إستراتيجية الطاقة في ألمانيا تترقب نتيجة الانتخابات البرلمانية
هل تتغير الأولويات في مرحلة ما بعد أنغيلا ميركل؟
دينا قدري
- الأحزاب المتنافسة اتفقت على هدف الحياد الكربوني
- التحوّل إلى مصادر الطاقة المتجددة مصدر توافق في أهداف الأحزاب المناخية
- التركيز على ضرورة تنمية البنية التحتية للهيدروجين
- حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي لا يزال يحظى بأكبر قدر من الدعم
تنتظر إستراتيجية الطاقة في ألمانيا تحديد مصيرها بعد انتهاء ولاية المستشارة أنغيلا ميركل وعقد الانتخابات البرلمانية في 26 سبتمبر/أيلول المقبل، في ظل تنافس واضح بين أحزاب الديمقراطي المسيحي، والخضر، والاشتراكي الديمقراطي.
كانت المدة الماضية قد شهدت خلافات بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي (حزب ميركل)، وتحالف 90/الخضر، حول قضايا الطاقة، التي تصدّرت جدول الأعمال مع الضغط العالمي المتزايد لإزالة الكربون.
وتأثرت شعبية الأحزاب المتنافسة مع تركيز السياسة على العمل المناخي، وانتشار جائحة فيروس كورونا، والفيضانات الشديدة عبر ألمانيا الغربية.
التوافق على الحياد الكربوني
أعلنت الأحزاب الـ3 عن أهدافها المناخية حال نجاحها في الانتخابات، واتفقت في بياناتها على تعزيز أهداف الحياد المناخي، حسبما أفادت منصة باور تكنولوجي في تقرير نشرته حول تغيّر سياسة الطاقة الألمانية عقب الانتخابات.
ففي البرلمان السابق، حدد الحزب الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد الديمقراطي المسيحي هدف الحياد الكربوني لعام 2050 في القانون، بما يتماشى مع اتفاقية باريس.
بعد الانتخابات، سيقدم كلا الحزبين -المشرفين حاليًا على سياسة الطاقة الألمانية- هذا الهدف إلى عام 2045.
كما إنهما سيضعان أهدافًا لخفض الانبعاثات بنسبة 65% قبل عام 2030، و88% بحلول عام 2040، مقارنةً بمستويات عام 1990.
وبالمقارنة، فإن حزب الخضر يهدف إلى القضاء على أكثر من 70% من الانبعاثات بحلول عام 2030، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2040.
كما تتّفق الأحزاب الـ3 على تسهيل طلبات تركيبات الطاقة الشمسية والتركيز على الهيدروجين، إذ لعبت ألمانيا بالفعل دورًا رائدًا في تطوير الهيدروجين الأخضر على نطاق المرافق.
أهداف الحزب الديمقراطي المسيحي
يظل "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" أكبر حزب منفرد يتمتع بقاعدة دعم قوية، على الرغم من أنه فقدَ بعض مكاسبه لصالح الأحزاب الجديدة.
في البرلمان الجديد، سيُنفّذ الحزب "تعرفات تعديل الكربون" على التجارة، ما من شأنه أن يفرض ضرائب على السلع بناءً على انبعاثات بلد المصدر، تماشيًا مع قواعد منظمة التجارة العالمية.
ومحليًا، يخطط الحزب لتمويل البحث والتطوير في مجال تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه، جنبًا إلى جنب مع الشركاء الأوروبيين، كما سيعزز استخدام الكربون وتطوير البنية التحتية لثاني أكسيد الكربون.
ويهدف إلى إعداد التقارير الإحصائية للشركات، دون ذكر صريح للانبعاثات وتقارير الكربون، إذ سيهدف الحزب -حال وصوله إلى السلطة- إلى "تقليص التزامات الإبلاغ للإحصاءات الرسمية بنسبة 25%"، على الرغم من أنه لا يوضح كيف سيقيس ذلك.
وأشار الحزب إلى التوسع في توليد الكهرباء من طاقة الرياح البرية والبحرية، إذ ستستفيد طاقة الرياح من خطط التدريب المقترحة لتحسين قاعدة المهارات المتجددة في البلاد، إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.
أهداف حزب الخضر
يعدّ حزب الخضر بتوسيع سنوي لطاقة الرياح البرية لا يقلّ عن 5-6 غيغاواط، لينمو إلى 7-8 غيغاواط بحلول منتصف العشرينات من القرن الحالي.
كما يهدف إلى وصول طاقة الرياح البحرية إلى 35 غيغاواط من إجمالي التوليد بحلول عام 2035، ويأمل في مواجهة فوائض التوليد من خلال مرافق تخزين الكهرباء وإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وستشهد الطاقة الشمسية هدفًا فوريًا قدره 10-12 غيغاواط للتوسع السنوي، مع إزالة الحواجز أمام الاستثمار عبر نظام التخطيط، إذ يهدف الحزب إلى "جعل الأسقف الشمسية هي الأسقف القياسية".
يريد حزب الخضر تسريع إنهاء التوليد من الفحم الألماني حتى عام 2030، في حين إن التشريع الحالي سيشهد إنهاءه بحلول عام 2038.
لتسهيل ذلك، سيوافق الحزب فقط على محطات جديدة تعمل بالغاز "إذا كانت ضرورية للغاية، وجرى التخطيط لها وبناؤها من أجل الاستعداد للتحول إلى الهيدروجين"، ولن تحصل محطات الغاز الجديدة على الموافقة، وسيوقف الحزب استخدام نورد ستريم2.
وتعهّد حزب الخضر بـ"برنامج تمويل شامل" للبنية التحتية للهيدروجين، لكنه أكد أن ألمانيا ستحتاج إلى استيراده لتلبية الطلب.
على الصعيد الدولي، سيدعو الحزب إلى إجراء تخفيض كبير في كمية الانبعاثات المسموح بها بموجب مخطط تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي، وستعوض الأرباح من تسعير ثاني أكسيد الكربون الرسوم الإضافية الحالية على السيارات الكهربائية.
سيشمل برنامج "الخضر" أيضًا معايير الانبعاثات في عقود المشتريات الحكومية وإنشاء مراكز بيانات فيدرالية مدعومة بالكامل بمصادر الطاقة المتجددة.
يأمل الحزب في تعزيز حقوق الإنسان باستخراج المعادن الأرضية النادرة التي تحتاجها توربينات الطاقة المتجددة، واستخدام البدائل حيثما أمكن، لأنه يجري تعدينها أحيانًا في ظروف خطيرة واستغلالية، على الرغم من أنه لا يوضح كيف سيفعل ذلك.
أهداف الحزب الاشتراكي الديمقراطي
تعتمد أهداف الحزب الاشتراكي الديمقراطي المناخية على الصفقات التي أبرمتها الحكومة السابقة للتخلص التدريجي من طاقة الفحم بحلول عام 2038.
ويشكّل هذا جزءًا من خطة الحزب لعقد صفقات مع الحكومات الإقليمية لتنفيذ إصلاح الطاقة.
وأصدرت الحكومة تشريعات لإنهاء الطاقة النووية في البلاد، وهذا من شأنه أن يساعد في تحقيق هدف الحزب المقترح لتوليد الكهرباء في ألمانيا بالكامل من مصادر متجددة بحلول عام 2040.
وأكد الحزب أنه حتى عام 2030، ستحتاج البلاد إلى نحو 10 تيراواط ساعة من إضافات توليد الكهرباء سنويًا -ما يعادل استهلاك هامبورغ-، الأمر الذي يتطلب التوسع في مصادر الطاقة المتجددة، ورقمنة شبكات الكهرباء، وزيادة كفاءة الطاقة، وبناء تقنيات التخزين، وتطوير إنتاج الهيدروجين ونقله.
يأمل الحزب في تنمية صناعات إنتاج البطاريات وإعادة تدويرها في ألمانيا، كما سيستخدم الأموال الفيدرالية لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة ودفع الرسوم الإضافية على السيارات الكهربائية.
كما يرغب في التوسع بنقاط شحن السيارات الكهربائية بشكل أسرع من نمو الطلب، بالنهج نفسه المتّبع في الشبكات الكهربائية وشبكات الهيدروجين.
إذ يريد الحزب أن تصبح البلاد سوق الهيدروجين الرائدة في العالم بحلول عام 2030، من خلال دعم الابتكار في القطارات التي تعمل بالهيدروجين ومركبات البضائع.
اقرأ أيضًا..
- ألمانيا.. توقعات متشائمة حول توفير الكهرباء وخطة الحياد الكربوني
- هل تستطيع ألمانيا تلبية كامل احتياجاتها من الطاقة المتجددة؟
- ألمانيا ترفض التراجع عن إغلاق محطات الطاقة النووية
- ألمانيا تستثمر 47 مليون دولار لإنتاج الهيدروجين الأخضر في ناميبيا