، فإن إنشاء طريق أولي داخل المتنزّه يبعد الآن أقلّ من 1300 قدم (396 مترًا) عن المنطقة "المحظورة" المصممة لحماية القبائل المنعزلة.
وأشار مدير المناخ والطاقة لدى مجموعة أمازون ووتش، كيفين كونيغ، إلى أن هذه الغابات تؤدي دورًا حيويًا في التخفيف من تغيّر المناخ؛ إذ تمتص الغابات كميات هائلة من الكربون؛ ما يساعد على تقليل معدل تراكم ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
وقال المتحدث باسم مجموعة ياسونيدوس، المعنية بحماية المتنزّه، بيدرو بيرمو، إن الحكومة الإكوادورية تدين بأكثر من 18 مليار دولار للصين، وفقًا لقاعدة بيانات تديرها جامعة بوسطن ومؤسسة الحوار الأميركية، وتعدّ عائدات النفط ضرورية لسداد القروض.
وقد باعت الإكوادور حقوق التنقيب عن النفط في متنزّه ياسوني الوطنية إلى كونسورتيوم من شركات النفط الصينية المملوكة للدولة على الرغم من المعارضة الشديدة من جانب جماعات السكان الأصليين والمدافعين عن البيئة.
وجهة النفط
أشار التقرير الصادر عن المجموعتين البيئيتين أمازون ووتش وستاند إيرث إلى أن الإكوادور ليست البلد المنتج الوحيد للنفط في أميركا الجنوبية، لكنها تهيمن على قسم كبير منه.
واستحوذت كولومبيا وبيرو على ما يقرب من 7% من إجمالي حجم تصدير نفط الأمازون حول العالم، في حين تمثّل الإكوادور نسبة 93% المتبقية.
وتدفّق نحو 70 مليون برميل من النفط من غابات الأمازون المطيرة في الإكوادور إلى الولايات المتحدة، في العام الماضي وحده، ما يجعلها أكبر مستهلك عالمي لذلك النفط.
وجاءت بنما في المرتبة الثانية (ما يقرب من 22 مليونًا)، تليها تشيلي (13 مليونًا)، والصين (ما يقرب من 10 ملايين)، حسبما نشره موقع قناة "سي إن بي سي" الأميركية.
واستحوذت ولاية كاليفورنيا على ما يقرب من 56 مليون برميل، أي أكثر بكثير من الولايات الـ5 الأخرى التي استلمت النفط، وهي: تكساس (6 ملايين برميل)، لويزيانا (6 ملايينًا)، مسيسيبي (0.5 مليونًا)، واشنطن (0.4 مليونًا).
وقال زميل برنامج الطاقة بجامعة هيوستن، إد هيرز، إنه ليس مندهشًا من وصول هذه الكمية الكبيرة من نفط الأمازون إلى ولاية كاليفورنيا، نظرًا لقربها.
وقالت وكالة حماية البيئة في كاليفورنيا، إن الولاية تستثمر أكثر من 15 مليار دولار في جدول أعمالها الخاص بالمناخ، بما في ذلك 4 مليارات دولار لتسريع الانتقال إلى السيارات عديمة الانبعاثات.
وتتبّع باحثو التقرير شحنات النفط المستخرج من تحت الأمازون إلى الولايات المتحدة وخارجها من خلال التمشيط من خلال السجلات من إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
ورصدوا قاعدة بيانات الأمم المتحدة كومتريد وقواعد بيانات الاستيراد/التصدير للإكوادور وكولومبيا وبيرو والبرازيل والولايات المتحدة.
وراجع الباحثون مجموعة من المصادر الأخرى، بما في ذلك قواعد بيانات الحكومة الفيدرالية وقواعد البيانات وتقارير الشركات، وحساب تقديرات استهلاك الوقود لكمية نفط الأمازون التي تستخدمها الشركات الأميركية التي أبرزها التقرير.
وتوصّل التقرير إلى أن نحو نصف نفط الأمازون المُصدَّر إلى كاليفورنيا ذهب إلى 3 مصافٍ في لوس أنجلوس وحولها.
أبرز المستهلكين
أفاد التقرير الصادر عن المجموعتين البيئيتين أمازون ووتش وستاند إيرث أن العلامات التجارية الأكثر استهلاكًا في عام 2020 هي ماراثون (339 مليون غالون)، لكنها ما تزال تتخلف عن استهلاك البنزين لدى مستهلكين لا يحملون علامة تجارية (479 مليونًا).
ويشتري سائقو السيارات النفط من الأمازون في محطات تزويد مراكز التسوق بالوقود في أماكن مثل كوستكو وسيفواي وولمارت، التي تستخدم المشتقات النفطية لتسيير أساطيلها، إذ كانت كوستكو العام الماضي أكبر مستهلك لنفط الأمازون (19 مليون غالون) (71,92 مليون لترًا).
واستهلكت شركات الطيران الكبرى العاملة في ولاية كاليفورنيا ما مجموعه 123 مليون غالون من وقود الطائرات الذي حُصِل عليه من منطقة الأمازون العام الماضي.
وكانت شركة خطوط أميركان إيرلاينز أكبر مستهلك (31 مليون غالون)، تليها شركة يونايتد (30.05 مليون غالون)، ودلتا (30 مليون غالون).
اقرأ أيضًا..