خطة بريطانيا للحياد الكربوني تهمِّش الزراعة وتنحاز إلى السيارات الكهربائية
المملكة المتحدة تكشف عن خطة مناخية بالتزامن مع كوب 26
نوار صبح
- تدعو الخطة إلى منع بيع السيارات والشاحنات ذات محركات الاحتراق بحلول عام 2030
- الاستثمارات الخضراء مثل الطاقة النظيفة وكفاءة الطاقة تحقق مكاسب اقتصادية
- بالنظر إلى البصمة الكربونية لشركة الأغذية والمشروبات فإن 30-40% ستأتي من الزراعة
استجابة إلى الضغوط المتزايدة لوضع خطة بحلول موعد قمة المناخ كوب 26، أعلنت حكومة بريطانيا، الأسبوع الماضي، خطة تفصيلية مكونة من 368 صفحة للوصول إلى الحياد الكربوني، مرفقة بإستراتيجية قطاعية بشأن التدفئة والمباني وخطة تكاليف تفصيلية للخزانة.
ويتضح أن الخطة تهدف إلى إزالة الكربون من قطاعات معينة أكثر من غيرها، ما لاقى استحسان الشركات العاملة في قطاعي السيارات الكهربائية ومضخات الحرارة المنزلية، في حين قابل المشتغلون في قطاع الزراعة الخطة بشيء من الفتور.
تُجدر الإشارة إلى أن بريطانيا عندما أعلنت هدفها المناخي الجديد في أبريل/نيسان 2021، لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 78% بحلول عام 2035، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، لم تحدد خطة تفصيلية للوصول إلى هدفها، وفقًا لموقع إنرجي مونيتور.
ومن ناحيتها، حدّدت دول الاتحاد الأوروبي -البالغ عددها 27 دولة- هذا الهدف، الذي تبنّته المفوضية الأوروبية في يوليو/تموز الماضي، إلى جانب هدف مؤقت يتمثّل في خفض الانبعاثات بنسبة 55% بحلول عام 2030.
كما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن هدف الحياد الكربوني في عام 2030 مؤقتًا، لكن خطة بايدن متوقفة -حاليًا- في الكونغرس.
المضخات الحرارية والسيارات الكهربائية
يمثّل التنقل الكهربائي والتدفئة المنزلية وإزالة الكربون من الكهرباء مجالات الاهتمام الرئيسة الـ3 في خطة الحياد الكربوني للمملكة المتحدة.
وتدعو خطة بريطانيا إلى منع بيع السيارات والشاحنات ذات محركات الاحتراق بحلول عام 2030، ووضع حد لمبيعات غلايات الغاز بحلول عام 2035، وتبني نظام طاقة منزوع الكربون بالكامل بحلول عام 2035.
وقالت ممثلة صندوق بيزوس إيرث، كيلي ليفين: إن الشعور بتحقيق الحياد الكربوني بعد إطلاق إستراتيجية المملكة المتحدة الجديدة يوحي أن إستراتيجيات الحياد الكربوني في جميع أنحاء العالم ستخلق المزيد من الفرص لبعض الشركات أكثر من غيرها.
- قمة المناخ كوب 26.. تمويل مصارف بريطانية للوقود الأحفوري هل يحرج المملكة المتحدة؟
- مؤتمر المناخ كوب 26.. جونسون: بريطانيا ستكون السعودية في الرياح
- لندن تُقيد حركة مركبات الديزل والبنزين مع توسيع منطقة الانبعاثات المنخفضة
وأضافت أن الرابحين سيكونون من المرتبطين باقتصاد محايد كربونيًا، وأن الاستثمارات الخضراء مثل الطاقة النظيفة وكفاءة الطاقة تحقّق مكاسب اقتصادية أكثر بمرتين إلى 7 مرات من الاستثمارات غير المستدامة.
وأشارت إلى أنه من خلال إستراتيجية قوية للحياد الكربوني في النقل، يمكن للاستثمار في النقل العام أن يخلق 1.4 ضعف عدد الوظائف مثل تشييد الطرق.
وبيّنت أن الاستثمارات في كفاءة استخدام الطاقة في المباني يمكن أن تخلق ما يقرب من 3 أضعاف فرص العمل عند الاستثمار في الوقود الأحفوري.
ويمثّل التركيز على تجديد المباني، الذي لم يحظَ باهتمام صانعي السياسات مقارنة بالطاقة المتجددة، فرصة كبيرة للشركات.
وستصبح نحو 90 ألف أسرة بريطانية مؤهلة للحصول على منحة قدرها 5 آلاف جنيه إسترليني (6 آلاف و779 دولارًا) لتركيب مضخات التدفئة المنزلية وأنظمة التدفئة منخفضة الكربون في السنوات الـ3 المقبلة.
وتقول حكومة بريطانيا إن هذه المنحة لن تغطي تكلفة المضخة الحرارية بالكامل، وإنما ستخفضها إلى مستوى تكلفة مشابه لغلاية الغاز.
وعلى الرغم من أن الإستراتيجية صِيغت بطريقة محايدة من الناحية التكنولوجية، فإن خبراء الصناعة يقولون إنها تستهدف المضخات الحرارية.
وأجلت الحكومة قرارًا بشأن كيفية دمج تدفئة الهيدروجين في المنازل حتى عام 2026، ما يعني أنه على الرغم من أن هذه الأنظمة قد تكون مؤهلة، فمن غير المرجح أن تستفيد من الخطة.
وفي المقابل، ستستفيد الشركات المشاركة في التنقل النظيف من خطة الحياد الكربوني في بريطانيا، التي تتوقع أن تكون جميع السيارات المستخدّمة عديمة الانبعاثات بحلول عام 2035.
وتلتزم الإستراتيجية بمبلغ 620 مليون جنيه إسترليني (840.60 مليون دولار)، لمنح السيارات عديمة الانبعاثات والبنية التحتية للشحن الكهربائي، وذلك بهدف زيادة مبيعات السيارات الكهربائية الكاملة، وفقًا لما نشره موقع إنرجي مونيتور.
الزراعة والسكك الحديدية
تمثّل الزراعة ما يقرب من ربع الانبعاثات العالمية، إلا أن الحكومة ابتعدت عن أي إستراتيجية للتصدي للانبعاثات الزراعية، على الرغم من دعوة خبراء الصحة في بريطانيا العام الماضي إلى فرض ضريبة مناخية على الأغذية ذات التأثير البيئي الشديد بحلول عام 2025.
وتعني قلة الاهتمام بالزراعة أن الشركات التي تعمل لإيجاد حلول منخفضة الكربون في هذا القطاع، مثل اللحوم المنتجة في المعامل أو التغييرات في الخدمات اللوجستية، لن تجد الكثير مما يثير حماستها.
وقال كبير مسؤولي الاستدامة في أوروبا لدى شركة بيبسي، كريس دالي، إن قطاع الزراعة يمثّل مجالًا مليئًا بالتحديات، وبالنظر إلى البصمة الكربونية لشركة الأغذية والمشروبات، فإن 30-40% ستأتي من الزراعة.
وأوضح أن هناك حاجة ماسة إلى دفع الزراعة في الاتجاه الصحيح، وأن من واجب الحكومات أن تدعم ذلك.
جدير بالذكر أن الإستراتيجية المناخية لحكومة بريطانيا لا تسعى لتقليص بناء طرق جديدة أو توسيع المطارات، كما أنها لا تنص على أي استثمارات كبيرة جديدة في السكك الحديدية.
وهناك التزام بزيادة حصة الرحلات التي تقوم بها وسائل النقل العام، وزيادة اعتماد الكهرباء في تشغيل خطوط السكك الحديدية، لكن هذه المبادرات لا تُدعَم بتمويل مخصص، ولا يوجد أي ذكر لإلغاء المزايا الضريبية التي يتمتع بها قطاع الطيران على حساب السكك الحديدية.
وسيكون هذا التوجه مخيبًا لآمال شركات النقل العام والسكك الحديدية.
انبعاثات الرحلات
تحدّد الخطة هدف بريطانيا الطموح لتحقيق الريادة العالمية في الرحلات الخالية من الانبعاثات، إذ تحصل على 10% من وقود الطائرات النفاثة من وقود الطيران المستدام المرتقب بحلول عام 2030.
وسيحصل هذا الهدف على تمويل بقيمة 180 مليون جنيه إسترليني (240 مليون دولار).
لقد اختارت حكومة بريطانيا أن تعطي معظم اهتمامها لسلال التنقل الكهربائي والتدفئة المنزلية والطاقة المتجددة، وأن تراهن على أن هذه التغييرات ستحظى بقبول واسع من الناحية السياسية، لأنها تنطوي على أقل قدر من التغيير في أنماط حياة الناس.
اقرأ أيضًا..
- أوبك+ تقاوم الضغوط الأميركية وتقرر استمرار زيادة الإنتاج 400 ألف برميل يوميًا
- أكبر 10 شركات للنفط والغاز حول العالم.. وأرامكو في المقدمة
- قفزة أسعار الطاقة.. السعودية والجزائر أبرز الفائزين والمغرب من بين الخاسرين (تقرير)