رغم خطط دول الخليج للطاقة المتجددة.. الوقود الأحفوري يظل المهيمن لعقود
أحمد عمار
- الإمارات تستهدف إنتاج 44% من الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة
- الإمارات تخطط لاستثمار 163 مليار دولار لتلبية الطلب على الطاقة
- خطط سعودية لتوليد 50% من الكهرباء عبر الطاقة المتجددة بحلول 2030
- السعودية تسعى لزيادة حصة إنتاج الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط
رغم التداعيات السلبية لكورونا على الاقتصاد العالمي، ومنها الضربة التي تلقّتها أسعار النفط العام الماضي نتيجة عملية الإغلاق التي اتجهت إليها أغلب الدول، فإن الأزمة جاءت محفزًا قويًا لزيادة الاهتمام العالمي بالطاقة المتجددة، ومنها دول مجلس التعاون الخليجي.
وأدّت أزمة كورونا غير المسبوقة إلى تعجيل العديد من الدول، ومنها الدول الخليجية، تنفيذ سياستها الرامية إلى التحول للطاقة النظيفة ومنخفضة الكربون، بحسب تقرير نشره موقع (غولف بيزنس).
وفي هذا الشأن، سجلت الاستثمارات العالمية في مجال تحوّل الطاقة خلال 2020 مستوى قياسيًا بلغ 500 مليار دولار، منها ما يقرب من 300 مليار دولار استثمارات جديدة في مصادر الطاقة المتجددة، حسبما نقله الموقع عن الرئيس التنفيذي لمجموعة إينوك الإماراتية، سيف حميد الفلاسي.
ثروات النفط والغاز
في الوقت الذي تتميز فيه دول الخليج العربي باحتواء أراضيها على ثروات وفيرة من النفط والغاز، فإن أزمة كورونا سلّطت الضوء بشكل أكبر على مدى خطورة ربط الاقتصادات بمصير وقود معرض لتغيّرات مفاجئة في الأسعار مع أيّ أزمة قد تحدث.
وفي ظل ما شهدته أسعار النفط والغاز العام الماضي من هبوط قوي مع الانتشار الواسع والمفاجئ لفيروس كورونا، كان من الصعب التنبؤ به، وهو ما أبرز مدى أهمية زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لأيّ دولة، بمثابة أحد خطوط الدفاع التي تحمي الدول، سواء المستوردة أو المصدّرة للوقود الأحفوري من تقلّبات الأسعار.
وعلى الرغم من الارتفاع الكبير الذي شهدته الأسعار منذ بداية العام الجاري وحتى الآن، فإن حالة من عدم اليقين ما زالت المسيطرة على المشهد.
وبالفعل، لدى مجلس التعاون الخليجي الغني بالنفط خطط طموحة لزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، ويأتي في مقدمة تلك الدول كل من السعودية والإمارات.
وتضمنت إستراتيجية الإمارات لعام 2050 استهداف البلاد إنتاج نحو 44% من الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة، و38% من الغاز، و12% من الفحم النظيف، و6% من الطاقة النووية.
وتهدف الإمارات لاستثمار نحو 600 مليار درهم (163.3 مليار دولار) بحلول 2050 لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، مع الاتجاه إلى الحدّ من البصمة الكربونية في توليد الكهرباء بنسبة 70%، الأمر الذي يؤدي بدوره تحقيق وفورات قدرها 700 مليار درهم (190.6 مليار دولار).
كما أعلنت الإمارات -خلال شهر أبريل/نيسان الماضي- بدء التشغيل التجاري للوحدة الأولى من محطة براكة للطاقة النووية بقدرة توليد 14 ألف ميغاواط، بالإضافة إلى 3 وحدات أخرى متوقّع تشغيلها خلال السنوات المقبلة.
وعلى صعيد السعودية، تخطط المملكة لتوليد نحو 50% من الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، في إطار مساعي خفض انبعاثات الكربون.
كما أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن مبادرة الشرق الأوسط الخضراء، والتي تسعى فيها الرياض لزيادة حصة إنتاج الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط لأكثر من 7% من خلال تبادل المعرفة حول تكنولوجيات الطاقة المتقدمة.
وتخطط السعودية كذلك لتشغيل مدينة نيوم، والتي ستقع على ساحل البحر الأحمر وعابرة للحدود، بالكامل من خلال الطاقة النظيفة.
هيمنة الوقود الأحفوري
على الرغم من وجود تلك الخطط الطموحة، فإنه من المرجح أن تستمر هيمنة الوقود الأحفوري على مزيج الطاقة بتلك البلاد خلال العقد القادم نتيجة وفرته.
وفي هذا السياق، تتوقع كبيرة محللي النفط والغاز في وكالة فيتش سوليوشنز، إيما ريتشاردز، استمرار الهيدروكربونات في الهيمنة على قطاع الطاقة على الأقلّ خلال العقد القادم، وربما يدوم ذلك لفترة أطول؛ نتيجة توافر الوقود الأحفوري على نطاق واسع، ما يجعل من الصعب إزاحته من مزيج الطاقة.
وأضافت أن منطقة مجلس التعاون الخليجي لديها الكثير من الإمكانات بمجال الطاقة المتجددة، وخصوصًا الطاقة الشمسية الكهروضوئية، ورغم تسارع الاستثمارات بمجال الطاقة المتجددة، فإنه لا تزال هناك عقبات أبرزها مناخ الاستثمار ودعم الطاقة.
واتفق معها في الرأي كبير أخصائيي الطاقة في الشركة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب)، سهيل شاتيلا، إذ يرى أن الهيدروكربونات سيستمر هيمنتها على قطاع الطاقة بدول مجلس التعاون الخليجي.
وقال، إنه على المدى الطويل ستشهد منطقة الخليج زيادة في قطاع الطاقة النظيفة واتجاهها نحو مزيج طاقة أكثر توازنًا واستدامة، ولكن مع بقاء الوقود الأحفوري حجر الزاوية في اقتصادات المنطقة.
وأيد سهيل شاتيلا وجهة النظر التي تؤكد أن إزالة الكربون من إنتاج النفط والغاز وارتفاع حصة الطاقة النظيفة هو اتجاه مستقبلي لدول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى زيادة كفاءة الطاقة وإعادة تدوير النفايات، والتوجّه المتزايد نحو الهيدروجين الأخضر والأزرق، خصوصًا في السعودية والإمارات وعمان.
وتابع: "التحول في مجال الطاقة أصبح وشيكًا لدول مجلس التعاون الخليجي وشركات النفط الوطنية، وجاءت في المقدمة كل من السعودية والإمارات"، مستشهدًا بقيام شركتي مصدر في أبو ظبي، وأكوا باور في السعودية ببناء محطات للطاقة المتجددة.
وخلص التقرير إلى أنه مع تبنّي الحكومات الإقليمية سياسة الدفع نحو التحول للطاقة المستدامة والنظيفة، فإن التوقعات المستقبلية مشرقة.
اقرأ أيضًا..
- الإمارات تراجع نسبة الفحم النظيف في مزيج الطاقة 2050
- أبرز مشروعات الطاقة المتجددة في الخليج العربي (إنفوغرافيك)
- دراسة: السعودية والإمارات تقودان تحول الطاقة في الخليج العربي