الطاقة النووية.. مصدر آمن للكهرباء ويجنب الحكومات مخاطر تقلب الأسعار
دراسة حديثة لمعهد المراقبة النووية
هبة مصطفى
في الوقت الذي يتصاعد فيه تهديد التغيرات المناخية على الصعيد العالمي، وتأثيراتها التي طالت الوجود البشري والطبيعة والصناعات وغيرها، زاد الحديث عن تعزيز الطاقة النووية بوصفها ملاذًا آمنًا، نحو مناخ أكثر أمانًا، خالٍ من الانبعاثات الضارة.
وأكد باحثون أن الطاقة النووية تحفظ أمن الطاقة، وتزيد من موثوقية شبكات الكهرباء، فضلًا عن إمكان التحكم بمخاطر التكنولوجيا الصادرة عنها بصورة أكبر من الصادرة عن حرق الوقود الأحفوري، حسبما دراسة حديثة نشرتها صحيفة باور إنجينيرنج إنترناشيونال.
الحياد الكربوني
دعت دراسة أجراها باحثون من معهد المراقبة النووية الجديد، دول العالم، إلى تجنّب الاعتبارات الجغرافية والسياسية، والالتفاف لدعم الطاقة النظيفة.
وأكدت الدراسة، التي حملت عنوان "أمن الطاقة في عصر الطموح نحو الحياد الكربوني ونظام الطاقة النووية"، أن تقليل القدرة النووية، سواء عن طريق التخلص التدريجي المتعمد، أو الفشل في الالتزام ببناء جديد، يطرح مخاطر كبيرة على أمن الطاقة.
ولفتت إلى الضغط على أمن إمدادات الكهرباء، مشيرة إلى ارتفاع قيمة الطاقة الناتجة عن مصادر الطاقة المتجددة، المعتمدة على الطقس.
وأوضحت أن البناء النووي يعزز أمن الطاقة على مستوى النظام، ويزيد من مرونة شبكة الكهرباء، ويساعد في تقليل الاعتماد على واردات الطاقة.
إمدادات مستدامة
تُعدّ الطاقة النووية واحدة من أفضل المصادر التجارية والواسعة في نطاق الكهرباء النظيفة، القادرة على توفير الكهرباء على أساس مستدام خلال العام، ما يدفع بالطاقة النووية لدعم مصادر الطاقة المتجددة المتغيرة دون زيادة التعرض للمخاطر.
وأشارت الدراسة إلى أن الطاقة النووية تُجنّب الحكومات مخاطر تقلّب الأسعار وانعدام الأمن في الغاز الطبيعي المستورد، الذي يمثّل الوقود الانتقالي لعدّة دول.
السوق النووية
قلّلت الدراسة من خطورة تورّط مورّدي الموارد النووية المستخدمة من غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في مراحل التصنيع المختلفة.
وأوضحت أنه يمكن الإدارة والتخفيف من حدّة تورطهم، من خلال تدابير تنظيمية حكيمة، قبل التشغيل وخلاله، وحتى إيقافه.
وكشفت الدراسة أن حالة سوق التصدير النووية حاليًا وزيادة نشاطها، تسمح بوجود بائعين من غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مدعومين من روسيا والصين، لافتة إلى أن التهديدات الجيوسياسية لأمن الطاقة للدول المضيفة محتملة في ظل زيادة النشاط.
وسلّطت الضوء على أن الطاقة النووية تقدّم حالة واضحة للحفاظ على المزيج المتنوع منخفض الكربون، خلال الانتقال نحو نظام طاقة منزوع الكربون تمامًا.
تهديد إمدادات الطاقة
من جانبه، شدد رئيس مجلس إدارة المعهد، تيم يو، على أن الحاجة الملحّة لإسراع وتيرة التحول نحو توليد الكهرباء منخفضة الكربون تدفع بشكل متزايد سياسة الطاقة الدولية.
وأضاف أن الدراسة توصلت إلى أن تحقيق هذا التحول، من خلال توسيع الطاقة المتجددة بشكل متقطع، دون ضمان استمرار المساهمة الكبيرة من الطاقة النووية، سيهدد أمن إمدادات الطاقة.
وأشار إلى أن الطاقة النووية هي الأكثر موثوقية لتوليد الكهرباء النظيفة على نطاق واسع، خاصة وأن طبيعة الصناعة النووية تتطلب توافق مصالح مورّدي المُعدّات، ومطوّري المحطات، والعملاء.
إدارة المخاطر
أوضح أنه يمكن إدارة المخاطر التي يتعرض لها أمن الطاقة جراء التكنولوجيا النووية بشكل أكثر سهولة، ما يجعلها أفضل وأقلّ خطورة من الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري.
وأضاف أن التغيرات المناخية أصبحت ثمثّل الآن تهديدًا للجنس البشري، ما يوجب على الحكومات في العالم تجنّب الاعتبارات الجيوسياسية، والاتحاد لنشر التقنيات منخفضة الكربون المتاحة.
النشاط النووي للدول
على مدار الأشهر الماضية، توسعت عدّة دول في نشاطها النووي، هروبًا من التغيرات المناخية، إذ تخطط الأرجنتين للتوسع في الاعتماد على الطاقة النووية بمزيج الطاقة ضمن مساعيها لتحقيق الحياد الكربوني، وخفض الانبعاثات الكربونية.
وأعلنت الأرجنتين أن الطاقة النووية هي أحد خياراتها للالتزام بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 19% بموجب اتفاقية باريس لعام 2015 المتعلقة بتغيّر المناخ، إذ تبلغ حصتها من الطاقة النووية نحو 7.5% من إجمالي مزيج الطاقة.
وعقدت صفقات مع الصين وكندا من أجل بناء مفاعلات جديدة لسدّ احتياجات الكهرباء في البلاد، وتخطط لإعادة تشغيل محطة "آرويتو" لإنتاج الماء الثقيل لتزويد مفاعلاتها الجديدة.
في المقابل، رفضت ألمانيا التراجع عن خطتها لإغلاق محطاتها النووية، ودفعت الحكومة تعويضات في بداية العام الحالي، وصلت إلى 3.1 مليار دولار أميركي لـ 4 شركات، لإجبارها على الإغلاق المبكّر لمحطاتها النووية.
وتعتزم التشيك طرح المناقصة الخاصة بتوسعة محطة دوكوفاني النووية، نهاية العام الجاري، في أكبر استثمار منفرد للجمهورية التشيكية تُقدَّر قيمته بما لا يقلّ عن 6 مليارات يورو (7 مليارات دولار).
وتأمل الحكومة التشيكية في الحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي، باحتساب توسعة المحطة النووية مشروعًا منخفض الانبعاثات، وهو ما يعني خفض تكلفته.
وأعلنت شركة روزنرغواتوم -عضو بقسم الطاقة الكهربائية في شركة روساتوم النووية الروسية- التأمين على جميع محطات الطاقة النووية المحلية ضد المخاطر الكارثية، مقابل 2 تريليون روبل (27 مليار دولار أميركي).
أمّا سلوفاكيا، فتوقعت وزارة الطاقة بها إضافة 942 ميغاواط من مفاعلي موشوفتشي للطاقة النووية، لقدرتها المنتجة من الطاقة النظيفة، مشيرة إلى أن التشغيل التجاري لمفاعلي الطاقة النووية موشوفتشي3 و4 سيغير بشكل كبير ميزان القوى في سلوفاكيا.
اقرأ أيضًا..
- بدعم من الصين وكندا.. الأرجنتين تتوسع في مشروعات الطاقة النووية
- ألمانيا ترفض التراجع عن إغلاق محطات الطاقة النووية
- 27 مليار دولار للتأمين على محطات الطاقة النووية الروسية