الصين تقرر زيادة إنتاج الفحم لحل أزمة الكهرباء مع قرب الشتاء
في مناجم شانشي ومنغوليا
في إطار خطتها لمكافحة أسوأ أزمة واجهتها منذ سنوات، اتخذت الصين العديد من التدابير لتوفير الكهرباء لمواطنيها خلال فصل الشتاء؛ من بينها رفع القدرة الإنتاجية وزيادة واردات الفحم وفتح مناجم جديدة، حتى إنها قررت تجاهل معايير السلامة حتى لا تعوق عجلة الإنتاج.
كما سلطت أزمة الصين الضوء على قضية مهمة، وهي أن نقص الوقود الأحفوري تسبب في تقلب أسعاره، وليس الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بدلًا منه.
وأمر المسؤولون الصينيون أكبر منطقتين لإنتاج الفحم في البلاد بسرعة توسيع طاقتهما الإنتاجية السنوية بأكثر من 160 مليون طن؛ لمحاولة التصدي لأزمة نقص الفحم الحالية.
وتشهد الصين ارتفاعًا قياسيًا في الأسعار، ونقصًا في الكهرباء أدى إلى تقنين الطاقة في جميع أنحاء البلاد، متسببًا في شل الإنتاج الصناعي، وتهديد النمو الاقتصادي.
ويدخل الفحم في توليد نحو 70% من الكهرباء في الصين، لكن دعوات الحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، دفعت إلى تثبيط حرق الفحم.
مناجم إقليم شانشي
أبلغ إقليم شانشي، أكبر منتج للفحم في الصين، 98 منجمًا برفع طاقة إنتاج الفحم بمقدار 55.3 مليون طن خلال المدة المتبقية من العام، وفقًا لوثيقة أكدها مسؤول حكومي اليوم الجمعة.
وستسمح شانشي أيضًا لنحو 51 منجمًا للفحم بالوصول إلى أقصى مستويات إنتاجها في المدة بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول، وزيادة الطاقة الإنتاجية بمقدار 8 ملايين طن، والتي من المتوقع أن تضيف 20.65 مليون طن من الإمدادات الإضافية، حسب رويترز.
منطقة الفحم 2
في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وجهت إدارة الطاقة بمنطقة الفحم رقم 2 في الصين، منغوليا الداخلية، إشعارًا عاجلًا إلى السلطات المحلية بإخطار 72 منجمًا بأنها قد تعمل بقدرات أعلى من المنصوص عليها، شريطة ضمان الإنتاج الآمن، دون تحديد المدة التي سيُسمح فيها بزيادة الإنتاج.
وجاء الإخطار في أعقاب اجتماع حددت خلاله السلطات الإقليمية إجراءات لإمدادات الطاقة الشتوية استجابة لتفويضات من مجلس الدولة الصيني، حسبما ذكرت صحيفة منغوليا ديلي، اليوم الجمعة.
وأفادت الصحيفة بأن فرقة العمل الحكومية المعنية بالفحم ستحث عمال المناجم على زيادة الإنتاج لضمان أن تتمكن شركات توليد الكهرباء من تلبية احتياجات التدفئة في فصل الشتاء.
جدية الحكومة في حل الأزمة
قال تاجر مقيم في بكين: "إن هذه الخطوة توضح جدية الحكومة بشأن زيادة إنتاج الفحم المحلي لمواكبة نقص الكهرباء"، متوقعًا أن تستمر زيادة الإنتاج من شهرين إلى 3 أشهر لتحقيق الزيادة المطلوبة.
وكانت مناجم منغوليا الـ72، ومعظمها عبارة عن حفر مفتوحة، تنتج بقدرة سنوية تبلغ 178.45 مليون طن في السابق، فيما اقترح الإشعار زيادة على ذلك بمقدار 98.35 مليون طن.
تراجعت العقود الآجلة للفحم الحراري في مدينة تشنغتشو الصينية لمدة وجيزة بنسبة 6%، صباح الجمعة، بعد أن كانت قد زادت بنسبة 3% تقريبًا، وانخفضت قيمة العقد بنسبة 3.2% إلى 1287 يوانًا (197.50 دولارًا) للطن.
بينما ارتفعت أسعار السلع الأخرى المولدة للكهرباء هذا الأسبوع، بما في ذلك زيت الوقود والميثانول والغاز النفطي المسال، بنسبة 10% على الأقل مقارنة بالشهر الماضي مع تدافع محطات الكهرباء للحصول على الوقود.
تحقيق مكافحة الفساد
أظهرت البيانات الرسمية أن منغوليا الداخلية أنتجت ما يزيد قليلًا على مليار طن في عام 2020، وهو ما يمثل أكثر من ربع الإجمالي الوطني.
ومع ذلك، انخفض هذا الإنتاج بنسبة 8% في أواخر عام 2020 وواصل الانخفاض شهريًا من أبريل/نيسان حتى يوليو/تموز من هذا العام، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تحقيق مكافحة الفساد الذي بدأته بكين العام الماضي لاستهداف قطاع الفحم؛ ما أدى إلى انخفاض الإنتاج؛ حيث مُنع عمال المناجم من الإنتاج فوق السعة المعتمدة.
واضطرت مقاطعة شانشي المجاورة إلى إغلاق 27 منجم فحم هذا الأسبوع بسبب الفيضانات.
كما أظهرت بيانات جمعتها جمعية نقل وتوزيع الفحم الصينية أن مخزونات الفحم في الموانئ الصينية الرئيسة كانت عند 52.34 مليون طن في أواخر سبتمبر/أيلول قبل عطلة وطنية لمدة أسبوع تبدأ في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، بانخفاض 18% عن العام السابق.
فتح مناجم جديدة
لضمان وفرة إمدادات الطاقة والتدفئة للمستهلكين، أعادت الصين فتح العشرات من المناجم، ومنحت تراخيص للعديد من المناجم الجديدة.
وقال محللون إن الحكومة دعت أيضًا إلى زيادة واردات الفحم "بشكل مناسب" إلى مستويات مماثلة للعام الماضي، بعد أن انخفضت الواردات بنحو 10% في الأشهر الـ8 الأولى.
ومن المتوقع أن يرتفع استهلاك الفحم في شمال شرق الصين مع حلول موسم التدفئة الشتوي؛ حيث تحتفظ محطات الطاقة الرئيسة بمخزون متوسط يصل إلى نحو 10 أيام، انخفاضًا من أكثر من 20 يومًا في العام الماضي.
ركود الاقتصاد
يرى محللون أن استمرار الأزمة سيجبر الصين على خفض الكهرباء المخصصة للصناعة بنسبة 12% في الربع الرابع من العام، وربما أكثر في حالة الشتاء البارد.
وتوقعوا أن تؤدي هذه الخطوة إلى زيادة مخاطر التضخم المصحوب بالركود على الاقتصاد الصيني والعالمي خلال الشتاء المقبل.
ويعتقد محللون أنه على الرغم من خطط زيادة الإنتاج المعلنة من شانشي ومنغوليا الداخلية؛ فمن غير المتوقع إضافة الكثير من الفحم في الوقت المناسب لهذا الشتاء.
وتوقع محللون من شركة غوشينغ للأوراق المالية أن يصل النقص في الفحم الحراري في الصين إلى 116 مليون طن في عام 2021، مرجحين وجود حاجة إلى مزيد من الإجراءات لتعزيز إنتاج الفحم.
وسجلت أسعار الفحم الحراري القياسية في ميناء تشينهوانغداو الشمالي رقمًا قياسيًا بلغ 1079 يوانًا (146.45 دولارًا أميركيًا) للطن في أواخر سبتمبر/أيلول.
وأشار كبير المحللين في مركز أبحاث "إنرجي آند كلين اير"، لوري ميليفيرتا، إلى أن نقص الوقود الأحفوري تسبب في زيادة أسعاره، وليس الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بدلًا منه.
وكانت الأزمة الحالية قد فرضت على الصين تجاهل معايير السلامة المرتبطة بصناعة الفحم، وأبلغت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح عمال المناجم -خلال اجتماع عُقد الأسبوع الماضي- بأن الحوادث لن تؤدي بعد الآن إلى إغلاق المناجم القريبة من أجل إجراءات السلامة.
موضوعات متعلقة..
- الصين تسعى لزيادة إنتاج محطات الفحم متجاهلة معايير السلامة
- الصين تواصل خفض صادرات الوقود بسبب أهدافها الخضراء
اقرأ أيضًا..
- هل التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري وراء أزمة الطاقة الحالية؟
- تفاقم أزمة الكهرباء في الهند بعد تراجع إمدادات الفحم