"بيرول" يناقض نفسه.. وكالة الطاقة الدولية تعترف بصعوبة التحول للطاقة النظيفة
أنس الحجي: الوكالة آخر من يتكلم في شؤون الدول المنتجة للنفط والغاز
ياسر نصر
في تناقض وتطوّر سريع للأحداث، أعلن المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، اليوم الخميس، موقفًا مفاجئًا بشأن "ضرورة" التحول العالمي إلى الطاقة المتجددة.
وقال بيرول بتغريدة في تويتر: " كبار منتجي النفط والغاز يواجهون تحديات فريدة من نوعها في التحول للطاقة النظيفة".
جاء ذلك بمناسبة إطلاق الإمارات مبادرتها الإستراتيجية الهادفة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، والتي تستهدف استثمار أكثر من 600 مليار درهم (163.35 مليار دولار أميركي) في الطاقة النظيفة والمتجددة حتى منتصف القرن.
وقف الاستثمارات
كانت وكالة الطاقة الدولية قد أصدرت في 18 مايو/أيار الماضي، تقريرها الشهير، الذي دعا إلى التوقف الفوري عن الاستثمار في الوقود الأحفوري، من أجل تحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي.
أثار التقرير حالة من الجدل، وصل إلى أن وصفه وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بفيلم "لالا لاند"، خاصة أنه لم يراعِ العديد من الضوابط والطلب على مصادر الطاقة، بالتزامن مع تزايد أعداد السكان حول العالم.
بالتزامن مع تقرير وكالة الطاقة الدولية، قادت عدد من الدول، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة وبريطانيا، زمام الأمور للمطالبة بالتوقف عن الاستثمار في النفط والغاز، والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة.
المطالب التي تنظر إليها الدول المنتجة للنفط بأنها متطرفة مناخيًا، خاصة أن هناك العديد من التقنيات والطرق التي يمكن من خلالها خفض الانبعاثات في قطاعات الطاقة دون التوقف عن الاستثمار، وأن هناك حاجة ماسّة للوقود الأحفوري لتأمين الطلب على الطاقة، في ظل تعافي اقتصادات العالم من آثار كورونا.
أزمة الطاقة
وبعد نحو 4 أشهر من تقرير وكالة الطاقة، تشهد أسواق الطاقة العالمية حالة شبة فوضوية، إذ سجلت أسعار الغاز في أوروبا مستويات قياسية، ومعه لم تصمد العديد من الشركات التي أعلنت إفلاسها، وصعدت أسعار النفط الأعلى مستوى في 3 سنوات.
يقول خبير أسواق الطاقة ومستشار تحرير "الطاقة" الدكتور أنس الحجي، إن وكالة الطاقة الدولية "منظمة أنشئت لتعزيز أمن الطاقة في دولها الأعضاء، ومانراه اليوم من أزمة في الطاقة في أوروبا وانهيار أمن الطاقة فيها ليس دليلًا على فشل وكالة الطاقة فقط، إنما دليل آخر أن وكالة الطاقة آخر من يتكلم بشؤون الدول المنتجة للنفط والغاز".
وكشفت أزمة أسعار الغاز في أوروبا كيف تُسبّب الخطوات غير المدروسة وعدم الاستثمار طويل الأجل في مشروعات النفط والغاز والاندفاع نحو مصادر الطاقة المتجددة بأزمة طاقة كبيرة تهدد ملايين الأسر، بعد تراجع إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.
أمن الطاقة
كان العديد من المعارضين لسيناريوهات وكالة الطاقة المطالِبة بالتوقف الفوري عن الاستثمار في الوقود الأحفوري قد حذّروا من مخاطر مستقبلية قد يتعرّض لها أمن الطاقة في المستقبل، مؤكدين أن العالم سيظل بحاجة إلى إمدادات النفط والغاز الطبيعي، حتى في ظل تحوّل الطاقة.
واتّهم عدد من الخبراء وكالة الطاقة الدولية بأنها السبب في تقلّبات أسواق النفط والغاز، بسبب توجيه الاتهامات دائمًا للوقود الأحفوري بأنه السبب الرئيس في أزمة الاحتباس الحراري.
يوضح الدكتور أنس الحجي أن الدول الأوروبية استخدمت الوقود الأحفوري خلال الـ400 سنة الماضية، مما أسهم إسهامًا ضخمًا في نقلها من أكثر الدول تخلّفًا في العالم إلى أكثرها تقدّمًا، والآن، بعد أن وصلت إلى هذه المرحلة، لا تحاول أن تتخلص من الوقود الأحفوري فقط، لكنها تريد أن تجبر الدول النامية على ذلك، الأمر الذي يعني أن الأخيرة لن تلحق بركب الدول المتقدمة نهائيًا.
دول النفط
أكد مستشار تحرير "الطاقة" أن الدول النفطية والنامية بحاجة إلى تطوير مواردها الطبيعية، وبحاجة للوقود الأحفوري، تمامًا كما كانت الحال بالنسبة للدول الأوروبية، والمشكلة التي يحاول أن يخفيها الإعلام اليساري واليميني هو أن انبعاثات الكربون تراكمية عبر الزمن، وأغلب انبعاثات الكربون التي يعاني منها اليوم جاءت من أوروبا وأميركا.
يقول الدكتور أنس الحجي: "صحيح أن انبعاثات الصين هي الأعلى اليوم، وصحيح أن انبعاثات الدول النفطية عالية الآن، ولكن نسبتها ضئيلة مقارنة بما فعلته أوروبا وأميركا على مدى القرون الـ3 الأخيرة، وإذا كانت وكالة الطاقة وفاتح بيرول جادّين في محاربة التغير المناخي، فليطلبوا من الولايات المتحدة تخفيض إنتاجها من النفط، وهم الذين كان يدعمون الإنتاج الصخري ويشجعونه، وهم من توقّع أن إنتاجه سيرتفع "بشكل انفجاري".
كان تقرير لشركة ريستاد إنرجي قد أشار إلى أن الدول المعتمدة على النفط والغاز عرضة لفقدان 4.8 تريليون دولار من عوائدها بشكل تراكمي بحلول منتصف القرن الحالي، حال تبنّيها سيناريوهات وكالة الطاقة.
وأوضح التقرير أن مسار التحوّل إلى الطاقة النظيفة يتطلب مليارات الدولارات، وفي الوقت نفسه هناك مطالب بتخلّي دول النفط والغاز عن عوائد كبيرة جراء وقف استثمارات الوقود الأحفوري.
موضوعات متعلقة..
- وكالة الطاقة: الوصول للحياد الكربوني يتطلب تعزيز الاستثمار في الهيدروجين
- وكالة الطاقة تخفض تقديرات الطلب العالمي على النفط بشكل حاد
- 5 رسائل خاطئة لخريطة طريق وكالة الطاقة بشأن الحياد الكربوني
اقرأ أيضًأ..
- الربط الكهربائي بين مصر والسعودية.. تفاصيل جديدة
- أسعار الغاز.. روسيا تكشف الأسباب الحقيقية وراء أزمة الطاقة في أوروبا