مهمة شاقة.. هل تنجح بي بي في التخلي عن الوقود الأحفوري؟ (تقرير)
الشركة تخطط إلى بيع أصول بـ 25 مليار دولار بحلول عام 2025
مي مجدي
تواجه شركة النفط البريطانية "بي بي" تحديًا كبيرًا في ملء الفراغ المالي الذي خلّفه بيع أصول النفط والغاز مع تقليص اعتمادها على الوقود الأحفوري، والاتجاه السريع إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة.
وفي الوقت الذي تتعرض فيه مشروعات الطاقة المتجددة التابعة للشركة إلى خسائر، يراهن الرئيس التنفيذي "برنارد لوني" -الذي تولى منصبه في فبراير/شباط 2020- على تحوّل الشركة من الاعتماد على النفط والغاز إلى الطاقة النظيفة بوتيرة أسرع من منافسيها.
وفي العام الماضي، أصبح لوني أول رئيس تنفيذي يعلن تعمّد خفض إنتاج الغاز والنفط في المستقبل إلى 40%، أو نحو مليون برميل يوميًا.
إلى جانب ذلك، ستعزز الشركة البريطانية من قدرتها على توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة إلى 50 غيغاواط، وهي زيادة بـ20 ضعفًا وتعادل الكهرباء التي تنتجها 50 محطة نووية أميركية.
بيع أصول الوقود الأحفوري
لتحقيق الأهداف، يخطط برنارد لوني إلى بيع أصول من الوقود الأحفوري بقيمة 25 مليار دولار بحلول عام 2025، وهذا يعادل نحو 13% من إجمالي الأصول الثابتة للشركة في نهاية عام 2019.
وفي أواخر العام الماضي، ومع سيطرة فيروس كورونا، واجه لوني ضغوطات متزايدة للحفاظ على استقرار الشركة في وقت تقلَّص فيه الطلب العالمي على الوقود، وانهارت أسعار النفط والغاز.
ووصلت الديون الصافية للشركة إلى 39 مليار دولار، ما أثار قلق المديرين التنفيذيين بعدما أصبحت ديونها أزمة حقيقية بسبب انخفاض القيمة وصعوبة إقناع المستثمرين بأن أعمال الطاقة المتجددة المتنامية للشركة يمكنها جني الأرباح.
وفي أوائل عام 2021، دعا برنارد لوني إلى اجتماع للقيادات العليا للشركة في محاولة لإيجاد حلول عاجلة لخفض الديون إلى أقلّ من 35 مليار دولار.
وبعد فترة وجيزة، في الأول من فبراير/شباط، أعلنت بي بي بدء بيع مشروعات قديمة تبلغ قيمتها نحو 15 مليار دولار، بالإضافة إلى الموافقة على بيع ثلث حصتها في حقلي خزان وغزیر بمربع 61 لإنتاج الغاز في سلطنة عمان، لشركة الطاقة الوطنية التايلاندية "PTT"، مقابل 2.6 مليار دولار.
كما أخلت الشركة حقول النفط والغاز في ألاسكا وبيع حصتين في بحر الشمال لشركة "بريميار أويل" مقابل 205 مليون دولار بسب صعوبات مالية واجهت الأخيرة في أواخر العام الماضي.
يأتي ذلك بالإضافة إلى بيع النشاط العالمي في قطاع البتروكيماويات بالكامل لشركة الكيماويات العملاقة إنيوس، والذي حقق ربحًا قدره 402 مليون دولار في عام 2019.
وساعد ذلك الشركة في خفض ديونها إلى 33 مليار دولار بنهاية مارس/آذار، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي.
شكوك حول خطة بي بي
أحدثت خطة الرئيس التنفيذي برنارد لوني الكثير من الشكوك، فقد أيّد مسؤولون تنفيذيون سياسة الرئيس الجديد عمومًا، لكن أعربوا عن قلقهم من تحرّكه السريع لتداول الأصول النفطية عالية الجودة مقابل استثمارات متضاربة في الطاقة المتجددة.
وأعادت خطة لوني إلى الأذهان محاولات بي بي في أواخر التسعينات لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة بدعوات من الرئيس التنفيذي آنذاك، جون بروان، إذ استثمر مليارات الدولارات في مشروعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مع فشل أغلبها على مدار العقد.
خسائر الطاقة المتجددة
على النقيض، أقرّت شركة بي بي بأن مشروعاتها في مجال الطاقة النظيفة لا تزال تحقق خسائر كبيرة، ولا تتوقع أيّة أرباح من تلك الشركات حتى عام 2025 على الأقلّ.
وحقّق مشروعان للطاقة المتجددة لشركة بي بي خسائر تُقدّر بعشرات الملايين من الدولارات.
وخسرت شركة الطاقة الشمسية "لايت سورس بي بي" -التي تمتلك بي بي 50% من رأس مالها- نحو 81.8 مليون دولار خلال عامي 2018 و2019.
بينما خسرت شركة بي بي بولس -وهي شركة لشحن السيارات الكهربائية، وتتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها- قرابة 30 مليون دولار أميركي على مدار العامين.
ورغم ذلك، تستمر مساعي لوني لزيادة نمو الطاقة المتجددة، ويهدف إلى زيادة الاستثمار السنوي إلى 5 مليارات دولار بحلول عام 2030، بزيادة 10 أضعاف مقارنة بعام 2019.
على الجانب الآخر، أدى الانتقال السريع للطاقة النظيفة إلى إقرار لوني قرارًا لتسريح الموظفين، واستغنى عن 10 آلاف موظف، أي نحو 15% من القوة العاملة للشركة.
ومنذ أن تولّى لوني منصب الرئيس التنفيذي للشركة، انخفض سعر سهم بي بي إلى 39%، وهو أسوأ أداء لأيّ شركة في قطاع النفط خلال هذه المدة.
في حين وافق الرئيس المالي لشركة بي بي، موراي أوشينكلوس، على خطة لوني، قائلًا، عند بدء استثمارات الشركة في مصادر الطاقة المتجددة المتمثلة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية بتحقيق أرباح، ربما العائد المالي سيكون أقلّ من المتوقع مقارنةً بقطاع النفط والغاز، لكنه سيكون أكثر استقرارًا مقابل تقلّبات أسعار النفط.
مشروعات مستقبلية
قي الآونة الأخيرة، أعلنت الشركة تحقيق أرباح واسعة في الربع الثاني من العام الجاري بلغت 2.8 مليار دولا بفضل قوة استثماراتها في مجال النفط والغاز.
ومع ذلك، يخطّط لوني بيع الأصول النفطية لتمويل المزيد من مشروعات الطاقة المتجددة.
وتأمل شركة النفط العملاقة تعزيز ثرواتها عن طريق تركيب الآلاف من أجهزة الشحن الكهربائية، وستستطيع الشركة الصمود وتعويض انخفاض عائدات النفط والغاز من خلال إيرادات محطات البنزين.
ويدعم ذلك اتجاه كبريات شركات السيارات مثل "بي إم دبليو" ومرسيدس بنز لتصنيع المزيد من السيارات الكهربائية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، اتجهت بي بي لقطاع الرياح البحرية، واشترت حصة بنسبة 50% من عملاق الطاقة النرويجي إكوينور في مشروعين قبالة الساحل الشرقي للولايات المتحدة مقابل مليار دولار.
اقرأ أيضًا..
- غولدمان ساكس يتوقع ارتفاع أسعار النفط إلى 85 دولارًا للبرميل
- أذربيجان تنقل 5 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى أوروبا