المقالاتسلايدر الرئيسيةغازمقالات الغازمقالات النفطنفط

أمن الطاقة في أميركا يتطلب استمرار إنتاج النفط والغاز (مقال)

ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • تداعيات أزمة الطاقة العالمية بلغت قطاعات الصناعة في الولايات المتحدة
  • تحتاج الولايات المتحدة إلى سياسة طاقة جديدة من شأنها توفير إمدادات طاقة موثوقة
  • تمثل الخطة الحالية لسحب النفط من احتياطي النفط الإستراتيجي محاولة لإصلاح سريع
  • إنتاج النفط الأميركي وليس إنتاج أوبك هو الشيء المفقود في الأسواق

يتطلب أمن الطاقة في الولايات المتحدة استمرار إنتاج النفط والغاز الطبيعي المحلي لتشغيل قطاع النقل والتدفئة والصناعة وتوليد الكهرباء، بغض النظر عن مدى سرعة رغبة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في زيادة حصة الطاقة من المصادر المتجددة.

وقد ناشدت إدارة بايدن، التي تخشى أن يؤثر ارتفاع أسعار الطاقة في توجهات أصوات الناخبين ويحدّ من قدرتها على تنفيذ السياسات، منظمة أوبك ضخ المزيد من النفط، ودعت روسيا إلى زيادة إمدادات الغاز إلى أوروبا، مع أن تداعيات أزمة الطاقة العالمية بلغت شواطئ الولايات المتحدة.

يأتي ذلك في وقت أخذت فيه أسعار الوقود في الارتفاع، ويؤدي فيه نقص الإمدادات العالمية من الغاز الطبيعي إلى ارتفاع تكلفة التدفئة والكهرباء مع اقتراب فصل الشتاء.

ولذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى سياسة طاقة جديدة من شأنها توفير إمدادات طاقة موثوقة بأسعار معقولة مع تأثير منخفض على البيئة والمناخ.

سياسة انتقالية جديدة

في مواجهة أزمة الطاقة الحالية، تناقش إدارة الرئيس بايدن سياسة انتقالية جديدة تقر بأن الوقود الأحفوري سيكون ضروريًا في العقد أو العقدين المقبلين.

تُجدر الإشارة إلى أن إستراتيجية الانتقال الحالية للرئيس جو بايدن -وفقًا لبرنامج إعادة البناء "بيلد باك بتر"- لا تكفي للحصول على ما تحتاجه الولايات المتحدة والعالم لحل أزمة الطاقة.

وتعني تلك الإستراتيجية تعافي إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة بعد الانحدار الذي شهده نتيجة تفشي وباء كوفيد-19، مع أنه لم يعد إلى مستواه السابق منذ ذلك الحين.

بالإضافة إلى ذلك، لن يعود رأس المال إلى صناعة النفط والغاز الأميركية إذا حدّت لوائح إدارة بايدن من الإنتاج، ولا إذا استمرت الإدارة في استهداف منتجي الوقود الأحفوري وفي مقدمتهم النفط والغاز، مما يترك المستثمرين مرتابين بشأن مستقبل النفط والغاز في الولايات المتحدة.

علاوة على ذلك، سيزيد تقييم الإدارة الأميركية المستمر للوقود وأنابيب النفط الخام المخطط له، الذي قد يؤدي إلى إلغائها، من مخاوف الصناعة.

تُجدر الإشارة إلى أن مجموعة من النواب الديمقراطيين البارزين في الكونغرس الأميركي، بقيادة السناتور إليزابيث وورين، دعت إلى إعادة الحظر على صادرات الخام الأميركية، وسيعرقل تنفيذ الحظر عودة الاستثمار في إنتاج النفط الأميركي.

وتمثّل الخطة الحالية لسحب النفط من احتياطي النفط الإستراتيجي محاولة لإصلاح سريع لن يؤثر على سعر النفط على المدى الطويل.

ورغم أن وزيرة الطاقة جنيفر غرانهولم ألقت باللوم على أوبك في ارتفاع أسعار النفط، فإن الأرقام واضحة وتشير إلى أن إنتاج النفط الأميركي، وليس إنتاج أوبك، هو الشيء المفقود في الأسواق، ولذلك ينبغي على إدارة بايدن أن تلوم نفسها.

والأمر اللافت للانتباه هو أن فشل سياسة الطاقة الأميركية ليس قضية حزبية، فكل من ولاية تكساس الجمهورية وكاليفورنيا الديمقراطية لديهما كهرباء غير موثوق بها.

مصادر الطاقة المتجددة

يرى محللون ومراقبون أنه لا يمكن للجيل الحالي من مصادر الطاقة المتجددة -الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية- توفير الكهرباء أو التدفئة دون توليد حمل أساسي موثوق به من الكهرباء، وغالبًا باستخدام الغاز الطبيعي.

ورغم ذلك، يتسم تصرف السياسيين والصحفيين وغيرهم من المدافعين عن طاقة الرياح والطاقة الشمسية بعدم الأمانة عندما يقولون إن نظام الطاقة يعمل على نسبة معينة من الطاقة المتجددة أو أن سعر الطاقة المتجددة أصبح الآن منافسًا للوقود الأحفوري.

ولا يمكن تشغيل هذه الطاقة المتجددة المعتمدة على الطقس إلا بفضل الطاقة الاحتياطية واستقرار الشبكة التي يوفرها الغاز الطبيعي، إذ يكلف نظام الطاقة الاحتياطية مبالغ كبيرة من المال ويزيد التكاليف حتى عندما لا يكون قيد التشغيل.

ولذلك يجب أن تركز سياسات أمن الطاقة على تكاليف واستقرار نقل الطاقة، وليس فقط أرقام الإنتاج.

الطاقة - إدارة بايدن

وبغضِّ النظر عن مقدار الأموال التي تنفقها الولايات المتحدة، لا تستطيع المجموعة الحالية من مصادر الطاقة المتجددة توفير الكهرباء التي تحتاجها البلاد بسبب انخفاض إنتاجها من الكهرباء وكفاءتها.

ولهذا السبب يجب على الحكومات في جميع أنحاء العالم التركيز بشدة على تطوير تقنيات جديدة وتمويل البحث والتطوير، بدلًا من دعم استهلاك الجيل الحالي من طاقة الرياح والطاقة الشمسية ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى.

 

أمن الطاقة

على عكس نموذج السوق الحرة في تكساس، يتطلب أمن الطاقة مشاركة الحكومة ومنح تفويضات في التخزين والوفرة والتخزين الاحتياطي، إذ لا تستطيع ولاية كاليفورنيا إيقاف الطاقة النووية والغاز الطبيعي، لأنها تعتمد على هذين المصدرين لمواصلة التغذية الكهربائية.

ورغم لجوء الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترمب إلى منظمة أوبك لإدارة اتجاهات أسعار النفط، لم يحدد أي من الرئيسين سياسة طاقة جديدة للولايات المتحدة.

ولا تستطيع واشنطن تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة بالقدْر الكافي، في حين تتخلى عن الجغرافيا السياسية للطاقة، التي لا تزال تعتمد على النفط والغاز.

السؤال الذي يطرح نفسه هو سبب دعوة الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط والغاز الطبيعي في العالم، منظمةَ أوبك وروسيا لإنقاذ الغرب في أثناء أزمة الطاقة الراهنة.

ومع ذلك، تراجع الرئيس بايدن عن الانخراط في الجغرافيا السياسية للطاقة، كما يتضح في وثيقة "التوجيه الإستراتيجي للأمن القومي المؤقت" الصادرة عن البيت الأبيض.

وتأتي جميع الإشارات إلى الطاقة تقريبًا، في هذه الوثيقة، ضمن سياق تعزيز "الطاقة النظيفة"، على الرغم من أن الوقود الأحفوري -النفط والغاز والفحم- يوفر أكثر من 80% من استهلاك الطاقة العالمي.

ومن الواضح أن إستراتيجية الأمن القومي التي تتجاهل تمامًا أنواع الوقود، والتي تعتمد عليها كل دولة في العالم لإبقاء شعبها على قيد الحياة وتشغيل الاقتصاد، ليست قابلة للتطبيق.

مواجهة التغير المناخي

يرى مؤيدو سياسة الطاقة للرئيس بايدن أن على الأميركيين تقديم تضحيات اقتصادية اليوم من أجل إنقاذ الكوكب، رغم عدم التزام الدول الرئيسة الأخرى، التي تصدر الانبعاثات، مثل: الصين والهند بالأهداف المناخية، لذلك لن تكون خطوات الولايات المتحدة لمعالجة التغير المناخي مجدية.

ويتبيّن من غياب مشاركة فعالة من جانب الصين وروسيا في قمة المناخ، التي عقدتها الأمم المتحدة مؤخرًا، وتوجه الهند نحو تحقيق الهدف لتحقيق الحياد الكربوني فقط في عام 2070، أنه لا يوجد التزام عالمي هادف إلى التغيير.

وفي حين تجري الولايات المتحدة تغييرات جادة على اقتصادها في إطار سياستها المناخية، لم تصدر الصين، أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم، سوى إعلانات غير قابلة للتنفيذ لبذل قصارى جهدها لخفض (وليس التخلص) من استهلاك الفحم بعد عام 2030.

وعلاوة على ذلك، فإن السياسات الأميركية المفعمة باللون الأخضر ليست دائمًا خضراء عند إلقاء نظرة فاحصة.

كوب 26 - بايدن- قمة المناخ

ومن المحتمل ألا يؤدي تحويل وسائل النقل في الولايات المتحدة إلى السير باستخدام كهرباء، إلى انخفاض كبير في الانبعاثات؛ ليس بسبب الغاز والفحم المستخدم في إنتاج الكهرباء، وإنما نتيجة الانبعاثات الشديدة الناتجة عن تصنيع السيارات الكهربائية، خصوصًا بطارياتها.

بالإضافة إلى ذلك، يُعدّ الجيل الحالي من تقنيات الطاقة المتجددة غير فعال ويستنزف إنتاجه الموارد وينطوي على تأثير بيئي كبير، ليس أقله من استخدام الأراضي.

خلاصة القول إن أزمة الطاقة الحالية ليست مجرد ارتفاع سريع في الأسعار العالمية، ولكنها تمثل تحديًا منهجيًا يتطلب نهجًا أساسيًا جديدًا للسياسة.

ومن المهم أن يتخلى ذلك النهج عن الحروب الثقافية حول الوقود الأحفوري -النفط والغاز والفحم- مقابل مصادر الطاقة المتجددة، وأن يُستخدَم كلا المصدرين استخدامًا ذكيًا لخفض الانبعاثات والحفاظ على نمط حياة حديث وتعزيز الأمن القومي.

*بريندا شيفر، مستشارة أولى للطاقة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، عضوة هيئة تدريس في الكلية البحرية الأميركية للدراسات العليا.

ملحوظة:

* نُشر هذا المقال في مجلة فورين بوليسي، وأعادت الطاقة نشره بموافقة الكاتبة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق