باستثناء ألبانيا.. دول غرب البلقان تعتمد على الفحم الرديء في توليد الكهرباء
رغم مخاطره الضارة بالبيئة
نوار صبح
- دول غرب البلقان والاتحاد الأوروبي تعهدوا بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050
- الفحم يمثّل المصدر المهيمن لتوليد الكهرباء في غرب البلقان باستثناء ألبانيا
- الاستخدام الكثيف للفحم يطلق مجموعة من المواد الكيميائية والجسيمات غير الصحية
- 5 آلاف حالة وفاة مبكرة تحصل سنويًا في 19 مدينة فقط بالمنطقة
تُعدّ المحطات الحرارية الـ16 في غرب البلقان عتيقة الطراز، وتطلق انبعاثات أكثر خطورة من 250 محطة كهرباء تعمل بالفحم على أراضي الاتحاد الأوروبي.
وبما أن دول غرب البلقان ليست جزءًا من خطة تجارة الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي، فإن فجوة الانبعاثات بينهما تزداد.
ونظرًا إلى أن محطات التوليد بالفحم تنتج كهرباء رخيصة، فإنها توفّر إيرادات للحكومة وعمّال المناجم والسكان المحليين، بسبب نظام معقّد من الإعانات التبادلية، ولهذا تؤخّر العديد من دول المنطقة إصلاحات تسعير الكربون لأطول مدة ممكنة، وفقًا لموقع يوراكتيف.
واستعرض مقال بعنوان "متى ستتخلص دول غرب البلقان من إدمان الفحم؟"، لمراسل موقع إيميرجينغ يوروب، نيكولا دورديفيتش، واقع استخدام الفحم في توليد الكهرباء في دول غرب البلقان ومدى التزامها بتحقيق هدف الحياد الكربوني.
وبيّن كاتب المقال، الذي نشره موقع إيميرجينغ يوروب في 26 أغسطس/آب الجاري، أن دول غرب البلقان والاتحاد الأوروبي تعهدا بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
الإفراط في استخدام الفحم
أوضح كاتب المقال نيكولا دورديفيتش أنه رغم تفاقم مشكلة تلوث الهواء في المنطقة، يعرقل اعتماد دول غرب البلقان الشديد على محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم، تحقيق هدف الحياد الكربوني.
وأشار إلى أن الفحم يمثّل المصدر المهيمن لتوليد الكهرباء في غرب البلقان، باستثناء ألبانيا، التي تحصل على معظم كهربائها من الطاقة الكهرومائية.
وأكد أن الاستخدام الكثيف للفحم لا يؤدي إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون فقط، ما يُسهم في تغيّر المناخ، ولكنه يطلق أيضًا مجموعة من المواد الكيميائية والجسيمات غير الصحية التي تلوّث الهواء وتؤثّر في صحة الإنسان.
ووفقًا لدراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة للبيئة في عام 2019، فإن 5 آلاف حالة وفاة مبكرة تحصل سنويًا في 19 مدينة فقط في المنطقة، إذ ارتبط تلوث الهواء بالوفيات المبكرة في غرب البلقان، وازدادت معدلات الوفيات مؤخرًا نتيجة تفشّي وباء كوفيد-19.
- البوسنة تقدم عمال مناجم الفحم قربانًا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
- مقدونيا الشمالية تطرح مناقصة لمشروعات الطاقة الشمسية
- انسحاب جنرال إلكتريك يهدد بتوقف أكبر مشروع لتوليد الكهرباء في البوسنة
وقال نيكولا دورديفيتش، إنه رغم مواصلة الناشطين البيئيين ومسؤولي الاتحاد الأوروبي، ومنهم الألمانية فيولا كرامون، دقّ ناقوس الخطر، تبدو حكومات غرب البلقان متحفظة في الالتزام بتحديد موعد واضح للاستغناء عن الفحم.
وألمح إلى أن مقدونيا الشمالية، التي تعهّدت في يونيو/حزيران بالتخلي عن الفحم بحلول عام 2027، تُعدّ الاستثناء الوحيد.
انبعاثات قطاع الكهرباء
وفقًا لتحليل أجرته شبكة العمل المناخي في أوروبا (سي إيه إن يوروب)، تنطلق 74% من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في المنطقة، في الوقت الحالي، من قطاع الكهرباء.
ويظهر هذا أن الانتقال إلى طاقة أنظف أمر أساس إذا أرادت دول غرب البلقان تقليل كمية التلوث التي ينبعث منها وتحقيق الحياد الكربوني.
وقال كاتب المقال نيكولا دورديفيتش، إن المرحلة التالية في المنطقة تتمثّل في تقديم الخطط الوطنية للطاقة والمناخ (إن إي سي بي) إلى مجتمع الطاقة، الذي من المتوقع أن ينعقد في نوفمبر/تشرين الثاني، وستغطّي خطط الشراكة الاقتصادية الوطنية المدة من 2021 إلى 2030.
وقال الناشط في مجموعة الضغط "يوروب بيوند كول"، ألكسندرو موستاتا، إنه رغم عدم توزان التقدم، وغياب الطموح، هناك أيضًا خطوات اتُّخذت في الاتجاه الصحيح.
وأضاف أنه، بالإضافة إلى تعهّد مقدونيا الشمالية، رحّبت المنظمات البيئية الأوروبية غير الحكومية بتجميد صربيا محطة كولوبارا بي لتوليد الكهرباء بالفحم.
وبيّن أن التخلص التدريجي من الفحم لا يعني، حتى الآن، إزالة الكربون من قطاع الكهرباء، نتيجة انعدام التدابير الإيجابية، ولأن حوافز مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والتقنيات الحديثة ليست موجودة بعد، ولأن الجهات الفاعلة تصغي إلى الوعود الكاذبة التي يطلقها لوبي الغاز في المنطقة.
ومن جهتها، تظهر تصريحات الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أن التخلص من الفحم يبدو بعيد المنال.
وقال الرئيس فوتشيتش، في أثناء الاحتفال بعيد عمّال المناجم، إن صربيا لن تتخلّص من طاقاتها من الفحم، ومن طاقاتها الحرارية ولن تتخلّى عنها.
وهذا يعني أن الوظائف في هذا القطاع مستمرة لـ10 و20 و30 عامًا المقبلة، حسبما نشر موقع إيميرجينغ يوروب.
أسطورة الفحم الرخيص
تعود تسمية "أسطورة الفحم الرخيص" إلى عضو شبكة العمل المناخي في أوروبا (سي إيه إن يوروب)، فيكتور بيريشاج، الذي قال، إن السياسيين دأبوا على استخدام كلمة الفحم في حملاتهم السياسية بشأن الاقتصاد المستقر، استنادًا إلى الأسطورة القائلة بأن الفحم رخيص.
وأضاف بيريشاج أنه جرى تفنيد هذه الأسطورة مرارًا وتكرارًا منذ أن أصبح الفحم أكثر تكلفة من أيّ وقت مضى، إذ تحتاج محطات توليد الكهرباء بالفحم إلى حرق الفحم عالي الجودة، في حين إن الفحم المستخدم في المنطقة رديء الجودة، وهو الليغنيت.
وأشار إلى أن تجارة الفحم تعتمد بشكل كبير على الإعانات الحكومية التي دعّمت قطاع الفحم بنحو 176.41 مليون دولار في عامي 2018 و2019.
وبيّن أنه إذا أُدخلت ضريبة قدرها 23.51 دولارًا أميركيًا فقط لكل طن من ثاني أكسيد الكربون، إذ يبلغ سعر الكربون في الاتحاد الأوروبي اليوم نحو 64.66 دولارًا أميركيًا للطن، فستحتاج شركة المرافق الصربية إلى دفع 705.39 مليون دولار أميركي.
وأوضح أن فرض ضرائب على الكربون سيجبر محطات توليد الكهرباء بالفحم على الإغلاق.
وقال، إنه حتّى في جمهورية الجبل الأسود، التي تتمتع بقدرة كبيرة على استخدام الطاقة الكهرومائية، لا يزال الفحم يمثّل مشكلة، لا سيما في منطقة بلييفليا إذ تعتمد سبل عيش الكثير من الناس على منجم الفحم ومحطة الطاقة الحرارية.
وأكد أنه بالنسبة إلى كوسوفو، سيكون أيّ تحوّل للطاقة صعبًا، لأن أكثر من 90% من قدرتها المركبة لتوليد الكهرباء تعتمد على الفحم.
توقعات تحوّل الطاقة
قال عضو شبكة العمل المناخي في أوروبا (سي إيه إن يوروب)، فيكتور بيريشاج، إن دول غرب البلقان إذا التزمت قانونًا بهدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050، يمكنها إيجاد مسارات مناسبة لتحقيق ذلك.
وقال الناشط في مجموعة الضغط "يوروب بيوند كول"، ألكسندرو موستاتا، إن آلية تعديل حدود الكربون المقترحة، التي تهدف إلى تكافؤ الفرص بين الاتحاد الأوروبي والدول التي لا تفرض ضرائب على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، تُعدّ خطوة إضافية في الاتجاه الصحيح.
وبيّن أن أفضل طريقة لتحديد مسار نحو الحياد الكربوني في دول غرب البلقان هو استخدام هذه الأموال لدعم إزالة الكربون من نظام الكهرباء في هذه البلدان، وفي تنويع الاقتصادات المحلية التي لا تزال تعتمد على الفحم.