من مشكلة إلى فرص استثمارية.. النفايات في مصر تجذب الشركات العالمية
القاهرة حددت الضوابط المنظمة للاستثمار في إنتاج الكهرباء من المخلفات
محمد فرج
تعدّ تقنية حرق المخلّفات لإنتاج الكهرباء من التقنيات الأكثر شيوعًا في العالم؛ نظرًا لانخفاض تكلفتها، وسهولة تنفيذها، مقارنة بالمصادر الأخرى، كما إن عملية تحويل المخلّفات لكهرباء لا تحتاج إلى استثمارات كبيرة.
وقد حرصت العديد من الدول على تطبيق هذه التكنولوجيا، فهي تتجنب انبعاثات بقرابة 42 ألف طن سنويًا في حالة حرق الكتلة الحيوية بدلاً من الفحم للحصول على القدرة نفسها من الكهرباء.
وفي الولايات المتحدة وحدها يجرى حاليًا تحويل معظم وحدات الفحم إلى الكتلة الحيوية، وفي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تستوفي محطات الحرق الجديدة معايير الانبعاثات الصارمة، وتخفض حجم المخلفات الأصلية بنسبة تتراوح بين 95 و96% من وزنها باستخدام القوالب التي تُنتَج من كبس المخلّفات؛ ما يسهم -أيضًا- في خفض الانبعاثات عن تلك المخلّفات ذات الحجم العشوائي.
التجربة المصرية
تقوم وزارة البيئة المصرية -بعد استلامها ملف النفايات- بخطوات جيدة، فقد أنشأت جهازًا لتنظيم إدارة المخلفات بهدف توفير خدمة متطورة ومستدامة قادرة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، وتحويل المخلّفات من مشكلة إلى فرص اقتصادية واستثمارية.
كما اعتمدت الوزارة التقنية الخاصة بعمليات معالجة وتدوير المخلّفات، وخلق الفرص الاستثمارية والآليات الاقتصادية في مجال إدارة المخلّفات، وإعداد الدراسات للمشروعات والمبادرات الرائدة والتجريبية لتطوير منظومة إدارة المخلّفات وتوفير التمويل لها.
ويعمل جهاز المخلّفات بصفة بيت خبرة للمحافظات في تصميم وإعداد منظومة التعامل مع المخلّفات؛ لتُنَفَّذ من خلال الأجهزة التنفيذية بالمحافظات، والتي تعتمد على الجمع السكني والبعد عن صناديق الجمع الموجودة في الشارع، ثم يجري الفرز المرحلي والنقل إلى المحطة الوسيطة، ومنها إلى المدافن الصحية أو مصانع السماد أو الوقود المشتق.
استثمارات متوقعة
تسعى الحكومة المصرية لاستقطاب استثمارات تتجاوز مليار دولار في مجال تدوير المخلّفات لإنتاج الكهرباء، وأقرّت الضوابط المنظمة للاستثمار في مشروعات إنتاج الكهرباء من المخلّفات، وكذلك التعرفة المحددة لبيع الكيلوواط/ساعة المنتج من المشروعات.
ومن المتوقع بعد إصدار قانون تنظيم إدارة المخلّفات أن يتولى جهاز تنظيم إدارة المخلّفات تأهيل مصنع تدوير المخلّفات وإنتاج السماد العضوي، مع إضافة خطوط لإنتاج الوقود المشتق من المرفوضات "آر دي إف" بمحافظات المنيا والسويس وبورسعيد والإسماعيلية والقليوبية.
توفير فرص عمل
من شأن إدارة المخلّفات المقترنة بإنتاج الطاقة توفير فرص عمل كبيرة تصل تقديراتها –إذا ما جرى الاستغلال الأمثل لها في مصر- إلى 50 ألف فرصة عمل، ومن شأن دخول القطاع الخاص في شراكة مع السلطات المحلية في أنشطة إدارة المخلّفات الصلبة أن يكون وسيلة لتوفير الدخل للشباب والنساء، ليس فقط من خلال دفع الأجور، ولكن -أيضًا- من اعتماد مفهوم إعادة التدوير.
يجب ألّا يقتصر النظر إلى الاقتران بين إدارة المخلّفات وإنتاج الكهرباء منها على التقلّبات في العرض، بل يجب أن يشمل توافر البنية التحتية للطاقة وموثوقيتها، إلى جانب الوضع الاقتصادي والسياسي للبلد المعني.
ومع محدودية الوصول إلى أنواع الطاقة الأساسية، هناك بديل واقعى لتوسيع البنية التحتية لنقل الطاقة وتوزيعها، وهو تنفيذ الشبكات الصغيرة ومنظومة الطاقة القائمة بذاتها، وحلول الطاقة اللامركزية الأخرى التي يجري تشغيلها محليًا.
ومع ذلك، يمكن على المستوى المحلي عَدُّ تحويل المخلّفات إلى طاقة حلًا عند النظر في أنواع الطاقة الأساسية مثل التدفئة أو التبريد. ويمكن أن يختلف شكل الطاقة المطلوب اعتمادًا على احتياجات المجتمعات المحلية في المناطق الريفية واللامركزية.
كفاءة كبيرة وامكانات غير محدودة
تنامى الطلب على الكهرباء مع التزايد التصاعدي للكتلة السكانية للمدن والتوجّه العالمي للتخفيف من الانبعاثات الكربونية لمكافحة التغيّر المناخي.
ويشكّل تحويل النفايات إلى كهرباء توجّهًا يجمع بين تلبية الاحتياجات للطاقة والتخلص الأمثل من المخلّفات؛ ما يدفع نحو تطبيق مفهوم التنمية المستدامة.
وقامت بعض الدول بمشروعات ناجحة في هذا المجال، وتعدّ المخلّفات بمختلف أنواعها من أوفر المصادر للطاقة المتجددة، ورغم أن المخلّفات تعدّ منتجًا غير مرغوب فيه للمجتمع، فإنها تمثّل مصدرًا قيّمًا للطاقة.
وتتراوح الكفاءة الكهربائية لغالبية المحطات الحالية التي تولّد الكهرباء من خلال دورة البخار بين 14 و28%، وتولّد ما بين 450 و550 كيلوواط/ساعة من الكهرباء لكل طن من المخلّفات البلدية الصلبة.
وتستعمل بقية الطاقة المنتجة بصفة حرارة، بينما تطلق قرابة طن واحد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
وتعدّ محطة دراكس في بريطانيا -بقدرة 660 ميغاواط- من أبرز محطات توليد الكهرباء من الفحم التي تمّ تحويل بعض وحداتها من الفحم إلى الكتلة الحيوية .
كما إن هناك عدّة مصانع تبيع إصبعيات الوقود الحيوي الصلب التي تنتجها من المخلّفات النباتية في مصر لشركات الأسمنت أو لتصديرها للخارج، فضلًا عن مصانع أخرى تنتج الوقود الصلب من مرفوضات القمامة، وتبيعه لشركات الأسمنت ليُستخدم وقودًا، بالإضافة إلى الوقود الحيوي الصلب "الفحم النباتي" الذي يُنتَج من المخلّفات النباتية ومخلّفات الأشجار للاستهلاك المحلي والتصدير.
إنتاج الكهرباء من عملية التغويز
يُعدّ التغويز عملية كيميائية للمخلّفات يجري فيها تسخين الكتلة الحيوية مع كمية محدودة من الأكسجين في الضغط الجوي وفي درجة حرارة تصل إلى 1400 درجة مئوية للحصول على غاز قابل للاحتراق يتكون من الهيدروجين وأول أكسيد الكربون والميثان والنيتروجين، يستخدم وقودًا في محطات الكهرباء، أو آلات الاحتراق الداخلي.
كما تعدّ تقنية التغويز وسيلة لتحويل أنواع منخفضة القيمة من الوقود والمخلّفات إلى غاز اصطناعي، ويمكن تغويز المخلّفات البلدية الصلبة والوقود المشتق من المخلّفات والبلاستيك الذي لا يعاد تدويره، ومخلّفات الصناعة الزراعية و حمأة الصرف الصحي المجففة، وتُحَوَّل إلى غاز اصطناعي يحتوى على أول أكسيد الكربون والهيدروجين.
وفي المحطات الكبيرة يُستعمل الغاز الاصطناعي لإنتاج الكهرباء والحرارة، وهو ما يعدّ جاذبًا من الناحيتين الاقتصادية والبيئية. ويمكن تحويل الغاز الاصطناعي إلى ميثانول وأمونيا وبنزين اصطناعي، أو استعماله مباشرة بديلًا للغاز الطبيعي، وحتى مزجة بالغاز الطبيعي في شبكة الإمداد بالغاز.
ويوفر تغويز المخلفات البلدية الصلبة ما بين 7 و14 مليون وحدة حرارية بريطانية لكل طن و0.33 و 0.66 طنًا من انبعاثات مكافئ الكربون لكل طن من المخلّفات. وتبلغ تكلفة معالجة المخلّفات البلدية الصلبة بوساطة تكنولوجيا التغويز قرابة 50 دولارًا لكل طن.
توليد الكهرباء من التخمير اللاهوائي
تعدّ هذه العملية إحدى الوسائل البيولوجية للحصول على الغاز العضوي عن طريق التخمير اللاهوائي للمخلّفات الحيوانية أو الصرف الصحي أو مخلّفات المنازل، إذ تتفكك فيه هذه المخلّفات بفعل البكتريا دون أكسجين، وفي درجة حرارة من 35 إلى 70 درجة مئوية ونسبة رطوبة من 80 إلى 95% للحصول على 3 منتجات ثانوية: الغاز الحيوي، والسائل الحيوي، والسماد الليفي العضوي"كومبوست".
الغاز العضوي معظمه من الميثان يصل إلى قرابة 65%، ويمكن أن يُستخدم في محطات توليد الكهرباء ومحركات الاحتراق الداخلي لتوليد الكهرباء والحرارة، أمّا السائل الحيوي والسماد العضوي فيمكن استعمالهما لتحسين خصوبة التربة.
وقد كان من المعتاد استخدام مخلّفات الحيوانات مباشرة لتسميد الأراضي الزراعية، لكن مع ازدياد الوعي بالأهمية الاقتصادية للمخلّفات، انتشرت المخمرات اللاهوائية لإنتاج الغاز العضوي، ثم استخدام مخلّفات المخمر سمادًا للأراضي الزراعية.
إنتاج الكهرباء من الانحلال الحراري
يُعرف إنتاج الكهرباء من الانحلال الحراري بأنها عملية كيميائية تستخدم فيها الحرارة الفائقة في غياب الأكسجين لتفكيك المواد العضوية الغنية بالكربون وإنتاج 3 أنواع من مصادر الطاقة.
وتتضمن فحم صلب بنسبة 35%، وزيت سائل "وقود حيوي" بنسبة 40%، وغاز اصطناعي وهو خليط من الميثان وأول أكسيد الكربون والهيدروجين وثاني أكسيد الكربون بنسبة 10%، والمنتجات الأول والثاني قابلان للتخزين، أما الغاز فيحرق في عملية الانحلال الحراري التى هي أكثر أماناً وأقل تلويثاً من الحرق.
إنتاج الكهرباء من حرق المخلفات
في هذه العملية يتم حرق الكتلة الحيوية ومن خلال مبادل حراري، حيث يتم تسخين المياه وتحويلها إلى بخار لتشغيل تربينة بخارية وإنتاج الكهرباء.
وفي مصر يجري استخدام القوالب و الإصبعيات في الأفران بالريف، أو المخلفات الخشبية في المناطق الصحراوية، وتعد من التطبيقات الجاذبة التي يمكن أن تسهم جزئيًا في تخفيض الاعتماد على أنابيب الغاز المسال.
كما توجد عدة مصانع تبيع أصبعيات الوقود الحيوي الصلب التي تنتجها من المخلفات النباتية في مصر لشركات الأسمنت أو لتصديرها للخارج، فضلاً عن مصانع أخرى تنتج الوقود الصلب من مرفوضات القمامة،وتبيعه لشركات الأسمنت ليستخدم كوقود، بالإضافة إلى الوقود الحيوي الصلب الذي يتم إنتاجه من المخلفات النباتية ومخلفات الأشجار للإستهلاك المحلى والتصدير.
الغاز الاصطناعي وتكنولوجيا التغويز
يمكن تحويل الغاز الاصطناعي إلى ميثانول وأمونيا وبنزين اصطناعي أو استعمالة مباشرة كبديل للغاز الطبيعى وحتى مزجة بالغاز الطبيعي في شبكة الإمداد بالغاز
تعتبر تكنولوجيا التغويز وسيلة لتحويل أنواع منخفضة القيمة من الوقود والمخلفات إلى غاز اصطناعى، ويمكن تغويز المخلفات الصلبة والوقود المشتق من المخلفات والبلاستيك الذي لا يعاد تدويره ومخلفات الزراعة و حمأة الصرف الصحى المجففة والفحم ويتم تحويلها إلى غاز اصطناعى يحتوي بشكل رئيسي على أول أكسيد الكربون والهيدروجين.
اقرأ أيضًا..
-
النفايات في أفريقيا.. ثروة غير مستغلة تهدد حياة السكان والنُظُم البيئية (تقرير)
-
وزيرة البيئة المصرية: عروض عالمية للاستثمار في إنتاج الطاقة من المخلّفات