الدول المتقدمة أكثر تضررًا من تداعيات المناخ على أسعار السلع الغذائية
أحمد شوقي
تتحمّل الدول الفقيرة العبء الأكبر من تغيّر المناخ، ما قد يكون أحد أسباب تباطؤ الاقتصادات الغنية في التخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ومع توقعات تفاقم الظروف الجوية القاسية جراء تغيّر المناخ، فإن اقتصادات الدول المتقدمة قد تكون أكبر تضررًا إثر ارتفاع أسعار الغذاء العالمية الناجمة عن هذه الظواهر المتطرفة، ما يشير إلى أن عواقب أزمة المناخ على البلدان المتقدمة قد تكون أكبر من المتوقع سابقًا، حسب تقرير نشره منتدى الاقتصاد العالمي بالتعاون مع شركة الأبحاث فوكس إيه يو (VoxEU).
تداعيات الظواهر الجوية
في أحدث تقاريرها الصادرة الشهر الماضي، توقعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ، ارتفاعًا كبيرًا في وتيرة ومدة وشدة الظواهر الجوية المتطرفة؛ مثل الجفاف وموجات الحرارة والأمطار الغزيرة.
ولا شك أن التداعيات الاقتصادية المباشرة لمثل هذه الأحداث تكون أكبر على الدول منخفضة الدخل، نظرًا للمناخ الأكثر حرارة، ونقص التكنولوجيا التي يمكن أن تخفف من عواقب الطقس القاسي، بحسب التقرير.
وعلاوة على ذلك، تتمتع معظم البلدان منخفضة الدخل بحصص عالية جدًا من الزراعة في النشاط الاقتصادي، وهو أكثر القطاعات عرضة لصدمات الطقس.
ومع ذلك، فإن زيادة وتيرة وشدة الظواهر الجوية القاسية في جميع أنحاء العالم، وكذلك تضرّر المحاصيل والآفات الناجمة عن تغيّر المناخ، يمكن أن يؤثر -أيضًا- في الأداء الاقتصادي للدول التي لا تتعرض مباشرة لظروف الطقس المتطرفة تلك من خلال نقص الإنتاج الزراعي العالمي والارتفاعات الحادة في أسعار السلع الغذائية، وفقًا للتقرير.
وعلى سبيل المثال، كانت موجات الجفاف الشديدة في العديد من مناطق الإنتاج الرئيسة سببًا في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية في النصف الثاني من عام 2010 وصيف عام 2012، بنسبة 40% و20% على التوالي.
التأثير الاقتصادي
بحسب التقرير، فإن زيادة أسعار السلع الغذائية العالمية التي نتجت عن اضطرابات الحصاد -صدمات غير متوقعة لحجم المحصول- والصدمات المناخية التي حدثت في مناطق أخرى من العالم، تؤثّر في الدول النامية والمتقدمة أيضًا.
ورصدت دراسة ( فوكس إي يو) تأثير الاضطرابات في أسواق السلع الغذائية العالمية بالنشاط الاقتصادي في 75 دولة متقدمة ونامية -بافتراض ارتفاع أسعار السلع 10%- أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد يتراجع بنحو 0.53% في غضون 6 أرباع سنوية.
ووفقًا للتقرير، فإن الدول ذات الدخل المرتفع والمتوسط هي الأكثر تأثرًا بالتغيّرات العالمية في أسعار السلع الغذائية التي تسبّبها اضطرابات الحصاد أو الصدمات المناخية في أماكن أخرى.
ومن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في هاتين المجموعتين من البلدان بنسبة 0.52% و0.91% على التوالي، في حين إن ذروة الانخفاض في الدول منخفضة الدخل تبلغ 0.19% فقط، وفقًا للتقرير.
وتشير النتائج أيضًا إلى أن الارتفاع القوي بأسعار السلع الغذائية العالمية في الأشهر الأخيرة يمكن أن يعوق التعافي الاقتصادي العالمي بعد تفشّي فيروس كورونا.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية مايو/أيّار الماضي، لأعلى مستوى في عقد، مواصلًا الصعود للشهر الـ12 على التوالي، مع تداعيات فيروس كورونا، وفقًا لمؤشر أسعار الغذاء التابع للأمم المتحدة، لكنه تراجع في الشهرين التاليين، قبل أن يعاود الارتفاع في أغسطس/آب الماضي.
لماذا تكون الدول الغنية أكثر تضررًا؟
وفقًا للتقرير، تعدّ التأثيرات الأقوى في الاقتصادات المتقدمة مفاجئة، مع حقيقة أن حصة السلع الغذائية في نفقات الأسرة أقلّ بكثير، مقارنة بالدول منخفضة الدخل، كما إن هذه الدول تمتلك مؤسسات حكومية أكثر فاعلية تمنع نشوب صراعات ضارة بالنشاط الاقتصادي، علاوة على ذلك يوجد بها بأسواق مالية متطورة بشكل أفضل لاستيعاب صدمات الدخل.
ومع ذلك، تتأثر الدول الغنية بارتفاع أسعار الغذاء؛ بسبب 3 عوامل، حسب تقرير منتدى الاقتصاد العالمي.
أولًا، تداعيات الاقتصاد الكلي أضعف في الدول التي تُعدّ مُصدّرًا صافيًا للمنتجات الزراعية.
ثانيًا، انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي يكون أقلّ في البلدان التي لديها حصص أعلى من الزراعة في النشاط الاقتصادي، وهو على الأرجح نتيجة لكونها أكثر عزلة عن التغيّرات في الأسعار العالمية، لأن المزيد من الأسر تتمتع بالاكتفاء الذاتي.
وأخيرًا، يرى التقرير تأثيرات أضعف في البلدان التي لديها حصص أقلّ من التجارة غير الزراعية في مكونات الناتج المحلي الإجمالي، أي إن الدول الأقلّ اندماجًا مع بقية العالم عن طريق التجارة هي أيضًا أقلّ حساسية للانكماش الاقتصادي العالمي الناجم عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية.
اقرأ أيضًا..
- لمواجهة أزمة المياه.. 4 دروس مستفادة من تغير المناخ (تقرير)
- القادم أصعب.. تقرير مناخي يكشف سيناريوهات صادمة لمواجهة أزمة الاحتباس الحراري