زيادة قدرات الطاقة المتجددة تخفّض تكاليف مواجهة الانبعاثات (تقرير)
طاقتا الرياح والشمس ليست تقنيات جديدة
نوار صبح
- المناخ يُعدّ فريدًا من نوعه في تشكيل تهديد وجودي للحضارة
- لا تزال هناك فرصة للقيام بما يكفي لتفادي وقوع كارثة مناخية
- اعتاد الناس الاعتقاد أن تحقيق تخفيضات كبيرة في انبعاثات الكربون سيكون صعبًا ومكلفًا
- الحوافز المتواضعة يمكن أن تؤدي إلى انخفاض سريع في استخدام الوقود الأحفوري
يرى بعض المحللين أن الوقود الأحفوري يهيمن على إمدادات الكهرباء العالمية، لأن توليد الكهرباء من الوقود الأحفوري كان حتى وقت قريب أرخص بكثير من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، ولقد تغيّر هذا المفهوم خلال العقد الماضي، حسبما نشر موقع "أور وورلد إن داتا".
ويعتقد المحللون أن الكهرباء المولَّدة من مصادر الطاقة المتجددة الجديدة، في معظم الأماكن في العالم، أصبحت أرخص الآن من الكهرباء من أنواع الوقود الأحفوري الجديدة، ويكمن السبب في أنه مع كل مضاعفة للقدرة المُركَّبة التراكمية ينخفض سعر الكهرباء بالنسبة نفسها.
وتمثّل هذه القناعة ذريعة للاستثمارات الكبيرة في توسيع نطاق التقنيات المتجددة الآن، لأن زيادة السعة المركبة تؤدي إلى نتيجة إيجابية بالغة الأهمية، وهي أنها تؤدي إلى خفض السعر، وبالتالي تجعل مصادر الطاقة المتجددة أكثر جاذبية في وقت مبكر.
وفي سياق الحديث عن إنجازات الطاقة المتجددة، كتب المعلق الصحفي في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، بول كروغمان، في 17 أغسطس/آب، مقالًا بعنوان "من الذي خلق معجزة الطاقة المتجددة؟" سلّط فيه الضوء على المفاهيم السائدة بشأنها.
تفادي مخاطر تغيّر المناخ
وبيّن بول كروغمان أن المناخ يُعدّ فريدًا من نوعه في تشكيل تهديد وجودي للحضارة، وأنه من المستغرَب أن العديد من الشخصيات السياسية استماتت لمجابهة أي عمل جاد لمواجهة هذا التهديد.
وأضاف أنه، على الرغم من ذلك، لا تزال هناك فرصة للقيام بما يكفي لتفادي وقوع كارثة - ليس لأن التفكير أصبح أكثر حكمة، وإنما لأنها مسألة حظ.
وقال إن الناس اعتادوا الاعتقاد أن تحقيق تخفيضات كبيرة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري سيكون صعبًا ومكلفًا، على الرغم من أنه ليس مكلفًا كما يدّعي مناهضو البيئة.
- أميركا.. تكلفة بناء محطات طاقة الرياح البرية تتراجع 27% في 6 أعوام
- إدارة بايدن تخطط لرفع حصة الطاقة الشمسية إلى 40% بحلول 2035
وأوضح أنه، على مدار السنوات الـ10 الماضية أو نحو ذلك، شهد العالم معجزة تكنولوجية.
وأشار إلى أن تكاليف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، التي رُفضت ذات مرة على أنها أفكار خيالية حمقاء، قد انخفضت إلى درجة أن الحوافز المتواضعة يمكن أن تؤدي إلى انخفاض سريع في استخدام الوقود الأحفوري.
معجزة أم حظ؟
قال كاتب المقال بول كروغمان إن استثمارات إدارة الرئيس باراك أوباما في الطاقة الخضراء والإعانات الأوروبية، خاصة طاقة الرياح البحرية، لعبت دورًا مركزيًا في توليد الكهرباء من الشمس والرياح باستخدام تقنيات جديدة ومختلفة.
ودعّم استنتاجه بالقول إنه لا طاقة الرياح ولا الطاقة الشمسية كانت تقنية جديدة في الأساس، فقد استخدمت طواحين الهواء على نطاق واسع منذ القرن الـ11 على الأقل، حسبما أوردته صحيفة نيويورك تايمز.
وفي المقابل، طُوّرت الطاقة الشمسية الكهروضوئية في خمسينات القرن الماضي، ولم تكن هناك أي اختراقات علمية كبيرة وراء الانخفاض الكبير الأخير في تكاليف كلتا التقنيتين.
وبيّن أن العالم شهد سلسلة من التحسينات المتزايدة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، نتيجة اكتساب شركات الطاقة الخبرة، وبفضل التخفيضات الكبيرة في أسعار المكونات، إذ تدخل مكونات مثل شفرات التوربينات في الإنتاج الضخم وما إلى ذلك.
دور السياسة الحكومية
أشار بول كروغمان إلى أن الهدف الأساسي لقانون الانتعاش وإعادة الاستثمار الأمريكي لعام 2009 -خطة أوباما للتحفيز- تمثّل في معالجة الانهيار في الطلب الذي أعقب الأزمة المالية لعام 2008.
ولقد مثّلت الخطة مساعدة كبيرة، لكنها حظيت بسمعة سيئة، على الرغم من ذلك، لأنها كانت ضعيفة، وبالتالي فشلت في تحقيق انتعاش سريع، مع أنها تضمنت -أيضًا- تمويلًا كبيرًا للطاقة الخضراء: الإعفاءات الضريبية والإعانات والقروض الحكومية وضمانات القروض.
وأوضح كروغمان أن بعض المشروعات تعثرت، وأثار الجمهوريون ضجة سياسية بشأن الخسائر.
وقال إن أصحاب رؤوس الأموال المغامرين يتوقّعون أن تفشل بعض الأعمال التجارية التي عادوا إليها، ولو لم يحدث ذلك لما خاطروا بما يكفي.
وفي المقابل، لا بد لأي برنامج حكومي، يهدف إلى تطوير التكنولوجيا، أن يواجه التحديات، وإذا لم يحدث ذلك، فلن يوسع نطاقه.
وألمح إلى أن سياسات أوباما ساعدت -أيضًا- مشروعات طاقة الرياح، وقال إنه يشك في أن الكثير من الائتمان يذهب إلى الحكومات الأوروبية، التي دعّمت بشكل كبير مشروعات طاقة الرياح البحرية في وقت مبكر من العقد الماضي.
واختتم قائلًا إنه يمكن إثبات أن الدعم الحكومي للطاقة المتجددة خلق معجزة بشأن التكلفة، لم تكن لتحدث لولا ذلك، وقد تصبح معجزة التكلفة، هذه، المفتاح لإنقاذ الكوكب من كارثة مناخية كبيرة.