رغم تخارج الشركات العالمية.. الصين تُحيي استثمارات النفط في فنزويلا
الرئيس مادورو يتعهد بإنتاج مليون برميل لـ"بكين"
مي مجدي
تتوقع فنزويلا، التي تمتلك أكبر احتياطي من النفط في العالم، مضاعفة إنتاج النفط الخام 3 مرات بحلول نهاية هذا العام، بمساعدة حليفتها الصين، رغم تراجع كبريات شركات النفط العالمية عن أصول النفط والغاز في البلاد.
وبدأت مؤسسة النفط الوطنية الصينية (سي إن بي سي)، أكبر منتج للنفط في الصين، إنعاش إنتاج النفط في فنزويلا من خلال إرسال مهندسين وتجاريين إلى فنزويلا، واختيار الشركات المحلية التي ستتولى أعمال الصيانة في منشأة لمزيج النفط تديرها مع شركة النفط الوطنية "بتروليوس دي فنزويلا إس إيه"، بدفسا.
كما تتواصل "سي إن بي سي" مع جهات محلية لتعزيز إنتاج النفط الخام في 5 مشروعات أخرى، نقلًا عن بلومبرغ
عودة الاستثمارات الصينية
رغم أن "سي إن بي سي" لم تتخذ بعد خطوة جادّة، فإنها إشارة أولية لعودة أهم شريك دولي لفنزويلا بعد عامين من ضآلة الاستثمارات.
وربما تقف العقوبات الأميركية المشددة رادعًا، لكن تأمل حكومة الرئيس نيكولاس مادورو أن يكون الرئيس الأميركي جو بايدن أكثر مرونة مع بلاده من سلفه دونالد ترمب.
ومن غير الواضح ما إذا كان البيت الأبيض سيخفف العقوبات التي تحظر أغلب الأعمال التجارية التعامل مع "بدفسا"، لكن بالنسبة إلى الرئيس الفنزويلي، سيكون التعاون الجديد مهمًا لمضاعفة إنتاج النفط الخام في البلاد 3 مرات بحلول نهاية هذا العام، خاصة بعد أن شهدت فنزويلا تراجعًا في الإنتاج مع رحيل شركائها الدوليين بسبب صعوبة الظروف المحيطة بالاستثمارات في البلاد.
وكانت آخر الشركات التي أعلنت التخارج من فنزويلا، شركة النفط اليابانية "إنبكس كورب"، إذ باعت أصلين من أصولها هناك إلى شركة "سوكري إنرجي" المحلية، الشهر الماضي.
وقد سبقها كل من "توتال إنرجي" الفرنسية و"إكوينور" النرويجية، بعد بيع حصتهما في الشركة المشتركة "بيتروسيدنو" مع "بدفسا".
العقوبات الأميركية
أدّت العقوبات الأميركية المشددة ضد نظام مادورو، واضطراب سوق النفط في السنوات القليلة الماضية، إلى عزل فنزويلا وحرمانها من الاستثمار الأجنبي، رغم أنها في أمسّ الحاجة إلية للحفاظ على الإنتاج.
ونتيجة للعقوبات الأميركية وتوقّف تمويل "بدفسا"، تراجع إنتاج "سي إن بي سي" بنسبة 75% بدءًا من يوليو/تموز، إذ كانت واحدة من أكبر الشركات الأجنبية المستثمرة في البلاد حتى عام 2016، ووصلت قدرتها الإنتاجية إلى قرابة 170 ألف برميل يوميًا، وفقًا لبيانات "بدفسا".
وفي عام 2019، أوقفت "سي إن بي سي" العمل على توسيع إحدى منشآتها، مشيرة إلى أن الوضع أصبح صعبًا لاستئناف المشروع.
تعافي البلاد
تحاول البلاد التعافي من خلال إصدار تشريعات من شأنها أن تمنح شركاءها الدوليين المزيد من السيطرة على العمليات التجارية.
وبهدف جذب الاستثمار، تعمل الجمعية الوطنية -الخاضعة لسيطرة الحكومة الفنزويلية- على صياغة قانون للطاقة من شأنه أن يتيح للشركات الأجنبية امتلاك حصص سيادية في المشروعات المشتركة التي تديرها مع "بدفسا".
وقوبل الاقتراح ببعض المعارضة، وليس من الواضح متى سيُطرح مشروع القانون للتصويت في المجلس التشريعي.
وقال الخبير في صناعة النفط الفنزويلية بجامعة رايس، فرانسيسكو مونالدي، إن القوانين الجديدة إلى جانب ارتفاع أسعار النفط، يمكنهما أن يجعلا فنزويلا مكانًا مثمرًا لاستئناف أعمالها.
وأوضح أن البداية لن تكون ضخمة، لكن عودة (سي إن بي سي) إلى إنتاج ما يزيد عن 100 ألف برميل يوميًا سيساعد "بدفسا" على سداد ديونها.
ويبلغ الإنتاج الحالي لفنزويلا نحو 500 ألف برميل يوميًا، وهو سدس ذروة الإنتاج في عام 2008.
ومن المرجح تصدير كل إنتاج (سي إن بي سي) إلى الصين، وسيساعد ذلك فنزويلا على سداد ديونها إلى بكين.
فمنذ عام 2008، أقرضت بكين البلاد قرابة 60 مليون دولار، وكان من المقرر سدادها جزئيًا من خلال شحنات النفط الخام.
الشراكة مع الصين
أصبحت الصين وفنزويلا حليفين مقرّبين في أوائل العقد الأول من القرن الـ21 عندما تولى الرئيس السابق لفنزويلا هوغز شافيز السلطة.
ومن جانبها، رأت بكين في فنزويلا بابًا لأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، لبيع منتجاتها، وواصلت الصين تمويل مشروعاتها في البنية التحتية والآلات والمعدّات في صناعات النفط والتعدين.
ولم تقدّم الصين أيّ قروض جديدة لفنزويلا منذ عام 2016، في بداية الأزمة الاقتصادية والمالية التي عصفت بالدولة، إذ حاول المسؤولون الفنزويليون الحصول على تمويل جديد، لكن دون جدوى.
وفي أوائل عام 2019، أضافت أميركا عقوبات على شركة "بدفسا"، وحتى ذلك الحين كانت مصافي الولايات المتحدة أكبر مستورد للنفط الخام في فنزويلا.
ووفقًا لوكالة بلومبرغ، أصبحت الصين الوجهة الرئيسة لصادرات النفط الفنزويلية، وتتلقّى النفط بوسائل خفية.
وعندما هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على شركات الطاقة الأجنبية التي تتعامل مع "بدفسا" في أغسطس/آب 2019، ألغت (سي إن بي سي) عمليات الشراء المباشرة للنفط الفنزويلي.
وبعد أكثر من عام، استؤنفت الشحنات المباشرة مع تغيّر الحكومة في الولايات المتحدة.
وفي مايو/أيار، فرضت بكين ضريبة بيئية جديدة على واردات النفط، وترتّب على ذلك زيادة في سعر الخام الفنزويلي في الصين، وجعل عملية استيراده أقلّ ربحية، مما يثني التجّار عن الانخراط في أعمال عالية الخطورة.
ومع ذلك، تعهّد الرئيس الفنزويلي قبل أشهر بإنتاج مليون برميل يوميًا للصين فقط، إذ جاء ذلك خلال زيارة رسمية إلى بكين.
اقرأ أيضًا..
- فنزويلا.. الشركات العالمية تواصل التخارج من قطاع النفط والغاز
- كيف تتغلب إيران وفنزويلا على العقوبات الأميركية لتصدير النفط؟.. الصين كلمة السر