تصاعدت الحرب بين البرلمان الأوروبي وشركة غازبروم الروسية في الأونة الأخيرة، عندما وجّه البرلمان اتهامات لموسكو بالتلاعب في أسعار الغاز الطبيعي، في حين نفت الشركة تلك الادّعاءات.
يأتي ذلك بعدما اتّهم أكثر من 40 عضوًا في البرلمان الأوروبي شركة غازبروم بأن لها يدًا في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي مؤخرًا، إلى جانب انتهاكها لسياسات المنافسة في الاتحاد الأوروبي، بحسب ما نشره موقع "كازبيان نيوز".
وعلى الفور، طالب برلمانيون أوروبيون المفوضية الأوروبية بالتحقيق واتخاذ إجراءات حاسمة ضد الشركة الروسية.
حجة البرلمان الأوروبي
استندت هذه الاتهامات إلى إغلاق غازبروم أجزاء من خطوط الإنتاج، ورفض توصيل المزيد من إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب الحالية، في محاولة لممارسة الضغط على بروكسل وأوروبا، والحصول على الضوء الأخضر لبدء إمدادات الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم2.
ولم تنته المعركة ضد نورد ستريم2 عند هذا الحدّ، فلا يزال بإمكان بروكسل تحويل المشروع إلى "استثمار أجوف"، وفقًا لمقترح عضو البرلمان الأوروبي وعضو حزب الخضر الأوروبي، راينهارد بوتيكوفر.
وقال بوتيكوفر في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية أجراها يوم السبت الماضي، إن احتفال الجانب الروسي باستكمال خط أنابيب نورد ستريم2 سابق لأوانه.
وأكد أن بإمكان المفوضية الأوروبية إيقاف تشغيل المشروع رغم موافقة الوكالة الاتحادية للشبكات -التابعة لوزارة الشؤون الاقتصادية والطاقة الألمانية- وحال اكتشاف أن قرار الوكالة بتشغيل خط أنابيب الغاز ينتهك تشريعات الطاقة في الاتحاد الأوروبي، سيتحول المشروع إلى استثمار أجوف.
ردّ غازبروم
سرعان ما ردّت غازبروم على هذه الادّعاءات، ونفت في بيان صدر يوم الجمعة الماضي جميع الاتهامات الموجهة لها، قائلة، إنها تسلّم الغاز لجميع شركائها بالكميات المحددة في العقود.
وقالت في البيان: "توفر الشركة الغاز بموجب طلب المستهلكين تماشيًا مع الالتزامات التعاقدية، كما تهدف إلى تلبية طلبات الإمدادات الإضافية كلما أمكن ذلك".
من جانبه، أرجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى سياسة المفوضية التي تركّز على آليات البورصة في تحديد أسعار الغاز.
وفي حديثه خلال مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، قال، إن أسعار الغاز الروسي في إطار العقود طويلة الأمد تنمو بوتيرة أبطأ، وهذا يحمي المشترين من تقلّبات الأسعار.
تصعيد برلماني سابق
جاء ذلك عقب أيام قليلة من دعوة البرلمان الأوروبي دول الاتحاد إلى التخلُّص التدريجي من واردات الغاز والنفط وغيرهما من المواد الخام الروسية، لا سيما الحديد والصلب والألومنيوم والنيكل، في ظل إصرار برلماني على فرض مزيد من العقوبات على موسكو.
وجاءت تلك الدعوة خلال مناقشة تقرير بشأن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا في البرلمان، للنظر في فرض مزيد من العقوبات على قطاع النفط والغاز في موسكو، واستبعاد البلاد من نظام الدفع الدولي السريع.
وصوّت لصالح هذا التقرير 494 نائبًا، فيما عارضه 103 نوّاب، وامتنع 72 نائبًا عن التصويت.
وأوصى التقرير -الذي أعدّه رئيس الوزراء الليتواني السابق، أندريوس كوبيليوس- بتوسيع العقوبات المفروضة على روسيا، وتحديد إستراتيجية لأكبر خفض ممكن في اعتماد الاتحاد الأوروبي على موارد الطاقة وتوريد المعادن الروسية.
أسعار الغاز
جاءت مطالب البرلمان الأوروبي مع تصاعد أسعار الغاز الطبيعي من 300 دولار أميركي لكل ألف متر مكعب في بداية عام 2021 إلى أكثر من 800 دولار أميركي هذا الأسبوع.
وتعدّ غازبروم، أكبر مورد للغاز الطبيعي في العالم، وتمثّل 12% من إنتاج الغاز الطبيعي العالمي، و68% من إنتاج الغاز المحلي في روسيا.
وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت الشركة الانتهاء من بناء خط أنابيب الغاز الطبيعي نورد ستريم2، الذي يبلغ طوله 1200 كيلومتر، ويستعد لتوصيل 55 مليار متر مكعب إضافي سنويًا من الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر بحر البلطيق.
ومن خلال هذه الخطوة، تتوقع موسكو أن عمليات النقل عبر نورد ستريم2 ستساعد في استقرار الأسعار.
لكن لن تستطيع روسيا فعل ذلك قبل أن تحصل على الموافقة النهائية من الوكالة الاتحادية للشبكات، وقد تستغرق عملية التصديق نحو 4 أشهر.
نورد ستريم2 المثير للجدل
بدأ العمل في نورد ستريم2 عام 2018، وكان من المقرر الانتهاء منه عام 2019، لكن العمل توقّف في ديسمبر/كانون الأول 2019، بعدما تخلّت شركة "ألسيز" السويسرية -المسؤولة عن تشغيل السفن التي تتولى عملية نقل الأنابيب للمشروع عبر بحر البلطيق- عن مدّ الأنابيب بسبب معارضة واشنطن، وفرضها عقوبات على بعض الشركات المشاركة في إنشاء خط الأنابيب.
وكانت واشنطن قد ضغطت على المسؤولين في أوروبا للتخلي عن المشروع، وإجبارهم على شراء الغاز الطبيعي المسال الأميركي بديلًا.
ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2020، استأنفت غازبروم عملها في بناء خط أنابيب الغاز، إذ تمتلك حصة الأغلبية في المشروع الذي تبلغ تكلفته 12 مليار دولار بشراكة مع يونيبر ووينترشال الألمانية وإنجي الفرنسية والأنجلو الهولندية و"أو إم في" النمساوية، متجاوزًا بولندا وأوكرانيا، ما أثار اعتراض كلا البلدين.
ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خط الأنابيب الجديد بأنه سلاح جيوسياسي قوي لروسيا، التي ضمّت شبه جزيرة القرم في عام 2014، بعد الإطاحة بالرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش الحليف للكرملين.
وفي يوليو/تموز، توصلت الولايات المتحدة وألمانيا إلى اتفاق للسماح باستكمال المشروع دون فرض عقوبات أميركية على الكيانات الألمانية.
وبموجب شروط اتفاق 21 يوليو/تموز، التزمت الولايات المتحدة وألمانيا بمواجهة أيّ محاولة روسية لاستخدام خط الأنابيب سلاحًا سياسيًا ضد جارتها أوكرانيا، ووافقا على دعم أوكرانيا وبولندا من خلال تمويل مشروعات الطاقة البديلة والتنمية.
اقرأ أيضًا..
- برلمانيون: احتكار غازبروم وراء ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا
- قبل تشغيل نورد ستريم2.. أوكرانيا وبولندا تتحفزان لاعتراضات جديدة