التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الكهرباءسلايدر الرئيسيةطاقة متجددةكهرباء

أفريقيا.. إمكانات هائلة لتوليد الكهرباء النظيفة والمحصلة "معاناة في الظلام"

هبة مصطفى

هنا أفريقيا.. البقعة السمراء التي تتوسط قارات العالم، وتملك كنوزًا من الإمكانات التي لا حصر لها، إذ تحظى القارة بفرص هائلة لتوصيل الكهرباء النظيفة لأراضيها كافّة، لكن رغم ذلك فإنها تعاني الظلام، واستمرار انقطاع التيار لأكثر من 15 ساعة يوميًا في معظم بلدانها.

وتُعدّ الطاقة المتجددة أحد أبرز مفاتيح حل تلبية الطلب على الكهرباء، وتحظى باهتمام المستثمرين -أيضًا- باعتبارها أكثر القطاعات ديناميكية في القارة السمراء.

وتتنوّع إمكانات أفريقيا من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والكتلة الحيوية وطاقة الغاز الحيوي.

ورغم الإمكانات الهائلة للقارة فإن هناك تباينًا واضحًا بين قدرات الدول للاستفادة من تلك الإمكانات، ما يدفع إلى التساؤل حول أسباب عرقلة اكتفائها ذاتيًا من الكهرباء وتغطية احتياجات الملايين من مواطنيها، بل وأسباب عدم السعي للتصدير بصورة كبيرة حتى الآن.

برامج وتمويل

بخلاف المشروعات الضخمة، تتبنّى عدة دول أفريقية برامج ومشروعات مهمة، مثل مبادرة شراء كهرباء الطاقة المتجددة للمنتجين المستقلين في جنوب أفريقيا، التي تهدف إلى جذب الاستثمارات.

ومن خلال تلك المبادرات، تُبنى محطات طاقة متجددة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، كما تسعى مبادرة مؤسسة التمويل الدولية لدعم الشركات الخاصة وحثها على الاستثمار في الطاقة الشمسية لدعم شبكات البلاد الوطنية.

ويشمل برنامج سكيلنغ سولار "برنامج توسيع نطاق الطاقة الشمسية التابع لمؤسسة التمويل الدولية" دعم منتجي الكهرباء المستقلين.

السنغال أبرز الدول الأفريقية المستفيدة من البرنامج، إذ حظيت بتمويل بناء محطتين شمسيتين، بقدرة إجمالية 60 ميغاواط، ويغطي البرنامج استثمارات الطاقة الشمسية في ساحل العاج، وتوغو، والنيجر، ومالي، وزامبيا، وإثيوبيا، ومدغشقر.

وفيما يلي نستعرض 6 مصادر للطاقة المتجددة، برز إنتاج الكهرباء من خلالها في أفريقيا بصورة تكفي لتغطية احتياجات القارة بالكامل مع توفر فائض، إذ تُنتج كميات هائلة من الغيغاواط، لكنها غير مستغلة بالصورة الملائمة لتغطية احتياج الملايين من ذوي مواطني القارة، حسبما أوردت صحيفة أفريك 21.

الطاقة الشمسية

الطاقة الشمسية أبرز مصادر الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء، باعتبارها مستدامة بصورة كبيرة، ونظيفة ومتوافرة، فطبقًا لبيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" تملك أفريقيا إمكانات كبيرة من الطاقة الشمسية بلغت حتى الآن 10 تيراواط، إذ بدأت القارة في الاستفادة من إمكاناتها في الطاقة الشمسية الكهروضوئية.

وبينما تعمل أفريقيا على مضاعفة جهودها للاستفادة من الطاقة الشمسية، تعتمد دولها على تقنيتين تُستخدمان لتحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء هما: الطاقة الشمسية الكهروضوئية، والديناميكية الحرارية الشمسية.

أحد مشروعات الطاقة الشمسية في بنبان
أحد مشروعات الطاقة الشمسية في بنبان - أرشيفية

وترجع الطفرة في ارتفاع إنتاج الطاقة الشمسية بأفريقيا -مؤخرًا- إلى الأنظمة غير المركزية، والشبكات غير المتصلة بالشبكات الرئيسة (الشبكات الخارجية)، المستخدمة لتزويد المناطق الريفية ومواقع التعدين والشركات بالكهرباء، التي يصعب قياس قدرة إنتاجها التراكمية.

وطبقًا لتقرير للهيئة العالمية لصناعة الطاقة الشمسية للشبكات الخارجية، الصادر عام 2019، فإن 100 مليون شخص بالعالم -يقطن غالبيتهم في منطقة جنوب الصحراء الكبرى- يجري تزويدهم بالكهرباء عبر الشبكات الصغيرة والأنظمة المنزلية للطاقة الشمسية.

وكشف تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة -الصادر عام 2018- تسجيل محطات الطاقة الشمسية في أفريقيا بالكامل إجمالي قدرة مُولدة بلغت 4.15 غيغاواط عام 2017، يتركز أكثر من نصفها في جنوب أفريقيا.

ونمت تلك القدرة عقب تشغيل عدة محطات في جنوب أفريقيا، ومجمع بنبان في مصر، وإطلاق مجمع نور ورزازات في المغرب بقدرة 580 غيغاواط، بجانب ربط الشبكات الكبرى في محطات الطاقة الشمسية بجنوب الصحراء الكبرى.

ففي مصر، ومن خلال مشروع بنبان بمحافظة أسوان، طوّرت مصر 1650 ميغاواط من الطاقة الشمسية إلى سعة إنتاجية للطاقة المتجددة تزيد على 6 غيغاواط بإضافة الطاقة المائية وطاقة الرياح.

وتُخطّط القاهرة لرفع حصتها من الطاقة الشمسية إلى أعلى من نسبتها الحالية المُقدرة بـ14%، ضمن سياستها لتوليد 42% من الكهرباء عبر مصادرة الطاقة الأولية المتجددة، بحلول عام 2035.

أما في جنوب أفريقيا فعزّزت الحكومة إستراتيجيتها المتعلقة بانتقال الطاقة بإنشاء محطات جديدة للطاقة الشمسية، لتصل السعة الشمسية إلى 2323 ميغاواط، ما يعادل رسميًا سعة الكهرباء لساحل العاج البالغة 2200 ميغاواط.

طاقة الرياح

سبقت طاقة الرياح الطاقة الشمسية في أفريقيا، باعتبارها أحد المصادر الرئيسة للطاقة المتجددة، ونظرًا إلى أن الأجواء في القارة تتسم بأنها عاصفة بشدة، فإنها تعد مصدرًا واسع النطاق لتوليد الكهرباء.

وتملك القارة إمكانات وموارد تقنية لطاقة الرياح تسمح بإنتاج 59 ألف غيغاواط، طبقًا لتقديرات المؤسسة الدولية للتمويل، التابعة للبنك الدولي.

وقدّر المجلس العالمي لطاقة الرياح الإنتاج الإجمالي المُولّد من طاقة الرياح بأنه كافٍ لتغطية الطلب على الكهرباء في القارة بما يعادل 250 ضعفًا.

محطات طاقة رياح في أفريقيا - الطاقة المتجددة

 

وخلال العام الماضي، تجاوزت القدرة الإجمالية لأفريقيا والشرق الأوسط 7 غيغاواط، بعدما جرى تركيب 821 ميغاواط من محطات الرياح الجديدة في المنطقة، وفق تقرير المجلس للعام الماضي.

وتمثّل طاقة الرياح المركبة 0.01% فقط من إمكانات طاقة الرياح بالقارة السمراء، في حين تُنتج تلك الطاقة أساسًا من محطات الرياح البرية.

وطبقًا لبرنامج باور أفريكا التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو إس إيه آي دي"، تملك جنوب أفريقيا سعة مثبتة لطاقة الرياح قدرها 2323 ميغاواط، ما يؤهلها إلى ريادة مجال توليد الكهرباء عبر طاقة الرياح.

وفي السياق ذاته، تواصل مصر تطوير مشروع الرياح في خليج السويس، معتمدة على استثمارات منتجي الكهرباء المستقلين، مثل شركة إنجي الفرنسية لمرافق الكهرباء، وسيمنس جاميسا الإسبانية، وليكيلا باور للطاقة المتجددة التي تولت تركيب أول محطة رياح بغرب أفريقيا في السنغال بطاقة تبلغ 158.7 ميغاواط.

كما جرى تركيب محطات للرياح في المغرب وكينيا وناميبيا، وتعكف سيمنس جاميسا على بناء محطتي رياح، إحداهما في إثيوبيا، وتحمل اسم "أصيلة" بطاقة 100 ميغاواط، والأخرى في جيبوتي وتحمل اسم "غوبيت" بطاقة إنتاجية تبلغ 60 ميغاواط.

الطاقة الكهرومائية

رصدت الرابطة الدولية للطاقة الكهرومائية إمكانات من الطاقة الكهرومائية المركبة في أفريقيا، بما يعادل 38 ألفًا و174 ميغاواط، لكن لم يُستفد سوى بما يعادل 5% فقط منها حتى الآن، طبقًا لبنك التنمية الأفريقي.

وتبلغ حصة غرب أفريقيا وحدها من الطاقة الكهرومائية ما يقارب 25 ألف ميغاواط، خاصة البلدان المجاورة لخليج غينيا، إذ تُشارك نيجيريا بحصة بنسبة 37%، وغينيا 26%، وغانا 11%، وساحل العاج 11%، وسيراليون 5%.

صور بالأقمار الصناعية تكشف تضخم خزان سد النهضة الإثيوبي
صورة بالأقمار الصناعية لسد النهضة

وللطاقة الكهرومائية مساهمات كبيرة في توافر الكهرباء بأفريقيا، أبرزها مشروع سد النهضة في إثيوبيا على نهر النيل، الذي أنهى تعبئته الثانية في يوليو/تموز الماضي.

وسيضم سد النهضة -في وقت قريب- محطة للطاقة الكهرومائية من شأنها إنتاج 6 آلاف و450 ميغاواط، لتغذية الشبكة الوطنية للكهرباء في إثيوبيا.

وفي وسط أفريقيا، تأخرت جمهورية الكونغو في بدء مرحلة البناء في مشروع محطة إنغا 3 الضخم، لتوليد الطاقة الكهرومائية على نهر الكونغو بطاقة 11.050 ميغاواط.

ولا تملك الكونغو وحدها بوسط أفريقيا إمكانات كهرومائية ضخمة، إذ تستحوذ الكونغو والكاميرون معًا -باعتبارهما واقعتين في حوض الكونغو- على إمكانات تصل إلى 60% من إمكانات القارة، غير أن تلك الإمكانات لم تُستغل بعد.

وفي غضون ذلك، يتواصل العمل في مشروع ستيغلرز جورج لبناء سد للطاقة الكهرومائية في تنزانيا شرق أفريقيا، وسط توقعات بتزويده الشبكة الوطنية للكهرباء في البلاد ألفين و100 ميغاواط.

الطاقة الحرارية

تنضم الطاقة الحرارية الأرضية إلى مصادر الطاقة المتجددة التي لم تستفد منها أفريقيا بالشكل المناسب حتى الآن، وتعتمد الطاقة الحرارية على الاستفادة من حرارة باطن الأرض لتوليد الكهرباء، عبر التوربينات البخارية.

وتنتشر محطات الطاقة الحرارية الأرضية بشكل أكبر في شرق أفريقيا، في شكل محطات دخلت بالفعل حيز التشغيل، أو ما زالت تحت الإنشاء.

وتتصدّر كينيا دول قارة أفريقيا من ناحية إنتاج الكهرباء عبر الطاقة الحرارية الأرضية، بقدرة مركبة تبلغ 713 ميغاواط، ضمن قدرة محتملة قدرها بنك التنمية الأفريقي بـ7 آلاف ميغاواط.

وتحاول عدة دول في شرق أفريقيا الاستفادة من طاقتها الحرارية الأرضية واللحاق بكينيا، مثل إثيوبيا، وزامبيا، وأوغندا، وتنزانيا.

فقر الطاقة ومزيج توليد الكهرباء في أفريقيا

طاقة الكتلة الحيوية

يعتمد توليد الكهرباء من الطاقة الحيوية على استعادة حرارة مواد الكتلة الحيوية، مثل رماد الأخشاب المحترقة، والنباتات، أو المخلفات الزراعية، أو النفايات المنزلية العضوية، أو الأخشاب المستخدمة في الطهي والتدفئة.

وتُعد الكتلة الحيوية المصدر الرئيس للكهرباء في منطقة جنوب الصحراء الكبرى، وتمثل من 60 إلى 80% من توازن الطاقة في غالبية البلدان، وفقًا لمجموعة سيفكا الصناعية الزراعية.

يُشار إلى أن عدد محطات الطاقة الحيوية التي تُستخدم لتوليد الكهرباء بشكل واسع النطاق قليل للغاية، لكن في أفريقيا تبرز محطتان ضمن مشروعين في ساحل العاج.

المحطة الأولى في مدينة ديفو، ويتوقع إنتاجها كهرباء ما بين 60 إلى 70 ميغاواط، اعتمادًا على الحرارة المتولدة من حرق نبات الكاكاو.

والمحطة الثانية بساحل العاج في مدينة آيبو، حيث تعكف شركة كهرباء فرنسا بالمشاركة مع ميرديام الفرنسية للأصول وسيفكا باتباع التقنيات ذاتها، لكن مع مخلفات زيت النخيل، في محطة بيوفيا للكتلة الحيوية.

الغاز الحيوي

يمكن الحصول على كهرباء نظيفة عبر توليدها من الغاز الحيوي المستخدم من الكتلة الحيوية.

ويحل الغاز الحيوي في أفريقيا محل الأخشاب والفحم، فهو غاز نقي بصورة كبيرة، وينتج عن "تخمر" المواد العضوية في حالة عدم توافر الأكسجين.

ويمكن الحصول على الغاز الحيوي من المخلفات الزراعية والمنزلية، وسماد "بقايا" الحيوانات.

ولم يُنتج بصورة واسعة النطاق حتى الآن، إلا أن بحيرة فيكتوريا في أفريقيا يُسهم الهاضم الحيوي (وعاء ضخم لإجراء التفاعلات الكيميائية أو البيولوجية) في القضاء على نبات ورد النيل ذي ساق سميك، الذي يُعد نباتًا غازيًا يهدد موارد البحيرة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق