التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيسلايدر الرئيسيةعاجل

تحذير استخباراتي عمره 40 عامًا يكشف مفاجأة بشأن أزمة تغير المناخ

تقرير من 17 صفحة كُتب على كل منها كلمة "سرّي" مرتين

حياة حسين

توقّع تقرير أسترالي استخباراتي عمره 40 عامًا أن ترتفع حرارة الكرة الأرضية بنحو 2-3 درجات مئوية؛ بسبب زيادة انبعاثات الأنشطة البشرية التي تدفع إلى أزمة تغير المناخ؛ وهو ما يهدد صادرات البلاد من الفحم.

وحذّر تقرير سرّي لمكتب الاستخبارات الوطني الأسترالي، في 1981، من أن مشكلة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قد تُلحق ضررًا بصناعة الفحم، حسب صحيفة الغارديان البريطانية.

ثاني أكبر مصدّر للفحم

تُعدّ أستراليا ثاني أكبر مُصدّر للفحم عالميًا، لذلك تقاوم حكومتها الضغوط الدولية للالتزام بصافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.

كما رفضت الحكومة الانضمام إلى أكثر من 40 دولة تعهدت بالاستغناء عن الطاقة الفحمية، في قمة المناخ كوب 26، التي انعقدت في النصف الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري؛ إذ أعلن وزير الطاقة أن بلاده تركز على التطوير التكنولوجي وليس تراجع الصناعات.

من جهة أخرى، أشارت الغارديان إلى أن كل صفحة من تقرير مكتب الاستخبارات الـ17 كُتب عليها كلمة "سرّي" مرتين، وأن الاطّلاع عليه غير مسموح إلّا لحكومات دول بريطانيا، وكندا، وأميركا، إضافة إلى نيوزيلندا.

وأوضحت أن الاستخبارات أرسلت التقرير الذي يحمل عنوان "أثر انبعاثات الوقود الأحفوري وغازات الدفيئة" إلى مكتب رئيس الوزراء -حينها- مالكولم فريزر.

العالم أكثر دفئًا

كتب مدير عامّ مكتب الاستخبارات الأسترالية -في ذلك الوقت- مايكل كوك، في مقدمة تقرير الانبعاثات "أنه وفريقه تتبّعوا مستويات زيادة ثاني أكسيد الكربون في الهواء، مع إشارة خاصة لأستراليا بصفتها منتجًا ومصدّرًا للفحم".

وقال كوك: "إن العلماء يتفقون على أنه إذا استمر ارتفاع هذه الانبعاثات بالوتيرة نفسها، فإن الغلاف الجوي سيكون أكثر دفئًا في القرن المقبل".

التقرير الاستخباراتي الأسترالي لم يكن يستهدف حماية البلاد من تغيّر المناخ، بل حماية صناعة الفحم، بتحذير الحكومة للاستعداد لهذه المسألة.

وعبّر التقرير عن قلقه بشأن تكوين تكتلات مناهضة للوقود الأحفوري، متضمنًا الفحم في القرن المقبل، إذا تزايدت تلك الانبعاثات بصورة مبالغ فيها؛ ما يخلق تهديدًا للصناعة الوطنية.

تكتلات تواجه التلوث

توقّع تقرير مكتب الاستخبارات الأسترالي -أيضًا- أن التكتلات المتوقع تشكيلها لمناهضة التلوث وحماية المناخ ستضغط عالميًا لاتخاذ خطوات للحدّ من استهلاك طاقة الوقود الأحفوري؛ ما يجعل الصناعة الوطنية عُرضة لمخاطر دولية، وهو السيناريو الذي يحدث الآن.

وكان تقرير نُشر في يوليو/تموز الماضي قد أشار إلى أن صناعة الفحم والغاز في أستراليا ستشهد تراجعًا ملحوظًا بحلول عام 2030، متأثرة بأهداف اليابان الخاصة بقطاع الكهرباء.

وخفضت اليابان -أكبر عميل للفحم الحراري والغاز الطبيعي المسال في أستراليا- كمية الفحم والغاز التي تنوي استخدامها، مع خفض 41% من الفحم الحراري، و46% من الغاز خلال الأعوام الـ10 المقبلة.

وتدفع الخطوة اليابانية صناعة الفحم الحراري الأسترالية إلى التراجع بنسبة 20% تقريبًا بحلول عام 2030.

منشأة غاز في أستراليا
منشأة غاز في أستراليا

وقال زعيم حزب الأخضر الأسترالي، آدم باندت، إن نحو 40% من صادرات أستراليا من الغاز والفحم الحراري ذهبت هذا العام إلى اليابان، وفقًا لما نقلته منصة ميراج نيوز حينها.

وأضاف: "قرار اليابان والتزام الصين وكوريا بالحياد الكربوني قد يتسبب في انهيار الصناعة تقريبًا".

وتحصل اليابان على 67% من الفحم الحراري، و39% من الغاز الطبيعي المسال من أستراليا.

وكانت أستراليا قد صدّرت خلال السنة المالية الماضية (2019-2020)، 74.1 مليون طن من الفحم الحراري إلى اليابان -ما يمثّل 34.8% من إجمالي صادرات الفحم- و79.3 مليون طن (37.8%) في السنة المالية السابقة (2018-2019).

بروتوكول كيوتو

وقّع وزير الخزانة الأسترالي الأسبق، جون هوارد، بروتوكول كيوتو، بعد مرور 16 عامًا على إعداد تقرير مكتب الاستخبارات الأسترالي بشأن المناخ.

إلّا أن هوارد، الذي أصبح رئيس وزراء أستراليا في وقت لاحق، رفض التصديق على اتفاقية كيوتو، مبررًا بأن ذلك سيُلحق الضرر بالصناعات الوطنية، بما فيها الفحم.

وتمثّل "كيوتو" خطوة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن تغيّر المناخ، وهي معاهدة بيئية دولية خرجت للنور في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (قمة الأرض)، الذي عُقد في ريو دي جانيرو في البرازيل، يونيو/حزيران من عام 1992.

وتهدف المعاهدة إلى تثبيت تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستويات لا تسبّب الضرر للمناخ.

لا مفاجآت

قال رئيس مركز سياسة المناخ والأمن في معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي، الدكتور روبرت غلاسر: "التقرير ليس مفاجئًا، فمسألة تغيّر المناخ والاتجاه العامّ للانبعاثات أدركها العلماء قبل ذلك بأكثر من 10 سنوات".

وأضاف غلاسر قائلًا: "رغم تحذير الاستخبارات قبل 4 عقود من تلك المخاطر، إلّا أن أستراليا حتى الآن لم تجد وسائل تحمي بها نفسها".

من جانبه، يتذكر العالم والزميل في مؤسسة "سي أس آي آر أوه" البحثية التابعة للحكومة، ومن بين العلماء الأوائل الذين عملوا على مسألة الانبعاثات، الدكتور غرام بيرمان، أسئلة موظفي الاستخبارات له عند إعداد تقرير المناخ وصناعة الوقود الأحفوري.

وقال بيرمان، الذي يبلغ من العمر الآن 80 عامًا: "إن التقرير يعكس بصورة جيدة مستوى فهم العلماء لهذه المسألة في هذا الوقت".

ففي عام 1971، أجرت المؤسسة البحثية الحكومية التي يعمل بها بيرمان قياسًا لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في حقول القمح بمنطقة روثرغلن في فيكتوريا.

وتفاجأ بيرمان بأن كمية انبعاثات الغاز في حقول القمح الأسترالية تعادل كمية ثاني أكسيد الكربون في حقول قمح بمنطقة هواوي بولاية كاليفورنيا الأميركية، وفق نتائج قياسات قام بها عالم المناخ تشارلز دافيد كيلينغ عام 1958.

مجموعة الـ20 - تغير المناخ - التغير المناخي
صورة تعبيرية لتغيّر المناخ

خاسرون وفائزون

أشار تقرير مكتب الاستخبارات الأسترالي إلى أن تغيّر المناخ سيحقق مكاسب لبعضهم، وخسائر لآخرين.

وعلى سبيل المثال، سينمو إنتاج كندا من القمح بفضل مساحات أرض زراعية جديدة تُضاف إليها، ستسبّب تغيرات المناخ في اقتطاعها من الأراضي الأميركية.

كما ستزيد مساحات الأرض الزراعية في روسيا؛ بسبب ذوبان الجليد في المناطق المتجمدة، مع ارتفاع درجة الحرارة.

وتوقّع التقرير أن تتسبّب زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار الضعف في رفع درجة حرارة الأرض بمقدار 2-3 درجات مئوية، وهي المستويات نفسها التي تنبّأت بها الأمم المتحدة، في أحدث تقييم لمسألة المناخ.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق