مخطط الغاز في موريتانيا يثير المخاوف البيئية.. هل تغير بي بي قواعد اللعبة؟
الشركة البريطانية تسعى للاستثمار طويل الأجل
محمد فرج
- قد تقوم بي بي بتعويض ثاني أكسيد الكربون الذي ستطرحه في السوق بغاز تورتو أحميم
- يتوقع الخبراء والمحللون أن تصبح موريتانيا والسنغال مراكز للغاز الطبيعي المسال على مستوى عالمي
- شركات النفط والغاز الأكثر نشاطًا تجاه حماية التنوع البيولوجي ومجتمعات الصيد يمكن أن تغيّر اللعبة
بدأت موريتانيا والسنغال السير بوتيرة سريعة لتحقيق عائدات من مشروعات الغاز التي تنفّذها شركة النفط والغاز البريطانية "بي بي".
يأتي ذلك في الوقت الذي يواصل فيه أنصار البيئة الضغوط لضمان حمايتهم للتنوع البيولوجي الحيوي في المنطقة، في حين يرى آخرون أنه يمكن تحقيق توازن يفيد جميع الأطراف.
يتوقع الخبراء والمحللون أن تصبح موريتانيا والسنغال أحد مراكز الغاز الطبيعي المسال عالميًا، بعد تشغيل المرحلة الأولى من مشروع تورتو أحميم الذي يستهدف إنتاج 3 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2025، حسبما ذكر موقع أفريكان بيزنس.
وتعدّ منطقة الساحل المشتركة بين موريتانيا والسنغال غنية بالحياة البرية، إذ تفسح آلاف الأميال من الصحراء الكبرى الطريق للتربة التي يسقيها نهر السنغال، ما يوفر مساحة راحة لملايين الطيور المائية في رحلتهم بين أفريقيا والقطب الشمالي.
كما تعدّ المنطقة غنية بالهيدروكربونات، إذ اكتُشِفَت أحواض الغاز قبل 6 سنوات على حافة أكبر شعاب مرجانية للمياه الباردة في العالم، وهو اكتشاف بدأ بمشروع تورتو أحميم البالغ تكلفته 4.8 مليار دولار أميركي بقيادة شركة بي بي البريطانية بالشراكة مع شركة التنقيب عن المياه العميقة الأميركية كوسموس إنرجي وشركات أخرى.
بي بي تسعى للاستثمار طويل الأجل
قال الرئيس التنفيذي لشركة بي بي، برنارد لوني: "إن منطقة الساحل المشتركة بين موريتانيا والسنغال من أفضل المواقع التي نسعى للاستثمار طويل الأجل بها".
وأوضح أن وباء كورونا تسبّب في تأخير مشروع تورتو أحميم لمدة عام، إذ بدأ البناء في المرحلة الأولى العام الجاري، ما تطلّب من شركة النفط والغاز البريطانية بناء محطة غاز طبيعي مسال على بعد 10 كيلومترات من الخط الساحلي.
وتعمل المحطة على معالجة كميات هائلة من الغاز الموجود على عمق 2850 مترًا تحت المحيط، و125 كيلومترًا في البحر، والذي سيُستَخرَج من الآبار المحفورة ويُنقَل على طول خطوط التدفق إلى نظام معياري عائم لإنتاج الغاز الطبيعي المسال.
وبعد ذلك سيجري تجهيز الغاز للتصدير إلى أوروبا وخارجها، واستخدامها في الأسواق المحلية لموريتانيا والسنغال.
ومن المتوقع الإنتاج الأولي للغاز في عام 2023، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في تكاليف إنتاج الكهرباء.
التأثير في الاقتصاد
تأمل حكومة موريتانيا أن يكون للحدّ الأدنى المتوقع للإيرادات الحكومية الإضافية البالغ 19 مليار دولار على مدى العقود الـ3 المقبلة تأثير تحويلي في دولة يبلغ إجمالي الناتج المحلي فيها 7.6 مليار دولار عام 2019.
وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي 4 مرات تقريبًا منذ عام 2000، ولكن في المدة نفسها تراجعت موريتانيا من المرتبة 135 إلى المرتبة 157 في مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة -وهو مؤشر يأخذ في حسبانه عوامل تشمل متوسط الدخل ومتوسط العمر المتوقع والتعليم-.
إمكانات حقل تورتو أحميم
يمتد حقل تورتو أحميم على مساحة تزيد عن 33 ألف كيلو متر مربع، ويُقدَّر أنه يحتوي على 15 تريليون قدم مكعبة على الأقلّ من احتياطيات الغاز القابلة للاستخراج.
وتقول شركة بي بي، إن الحقل لديه إمكانات إنتاجية تتراوح بين 30 إلى 50 عامًا.
كانت موريتانيا تعتمد بشكل كبير على تعدين خام الحديد وزراعة 0.5% من أراضيها، لكنها تفتخر الآن بثاني أكبر احتياطي للغاز مقارنة بسكانها البالغ عددهم 4.5 مليون نسمة في أفريقيا بأكملها بعد غينيا الاستوائية.
يتوقع محلل شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في وحدة المعلومات الاقتصادية، عدنان اللواجي، أن تستثمر الحكومة بكثافة في العديد من المشروعات الاجتماعية والاقتصادية.
وقال وزير المالية في موريتانيا، محمد الأمين ولد الذهبي، إنه ستكون هناك ثورة كبرى في الإنفاق، مع الاستثمار الموجه بشكل خاص في الزراعة وصيد الأسماك والبنية التحتية في محاولة للحدّ من الفقر وتقليص معدل بطالة الشباب بنسبة 21%.
خطة التنوع البيولوجي
قالت شركة "بي بي"، إنها تقوم بوضع خطة عمل إضافية للتنوع البيولوجي من أجل مراجعة المشروع.
يقول بعض العلماء، إن خطط شركة بي بي الاستخراجية إذا أُديرت بشكل صحيح يمكن أن تساعد في تجديد مخزون الأرصدة السمكية وأقسام واسعة من الشعاب المرجانية.
تقول عالمة الأحياء البحرية التي عملت في المنطقة لمدة 25 عامًا، ساندرا كلوف: "المناطق الأمنية الكبيرة حول منشآت بي بي المحمية بواسطة سفينة تجريبية تحذر من سفن الصيد، ومن شأنها أن تمنح هذه النظم الإيكولوجية البحرية الاستثنائية استراحة من آثار الصيد".
تقوم بي بي بتعويض ثاني أكسيد الكربون الذي ستطرحه في السوق بغاز تورتو أحميم، من خلال توفير الرواسب البحرية من الصيد بشباك الجر في القاع.
وتتراكم الرواسب البحرية في المنطقة المرتفعة من الكربون، ويمكن تخزينها بعيدًا لملايين السنين، بشرط ألّا تُجمَع بوساطة سفن الصيد القاعية.
قدّمت كلوف وزملاؤها التماسًا لشركة بي بي لتمديد أميال من خطوط التدفق على قاع البحر بدلًا من دفنها لحماية المرجان، مما قد يحفز الحكومتين الموريتانية والسنغالية على استبعاد سفن الصيد الدولية القريبة.
وسيكون لهذا تأثير غير مباشر يتمثل في زيادة مخزون الأسماك للصيادين الحرفيين، مما سيؤدي إلى خفض أسعار الأسماك في السوق.
اقرأ أيضًا..